[center]
نجاة الأمة في التمسك بالسنة
ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا
عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم
بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ...
نجاة الأمة في التمسك بالسنة
إنه
لا سعادة ولا حياة ولا نجاة إلا إذا عرفنا الطريق الحق الذي لا عوج فيه،
وهذا الطريق لا يُعرف إلا من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلا يدخل أحد
الجنة ولا ينجو إلا من اعتصم بهديه وقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى وعمل به.
أهمية الحديث عن اتباع السنة
إن
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله،
اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، ومننت علينا ببعثة خير الأنام، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نصب على ربوبيته أعظم الدلائل، وأقام
على ألوهيته الآيات الجلائل، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله سيد
الأواخر والأوائل، المبعوث بأكرم السجايا وأشرف الشمائل، صلى الله عليه
وعلى آله أولي المكرمات والفضائل، وصحبه الذين أحبوه محبة تفوق محبة النفس
والمال والولد والحلائل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وفي نصرة الحق يُجاهد
ويناضل، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون! حينما يتعاظم ركام الفتن
في الأمة، وتخيم على سمائها الصافية غيوم الغمة، فيلتبس الحق بالباطل،
وتخفى معالم الحق على كثيرٍ من أبناء الملة، ويختلط الهوى بالهدى، فإن تقوى
الله سبحانه هي التي تنير طريق الهداية، ويُبدد نورها ظلمات الجهل
والغواية، من وهبه الله التقوى فقد وهبه نوراً يمشي به على درب النجاة، في
سلامة من المؤثرات العقدية والمنهجية، وفي بُعدٍ عن اللوثات الفكرية
والسلوكية.
ألا ما أحوج الأمة اليوم إلى أن تُعمر قلوب أبنائها بالتقوى واليقين، ليتحقق لها -بإذن الله- النصر والتمكين.
معاشر المسلمين! قضيتنا الكبرى، التي يجب
ألا تُنسى في جديد التحديات، وفي زخم الحوادث والمؤامرات؛ حيث إنها
الركيزة العُظمى التي تُبنى عليها الأمجاد والحضارات، بل وتتحقق بها
التطلعات والانتصارات، وتخرج بها الأمة من دوامة الصراعات؛ هي أننا أمة
عقيدة إيمانية صافية، ورسالة عالمية سامية، أمة توحيد خالص لله، واتباع
مطلق للحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه القضية الكبرى، هي حديث
المناسبة وكل مناسبة، والتذكير فيها موضوع الساعة وكل ساعة إلى قيام
الساعة، وإن خيرَ ما عُني به المسلمون، وتحدَّث عنه المصلحون: العقيدة
الإيمانية، والسنة المحمدية، والسيرة النبوية.......
السنة النبوية خير مؤدب
فهي
للأجيال خير مربٍ ومؤدب، وللأمة أفضل معلم ومهذب، وليس هناك أمتع للمرء من
التحدث عمن يحب، فكيف والمحبوب هو حبيب رب العالمين، وسيد الأولين
والآخرين؟ فهو مِنَّةُ الله على البشرية، ورحمته على الإنسانية، ونعمته على
الأمة الإسلامية، فبالله ثم بمحمد بن عبد الله قامت شرعة، وشيدت دولة،
وصُنِعَت حضارة، وأسست ملة من ملل الهدى الغراء، بُنيت على التوحيد؛ وهي
حقيقة نادى بها الحُكماء والعقلاء، وليس هناك أحد من البشر نال من الحب
والتقدير ما ناله المصطفى صلى الله عليه وسلم، فباسمه تلهج ملايين الألسنة،
وبذكره تهتز قلوب الملايين، ولكنَّ العبرةَ أن يتحول هذا الحب إلى محض
اتباع دقيق، لكل ما جاء به عليه الصلاة والسلام، كما قال الحق -تبارك
وتعالى- مبيناً معيار المحبة الصادقة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].
