الإعلام ونشر الأفكار المستحدثة
أولا: نشأة الإعلام وتطوره
تزداد أهمية الإعلام في المجتمع تبعاً لسرعة توصيل الرسالة الإعلامية بالصوت والصورة والكلمة. فالتطور الذي طرأ على الأجهزة الإعلامية بالاعتماد على الأقمار الصناعية للبثّ الإذاعي والمتلفز، والذي طرأ على الطباعة والصف الالكتروني، اختزل المسافات بين المناطق وألغى الحدود والفواصل بين الدول والشعوب، و يمكن اعتبار "الدخان" أول وسيلة اتصال إعلامي بين بني البشر. تبعه الإعلام بواسطة الرموز والإشارات، ثم النقوش المقدسة، والحفر على الألواح الحجرية والطينية، مروراً باكتشاف الحروف وتطورها (الحرف الإغريقي ـ الهيراطيقي ـ والحرف الروماني..) ومن ثم الكتابة، فالطباعة، حتى دخلنا عصر ومعنوي، بواسطة الأقمار الصناعية والطباعة الالكترونية.
يستمد الإعلام قوته من عاملين أساسيين، مادي ومعنوي ،العامل المادي هو تطور وسائل الإعلام إذ أنّ سرعة نقل الخبر والتعليق عليه تزداد مع تطور أجهزة وسائل الاتصال. من الإشارات السلكية لماركوني، حتى الأقمار الصناعية اليوم. وقبل ذلك من انتقال الكتابة على ورق البردي ... فالكتابة على اللفائف الصينية، ومن ثم على الورق البغدادي الذي نقله العرب إلى أسبانيا، ومنها إلى أوروبا، وبعد استخدام الورق كانت المطبعة التي اخترعها الألماني (يوحنا جوتنبرج) وتبع ذلك ظهور الصحف القرن الخامس عشر، واليوم مئات الآلاف من الصحف يتم إصدارها في مناطق متفرقة من العالم، والتطور الذي تشهده وسائل الإعلام تم وفقا لحاجة الإنسان للاتصال مع الآخر وقد قسم علماء الاتصال والإعلام المراحل التي مرت بها تكنولوجيا وسائل الإعلام إلى خمس مراحل و هي:
أولاً:- المرحلة الشفوية: حيث كانت اللغة أول وسائل الاتصال التي أستخدمها البشر، وأدى اعتماد الإنسان على اللغة كوسيلة اتصال أساسية له في هذه المرحلة إلى تطوير بعض الحواس والمهارات لديه ليحقق أفضل اتصال ممكن فأصبحت حاسة السمع لديه في أقوى حالاتها، واستخدم الذاكرة في تخزين المعلومات والمعارف مما أدى إلى بلوغ مهارة الحفظ لديه أعظم مبلغ، وأصبح للكلمة قوة تعبيرية كبيرة فالعقود والاتفاقات يتم الاتفاق عليها شفوياً، وقوانين القبيلة ونظمها وتاريخها هي كلمات لابد من احترامها والالتزام بها. وكانت الشائعة هي أول شكل من أشكال الإعلام والاتصال، حيث كانت الأخبار تنتقل من الفم إلى الأذن وبانتقالها كانت تغير وتشوه بحيث تضيع حقيقتها في أحيان كثيرة [1].
ثانياً:- المرحلة الكتابية: مرت الكتابة بالعديد من مراحل التطور حتى وصلت إلى وضع أبجدية لغوية على يد الفينيقيين، ويعتقد أن اشتغال الفينيقيين بالتجارة وحاجتهم إلى كتابة عقود مدونة أو كتابة أصناف التجارة دفع بشكل كبير إلى اختراع مثل هذه الأبجدية.
ورغم أن الكتابة في بدايتها كانت محدودة التأثير على حياة الإنسان لقلة عدد الأشخاص الذين يستطيعون الكتابة والقراءة، إلا أنها بمرور الزمن و اختراع وسائل جديدة سهلت عملية الكتابة كاختراع الورق في بلاد الصين وانتقاله إلى بلاد العرب ثم إلى أوربا، أخذت الكتابة تحتل مكانة مرموقة في حياة البشر وأنتشر التدوين والتأليف في مختلف العلوم، وظهرت مهنة الوراقة، وبالتالي أصبح هناك دور لحفظ المخطوطات والكتب. وبمعرفة الكتابة والنسخ على وسائط متعددة ومختلفة تغير أسلوب التعبير والإنشاء، كما تغير أسلوب تخزين المعرفة حينما أصبحت المعلومات تختزن عن طريق الحروف الهجائية، وبهذا حلت العين محل الأذن كوسيلة أو كحاسة رئيسية ليكتسب من خلالها الإنسان معلوماته، وسهل الكلام البشري المنطوق الذي تجسد في شكل مخطوط أو مكتوب الطريق، لإقامة تنظيمات إدارية وأشكال مختلفة من العلاقات[2].
ثالثاً:- المرحلة الطباعية: بفضل اختراع آلة الطباعة حدث تغير جذري في أساليب التعبير والإعلام حيث بدأ الأفراد يعتمدون أساسا على الرؤية والكلمات المطبوعة في الحصول على معلوماتهم وبذلك أصبحت حاسة الإبصار هي المسيطرة والمطبوع حول الأصوات إلى رموز مجردة أي إلى حروف مما شكل عملية تجريد منظم للحروف أو الرموز البصرية [3].
فمنذ اكتشاف المطبعة ونشر أول كتاب مطبوع (مزامير منز) في عام 1457م وحتى نهاية القرن أي عام 1500 م تراوح عدد الكتب المطبوعة بين 15 و20 مليون كتاب موزعين علي 35 ألف طبعة، أي بمتوسط إنتاج يصل إلى 1300 كتاب يوميا[4].
رابعاً:- المرحلة الإلكترونية:بدأت إرهاصات هذه المرحلة منذ منتصف القرن التاسع عشر باكتشاف وجود الموجات المغناطالإعلامية.ع ذلك من تجارب ومحاولات لاستغلال هذه الموجات حتى نجح العالم الإيطالي ماركوني في إرسال إشارات لاسلكية ومن ثم اختراع الراديو عام 1906م، وتوالت بعد ذلك المخترعات والمكتشفات التي ما لبث أن حققت ثورة اتصالية قلبت كل الموازين، وشكلت نقله نوعية كبيرة في وسائل الاتصال الإنساني.
فخلال هذه المرحلة ظهر التلغراف والتلفون والفونوغراف، ثم التصوير الفوتوغرافي فالفيلم السينمائي، ثم الإذاعة المرئية (التلفزيون)، والتلكس، وصولاً إلى الأقمار الصناعية والفاكس والفيديو وغير ذلك من وسائل الإعلام. وتظهر الحاسبات الإلكترونية وتتطور جيل بعد جيل حتى تصل إلى الجيل الخامس وتدخل كل مجالات الحياة ومنها المجالات الإعلامية[5].
فقد أحدثت هذه المرحلة ثورة في نظم الإعلام وحولت العالم إلى قرية عالمية إلكترونية يعرف الفرد فيها بالصوت وبالصورة وبالكلمة المطبوعة كل ما يحدث وقت وقوعه.
إلا أن هذا الانفجار المعلوماتي جعل الإنسان العادي يعجز عن متابعة ما يحدث في العالم على مستوى الأحداث اليومية العامة، أو على مستوى التخصص العلمي أو المهني[6].
خامساً:- مرحلة الإعلام متعدد الوسائط: وتتسم هذه المرحلة بمزج أكثر من تكنولوجيا اتصاليه تملكها أكثر من وسيلة لتحقيق الهدف النهائي، وهو توصيل الرسالة إلى الجمهور المستهدف. وقد أطلق على هذه المرحلة العديد من المسميات من أبرزها: مرحلة الإعلام متعدد الوسائط Multimedia، ومرحلة التكنولوجيا الاتصالية التفاعلية Interactive، ومرحلة الوسائط المهجنة Hypermedia [7].
وترتكز هذه المرحلة التي يمكن أن نطلق عليها أيضا اسم مرحلة الاتصال التفاعلي أو مرحلة الوسائط المتعددة على مجموعة من المرتكزات الرئيسية هي: الحاسبات الإلكترونية في جيلها الخامس، وأنظمة الذكاء الصناعي، إضافة إلى الألياف الضوئية وأشعة الليزر والأقمار الصناعية.
وأدى ذلك الحدث إلى تزاوج بين تكنولوجيا الإعلام وتكنولوجيا المعلومات حتى أصبح من العسير الفصل بين الاثنين بسبب التطور الهائل الذي شهده مجال تقنيات الإعلام والمعلومات.
فقد جمع بينهما النظام الرقمي الذي تطورت إليه نظم الإعلام فترابطت مع شبكات المعلومات وهو ما نلمسه في حياتنا اليومية، وبذلك فقد انتهى عهد استقلال نظم المعلومات عن نظم الإعلام و
دخلنا في عهد جديد للمعلومات والإعلام يسمونه الآن (Computer Communication)[8] .
ويوصف العصر الذي يمر العالم المتقدم به الآن بأنه عصر أو مجتمع المعلومات Information Society أو مجتمع ما بعد الصناعة Post Industrial Society، (يتمادى البعض في تقدير التطورات التكنولوجية التي تحدث في العالم الآن خاصة في الإعلام والمعلومات بحيث يصف العصر الحالي في نهاية التسعينات بمجتمع ما بعد المعلومات (Post Society of Information).
وقد لعبت المعلومات من خلال تكنولوجياتها وأساليب نقلها المختلفة أدوارا مهمة في مجتمعات المعلومات في اليابان وغرب أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، بحيث غيرت من شكل هذه المجتمعات وأثرت على كل مناحي الحياة فيها، حيث نجد مجموعة من الظواهر والسمات والآثار التي تراوحت بين التغيرات الجذرية والآثار البسيطة التي تركت آثارها على كل جوانب المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية والتكنولوجية[9].
وهو ما دفع وسائل الإعلام المختلفة إلى تطوير أنماط عملها لتتماشى مع هذه التكنولوجيا الجديدة، وتستطيع أن تستغل إمكانياتها المذهلة، وتبرز الصحافة كواحدة من أكثر وسائل الإعلام استغلالاً لإمكانيات هذه التكنولوجيا سواء في مرحلة جمع المادة الصحفية أو في مرحلة نشر هذه المادة عبر أساليب النشر الإلكتروني، وخاصة عبر شبكة الإنترنت؛ مما أدى إلى مفهوم جديد للصحافة الإلكترونية، وإلى حدوث ثورة حقيقية في تطبيقات الصحافة[10].
كما تعتبر وسيلة الإنترنت من أفضل الأمثلة التي تطبق فيها تقنيات مرحلة الإعلام متعدد الوسائط فبعد التغيير الكبير الذي طرأ على شبكة الإنترنت منذ مطلع التسعينيات من القرن العشرين بفضل استخدام تقنيات و أساليب جديدة للتواصل ونشر المواد النصية والصور الثابتة والمتحركة عبر الإنترنت من خلال استغلال الإمكانيات التي يوفرها الدمج بين أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الاتصالات، استطاعت و سائل الإعلام المختلفة أن تستغل هذه الإمكانيات الكبيرة في عرض موادها الإعلامية من خلال شبكة الإنترنت، فظهرت على الشبكة مواقع تبث البرامج التلفزيونية والإذاعية بشكل حي أو مسجل، وظهرت الصحف الإلكترونية التي تدمج بين المادة النصية والصوت والصور الفوتوغرافية و أفلام الفيديو في تقديم معالجاتها للأحداث المختلفة، وبذلك يتوفر لمستخدم الإنترنت مجموعة من وسائل الإعلام من خلال جهاز واحد، وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد مستخدمي الشبكة.
وأصبح المظهر الأساسي لتطور الإعلام والأكثر بروزا في حياتنا المعاصرة هو السرعة: سرعة تدفق الأخبار والمعلومات وتداولها فعندما اغتيل الرئيس الأمريكي " أبراهام لنكولن" في أبريل سنة 1865 استغرق وصول خبر مقتله ستة أشهر حتى يعم الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وعندما اغتيل الرئيس الأمريكي في 1963 وصل خبر مقتله إلى جل الأمريكيين خلال الساعة التي تم فيها، أما عندما تم تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس الروماني نيكولاي شوشيسكو في ديسمبر 1989 فقد علم الشعب بالخبر في الدقيقة التي حدث فيها بفضل البث التلفزيوني المباشر وعندما تمت محاصرة مجلس الدوما الروسي للإطاحة بالرئيس الروسي السابق يلتسين" علم مستخدمو الانترنيت بالحدث في الثانية ذاتها! لقد أصبح الإعلام يملك سرعة الانترنيت على حد تعبير صحافيي الصحيفة الفرنسية " Le monde Diplomatique "[11]. وعلى الرغم من المكاسب التي حققتها تقنيات الإعلام في سرعة نقل المعلومات وتوسيع الوسائل إلا أن خبراء الإعلام يتوقعون أن تزيد التقنيات الاتصالية الحديثة من العزلة التي أصبح يعاني منها البشر نتيجة اعتمادهم على تقنيات المرحلة الإلكترونية. فالإنسان الآن أصبح بإمكانه التسوق وشراء الكتب وقراءة الصحيفة وربما الذهاب إلى العمل وهولا يزال جالسا أمام شاشة الكمبيوتر المتصل بشبكة الإنترنت، وبنقرة واحدة يمكن التجول حول العالم دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة دخول إلى أي دولة أو حتى تكبد مشاق السفر، وهو ما سيؤدي إلى نشوء علاقات جديدة تتسم بالطابع الإلكتروني بين الإنسان والآلة وبين البشر بعضهم ببعض.
إن الإعلام في عالم اليوم أصبح الصوت القوي للشعوب للتعبير عن قضاياها، وقد تعددت وظائفه واستخداماته المتعددة لتحقيق وظائفه نحو المجتمع مثل: الأخبار والمعلومات والتعليم والتعبئة وخلق الرأي العام والترفيه والتواصل بين الأفراد ووظيفة الرقيب العمومي، وقد ضاعف ذلك من أهمية الإعلام وتحريضه الجماهير للاستفادة من التكنولوجيا لتحقيق الرسالة المرجوة منه خاصة وان الإعلام تتعاظم أهميته للدرجة التي كتب فيها الرئيس الأمريكي الأسبق(توماس جيفرسون) عام 1787: "لو ترك لي الخيار بين أن تكون لنا حكومة من دون صحف، أو صحف من دون حكومة، فلن أتردد في اختيار الثاني" [12].
2-2: وسائل الإعلام ونشر الأفكار المستحدثة:
التطورات الحديثة والمتسارعة في مجال التقنية وخصوصا ما يتعلق منها بالحاسب عموما وشبكة الإنترنت خصوصا. وقد قدمت تلك التقنيات آفاقا جديدة في مجال الإعلام والنشر لم تكن معروفة من قبل وأفرزت أساليب غير تقليدية في نقل المعلومات, لعل من أهمها النشر الإلكتروني إذ يرى أن الاتصال يقوم على تبادل المعاني الموجودة في الرسائل والتي من خلالها يتفاعل الأفراد من ذوي الثقافات المختلفة ، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لتوصيل المعنى ، وفهم الرسالة،و يتم من خلال ذلك تحقيق معاني مشتركة (متطابقة) بين الشخص الذي يقوم بالمبادرة بإصدار الرسالة من جانب والشخص الذي يستقبلها من جانب آخر، والإعلام باعتباره جزء من الاتصال يعرف بأنه تلك العملية التي تبدأ بمعرفة المصدر الصحفي بمعلومات ذات أهمية، أي معلومات جديدة بالنشر والنقل، ثم تتوالى مراحلها: تجميع المعلومات من مصادرها، نقلها، التعاطي معها وتحريرها، ثم نشرها وإطلاقها أو إرسالها عبر صحيفة أو وكالة أو إذاعة أو محطة تلفزة إلى طرف معني بها ومهتم بوثائقه . [13]
نظرا لاختلاف ظروف العالم النامي التي ظهرت للوجود في منتصف هذا القرن هي بالتالي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية ، كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية المتعارف عليها (الاشتراكية، المسئولية الاجتماعية،الحرية ونظرية السلطة)، ويناسب هذا النموذج أو النظرية أو الأوضاع القائمة في المجتمعات النامية فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينات، وتقوم على الخروج عن نطاق بعدي الرقابة والحرية كأساس لتصنيف الأنظمة الإعلامية ، فالأوضاع المتشابهة في دول العالم الثالث تحد من إمكانية تطبيق نظريات الإعلام التقليدية وذلك لغياب العوامل الأساسية للاتصال كالمهارات المهنية والمواد الثقافية والجمهور المتاح،اذ ان مبادئ نظرية التنمية تعمل على تأكيد الهوية الوطنية والسيادة القومية والخصوصية الثقافية للمجتمعات؛ وعلى الرغم من أن هذه النظرية لا تسمح إلا بقدر قليل من الديمقراطية حسب الظرف السائدة إلا أنها في نفس الوقت تفرض التعاون وتدعو إلى تضافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف التنموية، وتكتسب النظرية التنموية وجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى باعترافها وقبولها للتنمية الشاملة والتغيير الاجتماعي، وتشترك نظرية التنمية في مفهومها مع نظرية المشاركة الديمقراطية التي أحدثت إضافة لنظريات التنمية في الدول النامية وأصعبها تحديدا، فقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظيم وسائل الإعلام، فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، كما أن هذه النظرية قامت ردا على مركزية مؤسسات الإذاعة العامة التي قامت على معيار المسؤولية الاجتماعية وتنتشر بشكل خاص في الدول الرأسمالية.[14]
وترى هذه النظرية أن نظرية الصحافة الحرة (نظرية الحرية) فاشلة بسبب خضوعها لاعتبارات السوق التي تجردها أو تفرغها من محتواها، وترى أن نظرية المسؤولية الاجتماعية غير ملائمة بسبب ارتباطها بمركزية الدولة ، ومن منظور نظرية المشاركة الديمقراطية فإن التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام لم يمنع ظهور مؤسسات إعلامية تمارس سيطرتها من مراكز قوى في المجتمع، وفشلت في مهمتها وهي تلبية الاحتياجات الناشئة من الخبرة اليومية للمواطنين أو المتلقين لوسائل الإعلام.[15]
وهكذا فإن النقطة الأساسية في هذه النظرية تكمن في الاحتياجات والمصالح والآمال للجمهور الذي يستقبل وسائل الإعلام، وتركز النظرية على اختيار وتقديم المعلومات المناسبة وحق المواطن في استخدام وسائل الاتصال من أجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في منطقته ومجتمعه، وترفض هذه النظرية المركزية أو سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام ولكنها تشجع التعددية والمحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الأفقي الذي يشمل كل مسؤوليات المجتمع؛ ووسائل الإعلام التي تقوم في ظل هذه النظرية سوف تهتم أكثر بالحياة الاجتماعية وتخضع للسيطرة المباشرة من جمهورها، وتقدم فرصا للمشاركة على أسس يحددها الجمهور بدلا من المسيطرين عليها.
يرى الباحث إن عملية تحديد الوسائل والهدف الذي يتصل أو يرتبط به القائم بالاتصال بالآخرين يزيد من فاعلية نشر الأفكار على ضوء النظريات التي توافق مجتمعات الدول النامية، ويكون من الضروري وضعه في الحسبان أهم العناصر التي تكمل رسالته مثل الرسالة،الوسيلة والهدف الذي يصبو إلى تحقيقه عبر نشره لأفكار لم تكن سائدة ، وتقع تجاوب الجمهور المتلقي لذلك، إذن لابد من وجود شخص أو هيئة أو فئة أو جمهور يهتم بالمعلومات فيمنحها أهمية على أهميتها، ويكون الاتصال عن تلك العملية الإعلامية التي تتم بين ميدان المعلومات وبين ميدان نشرها أو بثها.
منقول