د . حنان يوسف
ياتى التساؤل حول دور الإعلام فى المساهمة فى الترويج لثقافة ناجزة لمفهوم العمل وتحديد الطرق والآليات التي تؤدى للحصول على فرصة عمل لا تعتمد على الواسطة والفهلوة وإنما بالاختبارات الحقيقية التي من شانها حصول العامل أو المهني العربي على فرصة عمل ملائمة مما يفتح آفاقاً جديدة وفرض مزيد من الاهتمام المشترك بموضوع قيمة العمل واختبارات المهارات المعيارية للمهن وتحديد وسائل قياسها.
فالملاحظ انه نادرا ما يلتزم الخطاب الاعلامي للقضايا العمالية فى التعرض لتعميق مفهوم العمل فى المهن والوظائف كشرط من شروط قياس مستوى الأداء والمعلومات الوظيفية والاتجاهات السليمة المتعلقة بالمهنة وهو ما يجسد امتدادا للتناول
الاعلامي لقضايا العمل وصورة ومفهوم وقيمة العمل فى الخطاب الاعلامي
العربي والذي ينعكس لدى فئات الجمهور المختلفة وبصفة خاصة جمهور الشباب.
فالخطاب الاعلامي وبصفة خاصة المواد الدرامية الآنية تعكس أن فرص العمل الجيدة تتاح فقط لمن لديه واسطة في مجالات
العمل وتعكس هذه النتيجة فقد الثقة بأهمية التفوق العلمي واكتساب مهارات
شخصية مؤهلة لسوق العمل مما يؤدي إلى الاتكالية واللامبالاة وفقد الثقة
بالذات وبالمجتمع ومن هنا يفقد جدوى الاهتمام بتعميق قيمة العمل مفهوم
الاختبارات فى حد ذاته سواء قبل الترشح أو بعد حصوله على الوظيفة ويلاحظ أن الدراما في معظم الأحيان تؤكد أن النماذج التي نجحت في الوصول لهدفها من النماذج السلبية ذات الصفات السلوكية القائمة على الفهلوة – والرشوة والتلاعب بالآخرين.
كما أن الحافز المادي يشكل العامل الأساسي في اختيار
المهن المختلفة حتى على حساب نوعية التعليم وقد يرجع ذلك بسبب نقص
المعلومات عن هذه المهن والنظرة السلبية للمجتمع لبعض هذه المهن واعتبارها
فى أسفل السلم المهني.
ولا ينضح فى الخطاب الاعلامي بقوة مبدأ الثواب والعقاب وغياب المحاسبة للمقصر في سوق العمل العربي مما يؤدى إلى انتشار نظرة سلبية انعكست على مستوى الأداء في مجالات العمل حيث أصبح يتساوى الجميع في الحصول على أجورهم مهما اختلف مستوى الجهد المبذول وتصبح الاختبارات أداء نمطيا يستخدم بدون الاهتمام بتقييم نتائجه أو الأخذ بها .
كما أن التليفزيون ووسائل الإعلام الأخرى تعطي صورة سلبية للمهن اليدوية والحرفية ومما لا شك فيه
أن وسائل الإعلام وخاصة التليفزيون تستطيع أن تشكل صور ذهنية وصور نمطية
لبعض المهن لدى أفراد المجتمع الذين لم يتعاملوا تعامل مباشر مع هذه المهن
فمن خلال التهويل والتجميل لبعض المهن أصبحت غاية للكثير من الشباب العربي
ومن خلال تهوين بعض المهن أصبح هناك عزوف عنها مما يهدد بانقراض بعض المهن
خاصة اليدوية منها والتي يختص بها المجتمع العربي.
وقد خلصت إحدى الدراسات الإعلامية إلى أن السمة الواضحة في تناول رجال المال والأعمال تكون في كثير من الأحيان مدخلا لممارسة أنشطة غير مشروعة تحت مظلة العمل ومفهوم الاختبارات وتكمن خطورة عرض هذه الصور المجملة في الدراما هو حدوث ما يسمى بالتقمص الوجداني Empathy وفيها يحاول النشء والشباب أن يتقمص من الفرد المحبب له بعض الصفات التي يتمنى
أن تكون مكملة له ويحاول أن يتخذ من هذه الشخصية مثلا يحتذي. ويتم ذلك
بطريقة لا شعورية مما يؤدي إلى أن يأخذ الشخص عن هذا النموذج صفاته جميعها
السيئ منها والحسن وبذلك تحدث عملية التعلم الاجتماعي .
