[center]
[center]
عمر بن عبد
العزيز رضي الله عنه
أبا حفص
خامس الخلفاء الراشدين
رجل قتلته خشية الله تبارك وتعالى
99 - 101
هجرية
قال هشام بن حسان عن خالد
الربعي:قرأت في التوراة أن خشية الله تقتل عمر بن عبد
العزيز، وأنّ السماء تبكي عليه أربعينصباحا.وفي
رواية أربعين سنة.
قال الامام احمد بن حنبل رحمه
الله: اذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز، ويذكر
محاسنه وينشرها، فاعلم أنّ من وراء ذلك خيرا، انشاء الله.
انّ الحمد لله رب العالمين،
نحمده سبحانه وتعالى ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي
له، قل أمر ربي بالقسط، واقيمو وجوهكم عند كل مسجد،
وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون* فريقا هدى وفريقا حقّ عليهم
الضلالة، انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون،
وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له،شهادة حق وصدق وعدل، وأصلي
وأسلم وأبارك على خير البريّة، من أرسله الله هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا
الى الله باذنه وسراجا منيرا، الرحمة المهداة والنعمة المسداة صلوات ربي
وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون وما غفل عن ذكره الغافلون وبعدو
فانّ الحديث عن الرعيل الأول من
السلف الصالح جدير بالاهتمام، فهم الذين حملوا
لواء الدعوة بكل صدق وأمانة،
فتحملوا في نشرها أصعب المهام، وسلكوا في سبيلها أوعر الطرق، وبذلوا فيها
النفس والنفيس أرواحهم ونفوسهم فرضي الله عنهم ورضوا عنه.
وكان الجيل الذي أتى بعد جيل
الصحابة رضوان الله تعالى عنهم، هم الذين تأسوا بهم وساروا على نهجهم
ومنوالهم وتقفوا أثرهم وخطاهم ومشوا على دربهم، وكان صاحب سيرتنا العطرة
عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه من هؤلاء الذين اتبعوا طريق
الصحابةو والذي سأوزرد سيرته ومناقبه بين سطور هذا البحث الذي من فاته فقد
فاته الخير الكثير، لما فيه من دروس مسيفادة تنفعنا في الدنيا لنعبر منها
الآخرة على جسر العدل والتقوى والخشية من الله، تلك العوامل الثلاثة التي
تأصلت في هذا الرجل حتى باتت عنوانا يردده الأجيال من بعده، وذلك من سار
على نهج جده عمربن الخطاب والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان
بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب، فرضي الله عن الحفيد وعن الجد وجمعنا الله
بهما وبصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مستقر رحمته في عباده
الصالحين على سرر متقابلين مع الحبيب المصطفى رسول الله صلى الله عليه
وسلم، اللهم اجزه صلى الله عليه وسلم الجزاء الأوفى بخير ما جزيت به نبيا
عن أمة.
انّ عمر بن عبد العزيز رضي الله
عنه ضرب أروع الأمثلة في الزهد والورع والتقوى، وشدة الخوف من الله تبارك
وتعالى مقتفيا أثر جده الفاروق رضي الله عنهما، لدرجة أنه كان يحاسب نفسه
قبل أن يحاسب عمّاله خوفا من التقصير في مهام الامارة والولاية على
المسلمين واضعا نصب عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: انها لأمارة وانها
يوم القيامة لندامة الا من أخذها بحقها، وقوله عليه الصلاة والسلام: من أمّر ( بضم الألف وكسر الميم
مع تشديدها وفتح الراء) على عشرة (أي أشخاص) جاء يوم القيامة
ويداه مغلولتان الى عنقه لا يفكهما الا عدله.
وهو رضي الله عنه الذي كان
حريصا كل الحرص على ردّ المظالم الى أهلها حتى وان كانت في يده مظلمة لأحد
أمراء بني أمية السابقين، ، ولأنه رضي الله عنه كان واضعا نصب عينيه مرضاة
الله فقد كان لا يخاف في الله لومة لائم.
اذا كان رضي الله عنه يستمع
لنصائح ابنه وعظاته له ويقول: الحمد لله أن جعل من صلبي من يذكر الله، كان
كثيرا ما يذكّر الابن أباه عندما يسّوف في أمر ما ويقول له: من أين لك أن
تعيش الى الظهر يا أبتاه! فهل لو كان لنا أبناء تذكرنا بما كان عبد الملك
بن عمر رضي الله عنهما يذكّر أباه فيه لوصل حال أبناءنا ما وصلوا اليه؟
أناس صدقوا الله فصدقهم الله، صدقوا العهد والوعد مع الله تبارك وتعالى
ولأنهم رضي الله عنهم كانوا أصحاب هذه الآية الكريمة: من
المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من
ينتظر وما بدّلوا تبديلا
قد رضي الله عنهم ورضوا عنه.
والآن تعالوا بنا نتصفح سيرة
هذا الرجل العطرة، وما أحوجنا الى أمثاله في هذاالزمان، فرضي الله تعالى
عنه وأرضاه وجعلنا جميعا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
والآن مع مناقب أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وما يحويه الكثير الكثير من سجاياه
وصفاته الطيبّة، والتي اهلته وبحق لأن يكون خامس الخلفاء الراشدون.
نفعنا الله الكريم بسيرته
العطرة، وحشرنا الله تعالى واياكم تحت لواء سيد المرسلين محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم، وفي زمرة الصادقين العاملين المخلصين في عبادتهم لله
تبارك وتعالى، ذلكم الله ربكم، فتبارك الله رب
العالمين* هو الحيّ لا الا هو فادعوه مخلصين له الدين، الحمد لله ربّ
العالمين (غافر 64)
مولده ونسبه رضي الله عنه
هو ابن عبد العزيز بن مروان بن
عبد الملك من خلفاء بني أمية، وعندما عزم أبوه على الزواج قال لقيّمه: اجمع
لي 400 دينار من طيب مالي، فاني أريد أن أتزوّج الى ابنة أهل بيت لهم
صلاح، ولأنّ المرء يرزق بنيته فقد ساق الله تبارك وتعالى اليه ليلى بنت
عاصم بن عمر بن الخطاب، وأمها ابنة الأعرابية بائعة اللبن التي مرّت قصتها
في سيرة جده الفاروق رضي الله عنهم، وأنجبت له عمر بن
عبد العزيز في مدينة حلوان بمصر في السنة ال 63 للهجرة وهو نفس
العام الذي توفيت فيه أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها زوج
النبي صلى الله عليه وسلم.
