[center]المفعول المطلق
لو قيل لأحدنا : أنت مصدرُ الخير !
ترى ما المعنى الذي يتراءى لنا من خلال هذا القول ؟؟ خاصة كلمة ( مصدر ) ؟!
نستطيع أن نتداعى فنقول : هو يعني أن المخاطب ينبع الخير منه ، أو يصدر عنه ، أو هو موضع صدور الخير ، إلى غير ذلك من معان ..
فالمصدر ، ما يصدر عنه الشيء !
ومنه : صدَّرَ أي أرسل وأخرج ، والصادر : المُرسلُ والخارج
ذاك في اللغة ، فما المصدر في الاصطلاح ؟!
المصدر هو الاسم الذي يدل على الحدث غير مقترن بزمن
نحو : رَسْمٌ ، حربٌ ، سلمٌ ، سَفَرٌ ، طيرانٌ .... الخ
فكل
تلك الأسماء تدل على حدث ، فالرسمُ يدل على الحدث ، لكنه لا يحيل إلى زمن
ما .. عكس الفعل ، فالفعل يدل على الحدث والزمان معا ، فلو قلنا : ذهَبَ ،
يحيلنا الفعل إلى حدث هو الذهاب كما يحدد زمن الحدث وهو هنا الزمن الماضي
..
لذا نتج الخلاف بين النحاة في أصل المشتقات ، فهل المصدر أصل أم أن الفعل هو الأصل ؟!
حقيقة
الخلاف ليس على قاعدة : خالف تعرف ، وإنما على حقيقة العلل المسوقة
والمعطيات التي تقود إلى تبني رأي ما له وجاهته في الدرس النحوي ..
الجمهور يرى أن المصدر هو أصل المشتقات ، وعليه كانت تسميته مصدرا .
أما الكوفيون فيرون الفعل هو الأصل ومنه تصدر المشتقات ..
وبعد ، لعل أحدكم يعترض : وما دخل المصدر ، بعنوان درسنا لهذا الأسبوع ( المفعول المطلق ) ؟!
هل نفهم مما سبق أن المصدر هو المفعول المطلق ؟! هل إذا قلنا مصدر كأننا نشير وندل على المفعول المطلق ؟؟
المؤلف
حين يقول : ( المصدر ، هو الاسم المنصوب ...) يضع بين أيدينا علامة فارقة ،
إذ ليس كل مصدر منصوب ، وليس كل مصدر يجئ ثالثا في التصريف على حد قول ابن
آجروم .. ( المصدر هو الاسم المنصوب الذي يجئ ثالثا في تصريف الفعل نحو :
ضَرَبَ يَضْرِبً ضَرْبًا .. ) فليس كل مصرف للفعل يأتي بالمصدر ثالثا ، إذ
قد يصرف أحدنا الفعل ( أَكَلَ ) على النحو : أَكَلَ يأْكُلُ كُلْ
نلاحظ أن الثالث في التصريف هنا ليس مصدرا بل فعلا أيضا ..
وعليه
فليس المصدر - أي مصدر - هو المعني هنا ، وإنما المعني هوالمصدر الذي
ينتصب على كونه مفعولا مطلقا يحقق غرضا ما كالتوكيد وبيان النوع أو العدد
.. تلك إذن جملة الخصائص التي تميز ( المفعول المطلق )
لنطبق الآن خصائص المفعول المطلق على المثال التالي :
نام الطفل نوما هانئا
نلاحظ
أن الاسم ( نوما ) جاء مصدرا منصوبا ، موافقا لفعله أي من لفظه ( نام نوما
) ، ثم جاء مبينا لنوع النوم .. إذ ليس كل نوم هو نوم هانئ .. !
وعليه فـ(نوما) : مفعول مطلق مبين للنوع منصوب وعلامة نصبه الفتحة
ولربما يقول أحد : وهل كل مفعول مطلق لابد وأن يوافق لفظه لفظ الفعل ؟؟
إذا كان كذلك فماذا نقول في : وقفتُ قياما ، جلس قعودا ، ...؟!
هنا نقول أن المفعول المطلق يأتي على نوعين ، أحدهما يوافق لفظه لفظ فعله نحو :
أكلَ أكلاً ، شرب شربا ، نام نوما ، صبر صبرا ,....
والثاني أن يوافق معنى فعله نحو :
جلست على الكرسي قعودا
قعودا مصدر منصوب ، وافق فعله ( معنى ) ، مؤكدا له
وعليه فإن المصدر ( قعودا ) يرادف معنى ( الجلوس ) ، فنقول في إعرابه :
قعودا : مفعول مطلق ناب عن المصدر ( مرادفه ) منصوب وعلامة نصبه الفتحة
وينبثق سؤال : هل ثمة ما ينوب عن المصدر ؟!
وللإجابة نقول نعم ، هناك ما ينوب عن المصدر فينتصب على كونه مفعولا مطلقا من ذلك :
* المرادف : فرحت جذلا
* النوع : جلست القرفصاء
* العدد : ضربني ثلاثين ، والتقدير : ضربني ضرباتٍ ثلاثين
* الآلة : رشق الجنود العدو رصاصا ، أي رَشْقَ الرصاصِ
* الصفة : أكل الضيف كثيرا
، التقدير : أكل الضيف أكلا كثيرا ، فكثيرا صفة للمصدر كثيرا نابت عنه
وانتصبت على أنها مفعولا مطلقا .وثمة كلمات هي صفة للمصادر حين تضاف إليها
نحو ( كل ، بعض ، أي ) : رضي كل الرضى ، والتقدير : رضي رضى كل الرضى ..
* الإشارة : غضب ذلك الغضب ، أي غضب الغضب ذلك فاسم الإشارة ناب عن المصدر ..
وهناك مصادر مسموعة تستعمل على أنها مفعولا مطلقا نحو :
سبحان ، دواليك ، حنانيك ، عجبا ، شكرا ، هنئيا .....الخ
[/center]