صدق
أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال: "لو لم تكن الصلاة رأس العبادات لكانت
من أحسن العادات"، فقد كثرت الدراسات العلمية والطبية التي تؤكد فوائد
الوضوء والصلاة وأداء العبادات على صحة الإنسان.. وآخر هذه الدراسات دراسة
مصرية أثبتت أن الصلاة تؤدي دوراً مهماً وحيوياً في المحافظة على صحة
القلب وسلامته وثبات ضغط الدم ومرونة المفاصل، إضافة إلى أنها تلعب دوراً
كبيراً في توازن الإنسان وصحته النفسية وصفاء ذهنه وعقله، كما تساعد
الصلاة على الاحتفاظ برشاقة الجسم وحيويته، وتجنب الإصابة بأي تشوهات، ومن
ثم فهي أفضل تمرينات رياضية عرفها الإنسان حتى الآن من حيث السهولة واليسر
في الأداء، وأنها مناسبة للجنسين، وفي كل الأعمار، ومفيدة لكل أعضاء الجسم
بشكل عام.
الأمراض الجلدية
وأول
صور الإعجاز العلمي والطبي تبدو في الوضوء الذي يقوم به المسلم قبل كل
صلاة، فالرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت
خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره" رواه مسلم، وقد أثبت العلم الحديث
بعد الفحص الميكروسكوبي: أن الذين يتوضؤون ويستنشقون ويستنثرون خمس مرات
يومياً في الصلوات الخمس، قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفاً خالياً من
الميكروبات في حين أعطت أنوف مـــن لا يتوضؤون مزارع ميكروبية ذات أنواع
متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقودية الشديدة العدوى،
والكروية السبحية السريعة الانتشار، والميكروبات العضوية التي تسبب العديد
من الأمراض.
وقد ثبت أن التسمم الذاتي يحدث من جراء نمو الميكروبات الضارة في تجويفي الأنف ومنهما إلى داخل المعدة والأمعاء .
أما
بالنسبة للمضمضة واستخدام السواك فقد ثبت أنها تحفظ الفم والبلعوم من
الالتهابات ومن تقيح اللثة وتقي الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية
التي قد تبقى فيها، وثبت علمياً أن تسعين في المئة من الذين يفقدون
أسنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة
الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسري إلى الدم.. ومنه
إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضاً كثيرة، وأن المضمضة تنمي بعض العضلات في
الوجه وتجعله مستديراً.. وهذا التمرين لم يذكره من خبراء الرياضة إلا
القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم، ولغسل الوجه واليدين إلى
المرفقين والقدمين فائدة إزالة الغبار وما يحتوي عليه من الجراثيم فضلاً
عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة
إلى إزالة العرق، فــقد ثبـــت علمياً أن الميــــكروبــات لا تهاجم جلد
الإنسان إلا إذا أهمل نظافته.. فالإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل
لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد
محدثة حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر والتي غالباً ما تكون غير نظيفة تدخل
الميكروبات إلى الجلد، كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتيريا كي
تتكاثر وتنمو، لهذا فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتريولوجيا الحديثة
والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتيريا والفطريات التي
تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته من خلال الوضوء والغسل، ومع
استمرار الفحوص والدراسات أعطت التجارب حقائق علمية أخرى.. فقد أثبت البحث
أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف
عند عدم غسلهما، ولذلك يجب غسل اليدين جيداً عند البدء في الوضوء، وهذا
يفسر لنا قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم :"إذا استيقظ أحدكم من نومه..
فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث"، كما ثبت أيضاً أن الدورة
الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من
القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو
القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما
يزيد في نشاط الشخص وفعاليته.
ويؤكد
الدكتور أحمد شوقي إبراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري
الأمراض الباطنية والقلب ما توصل إليه العلماء من أن سقوط رذاذ الماء على
أعضاء الجسم أثناء الوضوء يؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات ويتخلص الجسم
من ارتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق.. ويؤكد ذلك أحد
العلماء الأمريكيين بقوله: إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ المـاء على
الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزالة التوتر..
ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام، وما يحمله
من فوائد صحية ووقائية.
الصلاة إعجاز طبي
وعندما
يتوضأ المسلم ويشرع في الصلاة يجني الكثير من الفوائد الطبية والصحية التي
عددتها الأبحاث والدراسات العلمية، فقد توصل فريق بحثي مصري برئاسة
الدكتور عادل عبدالحميد (رئيس قسم العلاج الطبيعي في جامعة القاهرة) إلى
أن الصلاة تقوي عضلات جسم الإنسان عموماً، وتحمي من الإصابة بأمراض الجهاز
العظمي والتهاب المفاصل، كما تساعد في المحافظة على حيوية الكليتين
ووظيفتهما، والارتقاء بوظائف الكبد والرئتين، فضلاً عن دورها في تثبيت
مستويات السكر في الدم.
وأكد
فريق البحث أن للصلاة فوائد أيضاً في توازن الإنسان وصحته النفسية وصفاء
ذهنه وعقله، إضافة إلى كونها تحافظ على رشاقة القوام وتجنب الإصابة بأي
تشوهات، وأجرى أحد الباحثين بجامعة الإسكندرية دراسة لنيل درجة الماجستير،
حول معجزة الصلاة في الوقاية من مرض دوالي الساقين، شملت الدراسة 20 حالة
مصابة بدوالي الساقين، و10 حالات غير مصابة، كما قام الباحث بقياس الضغط
الوريدي على ظاهر القدم في 15 حالة أخرى غير مصابة، وثبت تأثير الصلاة في
الوقاية من مرض دوالي الساقين، حيث وجد أن الصلاة تعتبر عاملاً مؤثراً في
الوقاية من دوالي الساقين عن طريق أسباب ثلاثة هي:
● أوضاع الصلاة من قيام وركوع وسجود والتي تؤدي إلى أقل ضغط على الجدران الضعيفة لأوردة الساقين السطحية.
● قيام الصلاة بعملية تنشيط لعمل المضخة الوريدية الجانبية ومن ثم زيادة خفض الضغط على أوردة الساقين السطحية.
● تقـــوية الجـــدران الضعيفة عن طريق رفع كفاءة البناء الغذائي بها ضمن دفعـــها لكفاءة التمثيل الغذائي بالجسم بوجه عام.
وأثبتت
بحوث طبية مصرية أخرى أن أداء الصلاة والتأمل والتعبد تعد من أهم المنشطات
الطبيعية التي تساعد على إفراز هرمون الشباب (الميلاتونين) وبالتالي تأخير
أعراض الشيخوخة، وقال الدكتور مدحت الشامي اســتشاري التغذية
والميكروبيولوجي في بحث علمي إن الســلوك الشخصي له أثر فعال في صناعة هذا
الهرمون المهم داخل الجســـم لمكــافحة آثار الشـــيخوخة والتقدم في
العمــر، كما أن تنــاول أطعمة معينة يلعب دوراً مهـمًا في إفرازه، وذكـر
أن صـــناعة هـــرمون الميـلاتونين في الجســـم لا تحتاج إلى استخدام
العقـــارات الدوائية المصنــعة بأشـــكالها المخــتلفة، وإنمــا اتباع
سلوك غـــذائي ومعيـــشي مريــح مع الراحــة النفسية التي توفــرها
العبادات والابتعاد عن المهيجات والعـــادات الســلوكية الضارة.