نشأته
رضي الله عنه
نشا في أسرة غنية وثرية
وحاكمة،وكما يقول المثل: ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وبعدما كبر وترعرع
واشتد عوده أرسله أبوه رحمه الله الى المدينة المنورة كي يتلقى من علماءها
العلم الديني، ولأنّ أبوه رحمه الله كان رجلا صالحا وحريصا على ابنه بأن
يحصل على العلم من مناهله ومصادره الأصلية، فقد وفقه الله تعالى ، وفقهه في
الدين ، فتفقه على يد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة،
وصالح بن كيسان رحمهما الله، وبناء على رغبة
أبيه فقد كان هذين الرجلين شديدين على عمر، ولأنّ الأب صادق النيّة فقد حقق
الله تعالى حلمه في ابنه، فارتقى سلم العلم وجمع القرآن الكريم وحفظه
كاملا وهو لا زال في ريعان الشباب، وفي سن مبكرة جدا زرع الله في قلب عمر
حب مجالسة اهل العلم والصلاح والاستماع اليهم، فكان يسمع كل نصيحة تقدّم
اليه بسعة صدر ويعمل بها، ولأنه رضي الله عنه يبحث عن العلم والفضيلة فقد
زرع الله تعالى حبه في صدور الصالحين، فصار يجالس العلماء ويقتفي آثارهم
حتى بات وفي فترة وجيزة واحدا منهم.
لقد سمع من محمد
بن كعب القرظي رحمه الله حديثا مرويا عن ابن
عباس رضي الله عنهما فأعجبه، وطلب منه أن يعيده على مسامعه مرات
ومرات، وهذا نصّه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انّ
من أشرف المجالس ما استقبل القبلة، ولا تصلوا خلف النائم والمحدث، ولا
تستروا الجدر بالثياب، واقتلوا الحيّة والعقرب وان كنتم في صلاتكم. وعنه رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله
عليه وسلم : من سرّه أن يكون أقوى الناس فليتوكل على
الله عزّوجل، ومن سرّه أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سرّه أن يكون
أغنى الناس فليكتف برزق الله.
شرار الأمة
عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بشراركم؟ قلنا:
بلى يا رسول الله! قال: الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويجلد عبده. ثم قال صلى
الله عليه وسلم: ألا انبئكم بشرّ من هذا؟
قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الذي يبغض الناس
ويبغضونه. ثم قال عليه الصلاة والسلام: ألا
انبئكم بشرّ من هذا؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الذين لا يقيلون عثرة، ولا يغفرون ذنبا، ولا يقبلون معذرة. ثم
قال عليه الصلاة والسلام: ألا أنبئكم بشرّ من هذا؟
قلنا: بلى يا رسول الله! قال: من خيف شرّه ولم يرج
خيره، انّ عيسى بن مريم قام في بني اسرائيل
فقال: يا بني اسرائيل! لا تكلموا بالحكمة عند
الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تظالموا بينكم، ولا
تعاقبوا ظالما بظلمه فيبطل فضلكم، انما الأمور ثلاثة: أمر تبيّن لكم رشده
فاتبعه، وأمر تبيّن لك غيّه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فردّه الى الله تعالى
عزّوجل.
وصفه
رضي الله عنه
قبل توليه الخلافة كان شابا
غليظا ممتلىء الجسم، يعيش حياة الأمراء، وبعد أن تولى الخلافة، بات رقيق
الوجه، نحيل الجسم، غائر العينين.
يقول محمد
بن كعب القرظي رحمه الله، عهدت عمر بن عبد العزيز، وهو أميرا علينا
بالمدينة للوليد بن عبد الملك، وهو شاب غليظا
ممتلىء الجسم، فلما استخلف أتيته ب خناصرة، فدخلت
عليه وقد قاسى ما قاسى، واذا هو قد تغيّرت حاله عما كان، فجعلت أنظر اليه
نظرا لا أكاد أصرف نظري عنه، فقال: انك لتنظر اليّ نظرا
ما كنت تنظره اليّ من قبل يا ابن كعب، فقلت: تعجبني، قال: وما
أعجبك؟ قلت: لما حال من لونك، ونفى من شعرك، ونحل من جسمك، فقال: فكيف لو رأيتني يا ابن كعب في قبري بعد ثلاثة، حين تقع حدقتي من وجنتي، ويسيل منخري وفمي صديدا ودودا، كنت
لي أشد لي نكرة، ثم قال: أعد عليّ حديثا حدثتنيه
عن ابن عباس.
أسرته رضي الله عنه
كان رضي الله عنه لديه من
الآبناء عشرة ابنا وابنة من أربع نسوة هنّ زوجاته رحمهم الله جميعا، ثلاثة
عشر ذكرا، وثلاثة اناث.
- اسحق.. يعقوب.. وموسى، وامهم فاطمة بنت عبد الملك بن مروان.
- عبد الله.. بكر.. وأم عمار
وأمهم لميس بنت علي بن الحارث.
- ابراهيم وأمه أم عثمان بنت شعيب بن زيان.
- عبد الملك ..الوليد ..عاصم
..يزيد ..عبد الله ..عبد العزيز ..زيان ..أمينة وأم عبد الله وأمهم أم ولد.
لقاءه رضي الله عنه بالخضر عليه السلام
عن رباح بن
عبيدة رحمه الله قال: رايت عمر بن عبد العزيز وهو أمير على المدينة
وشيخ متوكىء على يده، فلما صلى ودخل تبعته وقلت: اصلح الله الأمير، من
الشيخ الذي كان متوكئا على يديك؟ قال: أفرأيته يا رباح؟
قلت: نعم! قال: اني لأراك رجلا صالحا يا رباح، ذلك
أخي الخضر عليه السلام، أتاني فاأعلمني أني سألي الأمر وأني سأعدل فيه.
عمر رضي الله عنه في التوراة
عن خالد
الربعي رحمه الله قال: مكتوب في التوراة أنّ السماء تبكي على عمر بن
عبد العزيز أربعين صباحا.
وقالت مالك
بن دينار رحمه الله: قرأت في التوراة أن عمر بن عبد العزيز صدّيق.
وقال ابن
لهيعة رحمه الله: وجدنا في بعض الكتب أن عمر بن عبد العزيز تقتله خشية الله، وانا نجده من أئمة
العدل بموضع رجب من الأشهر الحرم.
روايته رضي الله عنه للحديث الشريف
كان رحمه الله ولوعا بأحاديث
النبي صلى الله عليه وسلم، وكان اذا سمع حديثا عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يستحلف الراوي عن صحته، وقد كان يروي أحاديث النبي صلى الله عليه
وسلم ممّن عاصرهم امثال أنس بن مالك، ومحمد بن كعب القرظي، وعبد الله بن المبارك وسفيان الثوري،
وممن لم يعاصرهم أمثال أمهات المؤمنين رضي
الله عنهنّ، وابن عباس وأبو هريرة وعروة بن الزبير
وعبد الله ابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم جميعا.
فعن عمر بن العزيز رضي الله
عنه: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: لتأمرنّ بالمعروف وتنهونّ عن المنكر، أو
ليسلطنّ الله عليكم عدوا من غيركم ثم تدعونه فلا يستجيب لكم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان
الله تبارك وتعالى يحب الشاب الذي يفني شبابه في عبادة الله، ويحب الامام
المقسط، وأجره أجر من يقوم ستين عاما يصوم نهاره ويقوم ليله.
وعن عبد الله بن جعفر بن أبي
طالب رضي الله عنهم قال: سمعت أسماء بنت عميس (زوجة أبي بكر رضي الله
عنهما) تقول: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة الكرب، قال: اذا نزل بك كرب فقولي: الله الله ربي لا أشرك بك شيئا.
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله
عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انه لم
يمت نبي حتى يصلي وراء رجل صالح من أمته.
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في
الحجرة، يفرق بين الشفع والوتر، أسمع تسليمه وأنا في البيت.
وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن
أسامة بن زيد رضي الله عنهم قال: ذكر الطاعون عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: انه رجس أو رجز، عذبت به أمة من الأمم،
وقد بقيت منه بقايا، فاذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها، واذا وقع وأنتم بأرض
فلا تهربوا منها.
حديثا نبويا
شريفا أعجبه رضي الله عنه
عن أبي بردة رحمه الله قال:
رفدنا الى الوليد بن عبد الملك، وكان الذي يقبل
في حوائجي عمر بن عبد العزيز، فلما قضيت حوائجي أتيته فودعته، وسلمت عليه،
ثم نهضت فذكرت حديثا حدثني به أبي، سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأحببت أن أحدثك به لما أوليتني، قال: وما هو؟ قلت: حدثني أبي فقال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اذا كان يوم
القيامة، مثل لكل قوم ماكانوا يعبدون في الدنيا، ويبقى أهل التوحيد، فيقال
لهم: ما تنتظرون وقد ذهب الناس؟ فيقولون: انّ لنا ربا كنا نعبده في الدنيا
لم نره، قال: وتعرفونه اذا رأيتموه؟ فيقولون: نعم! فيقال لهم: وكيف تعرفونه
ولم تروه؟ قالوا: انه لا شبيه له، فيكشف لهم الحجاب، فينظرون الى الله
تبارك وتعالى، فيخرون له سجدا، وبقي أقوام في ظهورهم مثل صياصي البقر،
فيريدون السجود فلا يستطيعون، فذلك قوله تبارك وتعالى: يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون فيقول الله عزّوجل: عبادي!
ارفعوا رؤوسكم، فقد جعلت بدل كل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار.
فقال رضي الله عنه: الله الذي لا اله الا هو، يحدثك أبوك هذا الحديث سمعه من
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فحلفت له ثلاثة أيمان على ذلك، فقال:
ما سمعت من أهل التوحيد هو أحبّ اليّ من هذا الحديث.
صلاته كانت أشبه بصلاة النبي صلى الله
عليه وسلم
الصحابي الجليل وخادم النبي
عليه الصلاة والسلام أنس بن مالك رضي الله عنه كان ممّن أدرك زمن عمر بن
عبد العزيز رضي الله عنه وهو غلاما يتلقى تعليمه في المدينة المنورة، وذات
مرة صلى أنس خلف عمر بن عبد العزيز واقتدى به مأموما، وماأن انتهت الصلاة
حتى قال أنس رضي الله عنه: ما رأيت أحدا أشبه صلاة
برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام، فحررنا عشر تسبيحات في ركوعه
وعشرا في سجوده.
سعة علمه
رضي الله عنه
كان رضي الله عنه واسع العلم،
حتى أنه سبق بعلمه علماء عصره، وقد اكتسب هذه الموهبة في سن مبكرة، وقد شهد
له بذلك علماء عصره، منهم ميمون بن مهران رحمه
الله فقال: اتينا عمر فظننا انه يحتاج لعلمنا فوجد نا أنفسنا تلاميذ عنده،
وقال: ما كان العلماء عند عمر الا تلامذة.
وقد اجتمع نفر من علماء أهل
الشام وعلماء اهل الحجاز وسألوه عن معنى التناوش في قوله تعالى: وأنّى لهم التناوش من مكان بعيد فقال رضي الله عنه:
سألتم عن التناوش وهي التوبة طلبوها حين لم
يقدروا عليها.
لا يخاف في
الله لومة لائم
كتب عمر رضي الله عنه كتابا الى
عمه عبد الملك بن مروان جاء فيه:
أما بعد،
فانك راع وكل راع مسؤول عن رعيته، حدثنيه انس بن مالك انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل راع مسؤول عن رعيته، الله
لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله
حديثا، فغضب عبد الملك حين بدأ باسمه، ولم يهدأ ويسكن غضبه الا
بعدما قيل له انه كان يفعل ذلك مع من كان قبلك، ثم قال رضي الله عنه يصف
الحكام وولاة الأمور بالظلم فقال: الوليد بن عبد الملك
بالشام، والحجاج بالعراق، ومحمد بن يوسف باليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز،
وقرة بن شريك بمصر وامتلأت الأرض والله جورا.
دخل رضي الله عنه ذات يوم على
سليمان بن عبد الملك وعنده ولي عهده ابنه أيوب، فجاء رجل يطلب ميراثا من
بعض نساء الخلفاء، فقال سليمان: ما أخال النساء يرثن في العقار شيئا، فقال
رضي الله عنه سبحان الله! وأين كتاب الله؟ فقال: يا غلام! اذهب فاتني بسجل
عبد الملك بن مروان الذي كتب في ذلك، فقال له رضي الله عنه: لكأنك أرسلت
الى المصحف! فقال أيوب: اذا أفضى الأمر اليك والى مثلك فما يدخل على أولئك
أشد ما خشيت أن يصيبه من هذا، فقال سليمان لابنه: مه! لأبي حفص تقول هذا؟
فقال رضي الله عنه: والله لئن جهل علينا يا امير المؤمنين ما حلمنا عنه.
