[center]قال الله تعالى في سورة الواقعـة
{ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ* إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي: مساقطها في مغاربها، وما يحدث الله في تلك الأوقات، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده.
ثم عظم هذا المقسم به، فقال: { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } وإنما كان القسم عظيما، لأن في النجوم وجريانها، وسقوطها عند مغاربها، آيات وعبرا لا يمكن حصرها.
وأما
المقسم عليه، فهو إثبات القرآن، وأنه حق لا ريب فيه، ولا شك يعتريه، وأنه
كريم أي: كثير الخير، غزير العلم، فكل خير وعلم، فإنما يستفاد من كتاب الله
ويستنبط منه.
{ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ }
أي: مستور عن أعين الخلق، وهذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ أي: إن
هذا القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ، معظم عند الله وعند ملائكته في الملأ
الأعلى.
ويحتمل أن المراد بالكتاب المكنون، هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة الذين ينزلهم الله بوحيه وتنزيله وأن المراد بذلك أنه مستور عن الشياطين، لا قدرة لهم على تغييره، ولا الزيادة والنقص منه واستراقه.
{ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ }
أي: لا يمس القرآن إلا الملائكة الكرام، الذين طهرهم الله تعالى من
الآفات، والذنوب والعيوب، وإذا كان لا يمسه إلا المطهرون، وأن أهل الخبث
والشياطين، لا استطاعة لهم، ولا يدان إلى مسه، دلت الآية بتنبيهها على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر، كما ورد بذلك الحديث، ولهذا قيل أن الآية خبر بمعنى النهي أي: لا يمس القرآن إلا طاهر.
{ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
أي: إن هذا القرآن الموصوف بتلك الصفات الجليلة هو تنزيل رب العالمين،
الذي يربي عباده بنعمه الدينية والدنيوية، ومن أجل تربية ربى بها عباده،
إنزاله هذا القرآن، الذي قد اشتمل على مصالح الدارين، ورحم الله به العباد
رحمة لا يقدرون لها شكورا.
تفسير العلامــة الشيخ السعدي رحمه الله