[center]دور وسائل الإعلام
في الوقاية والحد من الإعاقة
بقلم د/ إيهاب الببلاوي
إن
لوسائل الإعلام ميزات عديدة أهمها الانتشار الواسع ، فهي تتمتع بحكم هذا
الانتشار بنفوذ قوي وأثر كبير في تغيير سلوك واتجاهات وممارسات الأفراد
،إذ أن الإعلام الجيد يمكنه تنمية اتجاهات صحية تفيد في بناء البرامج
والخدمات والتعريف بها ، والتوعية بشأنها ، ودعمها نفسياً واجتماعياً
ومالياً وقومياً، فالإعلام عليه مسئوليات قومية تجاه كل من الفرد ،
والأسرة ، والمجتمع بوجه عام. ومن بين وسائل الإعلام التي تلعب دوراً
حيوياً في التوعية بقضايا الإعاقة وخدمة المعوقين ما يلي:
(1) الإذاعة والتلفزيون:
إن
التلفاز والمذياع جهازان قويان من أجهزة الإعلام ولهما قدرة على تعديل
سلوك الكبار والصغار بشكل واضح ؛ ولذلك يمكن استخدامهما في شتى مجالات
وطرق التثقيف الصحي ،فمن خلالهما يمكن بث المحاضرات،والندوات،والعروض
التوضيحية، والأفلام والمسلسلات التي تهدف إلى التوعية بأسباب الإعاقة
والتعريف بقضاياها بطريقة مشوقة،وتثير لدي أفراد المجتمع العديد من
المشاعر التي تحثهم علي اتخاذ العديد من الإجراءات للوقاية من الإعاقة
،والرغبة في تقديم المساعدة والدعم المعنوي والمادي للمعوقين.
(2) الصحف والمجلات:
تتمتع
الصحافة بانتشار كبير ، ومن ثم تصل إلى معظم الفئات لاسيما المتعلمين
والمثقفين ،ومن المعروف أن الكلمة المكتوبة تؤثر في تشكيل آراء الناس
وسلوكهم . ذلك أن هدف الصحافة المحوري هو نشر المعلومات والأخبار العلمية
التي تهم العاملين في مجال خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة أو المجال التوعوي
الذي يهتم به قطاعات عريضة من المجتمع .وبعض الصحف قد تصل أعداد توزيعها
إلى عشرات الآلاف من النسخ يومياً ؛ مما يكسبها أهمية كبيرة ، بخلاف
المجلات التي تعد أقل في توزيعها من الصحف ،وإن كانت لا تقل أهمية عنها في
نشر الرسائل الصحية المهمة . وعلى الرغم من هذه الأهمية تواجه الصحف بعض
الصعوبات والتي تقف حجر عثرة في سبيل تنفيذ دورها التوعوي ، ومن أهم تلك
الصعوبات أمية بعض المتلقين وعجزهم عن قراءتها ويمكن التغلب عليها عن طريق
قراءة الصحف بواسطة شخص متعلم كتلاميذ المدارس عل سبيل المثال.
وتحتوي
الصحف اليومية والمجلات على الكثير من أساليب وطرق التثقيف الصحي فهي تنشر
المحاضرات،والمناقشات العلمية،والأدبية ،والقصة ،والحوار .كما يمكن
استخدام الصحف والمجلات كمادة للتثقيف الصحي،وذلك عن طريق توفيرها في
المستشفيات،ومراكز الرعاية الصحية،ولركاب الطائرات، والمركبات العامة.
وهناك
العديد من الصحف اليومية السعودية التي تهتم بإثارة قضايا الإعاقة، وأخبار
المعوقين ،ومن بينها : جريدة الرياض، وعكاظ ،والجزيرة ،والندوة ،والبلاد،
واليوم ،والمدينة ،والمسائية.
