علي أسامة (لشهب أسامة) المدير العام
الجنـسية : البلد : الجزائر الجنـــس : المتصفح : الهواية : عدد المساهمات : 26932 التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 24/10/2008 العمر : 31 الموقع : https://readwithus.yoo7.com/ المزاج : nice توقيع المنتدى + دعاء :
| موضوع: مفهوم الطبيعة في تصور الفكر العربي الثلاثاء 14 فبراير - 17:29 | |
| في الفكر العربي,تظهر مفاهيم الطبيعة في المذاهب المتنوعة,وفي الطرق الاستدلالية أو أشكال الممارسات العملية,وكما كان الاصطلاح العربي للطبيعة والطبع قد تأثر في جزء منه بالنظر والاعتبار الإغريقي القديم للفيزياء,وشابه في ماهيته شيئا مما نصادفه في التأملات اللاتينية عن الطبيعة Nature فقد تشكل هذا الاصطلاح,زيادة على ذلك,واتسع بسبب ابعاد الدين التوحيدي وتوجيهات الأصول الاشتقاقية المرتبطة بها. والعبارة المجردة "الطبيعة" الت هي الوحدة المعجمية العربية الفصيحة كمقابل للفظ اللاتيني Natura والفرنسي والإنجليزي Nature,والألماني Natur إنما اشتقت من الأصل أو الجذر: "طبع". والحد "طبيعة" في الاستعمال السابق على الاستعمال الفلسفي لم يكن عاما,وإنما بالأولى نصادف الاستعمالات من نحو صيغة الفعل "طبع" والمصدر "طبع" مما يعني فعل : (الختم: stamping,sealing) أو نجد دلالة الدمغ والبصم أو الطبع بمعنى الطباعة. وبينما يدل الاستعمال العام لحد الطبع على أفعال الطباع,والهيأة المزاجية أو النزوع الطبيعي الملازم,فإن لفظ الطبيعة هو ذاته قد اشتق لأغراض العرض الفلسفي,حتى يمكن الإحالة الى التعبير ذاته عن الطبيعة ذاتها,بينما تترك الكائنات الطبيعية تكشف عن نفسها كما هي عليه.ويقابل لفظ الطبيعة في العربية اللفظ اللاتيني natura الذي يشتق من جذر المصدر nasci (ويعني ولد أو نشأ) ومايرتبط بمحامل الوصف من صيغة :natus (الميلاد والنشأة,والنمو) إنما يدل في نهاية الأمر على (ما شأنه ان يتولد من ذاته).وفضلا عن ذلك فغن التسميتين المعاصرتين وهما في الإنجليزية "physics" وفي الفرنسية :"physique" إن كانتا قد أخذتا من التعبير الإغريقي :phusis فكذلك اشتق حد التكوين الجنيني:"fetus" (وباللاتينية :foetus ويدل على قوة النمو.وكذلك وبالمثل,فنحن نتبين استعمالا بالتعبير:"الطبيعيات" في العربية الكلاسيكية مما يشير الى قوة الأجسام الطبيعية المعرضة لزخم الحركة. وعندما نستعمل حدي الطبيعة والطبع,فنحن نشير الى ما يكون محايثا داخلا في ذاتية الأشياء,مما يصير منتميا الى ماهيتها/ ذاتيتها.وينبغي ان تؤكد هذه المسميات المعجمية الاستعدادت التي تدفع سلوك الأفراد كما تدل على قابلية الأشياء كي تباشر نوعا من الحركة.وبهذا المعنى فإن الطبع والطبيعة يقالان على الإيضاح الماهوي ويرتبطان بكينونة الموجودات بدون أن يصيرا بسهولة مشابهين لنظام الغرائز الفطرية,مثلا يأخذ ابن سينا :( ت 1037م) في كتابه "الحدود",بالتعريف الآتي :"الطبيعة مبدأ أول بالذات لحركة ماهي فيه بالذات" وقد يقال أيضاً بأنها علة وأصل الحركة والسكون لما هي موجودة فيه بالذات لابالعرض,وهذا رأي مأخوذ عن أرسطو من فيزيائه ويقول فيها (إن الطبيعة هي مبدأ وبالذات لابطريق العرض.وفيزياء أرسطو ذاتها إن هي إلا كتاب مطول يبحث في طبيعة الحركة والسكون ومبادئها سواء أكان صورة للحركة المكانية والزيادة والنقصان أو الأستحالة والتغيير واللفظ الأغريقي phusis ينطبق كذلك على الصورة والمادة من كل جسم مادي مؤلف,كما قد يكون مبدأ الحركة الموجود فيه.وفي احوال أخرى يحدد ارسطو ايضا الطبيعة بكونها الماهية/ الجوهر من جهة ارتباطها بالمقولات,مثلما نتحدث عن طبيعة المثلث.وهنا قد تقترن الطبيعة بالمعرفة على افتراض أنها تنتسب الى ماهية الأشياء والى التسلسل العلي الناتج عنها مما يظهر متحققا.ونتيجة لذلك فإن ترابط العلل مع معلولاتها المقابلة لها يسمح لنا بان نقدم تفسيرات تخص الشروط والملابسات التي تحيط بطبيعة شيء ما. كما يجعلنا نؤسس انماطنا العقلية المزعومة للفهم,ومن ضمنها ضروب التعميم التي نضعها فيما يتعلق بغرض القوانين التي تدبر العالم وتحكمه. وعندما نتأمل في أصل الاشتقاق اللغوي من خلال الطرق المعقدة للتفكير,فقد يجوز ان نقول ونحن على اطمئنان,بأن المفهوم الإغريقي للفظ (phusis) الكون الطبيعي ) لايمكن أن ينقل بسهولة الى معنى الطبيعة natura في اللغة اللاتينية –الرومانية كما لايمكن تحويله كذلك وبسهولة الى المعنى العربي الذي نشير اليه بالطبيعة,ومع ذلك فقد تتم بعض التصحيحات الميتافيزيقية التجريدية متى انتقلنا من جهة الاعتبار الونية الوثنية الى جهة الإدراك الديني التوحيدي القائل بالحدوث والخلق,وأيضا تنظبق هذه الملاحظة على التفسير الأوروبي الحديث للطبيعة كأنموذج لنوع من التحليل الميكانيكي,مما يختلف مدى عن نظراته من النماذج المثالية التاريخية الكونية الكرسمولوجية,وعالم الفيزياء هو ذاته كان يؤخذ على أنه أبدي صادر من لاشيء في ابتداء الزمان كما يذكر في الكرسمولوجية الإغريقية,وهكذا يمتد الى جانب العماءووالدهر أو الأيروس وأيضاً يمكن أن نتصور لفظ الفيزياء كما لو كان هو الجوهر اعني الوجود الذي فهمه التقليد اللاتيني السكولائي كطبيعة الشيء مع ماهيته أو بتعبير سكولائي مما هو مبدأ الحركة والسكون,وقد فهم الإغريق ماهية الجوهر كأنه حال الحضور الدائم أي حال الشروع في الخروج من الكمون والدخول في الصيرورة : (وهذا هو المعنى الإغريقي للفظ :parousia حال ظهور الشيء) الذي ليس هو مجرد حضور الوجود ولاهو حصول الموجود الموضوعي عيانا أو تحت اليد. وكلمة logos اللغوس كقول شرح ينتمي الى الفعل الإغريقي legein قد تسهم في ضم الخارج من الكمون وإدراجه في حال حضور الوجود الطبيعي كحال ظهور الشيء parousia عن طريق جعل الأشياء الموجودة تنكشف بارزة بذاتها غير خفية. وفي هذا الموضع أيضا نجد أن لفظ natura في اللاتينية والطبيعة في اللغة العربية لاينقلان على نحو دقيق مضبوط مايدل عليه مقابلهما الإغريقي phusis في أصله,اعني حال الأشياء الجاري عليها النمو والكون والتولد,وكل حال من هذه الأحوال تكون تبعا لكيفيتها ونوعها الفريد.إلا انه تبعا للرواقية السورية والإغريقية,قد يدل مفهوم phusis أيضا على الحياة ونمو الشعور عند سائر الكائنات الحية التي كانت متلائمة التجانس مع طبعها الحقيقي كأصناف صادرة عن النظام الكوني الإلهي. ومن هنا فإن الحديث عن الطبيعة من وجهة نظر دينية.قد يوحي أساسا بفعل الخالق أو الصانع المبدع: artisan demiurge الذي تدبر سننه الكونية سائر المخلوقات تدبيرا إراديا. وقد ألمع ارسطو في كتابه "الفيزياء" الى أن الحقيقة مشبكة مع الوجود,على معنى أن الكون الطبيعي phusis في جوهره شيء حقيقي اعني أن الطبيعة هي انكشاف ماخفي بسبب اقتضائه للحقيقة.وبهذا الاعتبار فإن فيزياء أرسطو قداولت كما لو كانت علم الوجود الطبيعي حيث إن النظر والإدراك الحدسي المباشر يعملان كمنهاج اساسي به نهتم بحقيقة الوجود. وفضلا عن ذلك,فإن الخطة العامة في التقليد اللاتيني المتعلق بالبحث في الأشياء الطبيعية : Do rerum natura كانت قريبة نوعا ما من الأسلوب الذي كانت الأشياء الطبيعة phusis تبحث فيه على نحو كلاسيكي مما هو متعلق بالعبارة الأصلية للفعل الإغريقي نشأ phuo كحال التوالد أو السماح بالدخول في الوجود. وبهذا المعنى فاللفظان الإغريقي phusis واللاتيني يفيدان,على نحو واحد أفعال الكون (التكون) التي ترتبط مع اللفظ اللاتيني النشأة nascor ونصادف هنا علاقة ميتافيزيقية مضادة للطبيعة الطابعة naturers في مقابل الطبيعة المطبوعة natura naturata اعني الطبيعة الخلاقة المبدعة في مقابل الطبيعة المخلوقة.وتتجه الأولى وجهة نظر فيزيائية بينما الأخيرة الى علم الوجود ونفس الشيء ينطبق على الطبيعة الإنسانية اقصد ما إذا كنا نهتم بوجهة نظر أخلاقية وسياسية,وسيكولوجية (النفس في المعنى التقليدي) بطبيعة الإنسان أو من وجهة نظر دينية للإبداع القصصي أو وظائف كون الإنسان رزا وغاية قصوى للوجود غير أننا عندما نحتكم الى الطبيعة الإنسانية بصورة عامة فيجب أن نعترف بأنها تقاوم حصر ماهيتها ضمن أشكال التعاريف الحامدة وتأبى ان توضع لها نماذج مسبقة لماهيتها أو لإمكان التنبؤ بسلوكها. وبهذا المعنى ترتقي الحضارة من ذلك الموقع الذي تسخر فيه الحوافز الطبيعية الغريزية للإنسانية,إن لم تقمع بقوة فرض التوافه الثقافية أو المبادىء الأخلاقية الثانوية المهمشة,وماحدث من تمييز لمفهومي الثقافة والطبيعة مما نشاهده في التفكير وأسلوبه يشبه أن يكون تميزا مقصرا عن أصول النماذج العقلية السابقة لتاريخ الأفكار. وبهذا الاعتبار يمكن أن نفهم كيف أن مجموع الأثر السيكولوجي لكتاب النفس De Anima قد استمر جزءا لايتجزأ من الفيزياء كفلسفة طبيعية cum | |
|