الشجرة تحلق عالياً في سماء المسرح البيئي بالجزائر

قدم
لمسرح البيئي في الجزائر مسرحية "صاحبة الكنز" الموجهة للأطفال، لترافع عن
الشجرة أقدم صديقة للإنسان وتحذر من مغبة قطعها، مثلما أهابت بطلائع الجيل
الجديد لتحصين الطبيعة ضدّ المتربصين بها، في رحلة ساحرة استكشفت الشجرة
الطيبة التي تملأ الكون ظلالا وثمارا وزهورا وجمالا وانتعاشا وأملا وتجددا.

كامل الشيرازي من الجزائر: تحكي
مسرحية صاحبة الكنز - إنتاج نيسان/ أبريل 2012 -، قصة الطفلة حياة التي
تعشق الطبيعة الساحرة بهوائها ونباتاتها وحيواناتها، وتقرر الدفاع عن
الغابة وكائناتها، حيث تبذل حياة كل جهودها لأجل تحقيق هذا المسعى النبيل
رفقة صويحباتها: أرنوبة، نحولة، والشجرة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بالمقابل،
يبدأ الحطاب تنفيذ مخطط شيطاني للفتك بالأشجار، وينضمّ إليه الصياد رفقة
ابنه الشقي سمير للإيقاع بالحيوانات البريئة، لكنّ ذكاء حياة وأرنوبة
ونحولة ومساندتهم من لدن السيدة (نظافة) ساعد على إحباط مخطط المعتدين
الثلاثة، وحصّن الفضاء البيئي ضدّ قوى التدمير والتلويث.

"صاحبة
الكنز" التي كتب نصها "رشيد شبلي"، أخرجها "محمد إسلام عباس" وأنتجها
المسرح الجهوي لمدينة أم البواقي (700 كلم شرقي الجزائر)، انتصرت لأصدقاء
الطبيعة، حيث نجحت حياة وفريق الأطفال الأخيار في صدّ المتربصين بالمحيط
الأخضر، كما وجهت رسالة متكاملة بحتمية السهر على نظافة المحيط وحماية
الحيوانات وتأمين النباتات.

واسترسل
العمل الذي حُظي عرضه الافتتاحي باستحسان الأطفال وأوليائهم، في الإشادة
بفضائل الشجرة كمصدر أساسي ورئيسي للغذاء، يُستفاد منها أيضا في استخراج
الأدوية والأخشاب والبناء والوقود وصناعة الأوراق، بجانب توفيرها الظلال
وتلطيفها درجات الحرارة في المدن والقرى، وتقليلها كميات الغبار، فضلا عن
تنقيتها الجو من غاز ثاني أكسيد الكربون وزيادة الأكسجين، وتشكيلها ديكورا
طبيعيا هائلا يزيّن الشوارع والطرقات، وتخفّف الشجرة أيضا من حدة الضجيج
والأصوات المزعجة .

في
مقاربته، ذكر المؤلف "رشيد شبلي" أنّ الشجرة عنصر حيوي مؤثر من عناصر الكون
وسبب من أسباب جماله وروعته، فهي تعني الظل والغذاء والدواء والخضرة
والجمال، لذا يجدر بالجميع رعايتها والدعوة إلى زراعتها، والمشاركة في
إنجاح عمليات التشجير، داعيا لتوخي شعار دائم ( ازرع ولا تقطع ).

المسرحية
التي جسدها كل من كنزة أصالة بن بوساحة، شيرين طبوش، سامية طبوش، أسامة
هادف، آمال بن عمرة، رضوان حاجي، عبد الحق محمد، أمينة فريال وحميد محمد
شريف، أبرزت على لسان مبدعيها ضرورة جعل الشوط القادم عنوانا للمحافظة على
الأشجار رمز الطبيعة والاعتناء بتكثيف غرسها، سيما مع تنامي الاحتطاب
المهدّد للأشجار، والرعي الجائر كعين الدمار، والصيد العشوائي الذي يفقد
للطبيعة توازنها ويمسح للحيوانات وجودها.

بدوره،
ذهب المخرج الفذ "محمد إسلام عباس" إلى أنّ المسرح جمال السلوكيات والمواقف
وليس مجرد محاكاة شاحبة للحياة، ويصير الأمر أكثر عظمة وأعمق تعبيراً من
الحياة نفسها، عندما يتم استحضار البيئة روح الجمال والصدق والإيمان ويجري
التفاعل مع طبيعة حية نابضة.

والتقى
السينوغرافي الشاب "مراد بوشهير" مع مواطنيه الموسيقار "حسان لعمامرة"
ومصممة الكوريغرافيا "نوارة إيدامي" في كون بيئة الغد ترتسم من خلال بث
صورة ثقافية جميلة والتناغم مع طبيعة رفيعة لطالما سحرت ولا تزال تسحرنا
بمعزوفاتها الراقية التي تتعدى حدود الخيال الجامح.‏