علي أسامة (لشهب أسامة) المدير العام
الجنـسية : البلد : الجزائر الجنـــس : المتصفح : الهواية : عدد المساهمات : 26932 التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 24/10/2008 العمر : 31 الموقع : https://readwithus.yoo7.com/ المزاج : nice توقيع المنتدى + دعاء :
| موضوع: الثقافة.. الإعلام الأحد 12 فبراير - 0:05 | |
| إن النهوض بالمجتمع يتطلب النهوض بالفرد لكن النهوض بالفرد يقتضي النهوض بالثقافة, التي هي المكون الأصلي لفكر الإنسان وصانعة توجهاته وقيمه وسلوكه, فالفرد في المجتمع ما هو إلا ثمرة ثقافة مجتمعه، إن هي سمت وارتفعت سما معها في سلوكه وتفكيره ومبادئه وقيمه, وإن هي هوت وتدنت هوى متدنيا معها, ولعل ذلك يفسر لنا ما نراه من تخلف في مجتمعات العالم الثالث التي ترتفع فيها نسبة الفساد والتسيب والإهمال واللامبالاة, بسبب ما تعاني منه تلك المجتمعات من تدن في ثقافاتها, وإذن لابد من بذل الحرص والاجتهاد في الاعتناء بالثقافة والنهوض بها إن أردنا نهوضا للمجتمع وقضاء على كثير من آفاته وعيوبه.
وفي مجتمعنا، من الواضح أن الثقافة لا تنال ما تستحق من الرعاية والاهتمام, ولعل أبرز دليل على ذلك, عدم الاعتراف بجسد مستقل للثقافة يضمها لتنمو وتكبر وتتبلور في داخله, فقد ظلت مسؤولية رعاية الثقافة في المجتمع مسندة لزمن طويل إلى جهات عدة تتنازعها من كل جانب, فجزء منها مسند إلى وزارة التعليم العالي, وثان إلى الحرس الوطني, وثالث إلى رعاية الشباب وهكذا، ثم لما استُشعر عدم صواب هذا التشتت, ضُمت أجزاء الثقافة المبعثرة وأسندت جميعها إلى وزارة الإعلام باستثناء اجزاء بسيطة في بعض الأجهزة.
لكن الجمع بين الثقافة والإعلام في بوتقة واحدة, على ما قد يظهر بينهما من تقارب, هو لا يخدم الثقافة كما ينبغي بل إنه يغمطها حقها من الرعاية والاعتناء, فالواقع يشير إلى أن هناك اختلافاً في المفهوم أو وظيفة بين الإعلام والثقافة, وهو اختلاف يحتم الفصل بينهما, فالإعلام يراد منه في أحيان كثيرة أن يكون موجهاً ليخدم أغراضا محددة كالتوافق مع السياسة العامة للبلد, أو الدفاع عن مصالحه والحفاظ على حقوقه, أو نشر الوعي بين الناس حول أمور الحياة كالشؤون السياسية أو الاقتصادية أو الصحية أو البيئية أو الاستهلاكية أو غير ذلك, وهي كلها مجالات تقوم على مخاطبة ما في الواقع من حقائق ومعالجتها وإيصالها للجماهير بما يخدم الصالح العام, أما الثقافة فليست كذلك, الثقافة تتعلق بنواحي الفكر والابتكار والإبداع, فهي تتجه إلى مخاطبة العقول ولا يهمها في شيء ايصال الحقائق القائمة. ومن هنا فإن الثقافة والإعلام يسيران في مسارين مختلفين مما يحتم عدم امتزاجهما وذوبان أ+حدهما في الآخر.
إن هذا لا يعني إغفال ما يبذل حاليا في وزارة الإعلام والثقافة من جهود لتنشيط الوسط الثقافي والقضاء على ما يكتنفه من الركود, إلا أن ذلك لا يكفي، فالنهوض بالثقافة كما ينبغي يتطلب ميزانية مستقلة وجهازا ثقافيا متكاملا وقيادة مستقلة تصنع الاستراتيجيات وتضع الخطط بما يحقق نهوضا فعليا لعالمنا الثقافي, وذلك ما يجعلنا نرى أهمية فصل الثقافة عن الإعلام لتكون هيئة مستقلة أو وزارة, تعمل على توفير بيئة ثقافية مناسبة تتبرعم فيها عوامل التحفيز على الإبداع, وتتمتع بقدر كبير من الحرية والاستقلال. | |
|