السؤال
أنا
فتاة عمري 28، تزوَّجت من شاب قريبٍ لنا، يتيم الأب، وله أخ أصغر منه،
وأخته متزوجة من أخي وهي سعيدة معه، وبعد زواجي من أخيها تغيَّرت، هم
عائلةٌ الكذب فيهم شيءٌ أساس، ويُصدِّقون كذبَهم، بُخَلاء لدرجة أن
يجوعوني، وهو ضعيف الشخصية؛ يسمع كلام أمه وإخوته، وأخوه قد تكلَّم عليَّ
وفي حضرة زوجي، ولي عنده مبلغ كلَّما طلبته يرفض ويقول: ليس لك عندي شيء.
المهم
مشاكلنا من قبل الخطبة؛ رضينا أن يكون المنزل غرفتين لا يوجد بهما نوافذ،
وله 3 أبواب خارجية، طلب أبي إلغاء أحد الأبواب، ولم يرضَ إلا بعد تدخُّل
أخوالي الذين طلبوني للزواج منه، لي معه بعد الزواج سنة وخمسة أشهر، وقبل
الزواج سنة بعد الملكة، وبعدما تزوَّجت هربت منه 3 مرات، وكل مرَّة أمكث
عند أهلي 3 أشهر، ولا يعطيني مصروفًا، اشتَرطَ عليه والدي أن يعطيني 300
ريال لشحن جوالي وفطوري عندما يكون في العمل؛ لأنَّ عمله من الساعة 7
صباحًا حتى الساعة 6 مساء، المهم ضيوفي لا يضيفهم، ينام عنهم وهم أهلي
وأخوالي، وهم جميعًا أخواله، ويأتونني ليطمئنُّوا عليَّ، ولا يمكثون
لأنَّهم يقولون: إنَّه لا يريد لقاءهم، لا يعطيني إذا مرض أحدٌ من أجل أنْ
أقدِّم لهم عصيرًا أو أي شيء، يقول: خذي من الـ300 التي عندك، طلب منه أبي
أنْ يُوافِق أنْ أتوظَّف مدرِّسة، ورفض قائلاً: ليست محتاجة.
حتى
الصلاة لا يُصلِّيها، يشاهد المسلسلات الساعة التاسعة ليلاً، ويتعشى ولا
يُصلِّي المغرب والعشاء التي فاتَتْه، أحاول معه حتى الفجر، ولا يقوم
ليغتَسِلَ من الجنابة ويقول: الوضوء يكفي وأنتِ تُوَسوسين لي، بيته غير
مكتمل، إذا مرضت لا يهتمُّ بي، اتَّقيت اللهَ فيه وفي أهله وهم لم يخافوا
الله فيَّ، وآخِر إشكاليَّة حدثت بيني وبينه أنَّ له ثوبًا ليس بالجديد
وجدته مشقوقًا وهو يقول: أنت مَن فعل به ذلك، اشتكى لأحد أخوالي وأتوا
أهلي وسأله والدي: هل تريد ابنة عمِّك بدون تعذيبٍ أم لا؟ أتى باثنين من
أخوالي ليشهدوا على ذلك فقال: تأتيك ورقتها، ومن الغد كلَّم والدي أحد
أخوالي فقال: قولوا له أنْ يأتي بالورقة، فاعتذر بأني أنا عندي عذرٌ شرعي،
ولنا الآن أسبوعان ولم يُطلِّق إلى الآن.
أفيدوني.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخت
الفاضلة، حيَّاكِ الله وبيَّاكِ، ومرحبًا بكِ وبكلِّ سائل معنا في شبكة
(الألوكة) متمنين لكِ ولكلِّ مَن يعيشون في معترك الحياة ويقاسون ظُلم
البشر وطُغيانهم - الفرجَ القريب، والصبر على ما هم فيه من بَلايا ومِحَن.
عجِبتُ من
حالكِ كما عجِبتُ كثيرًا فيما سبَق من حال غيركِ من الفتيات، كيف يكونُ
الشاب من أقارب الفتاة ولا تعلَمُ عنه أهمَّ الصفات وأقواها في الظهور
أمام الناس، مهما حاول الإنسان إخفاءها؟
- ترك الصلاة.
- الكذب.
- البخل.
- ضعف شخصية.
- جهل تام بأحكام الدِّين.
هذه الصفات
الجوهريَّة لا بُدَّ أنْ تتَّضح فيمَن يتقدَّم للزواج، ويسهل معرفتها أكثر
إنْ كان هُناك علاقة قرابة بين العائلتين، فاسمَحِي لي أنْ أُوجِّه هذا
الكلام لكلِّ فتاةٍ تسعى للزواج، وتَقبل بأوَّل طارق ظنًّا منها أنها
قادرةٌ على تغيير كلِّ رذيلة وتحويلها إلى فضيلةٍ بمجرَّد إتمام الزواج!
