إذا
انتقلنا إلى الشريعة الإسلامية فإننا نجد فيها لمبدأ المساواة مكانًا
مرموقًا بين قيمها الأساسية التي تقررها مصادر هذه الشريعة، والتي طبقها
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه.
وقد كان تقرير هذا
المبدأ في القرآن الكريم وفي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام عند ظهور
الإسلام وانتشاره سبقًا لشريعته في زمانها ومكانها يشكل في واقع العرب
انقلابًا أساسيا في مفاهيمهم عن أسس التفاضل بين الناس أسباب الفخر التي
تحوزها بعض القبائل أو البيوت دون البعض.
فقد كان التمييز بين
القبائل سائدًا حتى في شعائر العبادة في الجاهلية، ففي الحج ـ مثلاً ـ
كـــانت قــريش دون ســائر العرب تتخذ لنفسها مناسك خاصة لا يشاركها فيها
باقي الحجيج فلما حج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ظن الناس أنه سوف
يتبع عادة قريش في ذلك ولكنه لم يفعل وحج كما تحج سائر العرب اتباعًا لقول
الله تعالى:
{ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ } [البقرة:199].
وقد
كان هذا التمييز بين القبائل والأفراد هو السائد ـ أيضًا في أحد مجالات
القانون الجنائي وهو مجال الدية المقررة جزاءً على جريمة القتل، فقد كانت
الدية تختلف باختلاف شخص المقتول ومدى قوة قبيلته أو ضعفها، وباختلاف
مركزه في القبيلة ذاتها، فكانت دية الأمراء «أي: الأشراف أو السادة» أضعاف دية الشخص العادي.
وبينما كان العرب تسيطر على حياتهم هذه المفاهيم نزل القرآن الكريم يقرر:
{
يا أَيهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].
ووقف في المسلمين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «إن الله قد أذهب عنكم عصبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي أو فاجر شقي أنتم بنو آدم، وآدم من تراب».
وخطب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع فكان مما قاله للمسلمين ـ بل الناس جميعًا ـ:
«يا
أيها الناس ألا إن ربكم ـ عز وجل ـ واحد ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل
لعربي على أعجمي ولا فضل لأحمر على أسود، إلا بالتقوى، ألا قد بلغت؟»
قالوا: نعم، قال: « ليبلغ الشاهد الغائب» .
=============
المصدر : هدي الإسلام .
[/center]