هدي النبي
في شعبان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد
الصادق الوعد الأمين
أما بعد .... أخوتي في الله
إن مواسم الخير تتوالي وأيام الطاعات تترائى والكيس هو من استعد لهذه المواسم
ولم يفرط فيها ليفوز بالثواب الجزيل والأجر العظيم
كما قال خير البرية
: "افعلوا
الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها
مَن يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يُؤمِّن روعاتكم"
(أخرجه ابن أبى الدنيا والطبراني من حديث أنس )
وعند الطبراني في الأوسط من حديث محمد ابن مسلمة أن النبي
قال:
"إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها, لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً"
ولقد بيَّن النبي
في هذه الأحاديث أنه ينبغي على الإنسان منَّا أن يتعرض لهذه النفحات
الربانية، والمنح الإلهية. وشهر رمضان من النفحات الربانية، والمنح الإلهية
على الأمة المحمدية.
ومن هذه النفحات الربانية والمنح الألهية
شهر شعبان
أولاً: سبب تسميته.
قال
ابن حجر رحمه الله: "وسمي شعبان؛ لتشعبهم في طلب المياه أو في الغارات بعد
أن يخرج شهر رجب الحرام، وهذا أولى من الذي قبله. وقيل فيه غير ذلك)
صوم شعبان.
ثبت
في الصحيحين عن عائشة رضِيَ الله عَنْهَا أنها قالت: لَمْ يَكُنْ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ
شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّه». وفي رواية لهما
عنها رضي الله عنها: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا».
قال ابن المبارك رحمه الله: "جَائِزٌ في كَلَامِ الْعَرَبِ إذا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يُقَالَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ"
سبب صوم شعبان.
هذه
مسألة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا نحتاج معه إلى قول
غيره. فقد حدث أسامةُ بنُ زيد رضي الله عنهما أنه قال: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ الله لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ
مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ
رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى
رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»
رواه النسائي، وحسنه الألباني.
فاشتمل الحديث على سببين:
الأول: أنه شهر يُغفل عن الصوم فيه.
السبب الثاني لإكثار النبي صلى الله عليه وسلم الصوم في شعبان:
أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى.
والأعمال ترفع كل يوم وكل عام.
ففي شعبان ترفع الأعمال كما أخير نبينا صلى الله عليه وسلم.
وفي
كل يوم ترفع. فقد ثبت في صحيح مسلم، عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ: قَامَ
فِينَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ
فَقَالَ: «إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ
يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ
اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ
اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ
وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ». قال النووي رحمه
الله: "قيل: المراد بالقسط: الرزق الذي هو قسط كل مخلوق، يخفضه فيقتره
ويرفعه فيوسعه، والله أعلم").
فحري بالمسلم أن يكثر من الصيام في هذا الشهر،
ويحرص علي اتباع هدي النبي