كما يبدو،
هذا الزوج لا يريدُ أنْ يطلق، أو لعلَّ في نفسه أمرًا يُرغِّبه في تأخير
الطلاق؛ كخوفه من مؤخَّر الصداق، أو على حسب ما تَمَّ الاتِّفاق عليه
بينكم، فالآن وبعد مُضِيِّ أسبوعين من التعليق الذي لا فائدة منه، أنصَحكِ
أن تطلبي من أحد محارمك أنْ يُبادِر - والأولى أنْ يكون الوالد - إلى
محادَثته في الأمر بهدوءٍ، ومناقشة كيفيَّة الانفصال بأقلِّ الخسائر،
ومعرفة ما يريدُه تحديدًا.
ولا تلتَفِتي
لحمل لقب (مطلَّقة)؛ فالآخِرة خيرٌ وأبقى من الدنيا، والحياة مع زوجٍ فاسد
الخُلُق تاركٍ للدِّين لا تُبشِّر بالفوز بالآخِرة ونَيْل رضا الله.
قد تتعرَّض
المطلَّقة لبعض التحرُّج والمضايقات من مجتمعٍ لا يرحم، ولا يَعِي عن
الأخلاق الإسلاميَّة الكثير، وقد يتعرَّض الأبناء لضُغوطٍ نفسيَّة
وعصبيَّة تثقل عليهم وترهق مشاعرهم، ولكن على كلِّ إنسان عاقل أنْ يُفكِّر
في جميع الإيجابيَّات والسلبيَّات، ولا يحصر فِكرَه في نقطةٍ دُون أخرى.
عزيزتي:
البخلُ قد
تتَفاوَت درجاته، وقد يسهل على المرأة تحمُّله، والظُّلم قد تتجاوَز عنه
مَن تريدُ أنْ تعيشَ حياةً أسريَّة طبيعيَّة، وتسعى لتجنُّب الطلاق، كما
أنَّ ضعف الشخصيَّة قد تقبَل به مَن تريدُ الحِفاظ على بيتها وتحتسب هذا
البلاء عند الله، أمَّا ترك الصلاة والكذب فلا مجالَ للتَّغاضِي عن تلك
المصائب العظيمة؛ وقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ
بين الرجُل وبين الشِّرك والكُفر تركَ الصلاة))؛ رواه مسلم.
وقال: ((العَهْدُ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ؛ فمَن ترَكَها فقد كفَر))؛ رواه الترمذي والنسائي، وصحَّحه الألباني.
فلا يُرجَى من تارك الصلاة نفعٌ، ولا خيرَ في الحياة معه، ولا يبكي عليه إلا مغبون.
لهذا؛ لا
أنصَحُك أبدًا بتَكرار المحاولات معه والسعي إلى إصلاحه؛ فالفرار بنفسكِ
ودِينكِ أولى من إنقاذه ممَّا هو عليه من خطَر عظيم وشرٍّ مبين؛ ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ
ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105].
ورَد في
"تفسير السعدي": "فإنَّكم إذا صلحتم لا يضرُّكم مَن ضلَّ عن الصراط
المستقيم، ولم يهتدِ إلى الدين القويم، وإنما يضرُّ نفسه.
ولا يدلُّ
هذا على أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يضرُّ العبدَ تركُهما
وإهمالُهما؛ فإنَّه لا يتمُّ هُداه إلا بالإتيان بما يجبُ عليه من الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر" ا.هـ.
وقد ذكرتِ أنكِ فعلتِ هذا مع زوجكِ فلم يتَّهمكِ إلا بالوسوسة!
أنصَحُكِ
أيضًا بالدعاء والإلحاح على الله أنْ يخلف عليكِ خيرًا، وأنْ يأجركِ على
ما لاقيتِ معه ومع أهله، وعلى حُسن تعاملكِ معهم رغم ما فعلوا، والله
تعالى يحبُّ الإلحاح في الدعاء، ويحبُّ أنْ يسمع مناجاةَ عِباده وإظهار
الضعف والاحتياج إليه - عزَّ وجلَّ - وكلَّما صدق العبد في لُجُوئه إلى
ربه، كانت الإجابة أقرب؛ قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]، وقال: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].
وأسأل الله أنْ
يخلف عليكِ خيرًا، وأنْ يرزُقكِ سعادةَ الدارين، ويُوفِّقكِ في حَياتكِ
كلها، ونسعَد بالتواصُل معكِ في أيِّ وقت، فلا تتردَّدي في مُراسَلتنا.
أ. مروة يوسف عاشور