الحاجة إلى معرفة السنة في عصر التغريب
إخوة
الإيمان! ولم تكن حاجة الأمة في عصر ما، إلى الاقتباس من مشكاة النبوة
والسنة المباركة ومعرفة السيرة العطرة، معرفة اهتداء واقتداء؛ أشد إليها من
هذا العصر الذي تقاذفت فيه الُأمةَ أمواجُ المحن، وتشابكت فيه حلقات
الفتن، وغلبت فيه الأهواء، واستحكمت فيه الزعوم والآراء، وواجهت فيه الأمة
ألواناً من التصدي السافر، والتحدي الماكر، والـتآمر الجائر من قبل أعداء
الإسلام الذين رموه عن قوس واحدة.
والذي تولى كبره منهم من لعنهم الله وغضب
عليهم وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت؛ من اليهود المعتدين،
والصهاينة الغاشمين، ويوالي مسيرتهم دعاة التثليث، وعبدة الصليب، ويشد
أزرهم المفتونون بهم، المتأثرون بعفن أفكارهم، وسموم ثقافاتهم، من أهل
العلمنة ودعاة التغريب.
ويزداد الأسى حين يجهل كثير من أهل
الإسلام حقائق دينهم، وجوهر عقيدتهم، ويسيرون مع التيارات الجارفة دون
تمحيص ولا تحقيق، أو يُجمدون على موروثات مبتدعة دون تجلية ولا تدقيق، وقد
صح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا
فهو رد } أخرجه مسلم في صحيحه .
الشمائل النبوية والآداب المصطفوية
أيها
الإخوة في الله! يا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم! هذه وقفات
ومقتطفات مع جانب من أهم جوانب السنة العطرة، والسيرة المباركة، ذلكم هو
جانب الشمائل النبوية، والسجايا المحمدية، والآداب المصطفوية، فهي نعيم
وينبوع صافٍ متدفق، يرتوي من نميره كل من أراد السلامة من لوثات الوثنية،
والنجاة من أكدار الجاهلية، بل هي المنظومة المتألقة، والكوكبة المتلألئة،
والشمس الساطعة، والسنى المشرق، والمشعل الوضاء الذي يبدد ركام الظلم
والظلام، ولئن فات كثير رؤيته صلى الله عليه وسلم بأبصارهم فإن في تأمل
شمائله لعزاء وسلوان، فالمطبقون لشمائله إن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا.
إن فاتكم أن تروه بالعيون فما يفوتكم وصفه وهذي شمائله
مكمل الذات في خَلق وفي خُلق وفي صفات فلا تُحصى فضائله
......
وقفة لمراجعة دراسة الشمائل المحمدية
إخوة
العقيدة! إننا بحاجة إلى تجديد المسار على ضوء السنة المطهرة، وتصحيح
المواقف على ضوء السنة العطرة، والوقوف طويلاً للمحاسبة والمراجعة، نُريد
من مطالعة السنة والسيرة، ما يزيد الإيمان ويُزكِّي السريرة، ويعلو
بالأخلاق، ويقوم المسيرة.
يُخطئ كثيرون حينما ينظرون إلى المصطفى
صلى الله عليه وسلم وسيرته، كما ينظر الآخرون إلى عظمائهم في نواحٍ قاصرة
محدودة بعلم أو عبقرية أو حنكة، فرسولنا صلى الله عليه وسلم قد جمع نواحي
العظمة الإنسانية كلها، في ذاته وشمائله وجميع أحواله؛ لكنه مع ذلك ليس
رباً فيقصد، ولا إلهاً فيعبد، وإنما هو نبي يطاع، ورسولٌ يُتبِّع.
أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: {لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد،
فقولوا: عبد الله ورسوله } إن من المؤسف حقاً أن بعض أهل الإسلام لم يقدروا
رسولهم صلى الله عليه وسلم حق قدره، حتى وهم يتوجهون إليه بالحب والتعظيم،
ذلك أنه حب سلبي لا صدى له في واقع الحياة، ولا أثر له في السلوك
والامتثال.
من شمائله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى التوحيد
أمة
الإسلام: تأملوا هديه وشمائله -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام- في
جوانب الدين والدنيا بأسرها، ففي مجال توحيده لربه صدع بالتوحيد، ودعا إليه
ثلاث عشرة سنة بـمكة وعشراً بـالمدينة ، كيف لا؟ وهو المنزل عليه قوله
سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162] لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163].