غير
أن ما يؤخذ على تلك الصحف كما كشفت عنها نتائج الدراسة التي قام بها عبد
العزيز المقوشي (2000) تركيزها علي الجوانب الخبرية،والتقارير
والتغطيات الصحفية ،مع ضعف العناية بالمقالات التي تُعرف بالإعاقة ،وتحذر
من أسبابها، وتوضح أساليب ووسائل التعامل معها ، وكذلك الحوارات مع
المختصين التي تشرح كل ما يرتبط بقضايا الإعاقة والمعوقين.
إلا
أنه في المقابل هناك بعض الصحف المتخصصة في تقديم المعلومات التي تتعلق
بالإعاقة ومشكلات وقضايا المعوقين ، ومن بينها عل سبيل المثال لا الحصر :
مجلة أبحاث الإعاقة ( التي تصدر عن مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة) ،
ومجلة عالم الإعاقة ( التي تصدر عن مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل
) ، ومجلة الإعاقة والتأهيل( التي تصدر عن المركز المشترك لبحوث الأطراف
الصناعية ) ومجلة الخطوة ( التي تصدر عن جمعية الأطفال المعوقين) ومجلة
شموع (التي تصدر عن الجمعية الخيرية لرعاية وتأهيل المعوقين بالمنطقة
الشرقية ). غير أن هذه المجلات ليس لها نفس الانتشار الذي تحظى به للمجلات
غير المتخصصة.
دور وسائل الإعلام في الاهتمام بالمعوقين:
لقد
كان الإعلام العربي إلى وقت قريب فيما يري كل من عمر خضر (1993)؛ وطه حسن
(1993) بعيداً عن الاهتمام بالإعاقة والمعوقين ، فلم يكن لذوي الاحتياجات
الخاصة أي مساحة في الإعلام المقروء ، أو المسموع ، أو المرئي ، وكان من
مظاهر ذلك ما يلي:
(1)
لا ترد أخبار المعوقين في وسائل الإعلام العربية إلا نادرًا ، وهي تتزامن
فقط مع الندوات العلمية أو المؤتمرات التي تقام من أجلهم ،ويغلب عليها
طابع الإعلان المؤقت لإحدى المؤسسات.
(2)
رغم تدفق الأخبار بكثافة من وكالات الأنباء العالمية عن المعوقين وحقوقهم
فإن ما ينشر منها في الوطن العربي أو يبث أو يذاع يمكن اعتباره محدودًا
للغاية.
(3)
تدني حجم ونوعية البرامج الموجهة عن الإعاقة والمعوقين في وسائل الإعلام
العربية .. فهي تأتي غالباً في صورة إعلانات عامة.
(4)
أعداد محدودة من الإصدارات الخاصة عن المعوقين والتي تصدر في المنطقة
العربية وهي تحتاج لدعم كامل حتى تصل إلى كل الناس، وليس لإعداد محدودة
فقط.
(5) لم تبادر وسائل الإعلام العربية بتبني حملات لها صفة الاستمرارية في عرض مشكلة الإعاقة والمعوقين.
(6) تقل أخبار المعوقين بصورة كبيرة في الإصدارات العربية الشهيرة (المجلات والدوريات).
(7) يندر وجود أعمال درامية متكاملة تعرض مشكلات المعوقين أو همومهم أو حقوقهم من أجل حياة طبيعية أفضل.
(8) تتبنى الصحافة العربية توجهاً خاطئاً حين تحجم عن نشر أخبار المعوقين أو تحقيقات عن واقعهم .
ومما
تجدر الإشارة إليه أنه لا يمكن النظر إلى الرسالة الإعلامية المأمولة عن
المعوقين دون اعتبار لوسائل الإعلام ذاتها .نحن بالفعل نملك وسائل إعلامية
متقدمة، ولا نشك لحظة واحدة في إخلاص ورغبة المسئولين عنها في مساندة
الجهود المبذولة من أجل المعوقين ، لكن الأمر يحتاج لما هو أكثر من الحماس
الشخصي والتوجه الإنساني النبيل ،ذلك أن المسئولين عن رعاية حقوق المعوقين
بوسعهم مد جسور التعاون الوثيق مع المسئولين عن وسائل الإعلام . بحيث
يمكننا إشراك هذه الوسائل ليس فقط في تنفيذ الرسائل الإعلامية بل في خطوات
إعدادها وتنفيذها . إذ من المهم وضع تشريعات تحتم على وسائل الإعلام
المشاركة بجهود دائمة من أجل إبراز حقوق المعوقين ،والتخطيط هو أول الطريق
لوضع سياسات إعلامية متقدمة ليس لخدمة المعوق فقط بل لإيقاظ الوعي الوطني
، وكسب العواطف النبيلة للجمهور حتى يحظى المعوق بحقوقه التي نتحدث عنها .
وحتى تتحقق آمالنا جميعاً في غد بلا إعاقة.
كما
أن وسائل الإعلام يجب أن تلعب دوراً حيوياً في التوعية بأسباب الإعاقة
وسبل الوقاية منها ، وفئات المعوقين ووسائل مساعدتهم ، وإلى غير ذلك من
الموضوعات التي تسهم في زيادة الوعي لدى فئات المجتمع على اختلاف بيئاتهم
الثقافية والاجتماعية والاقتصادية . ومن بين ما يجب أن تقوم به وسائل
الإعلام في هذا المضمار كما يري أحمد الزير(1993) ؛ و آمنة خليفة (1993 )
؛ وعبد العزيز المقوشي (2000) ما يلي:
(1)
تكثيف الجهود الإعلامية لتوعية أفراد المجتمع بدورهم في رعاية الطفولة
والوقاية من الإعاقة، وضرورة تنمية إمكانات الطفل مهما كانت إعاقته ،وخلق
بيئة أسرية ومجتمّعية واقية لهم ،واثرائية لإمكاناتهم، وعلاجية لأوجه
قصورهم أو مظاهر عجزهم ،ومناسبة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
(2)
تقديم هذه البرامج من خلال النسيج الإعلامي لإرشاد وتوجيه الأسرة
لمساعدتها على الاكتشاف المبكر للإعاقة لدى أطفالها ولإشباع حاجات الأسرة
في رعاية طفلها رعاية جادة وملائمة.
(3)
لابد من مشاركة المختصين والخبراء في موضوع الفئات الخاصة ،وبخاصة لو أعدت
مادة البرامج مسبقًا وتحريريًا بعد مراجعتها من المشرفين على هذه البرامج.
(4)
مراعاة الإشراف العلمي الدقيق على مواد البرامج الإعلامية في مجال الفئات
الخاصة إشرافا كاملاً وذلك لخطورته ،ولتوفير الموضوعية والمنهجية التي
تقنع المستفيدين منها ،مع مراعاة نوعية الجمهور ،ولذلك فإن الكوادر
الإعلامية لابد لها من التفرغ الكلي والجزئي حتى تحقق هذه البرامج ثمارها
وتحقق أهدافها ،وحتى تأتى البرامج متكاملة في موضوعاتها ومادتها وأحداثها.
(5)
ضرورة أن تستخدم في هذه البرامج نماذج محلية أو عالمية الدلالة على أهمية
هذه الخدمات وكيفية تقديمها ودور الأسرة تجاهها، وفعالياتها ولاسيما في
البرامج المرئية أو المسموعة.
(6)
أن يشارك في البرامج الإعلامية للفئات الخاصة نماذج ناجحة من هذه الفئات،
مع الإعداد الجيد والموضوعي بحيث لا تظهر البرامج ذات جانب إنساني فقط
،ولكنها يجب أن تصل إلى غاياتها لدى المستفيدين منها كعملية تعليمية مقنعة
بأن الأطفال ذوي الاحتياجات
الخاصة يمكن استثمار إمكاناتهم والتغلب على مشكلاتهم بالتعليم المناسب
والتدريب الجاد وتوفير بيئة أسرية ومدرسية ومجتمعية متفهمه ومشجعه لهم.