وذات يوم كان رضي الله عنه عند
سليمان في منزله فقال له: حق هذه المرأة ألا تدفعه اليها؟ قال: وأي امرأة؟
قال رضي الله عنه: فاطمة بنت عبد الملك ، فقال سليمان: أو ما علمت وصية
أمير المؤمنين عبد الملك؟ قم يا فلان فأتني بكتاب امير المؤمنين- وكان قد كتب أنه ليس للبنات شيء- فقال له رضي الله عنه:
الى المصحف أرسلته؟ فقال أيوب بن سليمان: ما يزال مني رجال يعيبون كتب
الخلفاء، مرهم حتى تضرب وجوهمم، فقال رضي الله عنه: اذا كان هذا الأمر اليك
من ضرب وجهه، فغضب عند ذلك سليمان فسبّ ابنه وقال: أتستقبل أبا حفص بهذا؟
فقال رضي الله عنه: ان كان عجل علينا فقد استوفينا.
خير أهل
الأرض رضي الله عنه
* قال محمد بن كعب القرظي عن
العباس بن راشد رحمهم الله قال: نزل عمر بن عبد العزيز منزلا، فلما رحل،
قال لي مولاي: أخرج معه فشيّعه، فخرجت معه، فمررنا بواد فاذا نحن بحية ميتة
على الطريق، فنزل عمر فنحاها وواراها، ثم ركب وسرنا، فاذا نحن بهاتف يهتف
ويقول: يا خرقاء! يا خرقاء! الحية التي دفنتم مكان كذا وكذا، فاني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها يوما: يا خرقاء! تموتين بفلاة من
الأرض، يدفنك خير مؤمن أهل الأرض يومئذ، فقال عمر رضي الله عنه : من أنت يرحمك الله؟
قال: أنا من التسعة الذين
بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوادي، فقال عمر: اللهّ ! لأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟
قال: الله! اني سمعت هذا من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدمعت عيناه وبكى حتى كاد يسقط عن راحلته،
ثم قال: يا راشد أنشدك الله لا تخبر بهذا أحدا حتى
يواريني التراب.
وفي رواية أخرى ، عن يوسف بن
الحكم رحمه الله قال: بينما عمر بن عبد العزيز يسير على بغلته ومعه ناس من
أصحابه، اذ هو بجان ميّت على قارعة الطريق، فنزل عمر فعدل به عن الطريق، ثم
حفر له فدفنه ووراه، وبعدما مضى واذ هو بصوت عال يسمعونه ولا يرونه يقول:
ليهنك البشارة من الله يا أمير المؤمنين! أنا وصاحبي هذا الذي دفنته آنفا
من النفر من الجن الذين قال عزوجل فيهم: واذا صرفنا
اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن وانا لما أسلمنا وآمنا بالله
ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبي هذا: أما انك ستموت في
أرض غربة، يدفنك فيها يومئذ خير أهل الأرض.
توليه رضي الله عنه للخلافة
كان أمير المؤمنين سليمان بن
عبد الملك شابا وسيما حسن الوجه، وذات يوم جمعة وهو يهيأ نفسه للخروج الى
صلاة الجمعة ليؤم بالناس، وقف أمام المرآة فأعجب بنفسه وقال: انا الشاب
الملك، وخرج، وفي المسجد أصابته رعدة الحمى فحملوه محمولا محموما الى
البيت، وبعد أن اشتدت عليه الحمى استخلف عمر بن عبد العزيز ومن بعد عمر
أخيه يزيد، ومات في مرج دابق في يوم جمعة لعشر أيام خلون من صفر سنة 99
هجرية.
يقول رجاء بن
حيوة رحمه الله في ذلك: لبس سليمان بن عبد الملك ثيابا خضرا من خز،
ونظر في المرآة فقال: أنا والله الملك الشاب، فخرج الى الصلاة يصلي بالناس
الجمعة، فلم يرجع حتى وعك، فلما ثقل كتب كتاب عهده الى ابنه أيوب، وهو
غلام لم يبلغ بعد، فقلت له: ما تصنع يا أمير المؤمنين؟ انه مما يحفظ به
الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح، فقال: كتاب أستخير فيه، وانظر ولم
أعزم عليه، فمكث يوما أو يومين ثم خرقه، ثم دعاني فقال: ما ترى في داوود
بن سليمان؟ فقلت هو غائب بقسطنطينية، وأنت لا تدري أحيّ هو أم ميّت، قال:
يا رجاء فمن ترى؟ فقلت: رأيك يا أمير المؤمنين، وأنا أريد أن انظر من تذكر،
فقال: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ فقلت: أعلمه والله فاضلا خيارا
مسلما، قال: هو والله ذلك، ولئن وليته ولم أولي أحدا من ولد عبد الملك
لتكوننّ فتنة، ولا يتركونه أبدا يلي عليهم الا أن اجعل احدهم بعده، ويزيد
بن عبد الملك يومئذ غائب على الموسم، ثم قال فأجعل يزيد بن عبد الملك بعده
ثم فتب بيده: بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من
عبد الله سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز، اني
وليته الخلافة بعدي، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا وأطيعوا، واتقوا
الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم.
قال رجاء ودخلت على سليمان وهو
يموت، فجعلت كلما أخذته سكرة من سكرات الموت حرفته الى القبلة، فجعل يقول:
لم يأن بعد يا رجاء، حتى اذا فعلت ذلك مرتين، فلما كانت الثالثة قال: من
الآن يا رجاء، ان كنت تريد شيئا، أشهد أن لا اله الا
الله، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، فحرفته فمات، فلما غمضته، سجيته
بقطيفة خضراء، وأغلقت الباب، وأرسلت الى زوجته وقالت: كيف أصبح، فقلت: نام
وقد تغطى، فنظر الرسول اليه فوجده مغطى، فرجع فأخبرها فقبلت، واجلست على
الباب من اثق به وأوصيته أن لا يريم حتى آتيه، ولا يدخل على الخليفة احدا،
فخرجت فأرسلت الى كعب بن جابر، فجمع أهل بيت أمير المؤمنين، فاجتمعوا في
مسجد دابق، فقلت: بايعوا على ما أمر به ومن سمى في هذا الكتاب المختوم،
فبايعوا رجلا رجلا، ثم قلت: قوموا الى صاحبكم قد مات وقرأت عليهم الكتاب،
فلما انتهيت الى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشام بن عبد الملك: لا نبايعه
أبدا، قلت: والله أضرب عنقك، قم فبايع، فقام يجر رجليه، فاخذت بضبعي عمر
وأجلسته على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه، وهشام يسترجع لما اخطاه، فلما
انتهى هشام الى عمر قال: انا لله وانا اليه راجعون حين صار الأمر اليك على
ولد عبد الملك، فقال عمر: نعم! انا لله وانا اليه راجعون حين صار اليّ
لكراهتي له.