وإن أول واجب على محبيه أن يُعنوا بأمر
الدعوة إلى توحيد الله التي قامت عليها رسالته عليه الصلاة والسلام،
ومحاذرة كل ما يخدش صحيح المعتقد، وصفو المتابعة، من ضروب الشركيات والبدع
والمحدثات.
وفي مجال عبوديته لربه قام من الليل حتى
تفطرت قدماه، فيقال له: تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر، فيقول: {أفلا أكون عبداً شكوراً } أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه.
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ومعاملته لأهله وخدمه
يا
أمة محمد صلى الله عليه وسلم! وفي مجال الأخلاق تجدوه مثال الكمال في رقة
القلب، وسماحة اليد، وكف الأذى، وبذل الندى، وعفة النفس، واستقامة السيرة،
كان عليه الصلاة والسلام دائم البشر، سهل الطبع، لين الجانب، ليس بفظٍ ولا
غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح.
زانته في الخُلق العظيم شمائل يضرى بهن ويولع الكرماء
وأعظم من ذلك وأبلغ ثناءُ ربه عليه
بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].. فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
يقول أنس رضي الله عنه: [[ما مسست
ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت
رائحة قط أحسن من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رسول الله
صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي: أُفٍّ قط، ولا قال لشيء فعلته:
لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا ]].
تلك لعمر الحق عراقة الخلال، وسمو الخصال، وكريم الشمائل، وعظيم الفضائل، فسبحان من رفع قدره، وشرح صدره، وأعلى في العالمين ذكره:
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
فهل من يتغنون اليوم بسيرته يقتفون أثره في هديه وشمائله؟
وهناك صفحة أخرى -يا رعاكم الله- في
معاملاته لأصحابه وأهل بيته وزوجاته، يقول صلى الله عليه وسلم: {أكمل
المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم } أخرجه أحمد وأهل
السنن، وهكذا في سياسة الدولة الإسلامية، وفي عبادته لربه، وفي نفقته
وبذله، وفي قوته وجهاده، وحرصه على أداء رسالة الله، وتبليغ دعوة ربه تبارك
وتعالى.
حكمته ورفقه بالناس في الدعوة
وهاكم
-رعاكم مولاكم- أنموذجاً على حكمته في الدعوة ورفقه بالمدعوين، ورحمته
بالناس مسلمين وغير مسلمين: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107].
ومراعاته لحقوق الإنسان، بل ورفقه حتى
بالحيوان في وقت تتغنى فيه حضارة اليوم بدوس كرامة الإنسان، وراعيةً أحط
حيوان!! والله المستعان.
ويتجلى هذا الأنموذج الرائع في قصة
الأعرابي الذي بال في ناحية المسجد حين نهره الصحابة -رضي الله عنهم- فقال
صلى الله عليه وسلم: {دعوه لا تزرموه - أي: لا تنهروه- }، وقال لهم صلى
الله عليه وسلم: {إنما بُعثتم مبشرين ولم تبعثوا معسرين } وأرشده برفق
وحكمة، وكانت النتيجة أن قال الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا
أحداً، متفق عليه.
وفي قصة ثمامة بن أثال حينما أسر وربط في
سارية المسجد وهو مشرك وكان سيد قومه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمر
به ويقول: {ماذا عندك يا ثمامة ؟ فيقول: عندي خير يا محمد! إن تقتل تقتل ذا
دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت،
فيقول صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه ورفق به، وأحسن معاملته: أطلقوا
ثمامة ، فانطلق ثمامة فاغتسل ثم دخل المسجد وقال: أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، والله يا محمد! ما كان على وجه الأرض وجه
أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك اليوم أحب الوجوه كلها إليّ، وما كان من
دينٍ أبغض إليّ من دينك، وأصبح دينك اليوم أحب الدين كله إليّ، والله ما
كان من بلدٍ أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ } خرجه
الشيخان.
