بسم الله الرحمن الرحيم
مقارنة بين طبيبنا وطبيبهم في وسائل الإعلام :
بداية
لا بد من الاعتراف بأن مجتمعنا العربي (معظمه على الأقل إن لم نقل كله) لا
يملك نظرة ايجابية تجاه الطبيب ، لا يمكن لأحد أن يدعي أنه يملك التبرير
لهذه النظرة السلبية و في الوقت نفسه لا يمكن لعاقل أن يتجاهل ما زرعه
اعلامنا بقصد أو بغير قصد في العقل اللاواعي لمواطننا العربي من أفكار
مسبقة و نظرة معينة تجاه الطبيب بالرغم من المهمة النبيلة التي يقوم بها
أطباؤنا رغم تواضع الامكانيات المتوافرة بين أيديهم مع مراعاتهم للوضع
الاقتصادي للمواطن العربي....
من
الغريب أن نجد الطبيب لدى الدول الغربية يحظى بكل احترام ويتم توفير كل
سبل الراحة المادية و النفسية له و تجد أن وسائل الاعلام لديهم تتعامل بكل
احترام مع الطبيب سواء في الوسائل المقروءة أو المرئية أو المسموعة بل
وحتى على مستوى الأفلام السينمائية على اعتبار أنه يقوم بأنبل مهنة عرفتها
البشرية بل حتى ان أخطى الطبيب لديهم فانهم يشيرون الى الخطأ على كونه خطا
فرديا ولا يعممون الحالة على كل الأطباء بل حتى أنهم يمنحونه الحق في تبرير
خطئه و الدفاع عن وجهة نظره (بالمناسبة وللعلم فقط يبلغ عدد الوفيات في
أميركا وحدها والناجمة عن الأخطاء الطبية حوالي 7000 حالة سنويا).
ننتقل
الآن الى الضفة الثانية من العالم إلى وسائل الاعلام العربية لنرى العجب
اذ لايمكن أن تخلو جريدة او مجلة من الصحف الصفراء من واحدة من العناوين
التالية (وبالمناسبة فكلها عناوين حقيقية وردت فعلا في صحفنا ومجلاتنا
العربية مع الأسف) : طبيب يخدر مريضاته ويمارس الرذيلة معهن , طبيب يصور
مريضاته أثناء الكشف الطبي عليهن , طبيب ينسى المقص في بطن المريض , طبيب
ينسى القماش في بطن المريض , مريض يدخل الى العملية على رجليه ويخرج منها
إلى القبر,.......
حقيقة
لا أدري ما الذي يجنيه القارئ العربي من هكذا أخبار ومواضيع سوى زيادة
النظرة السلبية تجاه الطب مهنة وأشخاصا دون التمييز بين كون ما سبق قد يكون
حقيقة أو مجرد أكاذيب وحتى اذا كانت هذه الأخبار صحيحة فان تجاوز بعض
الأطباء لأخلاقيات المهنة لايعني بالضرورة فساد كل الأطباء فالأطباء
بالنتيجة هم شريحة من مجتمعنا ولا يمكن لأحد أن يقول بخلو مجتمعاتنا من
الفساد والانحراف, أما بالنسبة للقصة الخالدة عن ترك الجراح لتذكار داخل
بطن المريض فيجب أن لا ننس بأن الطبيب في النهاية بشر معرض لأن يخطى مثل
غيره وعلينا أن لانتخيل بأن ساحة عمل الجراح تكون مثل الأطلس الملون :
الشريان ملون باللون الأحمر والوريد بالأزرق و العصب بالأصفر ، بل هي مزيج
من الأنسجة المصطبغة بالأحمر (وهذا ليس تبرير لهكذا خطأ انما توضيح بسيط).
كما انك لا تعدم أن تجد الطبيب مادة دسمة للسخرية منه في مسرحياتنا وأفلامنا الكوميدية .
في
المقابل نرى وسائل إعلامنا تغض الطرف بقصد أو غير قصد عن الكوارث التي
تنتج عما يدعى بالطب العربي (أو كماتعرف أحيانا بالطب الشعبي) ان أي ممارس
مبتدئ للطب يمكن أن يقص عليك عشرات الحالات التي لابد وأن تمر عليه
كاختلاطات للعلاج الشعبي وخاصة في مجال العظمية أو ما يعرف شعبيا (المجبر
العربي) بدأ من تشوه الطرف الى فقدانه لوظيفته وحتى الاضطرار الى قطع العضو
المعالج بشكل كامل , الغريب في الموضوع هو الصمت الذي يبديه المريض في هذه
الحالة تجاه المعالج الذي أدى به الى أي مما سبق بل حتى أنه لايبدي أي سخط
على المعالج الشعبي ولو أن طبيب قام بمثل هذا العمل لأي مريض لوجدت المريض
يملأ الدنيا صراخا و عويلا مطالبا بإنزال أقصى العقوبات بحق هذا الطبيب
ولوجدت اسم الطبيب يملأ الصحف والمجلات مع نشر كامل التفاصيل والإشارة إلى
الإهمال والتقصير و،....
السلام