كما أن هناك مهن برفض الامتهان بها وتساوي في ذلك الذكور والإناث مثل المهن التالية (عمال نظافة - الصرف الصحي – ساعي – عاملة النظافة).فلا يزال المناخ الاجتماعي السائد في المجتمعات العربية يلعب دوراً كبيراً في التأثير على نظرة أفراد المجتمع نحو بعض المهن مما يعكس مؤشراً مؤداه أن في المستقبل القريب سوف تختفي بعض المهن تماماً أو يقوم بها السكان غير الأصليين.
فعلى
الرغم من أن العديد من الدول العربية تتسم بكونها مجتمعات زراعية إلا
الشباب قد يرفضوا العمل بمهنة الفلاحة ولعل ذلك يرتبط بالصورة الذهنية
التي شكلتها وسائل الإعلام لتلك المهنة حيث خلصت إحدى الدراسات الإعلامية التي حللت صورة الفلاح في الدراما التليفزيونية أن المعالجة الدرامية لصورة الفلاح تنحصر في عدة اتجاهات السخرية من الفلاح واستعلاء
أهل المدينة عليه والتركيز على صور الشقاء والبؤس لدى الفلاح بغرض الحث
على تغيير واقعه مما يكون صورة ذهنية لدى النشء والشباب عن هذه المهنة أدت
إلى عزوف الأغلبية العظمى من الشباب عن الالتحاق بالتعليم الزراعي وكليات
الزراعة .
حيث يلعب المناخ الاجتماعي العام وثقافة المجتمع دورا كبيرا في تكوين
نظرة الفرد وقيمته عن العمل والمهن المختلفة تلك القيم التي تتكون من خلال
كافة أساليب التنشئة الاجتماعية وأساليب التعلم الاجتماعي سواء من حيث
المنظور الأسري أو المدرسي أو الإعلامي أو الديني أو الثقافي.
وحيث أن النظريات الاقتصادية تعتبر العمل "قيمة في حد
ذاته" بل ومن أهم القيم وعليه تتأسس وتنظم وتستمر الحياة الإنسانية
وبالتالي يمكن أن ندرك إلى أي حد يمكن أن يؤدي إلغاء أو تجميد "قيمة
الأعمال اليدوية أو الحرفية" إلى تقويض أسس وجود واستمرار المجتمعات العربية على المدى البعيد وبالتالي لابد من إعادة النظر في النظرة الدونية للحرف التي تقدمها الدراما على أنها ساذجة وجاهلة رغم أن هذه الفئات قد تكون على درجة عالية من الوعي وقد رأينا رئيس بولندا الأسبق (فاونسا) عندما ترك الرئاسة عاد إلى عملة القديم ككهربائي.
و يلعب عامل النوع والمناخ الاجتماعي العام وثقافة المجتمع دورا كبيرا في تكوين
نظرة الفرد وقيمة عن العمل والمهن المختلفة تلك القيم التي تتكون من خلال
كافة أساليب التنشئة الاجتماعية وأساليب التعلم الاجتماعي سواء من حيث
المنظور الأسري أو المدرسي أو الإعلامي أو الديني أو الثقافي .
ويمكن هنا الاستشهاد بنوعية خاصة من اختبارات المهن التي
تتقدم لها المرآة مثل مهنة مذيعة التليفزيون والعاملات فى المهن الفنية
والإعلانات على سبيل المثال فحتى لو اجتازت اختبار المعلومات العامة
والثقافة فان شرط أن تكون حسنة المظهر شرط أول وفى هذه الحالة فان المشكلة
تكمن فى تقليل قدر قيمة الاختبار من جهة ودفع المرآة للاعتماد على مظهرها الخارجي الانثوى كوسيلة للعمل فعلى سبيل المثال فى الإعلان عن مهنة السكرتيرة يحدد فى استقصاء اختبار شرط حسنة المظهر .