الله أكبر! تلك آثار الدعوة بالرفق
والرحمة والحسنى، والبعد عن مسالك العنف والغلظة والفظاظة، وهو درس بليغ
للدعاة إلى الله إلى قيام الساعة:
بنيت لهم من الأخلاق ركناً فخانوا الركن فانهدم اضطراباً
وكان جنابهم فيها مهاباً وللأخلاق أجدر أن تهاباً
ولما قيل له عليه الصلاة والسلام: ألا تدعو على المشركين؟
قال: {إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة للعالمين } أخرجه مسلم .
وقال لهم: {ما تظنون أني فاعل بكم؟
قالوا: خيراً.. أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا
يعلمون، اذهبوا فأنتم الطلقاء }.
دعوة إلى إحياء السنة
ألا
فلتعلم الإنسانية قاطبة، والبشرية جمعاء، هذه الصفحات الناصعة، من رحمة
الإسلام ورسول الإسلام والسلام عليه الصلاة والسلام، الذين يجدون ذكر
شمائله في توراة موسى، وفي بشارة عيسى؛ وليعلم من يقف وراء الحملات المغرضة
ضد الإٍسلام، ورسول الإسلام، وأهل الإسلام، ما يتمتع به الإسلام من مكارم
وفضائل، ومحاسن وشمائل، ومدى البون الشاسع، بين عالميتهم الآسنة، وعولمتهم
المأفونة، في إهدار للقيم الإنسانية، وإزراء بالمثل الأخلاقية.
وهل تدرك الأمة الإسلامية اليوم الطريقة
المثلى للدعوة إلى دينها، وإحياء سنة رسولها صلى الله عليه وسلم، إحياءً
عملياً حقيقياً لا صورياً وشكلياً.
إن حقاً على أهل الإسلام وهم المؤتمنون
على ميراث النبوة، أن تصقلهم الوقائع، وتربيهم التجارب، إذ لا تزال الفتن
والخطوب مدلهمة على هذه الأمة.
وإذا كانت الأمة في هذه الظروف الحرجة
التي تمر بها تتحدث عن شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم فكيف يطيب الحديث
ويحلو الكلام ومقدسات المسلمين يعيث فيها أعداء الإسلام من اليهود
المعتدين؟
وهاهم يُصعدون عدوانهم وإرهابهم، يجدّون
في إذكاء نار الفتنة في صلف ورعونة على سمع العالم وبصره، تحدياً لمشاعر
المسلمين في مسرى سيد الثقلين، وثالث المسجدين الشريفين أقر الله أعين
المؤمنين بفك أسره من اليهود الغاصبين، وجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين.
كيف يجمل الحديث وأعداء المسلمين -من الملحدين- يُصرون على صلفهم وعدوانهم ضد إخواننا وحرماتنا في الشيشان المجاهدة؟
كيف يحلو الكلام والهندوس الوثنيون
يُمعنون في حقدهم السافر، ضد إخواننا ومشاعرنا في كشمير المسلمة، مما ينذر
بخطرٍ داهم، وحربٍ ضروس في القارة الهندية برمتها، مما يتطلب ضبط النفس،
والإصغاء إلى لغة الحوار، وصوت العقل والمنطق، ورد الحقوق إلى أصحابها؟
كيف وكيف؟؟ وكثير من قضايانا الإسلامية معلقة، وأوضاع أمتنا متردية إلا من رحم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإن الأمة اليوم بأمس الحاجة في هذه
اللحظات الحاسمة من تاريخها إلى التمسك الصحيح بدينها وسنة رسولها صلى الله
عليه وسلم في محبةٍ وتآلف واعتصام، وفي سماحة ويُسرٍ ووئام، وبذلك تتحقق
وحدة الصف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة على منهج الكتاب والسنة لفهم سلف
الأمة رحمهم الله، فلن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وبذلك
تنكشف الغمة عن هذه الأمة، وما ذلك على الله بعزيز، أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ
وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21] بارك الله لي ولكم في الكتاب
والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر
الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل خطيئة وإثم؛ فاستغفروه وتوبوا إليه
إنه هو الغفور الرحيم.