خطبه المبايعة على
الخلافة
لما دفن سليمان بن عبد الملك،
اتى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بدابة سليمان فركبها وما أن دخل القصر
حتى مهدّت له الفرش التي تفرش للخلفاء، فخرج الى المسجد، وصاحصيحة واحدة،
قد اخترناك يا امير المؤمنين، ورضينا بك، قل أمرنا باليمن والبركة، فلما
رأى الأصوات قد هدأت، ورضي به الناس جميعا، صعد المنبر، وحمد الله تبارك
وتعالى وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أوصيكم بتقوى الله فان تقوى الله خلف كل شيء، وليس من تقوى
الله عزوجل خلف، واعملوا لآخرتكم، فانه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك
وتعالى أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم، وآثروا ذكر
الموت، واحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم، فانه هادم اللذات، وان من لا
يذكر من آباءه فيما بينه وبين آدم عليه السلام أبا حيا لمعرق له في الموت،
وانّ هذه الأمة لم تختلف في ربها عزوجل، ولا بنبيها صلى الله عليه وسلم،
ولا في كتابها، وانما اختلفوا في الدرهم والدينار، واني والله لا اعطي أحدا
باطلا، ولا أمنع أحدا حقا، وانه ليس بعد نبيكم نبي، ولا بعد الكتاب الذي
أنزل عليه كتاب، فما احله الله تعالى حلال الى يوم القيامة، وما حرمه الله
تعالى حرام الى يوم القيامة.
انا لست
بقاص ولكني منفذ، ألا واني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا واني لست بخيركم
ولكني رجل منكم، غير أنّ الله جعلني أثقلكم حملا.
ثم رفع صوته رضي الله عنه حتى
أسمع الناس فقال: يا أيها الناس! من أطاع الله وجبت
طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له، اطيعوني ما أطعت الله، فاذا عصيت الله
فلا طاعة لي عليكم.
ابن عمر يعظ
عمر
بعد أنهى رحمه الله خطبته
بالناس دخل بيت الخلافة فأمر بالستور فهتكت، والثياب التي كانت تبسط
للخلفاء فحملت، وأمر ببيعها وادخال أثمانها في بيت مال المسلمين، ثم ذهب
يتبوأ مقيلا، فأتاه ابنه عبد الملك فقال: يا امير المؤمنين! ماذا تريد أن
تصنع؟ قال: أي بني! قال: تقيل قبل أن ترد المظالم؟ قال: أي بني! اني قد
سهرت البارحة في أمرعمك سليمان، فاذا صليت الظهر رددت المظالم، فقال: يا
أمير المؤمنين! من لك أن تعيش الى الظهر؟ قال: ادن مني أي بني، فدنا منه،
والتزمه وقبّل عينيه وقال: الحمد لله الذي أخرج من
صلبي من يعينني على ديني، فخرج ولم يقل، وأمر مناديه أن ينادي: آلا
من كانت له مظلمة فليرفعها، فجعل لا يدع شيئا مما كان في يد سليمان وفي يد
اهل المظالم الا ردها رضي الله عنه مظلمة مظلمة.
اجلال
الخوارج له رضي الله عنه
حين بلغ الخوارج سيرة عمر رضي
الله عنه ورده للمظالم اجتمعوا وقالوا: ما ينبغي لنا ان نقاتل رجلا كهذا.
زهده في
المتعة رضي الله عنه وهي
حق مكتسب
تقول زوجته فاطمة بنت عبد الملك
رحمها الله: ما أعلم انّ عمر قد اغتسل من جنابة ولا من احتلام منذ استخلفه
الله الى أن قبضه.
خامس الخلفاء
الراشدين
قال سفيان الثوري رحمه
الله:الخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز رضي الله
عنهم.
وقال الامام ابن حنبل رحمه
الله: انّ الله يبعث على رأس كل مئة عام من يصحّح لهذه الأمة دينها، فنظرنا
في المائة الأولى فاذا هو عمر بن عبد العزيز، ونظرنا في المائة الثانية
فنراه الشافعي.
ماذا قالوا
عنه رضي الله عنه
* مثل عمر في بني أمية، مثل
مؤمن آل فرعون.
* لكل قوم نجيبا، وانّ نجيب بني
أمية عمر بن عبد العزيز، وأنه يبعث يوم القيامة
أمة وحده.
* اذا رأيت الرجل يحب عمر بن
عبد العزيز ويذكر محاسنه وينشرها، فاعلم أنّ من
وراء ذلك خيرا انشاء الله.
* ان كان في هذه الأمة مهدي،
فهو عمر بن عبد العزيز.
* أئمة العدل خمسة: أبوبكر وعمر
وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز( رضي الله
عنهم وأرضاهم أجمعيم وجمعنا
الله بهم في مستقر رحمته)
شوقه رضي الله عنه للآخرة
كان عمر بن عبد العزيز رضي الله
عنه قبل توليه الخلافة من أحسن الناس لباساو ومن أطيبهم ريحا، ومن أخيلهم
مشية، الا أنه وبعد أن تولى الخلافة أدار في عقله حديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم: أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما
تبقى الصلاة، وربّ مصلّ لا خير فيه.، فقلب رأسه رأسا على عقب.
لأجل هذا فقد عاف وترك كل شيء،
وعاش حياة الزهد، ولصق جلده بعظمه حتى لم يعد يرى بين الجلد والعظم لحم،
وبات يمشي مشية الرهبان، واستغنى عن جواريه اللواتي كنّ يخدمنه، ولم يكتفي
بهذا بل أنه خيّر زوجته فاطمة بنت عبد الملك في أن تقيم في منزلها أو تلحق
بأهلها بعد ما أعلمها أنه قد شغل من النساء بما في عنقه من الأمانة الموكلة
اليه، ولأنّ الطيبات للطيببين فقد بكت حتى أبكت جواريها لبكائها واختارته
على شهوتها.
انّ الايمان والخوف والرهبة من
احتمال اخفاقه في الوصول الى مرضاة الله قد اقلق مضجعه، انها الأمانة، أنها
الرعية، انها الحكم، والأمانة مسئولة يوم القيامة، والرعية مسئولة يوم
القيامة، انها لأمانة وانها يوم القيامة لندامة الا
من أخذها بحقها. أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
لقد افزعه الحكم رضي الله عنه،
وبات يقول: لو أدركني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
اذ وقعت فيما وقعت فيه لهان عليّ ما أنا فيه.
من هو هذا
العلم الفذ عبيد الله الذي يستنجد فيه عمر بن عبد العزيز رضي الله
عنه ليعينه على الحكم؟
انه أحد التابعين من فقهاء المدينة السبعة الذين عاصروا أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم، فتتلمذوا على أيديهم وأخذوا منهم العلم والفقه، وفقهاء
المدينة السبعة رحمهم الله، هم على الترتيب بأسبقهم وفاة:
أبو بكر بن عبد الرحمن المخزومي
المتوفي عام 93 للهجرة.
سعيد بن
المسيّب المتوفي عام 94 للهجرة.
عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة المتوفي عام 95 للهجرة.
عروة بن الزبير بن العوام
المتوفي عام 95 للهجرة.
خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري
المتوفي عام 99 للهجرة.
القاسم
بن محمد بن أبي بكر الصديق المتوفي عام 106 للهجرة.
سليمان بن
يسار الهلالي المتوفي عام 107 للهجرة.
ورحم الله من ذكرهم جميعا ببيتي
الشعر:
ألا كل من لا يقتدي بأئمة
فقسمته ضيزى عن الحق خارجة
فخذهم عبيد
الله عروة قاسما سعيدا أبا بكر سليمان خارجة
هؤلاء هم الفقهاء السبعة رحمهم
الله جميعا، وقد عدّ بعضهم سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب المتوفي سنة
106 للهجرة واحدا منهم بدلا عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسواء
كان قاسما أم سالما من السبعة أم العشرة فهم بلا شك من اعظم العلماء،
وأحفاد عظماء.
هؤلاء الفقهاء السبعة رحمهم
الله كان القاضي قبل أن يصدر حكمه بقضية ما كان يعتمد رأيهم، وكانوا اذا
جاءتهم مسألة فقهية دخلوا جميعا فيها وناقشوها، ونظروا فيها درءا للخطأ،
فقد كان القضاء عند أهل القضاء له أهميته، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم
قسّم القضاة الى ثلاثة وقال بما معنى الحديث: القضاة
ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة، قاض
عرف الحق فحكم بما أنزل الله تعالى فهو في الجنة، وقاض عرف الحق ولكنه لم يحكم به فهو في النار، وقاض جهل الحق فحكم عن جهالة فهو في النار.
قال مزاحم
لعمر رضي الله عنه: ألا رأيت في أهلك خللا؟ فقال: يا مزاحم! أما يكفيهم،
اعطيهم ما يصيبون من المقاسم مع المسلمين من فيئهم مع مال عمر، فقلت له:
وأين يقع ذلك منهم؟ مع ما يموتون، ومع ضيافتهم وكسوتهم نساءهم؟ وأين يقع
ذلك؟ قد والله خشيت أن تصيبهم مخمصة، فقال عمر: انّ لي نفسا تواقة، لقد
رأيتني وأنا في المدينة غلام مع الغلمان، ثم تاقت نفسي الى العلم والعربية
والشعر فأصبت منه حاجتي وما كنت أريد، ثم تاقت نفسي الى السلطان فاشتغلت
على المدينة، ثم تاقت نفسي وأنا في السلطان الى اللبس والعيش والطيب، فما
علمت أنّ أحدا من أهل بيتي ولا غيرهم كان في مثل ما كنت فيه، ثم تاقت نفسي
الى الآخرة والعمل بالعدل، فأنا أرجو ما تاقت نفسي اليه من أمر آخرتي، فلست
بالذي أهلك آخرتي بدنياهم.
مجوس أمة
الاسلام
عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنهما قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: انّ مجوس
هذه الأمة المكذبّون بأقدار الله، ان مرضوا فلا تعودوهم، وان ماتوا فلا
تشهدوهم، وان لقيتموهم فلا تسلموا عليهم.
اذن وكما ورد في الحديث فانّ
مجوس هذه الأمة هم القدرية ، والقدرية جماعة كافرة لا تؤمن بالقضاء والقدر،
هم المكذبون بالقدر، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يستتيب المكذبون
بالقدر، فان تابوا وأصلحوا قبلت توبتهم، والا فالسيف وقطع رقابهم، وهذه
احدى رسائله رضي الله عنه الى جماعة من القدرية كانوا قد كتبوا بالتكذيب
بالقدر: أما بعد،
فقد علمتم
أن اهل السنة كانوا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، وسينقص العلم نقصا
سريعا، ومنه قول عمر بن الخطاب وهو يعظ أنه لا عذر لأحد عبد الله بعد
البيّنة بضلالة ركبها حسبها هدى، ولا هدى تركه حسبه ضلالة، فقد تبيّنت
الأمور، وثبتت الحجة وانقطع العذر، فمن رغب عن أنباء النبوة وما جاء به
الكتاب انقطعت من يده أسباب الهدى، ولم يجد عصمة ينجو بها من الردى، وبلغكم
أني اقول: انّ الله قد علم ما العباد عاملون، فأنكرتم ذلك، وقد قال تعالى: انا كاشفوا العذاب قليلا انكم عائدون
وقال: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وزعمتم في قوله
تعالى: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر المشيئة في أي ذلك أحببتم من ضلال أو هدى، والله تعالى يقول:
وما تشاؤون الا أن يشاء الله رب العالمين، فبمشيئته لهم شاؤوا.
وقد حرص
ابليس على ضلالتهم جميعا، فما ضلّ منهم الا من كان في علم الله ضالا،
وانكرتم أن يكون سبق لأحد من الله ضلالة أو هدى، وأنكم الذين هديتم أنفسكم
من دون الله، وحجرتموها عن المعصية بغير قوة من الله، ومن زعم ذلك منكم فقد
غلا في القول، لأنه لو كان شيء لم يسبق في علم الله وقدره، لكان في ملكه
شريك تنفذ مشيئته في الخلق دون الله، والله تعالى يقول: حبّب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم
وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان، وسيتم نفاذ حكم الله تعالى في الخلق حيفا، وقد جاء الخبر
أن الله عزوجل خلق آدم عليه السلام فنثر ذريته بين يديه، فكتب أهل الجنة
وما هم عاملون، وكتب اهل النار وما هم عاملون.
