منتديات اقرأ معنـا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له}
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , المنتدى تابع لشركة احلى منتدى والخدمة والصيانة مدى الحياة , وأعضاؤنا قدموا 33879 مساهمة في هذا المنتدى وهذا المنتدى يتوفر على 8838 عُضو , للإستفسار يرجى التواصل معي عن طريق إرسال رسالة شخصية .. ولكم فائق تحياتي وتقديري , المدير العام : علي أسامة (لشهب أسامة)
Cool Yellow
Outer Glow Pointer

 

  سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي أسامة (لشهب أسامة)
المدير العام
المدير العام
علي أسامة (لشهب أسامة)


الأوسمة وسام العضو المميز
 سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : الجزائر
الجنـــس : ذكر
المتصفح : fmfire
الهواية : sports
عدد المساهمات : 26932
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 24/10/2008
العمر : 31
الموقع : https://readwithus.yoo7.com/
المزاج : nice
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم    سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم I_icon_minitimeالخميس 3 مايو - 19:05

 سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم 65125394
[b][/b]
[b][b][size=25][b] سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم Slamny5[/b][/size][/b][/b]
إعداد: الدكتور خالد محمد القضاة

المقدّمة:

الحمد
لله الّذي أنزل القرآن على عبده ليخرج الناس من الظلمات إلى النور،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد المنزل عليه هذا القرآن ليبيّنه للناس بأمر
ربه
{ وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم }[1] فأزال معالم الوثنيّة والضلال، وأعلى منار التوحيد والإيمان وعلى آله وصحبه نجوم الهدى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:


فإنه
أحقّ ما يشغل الباحثون، وأفضل ما يتسابق فيه المتسابقون مدارسة كتاب الله
تعالى، ومداومة البحث فيه، والغوص عن لآلئه والكشف عن علومه وحقائقه،
وإظهار إعجازه، وتجلية محاسنه، والدفاع عن ساحته ونفي الشكوك والريب فيه،
والقرآن الكريم بحر لا يُدرَك غوره، ولا تنقضي عجائبه، فما أحقّ الأعمار أن
تفنى فيه، والأزمان أن تنشغل به وكل ساعة يقضيها الباحث في النّظر في كتاب
الله، والتّأمل فيه، أو في البحث فيما يتّصل به في سبيل الله وفي سبيل
الإسلام.


والقرآن
الكريم هو الآية الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم، ودليله الأعظم على
نبوّته ورسالته، وهو يحمل الدليل من ذاته على أنّه كلام الله تعالى أوحى به
لنبيّه صلى الله عليه وسلم.


والقرآن
الكريم قد تحدّى الناس كافّة، وطالبهم أن يأتوا بمثله لكنّهم لم يقدروا
على ذلك، وبذلك عجزوا عن معارضته، فصار هو معجزة لهم.


إن إعجاز القرآن حقيقة قاطعة، وبدهيّة مقرّرة ولهذا الإعجاز القرآني وسيلة إلى هدف عظيم، وغاية سامية، وليس هدفاً بحد ذاته.

الهدف من دراسة إعجاز القرآن هو: إثبات
مصدر القرآن الرباني، وأنّه كلام الله سبحانه وتعالى، وليس كلام محمد صلى
الله عليه وسلم، والإقرار بنبوّة محمد – بعثه الله رسولاً للعالمين. وإعجاز
القرآن دليل واضح من أدلّة كثيرة على هذه المسألة العظيمة، التي هي أساس
الإيمان: القرآن كلام الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسول الله.


ولقد
أنزل الله تعالى القرآن الكريم على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله
دليلاً على صدق الرسالة وحجّة الرسول، وأودع فيه من الحكم والأسرار، ما
يقضي المرء في تدبّرها الليل والنهار، وما يستحقّ أن يقطع في معرفتها
الفيافي والقفار، ابتغاء رحمة ورضوان العزيز الغفّار، وقد سعد المسلمون
الأوائل بتمسّكهم بتعاليمه، والسير على نهجه وطريقه، لذا سادوا العالم
وعاشوا حياة هنيئة في الدنيا مع ما ينتظرهم من الثواب الجزيل في الآخرة.