وحول
جوانب الإعجاز الطبي في الصلاة يؤكد د. حسام الدين أبو السعود أن اللّه
سبحانه وتعالى فرض على عباده الصلاة، وجعل لها أوقاتًا محددة، وهي خمس
صلوات في اليوم والليلة، وهناك صلاة السنن الراتبة عند كل صلاة بالإضافة
إلى صلوات التطوع، ويتضمن أداء الصلاة القيام ببعض الحركات التعبدية من
الوقوف أمام الخالق جل وعلا في خشوع وذل مثل الوقوف في وضع القيام
منتصباً، ثم الانحناء في حالة الركوع والسجود، والجلوس بعد ذلك في حالة
التشهد مع تكرار هذه الحركات في كل ركعة من ركعات الصلاة وبصورة منتظمة،
وكل هذه الحركات التي يقوم بها الجسم تشتمل على تنشيط جميع أجزاء الجسم،
وتتضمن حركات رياضية منتظمة لجميع الأجزاء المفصلية، ومن ثم تعتبر تمرينات
لتقوية عضلات العمود الفقــــري، وتمنــــع تيبســـه وانحنائه، وهو ما يقي
من بعض أمراض الشيخوخة، كما أن حركات الصلاة تقي من ضعف الأطراف، وذلك
بتحريكها بصورة منتظمة، وتقي من آلام الأطراف.
الصلاة ومرضى الروماتيزم
وبعد
ذلك نجد أن الصلاة بالحركات المنتظمة في أدائها تقي الجسم من بعض الآلام
الروماتيزمية خاصة مرض الروماتويد، وقد أوضح ذلك أستاذ بجامعة مانشستر
بانجلترا كانت قد دعته إحدى الشركات الدوائية الانجليزية لإلقاء محاضرات
علمية بغرض تسويق منتج دوائي في دول الخليج العربي لمرضى الروماتيزم، وقد
اعترف بحقيقة علمية مهمة حين قال: "إنه ثبــت بما لا يدع مجالاً للشك أن
مرض الروماتيزم والروماتويد يقل بشكل ملحوظ بين المسلمين مقارنة بغيرهم من
غير المسلمين تحت نفس الظروف البيئية والغذائية الواحدة، وذلك لأن قيام
المسلمين بأداء الصلاة بصورة منتظمة وبحركاتها تلك تمنع تراكم بعض
الترسبات عند المفاصل التي تسبب الألم، ومن ثم فقد استفادت مراكز الأبحاث
والعلاج الطبية العالمية من ذلك ونصحوا مرضاهم بأداء تمرينات رياضية
مشابهة للصلاة، ففي الصلاة تقوية للعمود الفقري، ومن ثم تقي من الانزلاق
الغضروفي، والذي يتسبب في آلام شديدة خاصة في الذراعين أوالساقين، وبالطبع
فإن المصلي لا يشعر بهذه الأعراض مع الصلاة التي تقيه منها، كما أن الصلاة
فيها تقوية لمفاصل الكعبين بجانب أن عملية السجود تمنع تراكم المواد
الدهنية في أماكن معينة، هذا إلى جانب أن عملية التكبير والقراءة والتسبيح
في الصلاة مع حركاتها المنتظمة تعتبر تمرينات تنفسية منتظمة، كما أن
التسليم في نهاية الصلاة تمرينات للرقبة تقيها ممـا قد يحدث من تيبس عضلي.
مواقيت الصلاة
والصلاة
لها مواقيت محددة، وللّه سبحانه وتعالى حكمة في ذلك، فهي تبدأ مع استيقاظ
الإنسان من نومه وتنتهي بنهاية اليوم العملي والخلود للراحة والنوم بعد
صلاة العشاء، فيستقبل الإنسان يومه بالوضوء وصلاة الصبح، مما يهيئ الجسم
والعقل لبدء النشاط اليومي في العمل مبكراً، وتأتي بعد ذلك صلاة الظهر في
وسط العمل اليومي حيث يكون الجسم قد بدأ يشعر بالتعب، وتأتي بعد ذلك صلاة
العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وهي ختام العمل اليومي للإنسان، فيتوضأ
ويهيئ نفسه للصلاة، وختام يومه، ويخلد للنوم مرتاح النفس.
وتعتبر
الصلاة - في مجموعها من تكبير وركوع وسجود- نوعاً فريداً من التمرينات
الرياضية البدنية الشاملة، والتي يعجز أي خبير في الطب الرياضي عن الإتيان
بمثلها من حيث مناسبتها لجميع الأعمار والأجناس، وتعمل الصلاة على تنشيط
الدورة الدموية في الرأس أثناء السجود، وتنشيط ضربات القلب، ومن ثم تقي من
الإصابة ببعض أمراض القلب. وتزيد من حركة المعدة والأمعاء، وتنشط عملية
الهضم.