(7)
أن تتبادل الإذاعات وقنوات التلفزيون البرامج والزيارات لنقل صورة متكاملة
للجهود الحكومية والشعبية في المحافظات والمناطق ، ولتنشيط المجالس
الاستشارية للتربية الخاصة، ومجالس التأهيل في المحافظات ولتبادل الخبرات
وتقديم النماذج المشرفة واستمرارية دفع الخدمات إلى المستوى اللائق بها
على مستوى الدولة.
(8)
تقديم صورة واقعية عن الجهود الحكومية والشعبية والتطوعية في مجال رعاية
الفئات الخاصة، والحث على دعمها ومؤازرتها، وتسهيل دورها في خدمة الأطفال
من ذوي الاحتياجات الخاصة
من مختلف فئاتهم وأسرهم، على أن يكون تناول الموضوعات بصيغ فنية متنوعة
داخل النسيج العام للبرامج، أو في برامج مستقلة ، وبالصيغ التي تستحث
المواطنين على تفهم القضايا والمشكلات وأدوارهم نحو هذه الفئات كأفراد، أو
كوالدين، أو كمختصين أو كمتطوعين للمشاركة في الجهود اللازمة لذوي
الاحتياجات الخاصة سواء كان ذلك في الريف أو الحضر .
(9)
تخصيص مساحة كافية من الخريطة الإعلامية للقنوات التعليمية التلفزيونية،
من أجل برامج تعليمية وإرشادية للطفل المعوق وأسرته والمعلمين والأخصائيين
بحيث تكون هي نفسها شبكة برنامجيه تعليمية يعتمد عليها كبرنامج في التعليم
أو التدريب أو التأهيل أو إعداد الكوادر .
(10)
مراقبة الأفلام والمسلسلات العربية ، والعمل على الاتصال بالجهات
الإعلامية المختصة لوقف تلك الأفلام والمسلسلات التي تسخر من المعوق ،
وتحط من قيمة قدراته ، وتزج به في تلك الأفلام بهدف إضحاك الناس.
(11)
توجيه برامج إرشادية للأسرة بشكل عام ولأسرة المعوق بشكل خاص من خلال
المحاضرات والنشرات والأفلام والتوعية الحقيقية بهدف إبعاد الأسر عن
الأساليب اللاسوية التي قد تتبعها مع المعوقين .
(12)
العمل على حث شركات الإنتاج السينمائي العربية على تقديم أعمال عن
المعوقين تؤكد حقهم في الحياة ، والتعليم ،والتدريب ، وفي نفس الوقت تؤكد
للمجتمع قدرتهم على العطاء .
(13)
التركيز على إبراز قدرات المعوقين الذين تخرجوا من بعض المدارس أو
المعاهد أو المؤسسات الخاصة وعملوا في بعض القطاعات سواء كانت حكومية أم
خاصة وذلك بهدف توعية المجتمع بما لهذه الفئة من قدرات يمكن لها أن تقوم
بواجب العطاء إذا وجدت الرعاية والتدريب والتأهيل .
(14)
التنسيق مع كافة الوزارات والمؤسسات بشأن توفير متطلبات المعوقين من الطرق
،المواقف الخاصة ، التسهيلات المرورية والخدمات بشكل عام .
(15)
قيام الإعلام بدور كبير بالتعاون مع إدارات المرور في الدولة بهدف التوعية
المرورية للحد من الإعاقة الجسدية الناتجة عن الحوادث المرورية المُفْزعة
، وكذلك قيام الإعلام بتوعية الأسر وضرورة إجراء الفحوصات الطبية اللازمة
قبل الزواج .
(16)
تشكل لجنة إعلامية على المستوى العربي تضم في عضويتها ممثلين عن لكل دولة
، وتكون من مهام تلك اللجنة الرئيسية تقديم البرامج الإعلامية الهادفة من
خلال الوسائل المسموعة والمقروءة والمرئية .
منقول.
[/center]