عدله رضي الله عنه
كيف باتت الذئب تحرس الغنم في
عهد عمر بن عبد العزيز؟ وكيف باتت الغنم تأمن على نفسها من الأسود في عهده
الميمون؟ وكيف استغنى الناس جميعا، حتى بات الفقير يأبى الصدقة؟ وكيف لم
يعد أحد مديونا للآخر؟ وكيف لم يعد هناك أعزبا دون زواج في ذلك العهد؟ وكيف
بات كل الناس يملكون بيوتا يسكنونها؟
الاجابة على كل تلك التساؤلات
هو تطبيق العدل في الأرض.
ان العدل الذي ساد في عهد عمر
بن عبد العزيز رحمه الله لم تشهده الأمة الاسلامية منذ رحل هذا الامام
العادل الى هذه اللحظة، فبعدله رضي الله عنه، جعل الذئاب تحرس الغنم، وباتت
الغنم تأمن على نفسها من الأسود، وقضى على الفقر، حتى أنه بات يعطي الصدقة
للفقراء والمساكين فيأبونها لعدم حاجتهم اليها، وأسقط عن المديونين
ديونهم، وفكّ ازمة المساكن، وقضى على العزوبية برمتها.
انّ معجزة التاريخ بأن يسيطر
خليفة على زمام أمور بلاد من مشرقها الى مغربها ومن شمالها الى جنوبها في
فترة يسيرة لم تتجاوز الثلاثين شهرا هي حقا معجزة حققها الله تبارك وتعالى
على يد عبده عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، ولأنه عبدا صالحا عبد الله
حق عبادته، وخشيه حق خشيته، فقد أيده بنصره سبحانه وتعالى القائل في سورة
الحج: ولينصرنّ الله من ينصره، انّ الله لقويّ عزيز*
الذين ان مكنّاهم في الأرض، اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور..
انّ قانون الله تبارك وتعالى
وسنته أزلية لا تتبدل ولا تتغير أبدا، بأنّه سبحانه وتعالى ينصر من ينصره، وان ينصركم الله فلا غالب لكم.
نعم تلك هي شروط النصر التي لن
تتغير ولن تتبدل لأنها تحمل عمود الدين وسنامه ورأس الأمر كله في الحياة
منذ بدء الخليقة الى أن يشاء الله تعالى، فالتأييد والتمكين لعباد الله
تعالى في الأرض نابعا منها، وقلّ من عباد الله الشكور، وقلّ من من يقوم بها
خاصة بعدما أصاب الأمة الوهن، وهو: حب الدنيا وكراهية الموت... هو حب
الدنيا ونسيان الآخرة... هو العيش للدنيا ونسيان عيش الآخرة.
وفي هذا يقول عليه الصلاة
والسلام: لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليسلطنّ
الله عليكم عدوّكم فلا يهابكم ولتدعونّ فلا يستجاب
لكم
نعم يا سيدي يا رسول الله! صلى
الله وسلم وبارك عليك، ما تنبأت به قبل 14 قرنا نعيشه الآن، و ها نحن وصلنا
الى ما كنت تخشاه علينا، وما ذلك الا لأننا لم نذعن لتحذير المولى عزوجل
القائل: ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم
انّ الفتن التي عاشها الاسلام
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم والتي بدأت تحديدا بعد وفاة الفاروق عمر
رضي الله عنه، قدامتدت وتوسعت رقعتها الى عهد عبد الملك بن مروان وتوجت
بظهور الحجاج بن يوسف الثقفي الذي عهد اليه عبد الملك بن مروان أمير البلاد
يومها، زمام أمور العراق، وعندما منحه كافة الصلاحيات، فقد امتلأت الأرض
في عهده ظلما وجورا، فأراق دماء مسلمة بريئة لا يعلم عددها الا الله، ولعل
مقولته المشهورة: اني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان قطافها باتت قانونا يتحمّل الحجاج وزرها الى يوم
القيامة، من منطلق قوله صلى الله عليه وسلم: من سنّ
سنّة سيئة في الاسلام فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة لا ينقص
من أوزارهم شيئا.
لقد بلغ الفساد أوجه في عهد عبد
الملك بن مروان، وما ذاك الا لكي يحافظ على كرسيّه وملكه وحكمه، لذا
وجدناه يستعين بسفاح كالحجاج الذي عيّنه واليا على العراق، ومع منحه اياه
كافة الصلاحيات تعمّ الفتن في أرجاء البلاد، والله لا
يحب الفساد، ولو انّ عبد الملك اتخذ سنة الخلفاء الراشدين رضي الله
عنهم، ما احتاج لسفاح كالحجاج كي يحافظ له على كرسيه وملكه وحكمه، ودليل
ذلك ما قام به ابن أخيه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، والذي حين انتهج
العدل عنوانا لدولته أيدّه الله بنصره ونصره على من عاداه.
نعم! ومن
يتق الله فهو حسبه ويرزقه من حيث لا يحتسب
ان الأمن والطمأنينة والسلام
والعدل والرخاء الذي انتشر في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لم يتكرر
أبدا على مر العصور والدهور مذ فارقنا الى هذه الساعة، حتى أنّ الرعاة في
ذلك الزمان الميمون قد استغربوا من ظاهرة سير الغنم والخراف جنبا الى جنب
مع الأسود والثعالب دون أن تخشى على نفسها من الافتراس، ولكنهم عندما علموا
بما نشره عمر رضي الله عنه من عدل وأمان واطمئنان، آمنوا بالله ربا
وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا.
ذلك أنّ العدل أساس كل شيء في
الدنيا، وسيكون أساس كل شيء في الآخرة، فالله ليس بظلام للعبيد، وكل انسان
سيأخذ حقه دون أن يبخس منه شيئا:
يا ويلتنا
مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها، ووجدوا ما عملوا
حاضرا ولا يظلم ربك أحدا
فأما السعداء فهم الذين أنبأنا
المولى عزوجل بصفاتهم في سورة الحاقة:
فأما من
أوتي كتابه بيمينه، فيقول هاؤم اقرؤوا كتابية * اني ظننت
أني ملاق حسابيه* فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية* كلوا
واشربوا هنيئا لكم بما أسلفتم في الأيام الخالية*
وأما أالأشقياء فهم أيضا الذين
أنبأنا المولى عزوجلبصفاتهم في سورة الحاقة:
وأما من
أوتي كتابه بشماله ، فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه* ولا
أدري ما حسابيه* يا ليتها كانت القاضية* ما أغنى عني ماليه* هلك عني
سلطانيه* خذوه فغلوه* ثم الجحيم صلوه* ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا
فاسلكوه* انه كان لا يؤمن بالله العظيم* ولا يحض على طعام المسكين* فليس له
اليوم هاهنا من حميم* ولا طعام الا من غسلين * لا يأكله الا الخاطئين
نعم يا رب، انه كذلك وأنت
القائل في محكم تنزيلك: وما ظلمناهم ولكنهم كانوا
أنفسهم يظلمون ، وهذا هو قمة العدل من العادل الحكيم الذي علمه
عزوجل سبق حكمه، ومن أحسن من الله قولا وحكما وعدلا ورحمة وحلما؟ لا...لا...لا.. أحد يارب ونحن نشهد ونستودعك هذه
الشهادة الى يوم آت لا محالة يوم سيكون باذن لله تعالى مقداره 50.000 سنة ،
يمرّ هذا اليوم على سبعة أصناف بشرية كصلاة أحدنا في الدنيا لما يتلقوه من
الكرم الالهي، وهؤلاء سعداء الحظ من ورد ذكرهم في الحديث الشريف الذي رواه
أبو هريرة رضي الله عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة في ظل الله يوم لا ظل
الا ظله: امام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا
عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد اذا خرج منه حتى يرجع اليه، ورجل
ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: اني
أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق
يمينه.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: خمسة غضب الله عليهم انشاء أمضى غضبه عليهم في الدنيا
والا أمر بهم في الآخرة الى النار: أمير قوم يأخذ حقه من رعيته ولا ينصفهم
في نفسه ولا يدفع الظلم عنهم، وزعيم قوم يطيعونه ولا يساوي بين القوي
والضعيف ويتكلم بالهوى، ورجل لا يأمر اهله بطاعة الله ولا يعلمهم أمر
دينهم، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يؤته أجرته، ورجل ظلم
امرأة في صداقها (مهرها).
نعم بالعدل وحده تنهض المجتمعات
نحو المجد والعزة والسؤدد والكرامة، لأنّ العدل اذا طبّق في مجتمع فلن نجد
مظلوما ولا فقيرا ولا مسكينا ولا متسولا ولا أعزبا ولا مديونا، وكل هذا
فعله عمر في عهده الميمون والقصير.
كيف كان ذلك؟ أمر بجمع اموال
الزكاة فما كان من الرجل في عهده الا ويأتي بالمال الكثير ويقول: اجعلوا
هذا المال حيث ترون في الفقراء، فما كان الغني يبرح مكانه حتى يكون عمر رضي
الله عنه قد وزع الأموال على مستحقيها.
اقرؤوا معي واعتبروا الرسالة
التي كتبها أحد ولاة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بعدما وليّ أمر
الخلافة:
انّ الناس بعدما سمعوا بولايتك،
سارعوا الى آداء الزكاة، وقد اجتمع من ذلك المال الكثير، ولم احبّ ان
اتصرف به حتى تكتب لي رأيك، وتخبرني ما أنا به فاعل (انظروا
هنا كيف باتت الرعية تخاف الله، فالغصن لا يستقيم الا اذا استقام العود،
وما دام العود عادلا، فحتما سينعدل الغصن)
فاجابه عمر ضي الله عنه: لعمري! ما وجدوني واياك على ظن، وما حسبك اياها
الى اليوم، فأخرجها حين يصلك كتابي هذا على مستحقيها.
لقد كانت الصدقات توزع مباشرة
على مسحقيها حتى لا يبقى مسكينا في ديار الاسلام يستجدي الصدقة.
وليس هذا فحسب ما فعله أمير
الؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في رعيته، بل وفك أزمة المواصلات،
وأمر مناد أن ينادي في المسلمين: من لا يملك دابة
توصله الى عمله وتعيده الى بيته فليأت الى بيت مال المسلمين ويأخذ حاجته من
المال لامتلاك دابة تعينه في حياته.
بالعدل وحده تسود الأمم ،
وبالعدل وحده يسود البلاد الأمن والأمان والطمأنينة، لقد وصل العدل في عهده
رضي الله عنه الى أن بات الواحد من رعيته ينام آمنا مطمئنا على بيته
وأسرته دون الحاجة لأن يتفقد باب بيته ان كان مغلقا أم مفتوحا، ولم يتفقده
والعيون الساهرة تسهر على راحته؟ ولم ينفقده والعدل يسيطر على كل منافذ
الدولة؟
فأيّ رجل أنت يا عمر؟ أنت الأم التي فرشت فأ نامت
قال مالك بن
دينار رحمه الله:لما وليّ عمر، قالت
رعاة الشاة في ذروة الجبال: من هذا الخليفة الصالح الذي قد قام على الناس؟
فقيل لهم: وما علمكم بذلك؟ قالوا: انا اذا قام على الناس خليفة صالح، كفت
الذئاب والأسد عن شياتنا.
وقال حسن
القصار رحمه الله: كنت أحلب الغنم في
خلافة عمر، فمررت براع وفي غنمه نحوا من ثلاثين ذئبا حسبتهم كلابا ولم أكن
رأيت الذئاب من قبل، فقلت يا راعي! ما ترجو بكل هذه الكلاب؟ فقال: يا بني!
انها ليست كلابا، انما هي ذئاب، يا بني! اذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس.
ان الرعاة لم يعلموا بموت عمر
بن عبد العزيز رضي الله عنه الا بعدما رأوا اعتداء وتعرض الذئاب على غنمهم.
استدراجه رضي الله عنه الناس لفعل الخيرات
قال ميمون بن مهران رحمه الله:
أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز قال لأبيه: يا أبة! ما يمنعك أن تمضي
لما تريد من العدل؟ فوالله، ما كنت أبالي لوغلت بي وبك القدور في ذلك، فقال
رضي الله عنه: يا بني! انما أروّض الناس رياضة الصعب،
اني أريد أن أحيي الأمور من العدل، فأؤخر ذلك حتى أخرج معه