سياسة الصحيفة

سياسة الصحيفة
بقلم علي دنيف حسن

يمكن
تعريف السياسة بشكل مبسط على أنها رؤية وموقف وسلوك تجاه القضايا
والمشكلات المختلفة . ولأن الصحيفة كمؤسسة تخاطب جمهورها عبر مجموعة من
الأخبار والمعلومات والأفكار والآراء بشكل دوري ، فمن المحتم أنها ستفاضل
بين ما تقدمه استنادا لما تؤمن به من رؤى وتصورات وذلك الذي لا تراه
مناسبا ، ويرى توماس بيري أن سياسة الصحيفة هي " الوجهة التي تختار
الصحيفة إتباعها في إجابتها عن سؤالين بالغي الأهمية هما : ماذا ستنشر ؟
وكيف ستنشر ما تنشر ؟ " بمعنى إنها ستكرس نفسها لنشر ما تعتبره جديرا
بالنشر وفقا لقناعاتها فقط . فهي " مؤسسة مملوكة ملكية خاصة . ومن حق
صاحبها أن يدير دفتها حسبما يرى، لتحقيق ما وضعه نصب عينيه من أغراض يرجو
من ورائها كسبا ماليا أو سياسيا أو اجتماعيا أو غير ذلك.
فتستطيع
الجريدة إذن أن تروج للمبادئ السياسية التي يدين بها صاحبها أو أصدقاؤه ،
أو تروج لأية مصلحة خاصة ينشدها ناشروها " . كما أن الاختلاف الذي نراه
بين الصحف في أساليب التحرير والإخراج إنما يعود بالأساس إلى اختلاف
سياسات الصحف عن بعضها البعض . فـ " لكل جريدة سياسة ، سواء اعترفت بذلك
أم لم تعترف .


وقد تظهر سياسة الجريدة في تحريفها للموضوعات الإخبارية ، أو في
إهمالها لقصص معينة . ولكن وفقا لما يقوله الباحث وارين بريد : "تبقى
سياسة الجريدة عادة خفية غير ظاهرة بسبب التقاليد الصحفية الأخلاقية " .
وتنعكس
سياسة الصحيفة بالتالي على القيم الإخبارية . فالخبر الذي يعد في هذه
الصحيفة خبرا مهما يجب إبرازه في الصفحة الأولى ، قد تضعه صحيفة أخرى في
أسفل إحدى صفحاتها الداخلية وبشكل موجز ، إن لم تلقه في سلة المهملات . "
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن القيم الإخبارية الأساسية هي واحدة عند
الصحفيين المحترفين في العالم الغربي وفي دول العالم الثالث ، ولكن كتاب
الأخبار والمحررين في الدول النامية تحكمهم عوامل ثقافية وسياسية
واجتماعية واقتصادية تجعل نظرتهم للقيم الإخبارية تختلف عن غيرها في ضوء
النظام السياسي والإعلامي الذي يعيشون في ظله " .
وعلى الرغم من أن
الصحف بشكل عام لا تعلن عن سياساتها ، فهي لا تصدر لمحرريها تعليمات
مكتوبة عن محددات تلك السياسة ، إلا أن المحررين ، لاسيما المحترفون ،
يدركون سياسة أية صحيفة حتى قبل عملهم فيها . أما بقية المحررين فيتعلمون
سياسة الصحيفة عن طريق :
1 - التطبيع والتنشئة عبر الاستمرار بالعمل اليومي .
2
? غالبا ما يفرض على المحررين قراءة الصحيفة التي يعملون فيها يوميا .
وهذا ما يدفعهم لتقليد ما يكتب فيها ليس على مستوى الأسلوب فقط ، بل على
مستوى تحديد المواقف والاتجاهات .
3 ? التوجيه الشفهي الذي يتلقاه المحررون ممن هم أقدم منهم في قسم التحرير .
ويجد اغلب المحررين أنفسهم منصاعين لتطبيق سياسة الجريدة لعدة أسباب أبرزها :
- الحفاظ على الوظيفة .
- تجنب التوبيخ والإنذار والعقاب .
- الرغبة في الحصول على ثواب أو امتياز أو منصب وظيفي أعلى .
أما بالنسبة للصحيفة فإن تمسكها بسياستها يساعدها على :
- الحفاظ على جمهور خاص ومعين .
- الحفاظ على شخصية الصحيفة المميزة .
- إصدار الصحيفة من دون أية مشاكل .
ويمكن معرفة سياسة الصحيفة في ضوء :
- ما تكتبه في (ترويستها) الرئيسة كأن تكتب جريدة مستقلة أو ناطقة باسم حزب أو مؤسسة أو أي كيان آخر .
- ما تروج له من أفكار واتجاهات في كلماتها الافتتاحية وما تنشره من صور ورسوم كاريكاتيرية .
- ما تحاول إبرازه أو إهماله من أخبار وتقارير .
وتعد
سياسة الصحيفة من العوامل المهمة التي تصنع بمرور الوقت شخصية الصحيفة
وسماتها وملامحها العامة فضلا عن أسلوبها الإخراجي وطبيعة الجمهور الذي
تتوجه إليه .
أما الفئات التي تقوم بتنفيذ سياسة الصحيفة فهم جميع
العاملين في أقسام الصحيفة ويكون رئيس التحرير هو القائد والموجه للسياسة
بشكل عام ، فيما يقوم رؤساء الأقسام ومسؤولو الصفحات بتنفيذ السياسة كل
بحسب ما يتمتع به من نفوذ وصلاحيات .
عن كتاب " ادارة الأولويات في تحرير الخبر الصحفي ) لكاتب الموضوع