لذا نرى الكثير من الإعلاميين (ان
صح تسميتهم بذلك) وغيرهم ، الذين يسلكون شتى الطرق من اجل تحقيق ولو القليل
من الشهرة ليصبحوا من الأشخاص المرموقين والمشار إليهم بالبنان من قبل
كافة شرائح المجتمع . ظناً منهم بأنها الطريقة المثلى لتخليد ذكراهم في
المجتمع . كل هذا يتم تحت ستار ما يسمى بـ الحرية.
فاخذ كل منهم ينتهج النهج الذي يرى
انه يحقق له ذلك بأسرع وقت واقصر مدة . فتارة نرى البعض منهم ينتقد الدين
ورجاله ، ويعيب عليهم كل فتوى ويشتكي من كل تحريم لأي أمر من امور الحياة ،
ويستهزئ بهم في كل وقت وكل حين ( جهلا منه ) . بدعوى انه يحث على الحرية
التي رسمها له الغرب في مخيلته . وهو بذلك يتحرر شيئا فشيئا من دينه وأسس
عقائده دون ان يكون له أي علم بهذا . فيصبح داعية الحرية هذا مسلوب الحرية .
ويسير على درب قد رسمه له أعدائه دون مشاركة منه في ذلك أو وعي وإدراك
لهذا الأمر .
كما انتهج البعض الأخر منهم نهج
إثارة النعرة الطائفية والحزبية ، والقبلية والعرقية. من اجل ان يذكر اسمه
في كل مكان وزمان . فنرى هذا ينتقده لاسلوبه وهذا يمتدحه لأنه عبر عما في
خاطره من تحامل على الآخرين ، وذاك يشتمه لأنه تكلم عنه . والكل يتكلم عنه
بطريقة أو بأخرى . فان كانت الغلبة في نهاية الأمر لمن كان هو في صفهم فقد
حاز على المكانة التي أرادها ، وإما ن كان الأمر بالعكس فنراه يسكت قدر
الإمكان ، ويحاول ان يسير في درب أخر ليكون في صف الفريقين لمواجهة فريق
ثالث هو مناوئ للفريقين الأوليين . ليحقق رضا الطرفين ولكن بإثارة نعرة
جديدة . وأما رده على المنتقدين له الذين لم تجرفهم نعرته هذه الى أي طرف
من الأطراف ، فإنه يكون وبكل بساطة هو (الحرية) أو حرية الرأي لكل شخص .
وهو بالمقابل لا يتقبل من أي احد من الناس ولو النقد البسيط لأي رأي يراه ،
وان كان رأيه هذا هو في أساسه مبني على خطأ ومعلومات خاطئة.
وينتهج الباقون منهم نشر الأكاذيب
المضللة والادعاءات الكاذبة وتزييف الحقائق، فيصور المظلوم هو الظالم
والسجين هو السجان ، وكل الأمور تظهر امام الناس بالعكس تماماً عما هي عليه
. وكل هذا من اجل تحقيق ما يسمى بالسبق الصحفي ، أو من اجل نيل رضا جهات
أو شخصيات معينة، سواء كان هذا بمقابل أو بدون مقابل. دون أن يكون هناك
احترام للقارئ العادي أو المفكر .
وكأنهم قد نسو أو تناسوا ان
الاسلام قد منح الحريات في كل شيء ونظمها على أكمل وجه ورسمها في أحسن
صورة. فضمن الحرية التامة للناس ، ولكن ببعض الشروط ، من اجل الحفاظ على
حريات الغير من ان تستغل بشكل خاطئ لتحقيق أهداف شخصية بحته ، منبعثة من
داخل نفس أمارة بالسوء .
فمثلا نرى الاسلام يمنح التاجر
الحرية التامة في ممارسة التجارة بشتى أنواعها ، ولكنه ينظمها بأنظمة منعية
تمنعه من ان يتخطاها . فيحرم عليه الاتجار بالمحرمات والخبائث لما فيها من
ضرر عام على المجتمع ، كما يحرم عليه الاحتكار من اجل عدم استغلال حاجات
الناس ، في الأشياء التي هم بحاجة إليها من أجل تحقيق الأرباح فقط ، دون ان
يكون منه نظر الى حال المجتمع .
كما نرى الاسلام يحرم الغيبة وذكر
عيوب الآخرين ، وعدم ذكر الناس بالسوء أبدا إلا في حالة الظلم ، وإذا كان
الهدف من هذا هو رفع الظلم عن الناس ، وفي الجانب الذي تم ظلمه فيه فقط ،
لما في ذلك من إحراج لهم وإظهار عيوبهم امام الناس قال تعالى: .
ولا أقول انه لا يوجد إعلامي مخلص
في عمله ، نزيه في نقله ، مستقل في آراءه ، يقف كل صاحب عقل احتراماً له ،
ولكن بسبب القلة منهم لم اذكرهم . وكما يقال : (ان الخير يخص والشر يعم) .
فقد عممت هذا على الإعلاميين ، وكلي ثقة في ان الإعلاميين الحقيقيين قد
عرفوا ما أشرت إليه ، وقرؤوا ما بين السطور . وعلموا أن هذا الأمر لا
يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد