(1) بصمة البنان ..
البنان هو نهاية الإصبع ، وقد قال تعالى : ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه
بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) ( القيامة 3-4 ) .
وقد توصل العلم الى سر البصمة في القرن التاسع عشر ، وبيّن أن البصمة تتكون
من خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات ، وتعلو الخطوط البارزة
فتحات المسام العرقية ، تتمادى هذه الخطوط وتتلوى وتتفرع عنها فروع لتأخذ في النهاية
- وفي كل شخص - شكلا مميزاً ، وقد أثبت انه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في
شخصين في العالم حتى في التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة ..
ويتم تكوين البنان في الجنين في الشهر الرابع ، وتظل البصمة ثابتة ومميزة له طول حياته ،
ويمكن أن تتقارب بصمتان في الشكل تقارباً ملحوظاً ، ولكنهما لا تتطابقان أبداً ، ولذلك فإن البصمة
تعد دليلاً قاطعاً ومميزاً لشخصية الإنسان ومعمولاً به في كل بلاد العالم ، ويعتمد عليها القائمون
على تحقيق القضايا الجنائية لكشف المجرمين واللصوص ، وقد يكون هذا هو السر الي خصص
الله - تبارك وتعالى - من أجله البنان ، وفي ذلك يقول العلماء في ذكر الله للبنان ليلفتنا الى عظيم
قدرته حيث أودع سراً عجيباً في أطراف الأصابع ، وهو ما نسميه بالبصمة ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
(2) بصمة الرائحة ..
لكل إنسان بصمة لرائحته المميزة التي يتفرد بها وحده دون سائر البشر أجمعين ،
والآية تدل على ذلك ، قال الله تعالى - على لسان يعقوب عليه السلام - :
( ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ) ( يوسف 94 ) .
إننا لنجد في هذه الآية تأكيداً لبصمة رائحة سيدنا يوسف التي تميزه عن كل البشر ،
وقد استغلت هذه الصفة المميزة أو البصمة في تتبع آثار أي شخص معين ،
وذلك بإستغلال كلاب الوولف - مثلاً - التي تستطيع بعد شم ملابس إنسان معين
أن تخرجه من بين آلاف البشر ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
(3) بصمة الشفاه ..
لقد أودع الله في الشفاه سر الجمال ، وأودع فيها كذلك بصمة صاحبها ،
فتلك العضلات القرمزية التي كثيراً ما شبهها الشعراء بثمار الكريز قد أثبتت
أن لها بصمة مميزة لدرجة أنه لا يتفق فيها اثنان في العالم ، وتؤخذ بصمة الشفاه
بواسطة جهاز به حبر غير مرئي حيث يضغط الجهاز على الشفاه بعد أن توضع ورقة
من النوع الحساس فتطبع عليها بصمة الشفاه ، وقد بلغت الدقة في هذا الخصوص
إلى إمكانية أخذ بصمة الشفاه حتى من على عقب سيجارة ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
(4) بصمة الأذن ..
يولد الإنسان وينمو وكل ما فيه يتغير إلا بصمة أذنه ، فهي البصمة الوحيدة التي
لا تتغير منذ ولادة الشخص حتى مماته ، وتهتم بها بعض الدول ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
(5) بصمة العين ..
بصمة إبتكرتها إحدى الشركات الأمريكية لصناعة الأجهزة الطبية ، والشركة تؤكد أنه لا يوجد
عينان متشابهان في كل شيئ ، حيث يتم أخذ بصمة للعين عن طريق النظر في عدسة
الجهاز الذي يقوم بدوره بإلتقاط صورة لشبكية العين ، وعند الإشتباه في أي شخص يتم الضغط
على زر معين بالجهاز فتتم مقارنة صورته بالصورة المختزنة في ذاكرة الجهاز ، ولا يزيد وقت
هذه العملية على ثانية ونصف الثانية ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
-$- البصمة الوراثية تكشف المستور -$-
أثارت الصحف ووكالات الأنباء إلى أذهاننا مأساة الطائرة المصرية المنكوبة ( بوينج 707 )
حين نشرت خبر عودة رفات 25 جثة انتشلت من قاع المحيط ، تم التعرف على أصحابها
عن طريق إختبار البصمة الوراثية ( DNA ) ، وقد يتساءل البعض منا الى أي مدى يمكن أن
يكون هذا الإختبار بالدقى المطلوبة ؟ وهل تستطيع الأسر المصرية المكلومة الإطمئنان على
أن فقيدها هو الذي أعادوه الى أرض الوطن ؟؟
- وهذا ما سنعرضه في موضوعنا -
بداية .. ما هو الـ ( DNA ) ؟؟
( DNA ) هي المادة الوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية ، وهي التي تجعلك مختلفاً
إنها الشفرة التي تقول لكل جسم من أجسامنا : ماذا ستكون ؟ وماذا ستفعل عشرة ترليونات
( مليون مليون ) من الخلايا ؟؟ ، وطبقاً لما ذكره العالمان ( واطسون و كريك ) في عام 1935 م ،
فإن جزئ الحمض النووي ( DNA ) يتكون من شطرين يلتفان حول بعضهما على هيئة سلم حلزوني ،
ويحتوي الجزئ على متتابعات من الفوسفات والسكر ، ودرجات هذا السلم تتكون من ارتباط أربع قواعد
كيميائية تحت اسم ... ( أدينين A ، ثايمين T ، سايتوسين C ، جوانين G ) ..
ويتكون هذا الجزئ في الإنسان من نحو ثلاثة بلايين ونصف بليون قاعدة ، وكل مجموعة من هذه القواعد
تمثل جيناً من المائة ألف جين الموجودة في الإنسان ، إذاً فبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مجموعة
مكونة من ( 2.200 قاعدة ) تحمل جيناً معيناً يمثل سمة مميزة لهذا الشخص ، هذه السمة قد تكون
لون العين ، أو لون الشعر ، أو الذكاء ، أو الطول ... الخ ، وقد تحتاج سمة واحدة الى مجموعة
من الجينات لتمثيها ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
-$- إكتشاف البصمة الوراثية -$-
لم تعرف البصمة الوراثية حتى كان عام 1984م حينما نشر ( د. آليك جيفريز ) عالم الوراثة بجامعة
( ليستر ) بلندن بحثاً أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات ، وتعيد نفسها في تتابعات
عشوائية غير مفهومة .. وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد الى أن هذه التتابعات مميزة لكل فرد ،
ولا يمكن ان تتشابه بين إثنين إلا في حالة التوائم المتماثلة فقط ، بل أن احتمال تشابه بصمتين
وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون ، مما يجعل التشابه مستحيلاً ، لأن سكان الأرض
لا يتعدون المليارات الستة ، وسجل الدكتور ( آليك ) براءة اكتشافه عام ( 1985 م ) ، وأطلق على هذه
التتابعات اسم ( البصمة الوراثية للأنسان ) ( The DNA Fingerprinr ) ...
وعرفت على أنها وسيلة من وسائل التعرف على الشخص عن طريق مقارنة مقاطع الـ ( DNA ) ،
وتسمى في بعض الأحيان الطبعة الوراثية ( DNA Typing ) ...
إعجاز الخالق أسرار البصمات
-$- كيف تحصل على بصمة وراثية -$-
كان ( د. آليك ) أول من وضع بذلك تقنية جديدة للحصول على البصمة الوراثية وهي تتلخص
في عدة نقاط هي :
(1)
تستخرج عينة الـ ( DNA ) من نسيج الجسم أو سوائله ..
(2)
تقطع العينة بواسطة إنزيم معين يمكن قطع شريطي الـ ( DNA ) طولياً ، فيفصل قواعد ..
( الأدنين A ) و ( الجوانين G ) في ناحية ، و ( الثايمن T ) و ( سايتوسين C ) في ناحية اخرى ،
ويسمى هذا الإنزيم بالآلة الجينية ، أو المقص الجيني ..
(3)
ترتب هذه المقاطع باستخدام طريقة تسمى بالتفريغ الكهربائي ، وتتكون بذلك حارات طويلة
من الجزء المنفصل عن الشريط يتوقف طولها على عدد المكررات ..
(4)
تعرض المقاطع الى فيلم الأشعة السينية ( X-Ray Film ) وتطبع عليه فتظهر على شكل
خطوط داكنة اللون ومتوازية ..
ورغم أن جزئ الـ ( DNA ) صغير الى درجة فائقة ( حتى أنه لو جمع كل الـ -DNA - الذي تحتوي
عليه أجساد سكان الأرض لما زاد وزنه عن 36 ملجم ) ، فإن البصمة الوراثية تعتبر نسبياً واضحة ،
ولم تتوقف أبحاث ( د. آليك ) على هذه التقنية ، بل قام بدراسة على إحدى العائلات يختبر فيها
توريث هذه البصمة ، وتبين له أن الأبناء يحملون خطوطاً يجئ نصفها من الأب ، والنصف الآخر من الأم
ويكفي لأختبار البصمة الوراثية نقطة دم صغيرة ، بل إن شعرة واحدة إذا سقطت من جسم الشخص
المراد ، أو لعاب سال من فمه ، أو أي شيئ من لوازمه ، فإن هذا كفيل بأن يوضح اختبار البصمة الوراثية
كما تقول أبحاث ( الدكتور آليك ) .
وقد تمسح بصمة الأصابع بسهولة ، ولكن بصمة الـ ( DNA ) يستحيل مسحها من ورائك ،
وبمجرد المصافحة قد تنقل العينة الخاصة بك الى يد من تصافحه ، ولو كانت العينة اصغر من المطلوب
فإنها تدخل اختباراً آخر ، وهو تفاعل إنزيم ( البوليميرز PCR ) ، والذي نستطيع من خلال تطبيقه
مضاعفة كمية الحمض النووي في أي عينة ، و مما وصلت اليه الأبحاث المتميزة أن البصمة الوراثية
لا تتغير من مكان لآخر في جسم الإنسان ، فهي ثابتة بغض النظر عن النوع النسيج ، فالبصمة الوراثية
التي في العين تجد مثيلاتها في الكبد .. والقلب .. والشعر ..
وبذلك دخل ( الدكتور آليك جيوفريز ) التاريخ من اوسع أبوابه ، وكانت أبحاثه من أسرع
الإكتشافات تطبيقاً في كثير من المجالات ...
سبحان الله العلي القدير
السبت 31 مارس - 23:05
