أنا ابن التعليم العمومي ...ولن أغش سيدي الوزير

أنا ابن التعليم العمومي ...ولن أغش سيدي الوزير
خالد ملوك

 مبادرة محمودة تلك التي قام بها محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، المتمثلة في تشديد العقوبات على كل من سولت له نفسه الغش في يوم الامتحان حين يعز المرء أو يهان. لكن في البداية أود أن أقوم بمقارنة بسيطة لعلها ترجح كافة التعاطف لصالح الطرف الضحية. فالمتمرسين في الغش مثلا يستعملون أدوات تكنولوجية متطورة بعضها تزرع سماعاتها الدقيقة في قلب الأذن وبغير خيط يتم عبرها استقبال الأجوبة من أشخاص متطوعين يتواجدون هناك وراء أسوار المؤسسسة، ويتحاور معهم باستمرار في الاملاء أو التوقف بكلمات سر متفق عليها مسبقا. كإصدار أصوات المريض بالسعال أو سعار الكلاب الضالة مثلا. هذا التلميذ قد يفاجئ أساتذته بنجاحه وبميزته. أما "الدمدومة" في الغش فقد يظهر من خلال حركاته الغير الطبيعية يدور ذات اليمين والشمال ويحك شعر رأسه أو عنقه. وقد يقع في أخطاء تفضحه، ومنهم من يمتثل للمراقبون، ومنهم من يواجههم بقوة لأنه يرى في الغش حق مشروع، ومنعه من ذلك يعني أنك أنت السبب في تدمير مستقبله رغم أن مستقبله غابر في ضل الإيمان "بالنقيل" كوسيلة لبلوغ الهدف. هل يمكن الحديث عن مبدأ تكافئ الفرص في كلا الحالتين؟. أما حالة الاستاذ بعد آخر يوم للمراقبة فهي تدعوا للقلق، وقد يتفاجئ بنيزك حجري يسيل دماء رأسه، وقد تتعرض ممتلكاته للتخريب، وقد يتم الاعتداء على أبنائه. إشكالية أخرى يمكن تلخيصها في تعليق تُذرف عنه الدموع لتلميذ بريء على صفحات الشبكة الاجتماعية الفايسبوك يقول فيه بالحرف " أنا تلميذ الباكالوريا مسلك العلوم الانسانية. نقول للسيد الوزير المحترم. إنكم كما تحرصون على الجدية والمصداقية في الامتحان. نطلب منكم بدورنا توفير المناخ المدرسي الملائم وتعيين الأساتذة الأكفاء، لأن بعضهم لا يقدمون لنا شيء خاصة الدكاترة المعتصمون أمام البرلمان وتم تعيينهم مباشرة الى الاقسام. والله يا سعادة الوزير لأنهم يضيعوننا. ولولا الخوف لأعطيتكم اسم المؤسسة التي أدرس بها". ويختم بالقول "أعطونا اساتذة مزيانين باش يفهمونا مزيان" هي رسالة عفوية لكنها تحمل دلالة قوية ألا وهي نتائج التوظيف المباشر لأطر نسيت ما درست في الجامعة وتم تعيينها دون تلقي أي تكوين بيداغوجي. أضف على ذلك مؤسسات لم يلتحق بها الأساتذة إلا بعد مرور ثلاثة أشهر وربع المقرر الدراسي لم يكتمل بعد "كملوه فداركوم مثلا". أما قرار رفع عدد المراقبين إلى ثلاثة في القسم فقد يؤثر على الممتحن تأثيراً سلبياً بحيث لن يستطيع تحرير ورقته في ظل الضغط. أتمنى ألا يكون هذا سببا في رسوب العديد وبذلك تقليل نسبة النجاح. الشيء الذي سيضمن حل مشكل الاكتضاض بالجامعة المغربية.

أما المؤسسات الخصوصية فتولي الأهمية القصوى للمواد التي سيمتحن فيها التلاميذ دون المواد الأخرى لأن معدلات هذه الأخيرة مضمونة مسبقا. بهذا سيحصلون على نقط عالية في المراقبة المستمرة كما حصلوا عليها في الامتحان الجهوي للسنة الأولى من سلك الباكالوريا الشيء الذي سيضمن لهم النجاح ولو حصلوا على معدل أربعة على عشرين في الامتحان الوطني. لأن أستاذ التعليم الخصوصي يشعر بالخوف من الطرد في أية لحظة ليتم استبداله بأستاذ أخر لأنه دمية في يد المدير يلعب بها كما يشاء. لهذا يتم الانصياع لأوامره ويتدخل في النقطة التي سيمنحها الأستاذ لأنه " مول الشي أمول الشكارة". بهذا نجد أن جل التلاميذ يحصلون علي نقط مرتفعة وحتى البلداء منهم. التلميذ هو ابن الزبون في هذه الحالة والزبون ملك كما يقول المثل الفرنسي " Le client est un Roi" وللملوك الحق في طلب أي شيء. نحن مع مبدأ تكافئ الفرص. لكن من الأعلى نحو الأسفل وليس من الأسفل نحو الأسفل.