يحيى بن موسى الزهراني
الحمد
لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ، الحمد لله علم
القران ، خلق الإنسان ، علمه البيان ، الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم
الإنسان ما لم يعلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جعل
القرآن هداية للناس ، ونبراساً يضيء لهم الطريق ، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله النبي الأكرم ، علم القرآن فكان خير معلم ، فصلوات الله وسلامه
عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين . . أما بعد :
فأحييكم بتحية الإسلام ،
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فنحن جميعاً نوظف جميع الإمكانات
والطاقات لخدمة هذا الدين العظيم ، إلا وإن من أعظم ما يُخدم به هذا الدين
كلام الله عز وجل .
كلمة عن القران :
القرءان هو كلام الله منزل غير مخلوق ، الذي أنزله على نبيه محمد
صلى
الله عليه وسلم باللفظ والمعنى ، القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد ،
ومعجزته الكبرى ، وهداية للناس أجمعين ، قال تعالى : " كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ "، ولقد تعبدنا الله بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، قال
تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً
يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ " ، فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة،
من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب
الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً ، ولقد أعجز الله الخلق عن الإتيان
بمثل أقصر سورة منه ، قال تعالى : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا
فأتوا بسورة ممن مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين " ،
القرآن مكتوب في المصاحف ، محفوظ في الصدور ، مقروء بالألسنة ، مسموع
بالآذان ، فالاشتغال بالقرآن من أفضل العبادات ، ومن أعظم القربات ، كيف
لا يكون ذلك ، وفي كل حرف منه عشر حسنات ، وسواء أكان بتلاوته أم بتدبر
معانيه ، وقد أودع الله فيه علم كل شىء ، ففيه الأحكام والشرائع ،
والأمثال والحكم ، والمواعظ والتأريخ ، والقصص ونظام الأفلاك ، فما ترك
شيئا من الأمور إلا وبينها ، وما أغفل من نظام في الحياة إلا أوضحه ،
قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كِتَابُ
اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ،
وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، هُوَ
الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَمَنِ ابْتَغَى
الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ
الْمَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ
الْمُسْتَقِيمُ ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ ، وَلَا
تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَة ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ،
وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ،
وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا (
إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ) ، هُوَ الَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ
صَدَقَ ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَمَنْ
دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [ أخرجه الدارمي ] ،
هذا هو كتابنا ، هذا هو دستورنا ، هذا هو نبراسنا ، إن لم نقرأه نحن معاشر
المسلمين ، فهل ننتظر من اليهود والنصارى أن يقرؤوه ، قال تعالى : "
وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " ، فما أعظمه من
أجر لمن قرأ كتاب الله ، وعكف على حفظه ، فله بكل حرف عشر حسنات ، والله
يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم .