<blockquote dir="rtl" style="margin-left: 0px;">
محسّات الحركة لدى الكائنات
الحية ذات الهيكل الخارجي
تعتمد الصراصير والسلطعونات (السرطانات) والعناكب عند تحريكها لأطرافها على
أعضاء في هيكلها الخارجي تعمل كمقاييس للإجهاد. ويمكن لطريقة هذه الكائنات في حركتها
أن تساعد على تصميم إنسالات (1) متعددة الأرجل.
لدى
بحث العناكب عن فريسة أو عند مقاومة السلطعونات للأمواج المرتدة أو محاولة
الصّراصير الاختباء في الشقوق، فهي تعتمد على محسات طبيعية تثير إعجاب
ودهشة العديد من المهندسين. ولمفصليات الأرجل هذه أعضاء متخصصة مغروسة في
سيقانها تتحسس أقل الانثناءات أو الإجهادات strains في هيكلها الخارجي.
وتنافس تلك المحسّات البيولوجية الفائقة الحساسية، المحسّات التي يبتدعها
المهندسون في أيامنا هذه. وفي الحقيقة فالمحسّات البيولوجية هذه تذهب إلى
أبعد مما تقوم به محسّات المهندسين؛ فهي تقوم بقياس الجهد، كما تقوم
بإصدار أوامر القيادة المناسبة التي تُنظِّم حركة المشي لدى هذه الكائنات،
كما يمكن لها أن "تتذكر" مسار حركتها السابق.
إن
دراسة محسّات الإجهاد للمفصليات لن تُحسِّن فهمنا للافقاريات فقط، بل
ستفيدنا جدا في علم الإنسالية science of robotics وفي بناء آلات يمكنها
الحركة على مسطحات وعرة قد تكون على كوكبنا أو على سطح القمر أو على
المريخ. فقد اتجه خبراء الإنسالية إلى بناء آليات ذاتية الحركة مشابهة
لآليات الحشرات التي تبدي أفضل التوازن والانسجام (إذ نادرا ما يتعثر
السلطعون في حركته ويسقط). وربما كان أشهر هذه الإنسالات هو دانتي Dante
الذي نزل في مطلع التسعينات بوساطة أرجله الثماني إلى فوهات براكين في
القارة القطبية الجنوبية وألاسكا. ومع ذلك فإن هذه الإنسالة التي كانت
متعثرة في حركتها وعانت مصاعب ميكانيكية، لم تكن لها قط رشاقة ونشاط
العنكبوت مثلا. لذا فإن فهم طريقة عمل محسات الإجهاد الطبيعية للمفصليات،
إضافة إلى فهم الأمور الحركية الأخرى كأسلوب المشي ووضع الجسم أثناء
الحركة، سيكون مفتاحا لبناء وتصميم إنسالات أكثر ذكاء ورشاقة.
إن
الإجهاد بالمعنى الهندسي هو نسبة التغير في طول شيء ما عند تعرضه لقوة ما
قياسا إلى طوله الأصلي في الحالة الحرة. تتألف محسّات الإجهاد من رقاقة
معدنية أو شبه موصل مرن، وتتغير مقاومتها الكهربائية مع تغير الإجهاد
المطبق عليها. وليس الميزان المنزلي الإلكتروني إلا تطبيقا مألوفًا لمحسات
الإجهاد، حيث ينثني قضيب معدني من جراء وقوف شخص على الميزان، ويُحوِّل
محس الإجهاد المرتبط بالقضيب المعدني هذا الانثناء إلى إشارة كهربائية
تتحول إلى أرقام عددية تدل على وزن الشخص مقدرا بالكيلوغرام أو الرطل.
استُخدمت
محسّات إجهاد أكثر تعقيدا في تطبيقات صناعية متنوعة، حيث وُضِعت المادة
الموصلة لهذه المحسّات في شبكات أو في صفوف متعاقبة. هذا التنظيم يجعل هذه
المحسات حساسة للاتجاه الذي تُصَفُّ به، وبذا تُمكّن من تحسس منحى الإجهاد
والحصول بالتالي على أفضل النتائج عن طريق جمع عدد من القياسات التفرعية.
يمكن استخدام مثل هذه المحسّات في اختبار إنشاءات المباني والجسور وكذلك
محركات السيارات والطائرات.
</blockquote>