السلام عليكم
إنّ جوانب النجاح والتميز في
أي منهج تربوي نستطيع أن نتعرفها من خلال مراجعة أهداف هذا المنهج أو
أساليبه أو محتواه، ونستطيع أن ندرك تميز المربي من خلال مراجعة ممارسته
التربوية؛ لكن يبقى أنّ أهم الدلائل على نجاح المنهج التربوي وتميز المربي
يكمن في مخرجاته وآثاره التربوية، فالناس كثيراً ما يستشهدون على حسن تعليم
فلان من الناس بما تركه على طلابه، وحين يرون أبناءا متميزين يدركون أنّ
وراءهم أمّاً أو أباً أحسنوا تربيتهم.
وفيما
يخصّ الهَدْي النبوي في التربية، فإننا حين نطّلع على أي صفحة من صفحات
السيرة النبوية أو نمعن النظر في مرحلة من مراحل تاريخ الأمة فسنجدها شاهدة
على حسن تلك التربية وتميزها.
وبقدر ما يتسع له وقتنا في هذه الدقائق نورد بعض نتائج وآثار التربية النبوية.
فمن
أهم ما تسعى إليه المناهج التربوية أن تحقق الالتزام والاقتناع الداخلي
لدى المتربين؛ فالمربي بهيبته أو سلطته قد يستطيع أن يفرض على المتربي
سلوكاً حميداًً، أو يحول بينه وبين سلوكٍ منحرفٍ، لكن التحدي الحقيقي أن
يكون الالتزامُ نابعاً من الداخل ومحاطاً بالرقابة الذاتية لا الخارجية.
ولنأخذ
مثالاً واضحاً على ذلك، فقد بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجتمع
تفشى فيه شرب الخمر، حتى سيطرت على أفراده وفعلت بهم الأفاعيل، فتجد الشاعر
منهم حين يتحدث عن معركة أو غزوة يتغنى بالخمر، بل تبلغ الخمر منزلة أعلى
عند بعضهم، فيراها من الأمور التي يستحق أن يبقى في الحياة من أجلها كما
قال أحدهم:
فَلَوْلا ثَلاثٌ هُنَّ من عِيشَةِ الفَتى *** وَرَبّكَ لم أَحْفِلْ متى قامَ عُوَّدي
فَمِنْهُنَّ سَبقي العاذلاتِ بشَرْبَةٍ *** كُمَيتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تُزْبِدِ
ويبلغ الأمر لدى أحدهم أن يوصي إذا مات أن يدفن قريبا من تلك الشجرة التي كان يصنع منها .
منقول