الاعتصام بالكتاب والسنة نجاة عند المتغيرات
الحمد
لله الذي أبان الطريق وأوضح المحجة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، أرسل رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة، وأشهد أن
نبينا وحبينا محمداً عبد الله ورسوله، كساه من حلل النبوة ما زاده مهابة
وبهجة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين فدوه بكل ما لديهم
من نفس ومهجة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما أمَّ هذا البيت زائر واعتمره
وحجه.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله! ورووا قلوبكم
وأرواحكم من شمائل نبيكم صلى الله عليه وسلم، وتأملوا خصاله العظيمة،
وشمائله الكريمة، واربطوا أنفسكم وناشئتكم وأسركم بها، رباطاً محكماً
وثيقاً، يسمو عن التخصيص في أوقات، والتعيين في مناسبات؛ فليس هذا من منهج
السلف الثقات.
واعلموا -رحمكم الله- أن هذه الشمائل
المصطفوية، والسجايا النبوية، ينبغي أن يكون لها تأثير عملي في إصلاح
المنهج، وأثر تطبيقي في إحكام المسيرة والبناء، في عصر كثرت فيه المتغيرات،
وتسارعت فيه المستجدات، عبر كثيرٍ من القنوات والشبكات، فالسنة خير عاصم
من شرور هذه القواصم.
وإن الأمة اليوم في حاجة أكثر من أي زمن
مضى إلى الاتحاد على منهج الكتاب والسنة، حتى تتلقى الجهود في ميدان واحد،
نحو الهدف السامي الذي يسعى إليه كل مسلم، لقيادة سفينة الأمة إلى بر
الأمان، وشاطئ السلام، بعيداً عن كل ما يُعكِّر صفو ورودها، وإن كل مسلم
على ثغر من ثغور الإسلام في خدمة دينه وعقيدته وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم بحسب مكانه ومسئوليته، فأروا الله -أيها المسلمون- من أنفسكم خيراً.
سيروا بخطى متوازنة، يتوجها العلم الشرعي
الذي من خلاله يبنى الوعي الواقعي، لتأخذ هذه الأمة دورها القيادي،
ومكانها الريادي من جديد في مقدمة الركب، ولتقود البشرية الحيرى مرة أخرى
إلى مواطن العز والشرف، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى، صاحب الحوض المورود واللواء المعقود والمقام المحمود.
من بلغ العلا لجلاله سطع الدجى لجماله
حسنت جميع خصاله صلوا عليه وآله
صلوا عليه صلاة متبع له، محب له، مقتفٍ
آثاره، متمسك بسنته، فلا إطراء ولا جفاء، كما أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا،
فقال تعالى قولاً كريماً في محكم التنزيل، وصدق القيل: إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلَّ
على نبينا محمد ما ذكره الذاكرون، وصلَّ عليه ما غفل عن ذكره الغافلون،
اللهم أحينا على محبته، وأمتنا على ملته، وثبتنا على سنته، وأكرمنا
بشفاعته، وأوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً،
وأنلنا شرف صحبته في عليين، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا.
اللهم وفقه لما تُحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان،
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمستضعفين في دينهم في كل مكان،
اللهم انصرهم في فلسطين و كشمير و الشيشان .
إلهنا عز جارك، وجلَّ ثناؤك، وتقدَّست
أسماؤك، نسألك يا من لا يخلف وعدك، ولا يهزم جندك، أن تنصر إخواننا
المجاهدين في سبيلك في فلسطين على اليهود المعتدين، والصهاينة الغاصبين،
اللهم إن اليهود قد طغوا وبغوا وأرهبوا وأسرفوا في الطغيان وأفسدوا، اللهم
عليك بهم فإنهم لا يُعجزونك، اللهم شتت شملهم، وفرِّق جمعهم، واجعلهم غنيمة
للمسلمين يا رب العالمين!
اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن
القوم المجرمين، اللهم وفق أبناءنا وفتياتنا وطلابنا وطالباتنا، اللهم
بلغهم فيما يرضيك آمالهم، وحقق في طاعتك رغائبهم، وأنجح مقاصدهم، واجعل
النجاح والتوفيق حليفهم في الدنيا والآخرة.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا
والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم فرج هم
المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى
المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين!
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين،
والحمد لله رب العالمين.......
المصدر: إسلام ويب
[/center]