قاعدة كثرة الضئيل ......

ما الفرق بين النجم والكوكب؟
سؤال من أسهل الأسئلة الفلكية...وتكون أبسط الإجابات كالتالى:
النجم جسم فلكى ضخم تحدث فى جوفه تفاعلات نووية ترفع درجة حرارته بالشكل الكافى ليتوهج بذاته!
أما
الكوكب فهو يدور حول النجم ويتسم بضآلة الحجم بما لايتيح تفاعلات نووية
فيه........وبالتالى فهو يستمد ضوئه من إنعكاس الضوء الساقط عليه من النجم.

هناك قاعدة غريبة فى الحياة:
كلما قل حجم العنصر زاد إنتشاره وكثر عدده!

فعدد
الحجارة يفوق الصخور...والحصى يفوق الحجارة...والرمل يفوق الحصى.....ومثلا
عدد الخيول يفوق الأفيال...والحشرات تفوق الزواحف..والبكتيريا تفوق
الحشرات....

هل تنطبق قاعدة كثرة الضئيل هذه على الأجسام الفلكية؟

-
أول من قسم النجوم إلى فئات الفلكى اليونانى القديم هيبارخوس...وجعلها فى 6
تصنيفات..الأول منها يحوى النجوم الأشد إضاءة والأخير النجوم الأكثر
إعتاما........وكان عدد نجوم الفئة السادسة أكثر من أى فئة أخرى.

-
مع تطور الفلك والتليسكوبات ظهرت للوجود نجوم ذات بريق من الفئات 7-8 -و9
ووو...والغريب أنه كلما قل بريق النجم زاد عدده وصار أكثر شيوعا
وكأنما تسرى القاعدة على النجوم أيضا!!

-
بالطبع كان الناس قديما يعتقدون أن النجوم تقع على كرة سماوية صلبة على
بعد واحد منا. وبالتالى من وجهة نظرهم فالتباين فى بريق النجوم إنما يعزى
إلى تباين فى أحجامها.

- ونحن الآن نعلم أن النجوم على أبعاد متفاوتة منا.......
وبالتالى فإختلاف شدة البريق يعود إلى عاملى المسافة وحجم النجم. وقد إتفق العلماء على وضع مسافة معيارية لقياس شدة الإضاءة (البريق المطلق)
هذه المسافة هى 10 فراسخ نجمية.
والغريب أنه بعد هذا التصحيح وصلنا للنتيجة التالية

كل نجم يفوق الشمس فى كتلته...يقابله 20 نجم يقلون عنها فى الكتلة

-
للتوضيح مثلا الشعرى اليمانية كتلته 2.5 كتلة الشمس..وبريقه المطلق أقوى
من الشمس 23 مرة!.......وهناك نجم يدعى 70-Ophiuchi-A كتلته 0.95 من الشمس
وبريقه المطلق 0.36 من الشمس
ومع نقص الكتلة يقل بريق النجم!

- السؤال الآن:
ما هو أقل بريق لنجم يكاد يقترب من بريق الكواكب؟
أو بصورة أخرى
ما هو أقل النجوم بريقا فى الكون؟
-هناك نجم يدعى فان بيسبروك اكتشف عام 1940 لعالم يحمل نفس الإسم
هذه النجم شدة إضاءته 1/350000 من الشمس!!!
فلو احتل مكان الشمس كان قطره سيصير 1/7 من قطر الشمس...
وبالطبع سيشع ضوء أحمر خافت....فالتفاعلات النووية لا تكفى لتوليد طاقة أعلى....وهذا النجم ضوءه لن يتعدى 1.3 من ضوء البدر........
والقمر نفسه سيعكس قدر ضئيل جدا من الأشعة الساقطة عليه حتى أنه لن يرى أصلا بالعين المجردة!

- نجم آخر إكتشف عام 1983 اسمه LHS_2924 هذا النجم بريقه يعادل 1/1200000 (جزء من مليون و200 ألف جزء) من بريق الشمس!
فلو إحتل مكان الشمس لكان ضوءه خمسى ضوء البدر!

- ولكن ما هى كتل هذه النجوم بالغة الضعف؟
الحسابات الفلكية تشير إلى أن كتلة النجم تبلغ نحو 0.06 من كتلة الشمس
أى أن كتلة النجم LHS_2924 تعادل 60 مرة كتلة المشترى

نكتفى بهذا القدر اليوم على أن يتبع إن شاء الله

السلام عليكم
وقفنا فى المقالة الماضية عند أكثر نجم معتم فى الكون وقلنا إن اسمه LHS2924
وكتلته تقريبا 60 مرة مثل كتلة المشترى

طيب تعالوا نسأل سؤال ثانى كده ونحاول نفهم الفرق بين النجم والكوكب

ماهو أثقل جسم فى نطاق الأجرام له كتلة كبيرة ولكنها غير كافية لتوليد طاقة نووية؟
الإجابة طبعا هى كوكب المشترى
فكوكب المشترى كتلته 0.001 (جزء من ألف) من كتلة الشمس وجزء من ستين جزء من النجم المذكور

يعنى لو فرضنا كتلة المشترى= 1م
وكتلة أعتم نجم= 60 م
يبقى كده الخط الفاصل بين النجوم والكواكب يقع بين القيمتين 1م و 60م

وحسب قاعدة كثرة الضئيل لابد أن يكون عدد الكواكب أكبر من عدد النجوم.....
يعنى
فى مجموعتنا الشمسية مثلا المتعملقات الغازية
(المشترى-زحل-نبتون-أورانوس)...تشكل حوالى 99% من كتلة الأجرام التى تدور
حول الشمس....ويبقى باقى الكواكب مع المذنبات وذرات الغبار والغاز تشكل 1%
فقط!

يبقى نقدر بثقة نعتبر مجموعتنا الشمسية عبارة عن 4 كواكب عملاقة ونجم واحد والباقى كويكبات صغيرة....
وحسب قاعدتنا المفروض يبقى عدد الكواكب فى الكون أربع أمثال عدد النجوم...وعدد الكويكبات أكبر من ذلك بكثير

أليس من الوارد أيضا وجود كواكب سيارة فى الكون لا تتبع نجم ما لتدور حوله
هذا أمر وارد وإن كان هناك صعوبة بالغة فى رصد مثل هذه الكواكب.
الآن نتفق على تسمية الكواكب التى لها نجوم بالكواكب الثانوية والكواكب التى تسير حول مركز المجرة بشكل مفرد بالكواكب الأولية

الكواكب
الثانوية يتم إكتشافها بسهولة عن طريق تأثيرها المباشر على مسار نجومها
أما الكواكب الأوليه فهى لا تشع ضوء كافى ولا تؤثر فى حركة نجم قريب ليمكن
رصدها.........ما السبيل إلى رصدها إذن؟

نترك
هذا جانبا الآن ولننظر إلى كتلة مجرة مثل مجرة درب اللبانة مثلا....نجد
أنه تتركز حوالى 90% من كتلة المجرة فى المركز...وحوالى 10% فقط فى الأطراف
الخارجية.

وهذا فيه تماثل كبير لمجموعتنا الشمسية حيث تتركز أيضا فى المركز 90% من كتلتها.
ومما متعارف عليه أنه كلما بعد الكوكب عن الشمس كلما قلت سرعة دورانه
فهل فى المجرات أيضا النجوم الطرفية أقل دورانا من النجوم المركزية؟
لقد كانت دهشة العلماء شديدة عندما جاءت الإجابة بالنفى القاطع!!
فالنجوم الطرفية فى المجرات تدور بمعدلات أعلى من النجوم المركزية....
وفسر العلماء ذلك بأن كتل المجرات على ما يبدو قد تكون مركزة نحو الخارج وليس الداخل كما كان يعتقد!

ولو كان هذا التفسير صحيحا فإنه يحل مشكلة أخرى هامة!
فالمجرات مقسمة لمجموعات فيما يسمى بال Cluster كل مجموعة تدور حول مركز ثقل مشترك
فمثلا مجموعتنا المحلية تتكون من 30 مجرة أكبرها نحن وأندروميدا والسحب الماجلانية...لذلك فمركز الثقل قريب منا

ولكن لدهشة العلماء عند دراسة مجموعات المجرات وجد أن مراكز ثقل المجموعة لا تتفق مع طريقة دورانها...فبدا وكأن هناك كتلة ما مفقودة

ترى ما هى هذه الكتلة وأين تتركز؟

مشكلة الكتلة المفقودة
السلام عليكم
فى آخر المقالة السابقة ذكرنا الكتلة المفقودة فى هالات المجرات...وقلنا إنها المسئولة عن دوران النجوم الطرفية............

طيب يا ترى الكتلة دى لها أى دور فى حل معضلات فلكية أخرى؟
يعنى
لو بصينا على نطاق كونى واسع.....كلنا نعرف إن الكون يتمدد بناء على قانون
العالم إدوين هابل.........وكلنا نعرف إن فيه 3 نماذج للكون بناء على
الثابت الكونى أوميجا
المفتوح:يعنى يتمدد بشكل سرمدى أبدى
المغلق: يعنى يتمدد لحد معين.........وبعدين يتوقف تمدده وينهار على نفسه
الترددى (النبضى):كون يتمدد لحد معين ثم ينكمش لحد ما....ويعاود التمدد ثانية.

بدون الدخول فى تفاصيل...النموذج المغلق هو أقرب النماذج للتصور الفيزيائى (وحتى يتفق بشكل ما مع الرؤية الدينية)

وعلشان الكون يكون مفتوح لازم كثافته تكون دون1-3 ذرات هيدروجين للمتر المربع!!
يعنى
طول مكثافة الكون فوق 3 ذرات هيدروجين/م3 .....تقدر مادة الكون بجاذبيتها
تجمع شتات الكون تانى........إنما لو الكثافة قلت عن الحد ده!...قوة تمدد
الكون تتفوق ويبقى تمدده أبدى............

طبعا دى إستنتاجات نظرية على إيد جورج جاموف وغيره........

السؤال بقى:يا ترى كثافة الكون المرصودة حاليا قد إيه؟
-أقل كثير من 3 ذرات.......الله يعنى كده الكون مفتوح!
وجد
العلماء حل بسيط قوى للمأزق ده......هو إننا نرصد فقط نحو 10% من
الكون.........فممكن يكون ال90% الغير مرصودة فيها مادة ضخمة ترفع كثافة
الكون فوق حد 3 ذرات هيدروجين......

طيب إيه رأيكم لو فرضنا الكتلة المفقودة فى الهالات حول المجرات تعوض النقص ده فى كتلة وكثافة الكون ككل!!

يعنى
لو فرضنا إحصائيا (حسب قاعدة كثرة الضئيل)....إن هناك ألف كوكب أولى مقابل
كل نجم مرئى....إن ذلك من شأنه أن يفسر تماسك المجرات ويحل لغز الكتلة
المفقودة!
وممكن كمان نفرض وجود ثقوب سوداء زى محسام استنتج كده!

لحد هنا وعشان مطولش عليكم........
حلينا مشكلة الكتلة المفقودة.........
لكن ظهرت مشكلة أكبر......إن شاء الله نعرفها المقالة القادمة
دمتم بخير