وأسعد
وقت يقضيه الإنسان في حياته هو الذي يعيش فيه مع القرآن بروحه وقلبه،
ويجعله نبراساً يضيء حياته، وقبساً يمشي على ضيائه، ونوراً يوضّح له معالم
المعرفة والهداية. وإذا اتّخذ الإنسان القرآن له أنيساً يتفهّم آياته
وسوره، فإن القرآن سيفيض عليه من الروحانية والهداية ما يجعله كبير العقل،
يفعل كل خير، وينتهي عن كل شر، يقول الله تعالى:
{ إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيراً }[2].


فالقرآن كتاب هداية ورشاد، يخرج الناس من ظلمات الشرك والجهل إلى نور معرفة الله والإيمان به والاستجابة له.

وما من يوم يطلع شمسه إلّا وعشرات يدخلون في دين الإسلام، لأنه دين الحق الّذي لا غموض فيه ولا أسرار ولا طلاسم ولا متناقضات.

وما حلّ الذّلّ والهوان بالمسلمين إلّا بسبب تنكّبهم عن طريق القرآن العزيز الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }[3].

وقد
كثرت الدراسات والأبحاث حول القرآن الكريم خدمة له، ومحاولة لكشف مكنوناته،
واستخراج درره، فمن باحث في تفسيره، إلى باحث في إعجازه، إلى باحث في
علومه المتنوعة المتعددة، إلى باحث في قراءاته، إلى غير ذلك من الدراسات
حول الكتاب العزيز التي غدا كل نوع منها علماً قائماص بذاته تزحر المكتبة
الإسلامية بالمؤلّفات فيه. ولا غرو فكتاب الله تعالى، لا يستقصي معانيه فهم
الخلق ولا يحيط بوصفه على الإطلاق ذو اللسان الطلق.


وتعدّدت
المدارس والاتجاهات في دراسة إعجاز القرآن، وظهرت الكتب والدراسات
والأبحاث الكثيرة المتعددة في بحث الإعجاز وفهمه ودراسته، وتباينت الآراء
في تعليل إعجاز القرآن، بماذا كان معجزاً، ومن ثم اختلف العلماء على وجوه
الإعجاز
.


وقد
أجمع الباحثون على القول بالإعجاز البياني وأن القرآن معجز ببلاغته وأسلوبه
وبيانه وتعبيره، وأنه بهذا يقدّم شهادة عظيمة على المسألة، إثبات أن
القرآن كلام الله تعالى.


وعد
بعض الدارسين وجوهاً كثيرة للإعجاز، فقالوا بالإعجاز الغيبي، والإعجاز
التاريخي، والإعجاز العلمي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز الطبي، والإعجاز
النفسي، والإعجاز الفلكي، والإعجاز الجغرافي، وغير ذلك.


وقد أحببت أن أسهم في بشيء في خدمة كتاب الله تعالى، فكان هذا البحث حول الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم وقد سرت فيه على هذه الخطّة:

1- تعريف الإعجاز التّأثيري – لغة واصطلاحاً.

2- نشأة الإعجاز التّأثيري وتطوّره، وآراء العلماء في ذلك من خلال حديث بعض العلماء في القديم والحديث عن هذا الوجه بالذات.

3- الإعجاز التأثيري من خلال الآيات القرآنية، و
أثر القرآن الكريم في البشر والجن مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم وأثره على
الجماد وسرّ تأثير القرآن الكريم على المخلوقات قاطبة وقائمة المصادر
والمراجع.


وأدعو
الله سبحانه أن يتقبّل منّي هذا العمل، وأن يتجاوز عما فيه من تقصير، وأن
يكون مناراً لمن يبتغي الحقّ والهدى ولله الموفّق والهادي إلى سواء
السبيل.


الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم: معنى الإعجاز:

المبحث الأول:

تمهيد:

يجدر
بنا أن نشير في هذا البحث إلى معنى كلمة ( عجز ) في كل من اللغة والاصطلاح،
وقد يلحظ الباحث في معاجم اللغة العربية أن علماء اللغة – خاصّة أصحاب
المعاجم – قد ركّزوا اهتمامهم على مصدر الكلمة وطرق الكشف عنها – أما
المادّة الاشتقاقيّة فلم تنل حظّاً وافراً من حيث الترتيب الاشتقاقي.


الإعجاز لغة:

قال الراغب الأصفهاني في مفرداته ( عجُزُ الإنسان ): مؤخّره، وبه شبّه مؤخّر غيره، قال الله تعالى: { كأنّهم أعجاز نخل منقعر }[4].

والعجز أصله: التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمر أي مؤخّره، وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة.

وأعجزت فلاناً وعجّزته، وعاجزته، أي جعلته عاجزاً [5].

قال الله تعالى: { فاعلموا أنّكم غير معجزي الله }[6] وقال أيضاً { ما أنتم بمعجزين في الأرض }[7] هذا عن المعنى اللغوي للجذر الثلاثي للمادة (العجز).

أما الإعجاز ( فهو مصدر الفعل الرباعي أعجز ) فهنا فعلان:

الأول:
فعل ثلاثي تقول: عَجَزَ، يَعْجِزُ، عجز، فهو عاجز بمعنى ضعف عن فعل الشيء
وقصر عن التنفيذ وتأخّر عن العمل المطلوب ولم يقدر عليه.


الثاني:
فعل رباعي نقول: أعجَزَ، يُعْجِزُ، عجزاً فهو معجز، بمعنى سبق وفاز. تقول
أعجَزَ الرجل خصمه، بمعنى: فاته وسبقه وفاز عليه وغلبه، بحيث لم يستطع
الخصم العاجز إدراكه واللحاق به
[8].


معنى إعجاز القرآن:

كلمة
إعجاز القرآن مركب إضافي وكلمة إعجاز مصدر: وإضافتها للقرآن الكريم من
إضافة المصدر لفاعله، فكأنّ التقدير أعجز القرآن الناس أن يأتوا بمثله،
ومعنى هذا أن القرآن الكريم دلّ بما فيه من بيان على أنّه من عند الله،
وثبت عجز الناس عن أن يأتوا بمثله وهذا معناه أن القرآن صار معجزاً لهم حيث
أوقع بهم العجز والضعف والقصور والتأخر وهو قد تفوّق عليهم وفاتهم وسبقهم.


وقد عرّفه القاضي عبد الجبار رحمه الله بقوله: ( معنى قولنا في القرآن الكريم أنه معجِز أنه يتعذّر على المتقدّمين في الفصاحة فعل مثله، في القدر الذي اختصّ به )[9].

ويقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله ( وإنما
الإعجاز شيئان ضعف القدرة الإنسانية في محاولة المعجزة، ومزاولته على شدّة
الإنسان، واتصال عنايته، ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن وتقدّمه،
فكأنّ العالم كلّه في العجز إنسان واحد ليس له غير مدّته المحدودة بالغة ما
بلغت
)[10].


وقد عرّفه الدكتور صلاح الخالدي حيث قال: ( هو
عدم قدرة الكافرين على معارضة القرآن وقصورهم عن الإتيان بمثله، رغم توفّر
ملكيّتهم البيانية وقيام الداعي على ذلك وهو استمرار تحدّيهم وتقرير عجزهم
عن ذلك
)[11]


وممكن تعريفه بأنه ( عجز
المخاطبين بالقرآن وقت نزوله ومن بعدهم إلى يوم القيامة من الإتيان بمثل
هذه القرآن مع تمكّنهم من البيان وتملّكهم لأسباب الفصاحة والبلاغة وتوفّر
الدواعي واستمرار البواعث
).