الصلاة الوسطي
ولقد شغلت الآية الكريمة: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين}
بعض العلماء والباحثين، وتساءل الكثيرون عن مغزى التأكيد والتخصيص للصلاة
الوسطي، وقام أحد الأطباء العرب المسلمين المقيمين في فرنسا، ويعمل
بمستشفى (شاربن في مدينة ليون بفرنسا) بالبحث والتقصي عن ذلك، وقدم بحثه
إلى المؤتمر الدولي للإعجاز الطبي في القرآن الكريم، والذي عقد بالقاهرة
في أوائل التسعينيات الميلادية، حيث أوضح أنه أجرى تجاربه على سبعين
جندياً لمدة ثلاثة أيام في حقل الرماية وسط جو الإزعاج الذي يقع في حالة
الحرب، وقيست كمية الأدرينالين في البول، فوجد أن نسبة هذا الهرمون ترتفع
بعد الظهر على وجه الخصوص، وهو ما يزيد التوتر البيولوجي في جسم الإنسان،
وحتى يتخلص الجسم من هذا التوتر، فإنه يكون في حاجة إلى استرخاء جسدي
ونفسي.
ومن
المعروف علمياً أن نسبة هرمون الأدرينالين والمعروف بهرمون التوتر تكون في
أقصى درجاتها بعد الظهر، وبذلك يكون الجسم في حالة أقرب إلى التوتر،
والتشنج البيولوجي الذي يعتبر مسبباً للكثير من الأمراض النفسية والجسدية،
بجانب أن الآثار السلبية لازدياد هرمون الأدرينالين عن الحد المعقول تؤدي
إلى ازدياد ضغط الدم، وارتفاع السكر، وزيادة دقات القلب، واسترخاء العضلات
اللينة، وانقباض العضلات المخططة، وغير ذلك من التأثيرات الأخرى، ولا شك
أن المحافظة على الصلاة الوسطى تعد مناسبة لإعطاء الفرصة لاسترخاء وهدوء
الجسم، وهذا يجعل فرصة وجود حالات توتر مفاجئ مثل الذي قد يحدث أثناء
الانشغال بالحياة والأعمال اليومية العادية قليلة جداً.
الصلاة والأثر النفسي
وفيما
يتعلق بالأثر النفسي للصلاة، أظهرت دراسة أمريكية جديدة قامت بها جامعة
ميريلاند في الولايات المتحدة حول تأثير طرق العلاج الروحي والصلاة على
صحة المريض وفوائدها في المساعدة على الشفاء من بعض الأمراض أن الصلاة
والعلاج الروحي يمكن أن يقللا من الألم الذي يشعر به المريض وأن يعجلا
بشفائه.
وقد
قام بالدراسة فريق من الباحثين درسوا 23 حالة مرضية بهدف رصد تأثير الصلاة
والدعاء والعلاج الروحي وطرق علاجية غير تقليدية أخرى على صحة المريض،
وأظهرت الدراسة نتائج إيجابية عند 57 بالمائة من المشاركين.
ووصف
الدكتور جون آستيد، الذي قام بالبحث.. النتائج التي توصلوا إليها بأنها
مثيرة للفضول، ومن الحالات الثلاث والعشرين التي تضمنتها الدراسة خضعت
إحدى عشرة حالة منها للعلاج باللمس الاســـتشفائي، وثلاث بالصلاة والدعاء،
وسبع اختبـــرت فيــــها طرق مختـــلفة للعـــلاج غير التقليدي.
وقال
الدكتورآستيد الذي يعمل أستاذاً مساعداً في قسم برنامج الطب التكميلي في
جامعة ميريلاند :●إنه لا يمكن نفي تأثير وفوائد الصلاة والعلاج الروحي
ومثل هذه الوسائل العلاجية غير التقليدية<، وبينت إحدى الدراسات التي
أجريت على ألف مريض بالقلب أن المرضى الذين أقيمت لهم الصلاة من أجل
شفائهم دون علمهم قلت معاناتهم من المرض بنسبة عشرة بالمائة