غياب (الكري) وشحة المياه يحولان أنهار العراق الى جزر يابسة
يقلق مواطنون عراقيون من ظاهرة انحسار المياه في الكثير من الأنهار حتى أن بعضها مهدد بالجفاف بصورة جدية.
وسيم باسم من بغداد: يعتبر
نهر الهندية في مدينة كربلاء(108 كم جنوب غربي بغداد)، أبرز مثال على
ظاهرة الجزر اليابسة، وهو فرع رئيسي من نهر الفرات في منطقة الفرات الأوسط.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كريم
الياسري مزارع عاش طيلة ثلث قرون مع عائلته عند النهر حيث يربي الجاموس
ويعتمد على الزراعة ايضا وصيد الاسماك، لم يعد يستطيع مقاومة اغراء ترك
النهر والاقتراب من المدينة اكثر بحثا عن عمل.
يقول الياسري: انخفضت مناسيب المياه وهاجر الكثير من المزارعين و( المعدان ) بحثا عن مصدر عيش في مكان آخر.
لقد انهار كل شيء، يضيف الياسري، فقد اتى انخفاض مناسيب المياه الى انحسار دور الزراعة في حياة الناس.
وفي
مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد) يؤدي انخفاض مناسيب المياه في الانهر
المتفرعة من شط الحلة الى الكثير من النزاعات العشائرية حول الحصص المائية
التي يحرص الجميع على توفرها.
ويتوفر العراق على ثمانين ماكنة (كري) موزعة على جميع محافظات العراق، ويصل سعر الحديثة منها الى حوالي 15 مليون دولار.
وفي مدينة الدبلة جنوبي بابل قتل علي حسن بسبب النزاع حول تقاسم الماء.
ويتكرر النزاع العشائري في اكثر من مكان في العراق بسبب خلافات على الحصص المائية، يؤدي الى قتلى وجرحى.
ويرى
مهندس الري جواد كاظم الخفاجي ان كري الانهر ازداد وتيرة في الاعوام الخمس
الاخيرة، مقارنة بعقود من الاهمال في الثمانينيات والتسعينيات من القرن
الماضي. ويضيف: الوقت قد حان لتامين مناسيب جيدة للمياه في نهري دجلة
والفرات عبر اجبار الدول المجاورة على مراعاة حقوق العراق المائية.
وبحسب جواد فان مناسيب المياه اليوم لا تتناسب مع الحاجة الفعلية لارواء الاراضي الزراعية في العراق.
ومما
يزيد من الاضرار هو عدم توفر تقنيات متقدمة لمنع ضياع مياه نهري دجلة
والفرات اللذان يصبان في شط العرب ومن ثم الخليج العربي، مثل السدود
والبحيرات التي تخزن فيها المياه بدلا من ضياعها في البحر.
ويقترح
جواد اقامة بحيرات عملاقة في اكثر من مكان في العراق لخزن المياه واستخدامه
عند الحاجة. وعلى رغم انخفاض مناسيب المياه فان جواد يؤكد انه من الممكن
الاكتفاء من المياه عبر اقامة بحيرات الخزن العملاقة.
كما يمكن -
بحسب جواد - استثمار الطمى (الزميج) المستخرج من باطن الانهر في استصلاح
الاراضي الغير صالحة للزراعة، او عبر بيعه الى دول اخرى.
وفي بابل و الديوانية (193 كلم جنوبي بغداد) ادى انخفاض مناسيب نهر شط الحلة والانهر الاخرى الى انحسار مساحة الأراضي المزروعة.
ويقول
المهندس الزراعي حاتم عرب ان مساحات الاراضي المزروعة في الديوانية كانت
بحدود ثلاثمائة الف دونم، بينما لا تتعدى اليوم التسعين دونما.
وفي مناطق وسط وجنوب العراق فان مزارع الشلب هي الاكثر تضررا لانها زراعة تحتاج الى كميات كبيرة ودائمة من المياه.
وكف
الكثير من الفلاحين بينهم سعدون الخفاجي في منطقة المشخاب جنوبي النجف
(160 كم جنوبي بغداد) عن زراعة الحنطة والشعير بسبب نقص المياه.
لكن ما يثير بحسب المهندس حاتم هو كثرة الانهار الميتة في المناطق الزراعية.
ولكي
يضمن الفلاحون الحصول على المياه لارواء مزارعهم يلجأ بعضهم الى التحايل
وسرقة الحصص المائية عبر تغيير مسار الانهر الصغيرة المارة بين المزارع في
الليل.
ويؤدي التجاوز على الانهر الى هدر كبير في المياه اضافة الى
انشغال الفلاح بدعاوي قضائية وخلافات عشائرية تمنعه من اكمال مشاريعه
التجارية.
ويضطر ابو حسين في منطقة الهاشمية جنوبي بابل الى المبيت في مزارعته لضمان عدم سرقة حصته المائية حيث يؤكد ان ذلك حدث اكثر من مرة.
والى جانب انخفاض مناسيب المياه فان انهر العراق تعاني من مشكلة الطمي الذي يتراكم حيث لم يتم تنظيف وكري الانهر العراقية منذ عقود.
بل
ان بعض الفلاحين الساكنين في القرى يضطرون الى كري الانهر الفرعية بأديهم
مؤتلفين في جماعات لكري الانهر لكن ذلك يستغرق اشهرا بحسب ابو حسن الحيدري.
وتعاني
اكثر مدن العراق من غياب عمليات الكري او التطهير، ومثال ذلك شط الحلة حيث
يؤكد المهندس حاتم ان النهر لم يشهد عمليات الكري منذ بداية السبعينيات.
وتبلغ
حجم الترسبات في الانهر الى درجة انها تشكل جزرا في الانهر الكبيرة اما في
الانهر الصغيرة فانها تتسبب في انسدادها وعدم انسيابية جريان الماء فيها.