وإعجاز
القرآن الكريم للمنكرين له يدلّ على أنّه من عند الله تعالى وليس كلام أي
مخلوق آخر فلو كان كلام بشر لما عجز المنكرون عن معارضته.


والخلاصة: إن الإعجاز لغة واصطلاحاً قد جاءا متقارباً وذلك في بعض المعاني كالضعف والتثبيط والتقصير وما وقع في تلك الدائرة من معان.

المعجزة في القرآن الكريم:

ورد في
القرآن الكريم استعمال مشتقات كلمة ( عجز ) نحو ست وعشرين مرة لكنه لم يرد
استعمال مصطلح معجزة ولا ( إعجاز ) في القرآن الكريم ولا في السنة ولم يكن
معروفاً هذا الاصطلاح في عهد النبوة والصحابة والتابعين إنما عُرف في
أواخر القرن الثاني تقريباً[12].


وأطلق القرآن الكريم على المعجزة عدّة مسمّيات منها:

1-الآية: قال الله تعالى: { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنّن بها قل إنّما الآيات من عند الله وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون }[13]

2-البيّنة: قال موسى عليه السلام لفرعون { قد جئتكم ببيّنة من ربّكم فأرسل معي بني إسرائيل }[14]

3-البرهان: قال الله تعالى: { يا أيّها الناس قد جاءكم برهان من ربّكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً }[15]

4-السلطان: قال الله تعالى: { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله }[16] وقال أيضاً:{ ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه }[17] [18].

أما التأثيري:

فهو مركّب إسنادي من أثر الشيء: أي حصول ما يدلّ على وجوده، يقال: أثر الشيء وأثر، والجميع آثار، يقول الله تعالى: { ثم قضينا على آثارهم برسلنا}[19]، ويقول { وآثاراً في الأرض }[20] ويقول { فانظروا إلى آثار رحمة الله }[21]. ومن هذا يقال للطريق المستدل من تقدّم آثار { فهم على آثارهم يهرعون }[22] ويقول { هم أولاء على أثري }[23].

وأثرت البعير: جعلت على خفّه أثره، أي علامة تؤثّر في الأرض ليستدلّ بها على أثره، وأثرت العلم: رويته، أثراً، وإثاره، وأثره، وأصله: تتبعت أثره.[24]

والخلاصة: فالتأثيري
في اللغة مأخوذ من الأثر والنتيجة، والمحصلة الدالّة على وجود مؤثّر سواء
أكان المؤثر حيّاً كما في قولهم ( أثرت البعير ) أم معنويّاً كما في قول
الله تعالى: { فانظروا إلى آثار رحمة الله }. والآثار هي اللوازم المعلّقة بالشيء
[25]، أو جملة الأمور التي تنتج عن الشيء المسبب لها.


اصطلاحاً:
الإعجاز التأثيري للقرآن: هو ( وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم أشار إليه
السابقون، ويتمثّل فيما يتركه القرآن الكريم من أثر ظاهر أو باطن على
سامعه أو قارئه ولا يستطيع هذا السامع أو القارئ مقاومته ودفعه ولا يقتصر
ذلك على المؤمنين به).
[26]


أو هو تأثير القرآن الكريم في النفس الإنسانية عندما تسمعه، وتفاعلها معه حتى لو كانت نفساً كافرة.[27]

المبحث الثاني

نشأة الإعجاز التأثيري وتطوّره:

تستطيع أن تميّز هنا بين مرحلتين من مراحل نشأة الإعجاز التأثيري وتطوّره.

