حذر تقرير جديد لمنظمة التعاون والتطور الاقتصادي (OECD
)، في أواخر آذار الماضي، من أن النمو السكاني العالمي لأكثر من تسعة
مليارات نسمة حتى عام 2050 قد يتسبب في سحق موارد الطبيعة ومصادر الطاقة
في العالم. وفي حال عدم اتخاذ إجراءات جدية فسيعاني العالم من التغيرات
المناخية وانقراض الأنواع المختلفة وتآكل المياه الجوفية وتدهور الأراضي.
وبحسب
تقرير المنظمة المعنون "نظرة بيئية لعام 2050"، يُتَوَقَّع أن يزداد عدد
سكان العالم حتى عام 2050، من سبعة مليارات إلى تسعة مليارات نسمة أو
أكثر؛ ما سيزيد الطلب على الطاقة وموارد الطبيعة. وفي حال تضخم الاقتصاد
العالمي إلى أربعة أضعاف حجمه الحالي، فيتوقع أن يستهلك، في عام 2050،
أكثر من 80% من الطاقة المستهلكة حاليا.
ويقول التقرير بأنه في غياب
سياسة فعالة أكثر، فسيبقى استهلاك الطاقة الأحفورية (النفط، الفحم والغاز
الطبيعي) يشكل نحو 85% من إجمالي الطاقة العالمية المستهلكة.
ويتوقع
التقرير ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية حتى نهاية القرن الحالي بثلاث
حتى ست درجات، وبالتالي تجاوز الهدف المتفق عليه عالميا وهو حصر ارتفاع
درجة الحرارة بدرجتين فقط؛ ما سيضعف كثيرا قدرة البشرية والنظام
الإيكولوجي على التكيف.
كما يتوقع التقرير استمرار ضياع التنوع
البيولوجي، وتقلص مساحة الغابات بنسبة 13%، علما بأن الغابات تتميز بغناها
البيولوجي. ويسرد التقرير أهم العوامل الضاغطة على التنوع البيولوجي
والمسببة لضياعه، فيوجزها بالتغيرات الطارئة على استعمالات الأراضي
(الزراعة مثلا)، اتساع ظاهرة الاجتثاث التجاري للغابات، تطوير البنى
التحتية، التعدي البشري على المحميات الطبيعية، فضلا عن التلوث والتغير
المناخي.
ويشير التقرير إلى أن المياه العذبة المتاحة ستتعرض إلى
ضغوط أكبر بكثير، ويقدر زيادة في الطلب العالمي على المياه بنسبة 55%.
ووفقا لتقديرات التقرير سيزداد تلوث الأغذية في معظم المناطق، من شبكات
مجاري المدن ومن الزراعات الكيماوية.
ويعتقد معدو التقرير أن تلوث
الهواء سيصبح العامل البيئي الأول للوفيات في العالم. وبحسب نص التقرير:
"حتى عام 2050، يتوقع أن يرتفع عدد حالات الوفيات المبكرة الناتجة عن
التعرض للمواد الجسيمية، بأكثر من ضعفين، ليصل إلى 3.6 مليون فرد سنويا في
مختلف أنحاء العالم، ومعظمها في الصين والهند".
ويشير معدو التقرير إلى
أن رسما جيدا ودقيقا لسياسات جديدة قد تغير من الاتجاهات الخطيرة
المتوقعة. وعلى ضوء "تعقيد التحديات البيئية، المطلوب طيف واسع من أدوات
السياسة، والعمل أحيانا على دمجها ببعضها البعض"، نص التقرير.
واقترح
معدو التقرير جملة من التوصيات، منها: رفع سعر التلوث بحيث تصبح تكلفته
أعلى من البدائل الخضراء؛ تقييم وتسعير ثروات الطبيعة وخدمات النظام
الإيكولوجي، كتسعير المياه مثلا؛ تشجيع الابتكارات الخضراء؛ تقليل الدعم
الضار بالبيئة، كدعم الوقود الأحفوري مثلا؛ وبلورة مواصفات ومقاييس فعالة.