أنواع الأخبار
الأخبار
الأساسية هي في الأساس أخبار اليوم. وهي ما تراه في الصفحة الأولى للجريدة
أو في أعلى صفحة الشبكة الإلكترونية، وما تسمعه في بداية التقرير الإخباري
الإذاعي أو التلفزيوني. فمثلا، الحرب والسياسة والأعمال والجريمة من
مواضيع الأخبار الأساسية المتكررة. والإضراب الذي يعلنه اليوم سائقو
الأوتوبيسات في المدينة والذي يترك آلاف الركاب بدون وسائل نقل للوصول إلى
أماكن عملهم خبر أساسي. وهو خبر تنطبق عليه مواصفات الأهمية من حيث عامل
الزمن وإثارة الجدل ومن حيث تأثيره الكبير وقرب الحدث من مكان وجود القراء
أو المستمعين. ويحتاج المجتمع إلى المعلومات المتعلقة به في الحال لأنه
يؤثر على حياة السكان اليومية.
وفي المقابل فإن نبأ يتعلق ببطل رياضي
عالمي الشهرة نشأ في ملجأ للأيتام هو نبأ ينطبق عليه تعريف الأخبار
الخفيفة. وهو نبأ يشبع فضول الناس ويتعلق بشخص مرموق كما أنه نبأ غير عادي
من المرجح أن يتحدث عنه الناس مع أصدقائهم، إلا أنه لا يوجد سبب ملح لنشره
أو إذاعته في أي يوم معين. وهذا يجعله من مواضيع الأنباء الخاصة. ولدى
الكثير من الصحف ومواقع الأخبار على شبكة الحاسوب أقسام منفصلة لمواضيع
الأنباء الخاصة المتعلقة بأسلوب الحياة والمنزل والأسرة والفنون والترفيه.
وقد تصدر الصحف الكبرى ملاحق أسبوعية لأنواع خاصة من المقالات الصحفية
المتعلقة بالطعام والصحة والتعليم، وما إلى ذلك.
ولا يشكل الموضوع
الأمر الوحيد الذي يميز الأخبار الأساسية عن المقالات الصحفية الخاصة. ففي
معظم الحالات تكتب الأخبار الأساسية والمقالات أو المواضيع الخاصة
بأسلوبين مختلفين. فالأخبار الأساسية تكتب عادة بحيث يحصل الجمهور على أهم
المعلومات بأسرع ما يمكن. أما كتّاب المقالات الصحفية الخاصة فغالباً ما
يبدأون
الموضوع برواية حدث أو مثال يهدف أساسا إلى جذب اهتمام الجمهور، مما يعني
أن الكاتب قد يصرف وقتاً أطول قبل التطرق إلى النقطة الأساسية.
وتجمع
بعض الأخبار بين هذين الأسلوبين. والأخبار التي لا تتأثر بعامل الزمن
ولكنها تركز على قضايا هامة تعرف عادة بـ "المقالات الصحفية الإخبارية".
فالخبر المتعلق بنضال مجتمع ما لمواجهة مرض الإيدز والعيش في ظله - مثلا-
هو مقال صحفي إخباري. أما الخبر المتعلق بعلاج جديد لمرضى الإيدز فهو خبر
أساسي. والمقالات الصحفية الإخبارية وسيلة فعالة لاستكشاف الاتجاهات أو
المشاكل الاجتماعية المعقدة عن طريق رواية أنباء إنسانية فردية عن كيفية
تأثر الناس بها والتعايش معها. (سنبحث هذه الأساليب المختلفة في الكتابة
بمزيد من التفصيل في الفصل 3 "تقديم الخبر").
من أين تنبع الأخبار؟
يجد الصحفيون الأخبار في أماكن كثيرة مختلفة، ولكن معظم الأخبار تنشأ عن واحدة من ثلاث طرق أساسية:
? الأحداث التي تحدث بصورة طبيعية كالكوارث والحوادث.
? الأنشطة المخططة كالاجتماعات والمؤتمرات الصحفية.
? مبادرات وجهود الصحفيين.
كثيرا
ما تصبح الأحداث غير المخطط لها أخبارا رئيسية. فغرق عبّارة أو سقوط طائرة
أو وقوع إعصار تسونامي أو انزلاق أرضي يصبح خبرا هاما ليس فقط وقت حدوثه
ولكن لعدة أيام وأسابيع بعد ذلك في كثير من الأحيان. ويتوقف نطاق التغطية
جزئيا على قرب مكان وقوع الحادث والمتأثرين به. فوقوع حادث سيارة في باريس
تنجم عنه وفيات قد لا يكون خبرا هاما في أي يوم، ولكن حادث سيارة في باريس
في العام 1997 كان خبرا هاما جدا ليس في فرنسا وحسب بل وفي سائر أنحاء
العالم أيضاً لأن الأميرة البريطانية ديانا كانت بين ضحاياه.
والمواطنون
الذين يشاهدون كارثة ما كثيرا ما يتصلون بمنظمة إخبارية. ويعلم الصحفيون
أيضا بهذه الأحداث من المستجيبين الأوائل من عمال النجدة: قوات الشرطة
ورجال الإطفاء والمسؤولون عن الإغاثة والإنقاذ. ويمكن للمنظمات الإخبارية
في بعض الدول مراقبة الاتصالات المتعلقة بحالات الطوارئ بين المستجيبين
الأوائل من عمال الإنقاذ والنجدة وإرسال صحفيين إلى مواقع الأحداث بسرعة
لكي يتابعوا التطورات بأنفسهم.
وأكثر مصادر الأخبار وضوحاً في كثير
من مكاتب التحرير هو الجدول اليومي للأحداث في المدينة، الذي يتضمن
اجتماعات الحكومة وافتتاح الأماكن التجارية ونشاطات المجتمع المحلي. وفي
حين أن قائمة النشاطات هذه التي تدعى في الكثير من الأحيان "الكتاب
اليومي" ليست أنباء جديرة بالنشر بصورة أوتوماتيكية، إلا أنها توفر نقطة
بداية جيدة ينطلق منها الصحفيون الباحثون عن الأخبار. ويقول الصحفيون
الذين يتابعون تغطية أنواع معينة من القضايا أو المؤسسات، والمعروفون أيضا
بالصحفيين المتخصصين بمجالات معينة، إنهم كثيرا ما يحصلون على الأفكار
لتغطية خبر ما من خلال إلقاء نظرة على جداول الاجتماعات المقبلة.
ويمكن
للبيانات الصحفية أن تشكل مصدرا آخر للأخبار، ولكنها هي أيضاً ليست سوى
نقطة انطلاق. وتصل إلى مكاتب التحرير عشرات البيانات الصحفية كل يوم عن
طريق البريد أو الفاكس أو حتى أشرطة الفيديو عن طريق الأقمار الصناعية.
ويصدر المسؤولون الحكوميون والوكالات الحكومية الكثير من هذه البيانات
الصحفية، ولكن المنظمات الكبيرة الأخرى كالشركات الخاصة والمؤسسات غير
الربحية تصدر هي أيضا بيانات صحفية لإطلاع وسائل الإعلام على أنشطتها
وأعمالها. وفي حين أن البيان الصحفي قد يكون مشابهاً للنبأ الإخباري إلا
أنه من غير المرجح أن يقدم خبراً متكاملاً من جميع النواحي نظراً لكونه
صادراً عن جهة لها مصلحة شخصية بالموضوع. فقد تكون البيانات الصحفية دقيقة
من ناحية صحة الحقائق التي تتضمنها، ولكنها تتضمن عادة فقط تلك الحقائق
التي تقدم صورة إيجابية عن الشخص أو المنظمة المرتبطة بالبيان الصحفي.
وحتى عندما يبدو البيان الصحفي جديراً بأن يصبح خبراً يتعين على الصحفي
المحترف أن يتحقق أولاً من صحته، ثم يبدأ بطرح الأسئلة لتحديد الخبر
الفعلي قبل أن يقرر ما إذا كان جديرا بإصداره كخبر.
والأحداث المعدّة
مسبقا كالمظاهرات يمكن أن تسفر عن أخبار، إلا أنه يتعين على الصحفيين أن
يتوخوا الحذر لكي لا يستغلهم منظمو المظاهرات الذين يبغون عرض وجهة نظرهم
فقط في ما يتعلق بالقضية. وقد أصبح السياسيون بارعين في تنظيم نشاطات
و"فرص التقاط الصور" لجذب التغطية لنشاطاتهم، حتى عندما تخلو من أي قيمة
إخبارية حقيقية. وهذا لا يعني أنه ينبغي على الصحفيين تجاهل هذه الأحداث،
ولكنهم يحتاجون إلى جمع وتقديم مزيد من المعلومات لتغطية الخبر كاملا.