المرحلة الأولى: مرحلة النشأة:

تتمثل نشأة هذا الوجه الإعجازي للقرآن الكريم بنزول القرآن نفسه اتصالاً مباشراً وذلك لما يلي:

أولاً:
أمر الله تعالى في كتابه الحرص على إسماع المشركين القرآن الكريم ليكون
ذلك عوناً على دعوتهم للإسلام. قال ابن حجر ( ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب
الله تعالى معجز لم يقدر أحد على معارضته بعد تحدّيهم بذلك، قال الله
تعالى:
{ وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثمّ أبلغه مأمنه }[28] فلولا أن سماعه حجّة عليه لم يقف أمره على سماعه ولا يكون حجّة إلّا وهو معجز.[29] والمعجزة لابد لها من أثر في من تعجزه إما تصديقاً أو تكذيباً.


ثانياً:
ما ورد في كتب السيرة والتفسير وأغلب الكتب التي تتناول قضية الإعجاز عن
لجوء رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعجاز القرآن التأثيري كوسيلة أساسية
من أسس الدعوة للإسلام وظهور أثر هذه الوسيلة الفعّال في كل من استعملت
معه.


إما قبولاً واعتناقاً للإسلام أو نفوراً وإعراضاً عنه أو إقراراً لإعجاز القرآن في حاله.

ثالثاً:
إن الإعجاز التأثيري في هذه المرحلة وهي مرحلة النشأة الأولى يتمثّل في
الممارسة والسّلوك العمليّ للإعجاز نفسه دون التّأليف فيه أو وضع قواعد أو
أصول له، وإنما تدلّ الشواهد الكثيرة على ممارسته في حياة المسلمين. وبعد
قرنين من الزمان وفي أوائل القرن الثالث الهجري أشار الجاحظ من خلال حديثه
عن الإعجاز البلاغي للقرآن إشارات خاطفة للإعجاز التأثيري
[30] وكذلك فعل الرماني في منتصف القرن الرابع.


المرحلة الثانية: مرحلة التأهيل العلمي للإعجاز التأثيري:

كثير
من علماء التفسير والقرآن والبلاغة في القديم والحديث لاحظوا تأثير القرآن
الكريم في القلوب وأثره في النفوس فاعتبروا ذلك التأثير من وجوه إعجاز
القرآن وعبّروا عنه بعبارات متفاوتة وسأقف مع عدد من العلماء في القديم
والحديث ممّن تحدّثوا عن الإعجاز التأثيريّ.


الخطابي أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي – ت 388هـ.

وكان
أوّل من اعتبر هذا التأثير القرآني وجهاً خاصّاً من وجوه الإعجاز هو
الإمام الخطّابي فقد نص عليه نصّاً في رسالة ( بيان إعجاز القرآن ) فقال
(
قلت في إعجاز القرآن وجهاً آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذّ
من آحادهم وذلك حيفة بالقلوب، وتأثيره في النّفوس فإنّك لا تسمع كلاماً غير
القرآن، منظوراً ولا منثوراً، إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللّذة
والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى، ما يخلص منه إليه تستبشر به
النفوس وتنشرح له الصدور حتى إذا أخذت حظّها منه عادت إليه مرتاعة قد
عراها الوجيب والقلق تغشّاها الخوف والفرق، تقشعرّ منه الجلود وتنزعج له
القلوب، يحول بين النفس وبين مضمراتها وعقائدها الراسخة فيها.


فكم
من عدو للرسول صلى الله عليه وسلم من رجال العرب، أقبلوا يريدون اغتياله
وقتله فسمعوا آيات القرآن فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحوّلوا عن
رأيهم الأوّل وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عداوتهم
موالاة وكفرهم إيماناً
[31]


ابن قيّم الجوزيّة ت 75 ورأيه في الإعجاز التأثيري:

يبيّن
ابن قيّم الجوزيّة ما يقع في النفوس عند تلاوته وسماعه من الورعة ما يملأ
القلوب هيبة والنفوس خشية، وتستلذ الأسماع وتميل إليه بالحنين الطباع،
سواءً أكانت فاهمة لمعانيه أم غير فاهمة، وسواءً أكانت كافرة بما جاء به أم
مؤمنة.


