[center]
المساواة في تولي الوظائف والتعيين في المناصب والأعمال
لقد جاء الإسلام في تولي الوظائف ولم يميز فئة عن أخرى أو طائفة عن غيرها ولم
يحاب أحدًا ولم يؤثر عربيا على غير عربي، فالأفراد يتساوون في تقلد
الوظائف العامة طبقًا لكفاءتهم وعلمهم وقدراتهم، وليس معنى المساواة أن
يستوي العالم والجاهل والحاذق والخامل، بل إن تحقيق المساواة يكون إذا
تساوت الشروط ووجدت الكفاءة والمقدرة.
إن المساواة في التولية للوظائف العامة والتعيين في المناصب والأعمال أن تسند إلى أهلها من ذوي الكفاءة والأمانة وقد
مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يولي الأنفع للمسلمين على
من هو أفضل منه، فولى النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على حروبه
لنكايته بالعدو وقدَّمه على بعض السابقين من المهاجرين والأنصار، كما ولى
أسامة بن زيد قيادة الجيش؛ لأنه كان يراه أقدر الناس عليها.
ومعنى ذلك:
أن تعيين الولاة في الولايات العامة وسائر أعمال الدولة ومناصبها أمانة في
عنق رئيس الدولة أو صاحب السلطة، فلا تعطى إلا لمستحقها؛ وعلى ذلك لا يجوز
أن يكون تقليد الوظائف على أساس من الجنس أو اللون أو تفضيل فئة من
المواطنين على فئة أخرى، بل يكون أساسها: الكفاءة واللياقة، والمقدرة
ولذلك يقرر فقهاء الإسلام أن على ولي الأمر أن يعين لأعمال المسلمين
أقدرهم وأصلحهم للعمل، امتثالاً لأمر الله تعالى:
{ إنَّ اللَّهَ يأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا
وَإذَا حَكَمْتُم بَينَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْل } [النساء:58].
فقد
ورد في أحد تفاسيرها أن المراد بهم الولاة،وأن من قلد رجلاً عملاً من
الأعمال لرشوة أو منفعة أو صداقة أو لاتفاقه معه في بلد أو مذهب أو طريقة
أو جنس أو يبعده عن أهليته للوظيفة لعداوة بينهما أو لحقد في نفسه يعد
خائنًا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فقد روى الحاكم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « من استعمل رجلاًً من عصابة، وفيهم من هو أرضى منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» .
وروى أبو يعلى عن حذيفة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس، وعلم أن في العشرة أفضل منه فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعة المؤمنين».
فعلى
هذا ينبغي أن يتساوى الأفراد المتماثلون في توفر شروط الوظيفة ومؤهلاتهم
التي يتطلبها النظام في فرص الالتحاق بالوظائف، فلا يتفاضلون بسبب غير
الصلاحية للوظيفة، وينبغي عدم تمييز المصالح العامة بين الأفراد سواء من
حيث تقديم الخدمات أو من حيث ما تقتضيه عليها من مقابل أو أجر، فيجب
المساواة بين الناس في الخدمات والمرافق العامة دون تمييز، ولعمر بن
الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قول مأثور حيث قال: «ويحك يا ابن الخطاب لو عثرت دابة على شاطئ الفرات لسألك الله عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق؟».
وقد
بلغت المساواة شأوًا بعيدًا في شتى عصور الإسلام في ميدان تولي الوظائف
والتعيين في المناصب والأعمال وقد كان حكَّام الصدر الأول يختارون الولاة
مـن أهل التقوى والـورع والقدوة .
فعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ يقول لأحد ولاته: «أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن لك فيه هوى من رعيتك» ويقول: «اختر
للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك مما لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه
الخصوم، ولا يتمادى في الذلة ولن تنتصر أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من
القوي».
=============
المصدر : هدي الإسلام .
[/center]