ويقول
معظم الصحفيين إن أفضل تقاريرهم الإخبارية تأتي نتيجة مبادراتهم وجهودهم
الشخصية. وتأتي الاقتراحات المتعلقة بالأخبار أحيانا من غرباء، ممن قد
يزورون مكتب التحرير أو يجرون اتصالات هاتفية أو يرسلون رسائل عبر
الإنترنت للشكوى أو التعبير عن قلقهم أو اهتمامهم. وتسعى بعض المؤسسات
الصحفية بنشاط للحصول على أفكار من الناس الذين يعيشون في المجتمعات التي
تخدمها عن طريق توفير رقم تليفون أو عنوان إلكتروني لتقديم الاقتراحات.
ويمضي الصحفيون الكثير من الوقت في إقامة علاقات مع الأشخاص الذين يمكن أن
يزودوهم بالمعلومات. (سنبحث إقامة العلاقات مع المصادر في الفصل 2 "الحصول
على الخبر").
وكثيرا ما يعثر الصحفيون على الخبر الذي سيدور حوله
تقريرهم من مجرد الالتفات إلى ما يدور حولهم والإصغاء إلى أحاديث الناس.
وقد يتحول ما تسمعه في حدث رياضي أو أثناء وقوفك في الطابور في مكتب
البريد إلى موضوع إخباري. اسأل الأشخاص الذين تلتقي بهم خارج تأديتك لعملك
عما يجري في حياتهم أو في أحيائهم وقد تعثر على قصة إخبارية لم يقم أي شخص
آخر بتغطيتها.
وهناك طريقة أخرى للعثور على الأخبار وهي السؤال عما
حدث منذ آخر مرة نشر فيها خبر ما في الجريدة أو تم بثه على الهواء. وكثيرا
ما تقود المتابعة إلى تطورات مفاجئة تكون أكثر أهمية من الناحية الإخبارية
من النبأ الأصلي. فمثلا، قد يطلعك نبأ عن حريق في اليوم الذي يلي وقوعه
على عدد الأشخاص الذين راحوا ضحيته ومدى الأضرار التي سببها. إلا أن
المتابعة بعد عدة أسابيع قد تكشف أن خللا في الاتصال اللاسلكي جعل من
المستحيل على رجال الإطفاء الاستجابة بسرعة كافية لإنقاذ مزيد من الأرواح.
وقد تؤدي الوثائق والبيانات والسجلات العامة إلى أنباء هامة أيضا. ذلك
أنه يمكن للصحفيين استخدامها للبحث عن الاتجاهات العامة أو لاكتشاف
مخالفات. ويتطلب هذا النوع من العمل جهداً أكبر، ولكن النتائج تكون دائما
تقريبا جديرة بذلك المجهود. ويكون الأمر أسهل بكثير بالطبع حين تكون
البيانات متوفرة بالوسائل الإلكترونية، ولكن من المعروف عن الصحفيين أنهم
يدخلون البيانات من سجلات الصحف إلى برامج قاعدة بيانات الحاسوب لكي
يتمكنوا من البحث عن أهم المعلومات الواردة في كم هائل من الإحصاءات.
فمثلا، قد تؤدي قائمة بأسماء الأشخاص الذين ضبطوا يقودون سياراتهم
متجاوزين حد السرعة القصوى إلى قصة إخبارية إذا تم تصنيفها بالاسم بدلا من
التاريخ. وقد كانت هذه هي الطريقة التي تمكنت من خلالها المراسلة
التلفزيونية نانسي إيمونز من اكتشاف أن سائقا في مدينتها ضبط مخالفاً
لقوانين السير اثنتي عشرة مرة خلال ثلاث سنوات وسبّب حادثا أدى إلى مقتل
سائق آخر دون أن يفقد رخصة القيادة. وعندما حققت في الموضوع اعترف
المسؤولون في مدينتها بأنهم أخفقوا في أداء واجبهم.
عن كتاب دليل الصحافة المستقلة ? ديبورا بوتر