يقول في كتابه ( الفوائد )[32]
( إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه وألق سمعك،
واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه فإنه خطاب منه لك على
لسان رسوله قال الله تعالى
{ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد })[33]


وذلك
أن تمام التأثير لما كان له موقوفاً على مؤثر مقتفى ومحل قابل وشرط لحصول
الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمّنت الآية بيان ذلك كلّه بأوجز لفظ
وأبينه وأدلّة على المراد بقوله
{ إن في ذلك لذكرى } إشارة إلى ما تقدّم من أوّل السورة إلى هاهنا وهذا هو المؤثّر، وقوله { من كان له قلب } فهذا هو المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال الله سبحانه وتعالى: { إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيّاً }[34] أي حيّ القلب وقوله تعالى { أو ألقى السمع وهو شهيد } أي
وجه سمعه وأصفى حاسّة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التّأثير بالكلام
وقوله ( وهو شهيد ) أي شاهد القلب حاضراً غير غائب، أي استمع إلى كتاب الله
وهو شاهد القلب والفهم، وليس بغافلٍ ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من
حصول التّأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقّل عن ما يقال له والنظر في
تأمّله.


فإذا
حصل المؤثّر وهو القرآن، والمحلّ المقابل وهو القلب الحيّ ووجد الشرط وهو
الإصغاء وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه
عنه إلى شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاء بالذكر.


ثم يقول: فإن قيل: إذا كان التأثير إنما يتمّ بمجموع هذه الأشياء مما وجه دخول أداة أو في قوله { أو ألقى السمع } والموضوع
موضوع واو الجمع لا موضع أو التي هي لأحد الشيئين ؟ قيل: هذا سؤال جيد،
والجواب عنه أن يقال: خرج الكلام باعتبار حال المخاطب المدعو فإنه من الناس
من يكون حيّ القلب واعيه تامّ الفطرة فإذا فكر بقلبه وحال بفكره دلّه قلبه
وعقله على صحّة القرآن، وأنه من الحقّ، وشهد قلبه بما أخبر القرآن.


فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة، وهذا وصف الذين قال فيهم القرآن: { ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحقّ}[35].

من خلال هذا نرى رؤية ابن القيّم في مسألة التأثير، وكيفيّة حدوثها، وبيان أركانها وجوانبها، فإنه يرى أنها تقوم على أركان عدّة:

1- المؤثر القويّ ( والمقصود به القرآن الكريم )

2- أداتا التلقّي ( القلب والسمع )

3- رغبة السامع في تفهّم ما يسمع وتعقّله.

4-
الخروج من شتّى الموانع، سواء أكانت انحرافات عقائدية، أم شبهات فكريّة، أم
نزعات شهوانيّة، أم مكانة أدبيّة، أم منزلة اجتماعيّة، أم غير ذلك.


ومن
الملاحظ أن ابن القيّم رحمه الله يتحدّث هنا عن دعوة المسلم للانتفاع
بالقرآن الكريم، ولا ينصّ على ذكر الكافر وذلك فإنّه لا يكشف عن الجانب
الأهمّ في إعجاز القرآن التّأثيريّ ألا وهو: أثره على الكافر.


بعد
هذا العرض لرأي بعض الأقدمين عن الإعجاز التأثيريّ أعرض رأي بعض العلماء
المحدثين حول هذا الوجه من وجوه الإعجاز لتظهر لنا مراحل تطوّره.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://readwithus.yoo7.com
 
سِ.الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة: الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  سِلسِلَة الإعْجَاز اللغويّ وَالبَيَانيّ من القرْآن والسّنة!؟ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
»  سلسِلة رَدّ شُبُهَات حولَ القرْآن الكريم !!؟ من قام بجمع القرآن الكريم في عهد عثمان!
»  أضخم موسوعة في الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اقرأ معنـا :: ˆ~¤®§][©][ منتدى الإسلام و الســـنة ][©][§®¤~ˆ :: القرآن الكريم-
انتقل الى: