حين قدّم الفيزيائي الشهير ألبرت آينشتاين نظريته في النسبية العامة سنة 1915، فإنه
قد أضاف (الزمن) كبعد رابع للأبعاد المكانية الثلاثة: الطول والعرض والارتفاع. قال
آينشتاين حينها أننا بإمكاننا أن نتحرك عبر خط الزمن أيضاً للأمام وللخلف، وكل ما نحتاجه
هو أن نتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء لكي نحس بفرق ملموس في انكماش
الزمن!
طبعاً
فهذا شرط شبه مستحيل واقعياً لكن افتراضاته مسلية جداً. منها أننا كلما
اقتربنا من سرعة الضوء فسيتباطأ الزمن. أي أن أحدنا لو قام برحلة حول
الأرض بسرعة قريبة من سرعة الضوء فإنه سيعود ويجد أنه مر على الأرض أكثر
من الزمن الذي مر عليه وهو في رحلته! وهناك مثال شهير يفترض أن رائد فضاء
عمره 25 سنة غادر الأرض على متن مركبة تتحرك بسرعة الضوء وترك أخاه الصغير
البالغ من العمر 22 سنة. لو غاب رائد فضائنا لمدة عشر سنوات بحسب توقيته
على مركبته الضوئية، فإنه سيعود للأرض وعمره 35 سنة ولكنه سيجد أن أخاه
الذي كان أصغر منه عمراً أصبح الآن في سن الأربعين أو الخمسين. لأن الزمن
على المركبة الضوئية انكمش بالنسبة للزمن على الأرض.
لكن
لنترك تفاصيل الفيزياء ولنتخيل بحريّة أكثر. فمن ناحية نظرية بحتة، فالسفر
للماضي يبدو -لأول وهلة- بديعاً بل ومفيداً. فالواحد منا سيتمتع –مثلاً-
بالقدرة على إحقاق الحق ودفع الظلم. لنتفكر في المآسي الكبرى التي مرت
بالبشرية. بحسبة بسيطة ستبرمج عدادات آلة الزمن التي عندك وتعود للماضي
لتقضي على من سيصير أباً لكل من هتلر، وموسوليني، ومسيلمة الكذاب. بوسعك
ايضاً أن تخفي كلاً من هؤلاء شخصياً وهم بعد أطفال. أنت هكذا ستجنب
البشرية ويلات حروب طاحنة وتوفر عليها خسائر فادحة وملايين الأنفس. أليس
كذلك؟
لوهلة
ثانية يبدو خيار السفر للماضي حلاً لكل مأزق يمكن تخيله. هل جاء وقت
الامتحانات قبل أن تشرع أصلاً في المذاكرة؟ بسيطة.. ارجع بالزمن شهراً
وذاكر. هل اكتشفت أن السهم الذي ضاربت به في البورصة خسران؟ ارجع للماضي
واشتر السهم الرابح بسعر القاع.. ثم انتظر.
لكن
قبل أن نجنح للتفاؤل فعلينا أن نتذكر أن للتاريخ قدرة ذاتية على المناورة
والتحقق.وقد طُرحت هذه النظرية وبشكل مكثف في أدبيات الخيال العلمي..
بمعنى أنك إذا منعت أخاك من أن يتزوج من ستصير طليقته، فإنه سيتزوج
أختها.. أو حتى أمها. هنا لن تضمن بأنهما سينتهيان إلى ذات النهاية
المستقبلية أو ما هو أسوأ. إذا سافرت للماضي وقتلت هتلر، فإن ابن عمه
سيكبر ليصير هو طاغية العصر. وهو لن يفتري في اليهود.. لكنه سـ "يضع حرّه”
في العرب انتقاماً لولد عمه (آدولف).. والله أعلم!