التنظيم الاجتماعي
الأسود لواحم مفترسة تُظهر شكلين من التنظيم الاجتماعي. فالبعض منها مقيم، يعيش في مجموعة عائلية تُسمىزمرة وتتألف
الزمرة عادة من قرابة خمس أو ست لبوات مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة،
بالإضافة لأشبالها من كلا الجنسين، وذكر واحد أو ذكرين يطلق عليهما تعبير التحالف الذكوري والذين
يتزاوجان مع جميع الإناث البالغة (على الرغم من أن هناك بعض الزمر الكبيرة
جدا التي يصل عدد أفرادها إلى 30). يصل عدد الذكور في التحالف إلى اثنين
في أكثر الأحيان، إلا أنه قد يزداد حتى 4 ويقل مجددا مع مرور الوقت. تُطرد
الأشبال الذكور من زمرتها الأموميّة عندما تصل لمرحلة البلوغ.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] زمرة أسود، تتألف من ذكر بالغ وبضعة إناث بالإضافة لأشبال مراهقة، تبدأ بالتحرك في ماساي مارا، كينيا.
يُسمّى سلوك الأسود الآخر الارتحال،
حيث لا يستقر البعض منها في منطقة معينة بل يستمر بالتنقل لمسافات شاسعة،
إما بمفرده أو بأزواج، بين الفترة والأخرى. تتبع الذكور العازبة ذات
القربى هذا السلوك إجمالا، والتي تكون قد طردت من زمرتها الأمومية؛ ويلاحظ
أن الأسود قد تغيّر من نمط حياتها فتتحول من مرتحلة إلى مقيمة والعكس
صحيح. تمر جميع الذكور بهذه المرحلة، والبعض منها قد لا يتخطاها بحال لم
ينجح بالسيطرة على زمرة جديدة، أما الإناث فإن تحوّلها لنمط الارتحال أصعب
عليها من الذكور، فبحال طُردت أنثى من زمرتها فلن تستطيع الانضمام لزمرة
أخرى بسهولة، إذ أن جميع الزمر تتكون من إناث ذوات قربى ترفض معظم محاولات
أي أنثى أخرى من زمرة مختلفة بالانضمام إليها.
تُسمى المنطقة التي تقطنها زمرة الأسود الحوز أو حوز الزمرة، بينما تُسمى منطقة الأسد المرتحل الموطن أوالإقليم.
تبقى الذكور البالغة التي سيطرت على مجموعة من الإناث على حدود الحوز معظم
أوقاتها لتدافع عنه ضد الذكور الأخرى، حيث تقوم بجولات واسعة يوميّة عبره
وترش بولها على الأشجار والشجيرات لتترك
رائحتها كإنذار لأي ذكر دخيل بوجودها في المنطقة. لا يزال سبب تطوّر
السلوك الاجتماعي للبؤات—وتفردها به بين جميع أنواع السنوريات
الأخرى—موضوع جدل كبير بين العلماء، ويظهر بأن ازدياد نسبة نجاحها في
الصيد هي العامل الأبرز والأوضح الذي جعلها تلجأ لأسلوب العيش الجماعي،
إلا أن هذا الأمر يصبح أقل من مؤكد عند دراستها عن قرب: فالصيد المنسّق
يزيد من نسبة نجاحها في الافتراس، ولكنه يضمن أيضا أن الأفراد التي لم
تخرج للصيد لن تستهلك نفس نسبة السعرات الحرارية للفرد
كما ستفعل باقي الأسود، مما يعني أن الزمرة لن تضطر للإصطياد مرة أخرى حتى
بضعة أيام، ولكن البعض من تلك الأفراد قد يُترك لحراسة الأشبال التي لولا
ذلك تبقى بمفردها لفترة طويلة مما يعرضها لخطر الضواري الأخرى، أو يلعب
دورا في تربيتها. تُعد صحة وسلامة اللبوات الصيّادة أهم الأسس لبقاء
الزمرة، لذا فإن تلك اللبؤات تكون أول من يتقدم للأكل (بحال لم تتواجد
الذكور). وتشمل المنافع الأخرى التي يفترضها العلماء: انتقاء القربى (أي
أن الأسد قد يُفضل أن يُشارك غذائه مع أسد قريب له بدلا من أسد غريب)،
حماية الصغار، الحفاظ على الحوز، وتأمين كل فرد على نفسه ضد الجوع أو
الإصابة، أي أن كل فرد من الزمرة يستطيع أن يتأكد من أنه سيحظى بالطعام
دوما، وبالعناية بحال أصيب لأن باقي الزمرة تحتاج إليه في كل ما سبق.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لبوة تندفع بسرعة خلال عملية صيد في السيرينغتي.
تقوم اللبؤات بمعظم
الصيد للزمرة، كونها أصغر حجما، أسرع، وأكثر رشاقة من الذكور، ولا تعيقها
اللبدة الكبيرة الكثيفة الواضحة للعيان، والتي تسبب ارتفاعا في درجة حرارة
الجسد أثناء المطاردة. تتصرف الأسود كوحدة صيد منظمة كي تستطيع التسلل نحو
طريدتها والإمساك بها بنجاح، وبحال كانت الذكور بالجوار فإنها تسيطر على
الفريسة فورا ما إن تمسك بها اللبوات وتستفرد بها، ويُحتمل بأن تُشارك
الذكور الأشبال في طعامها أكثر من الإناث، إلا أنها لا تشارك أي منهما
بحال كانت قد أمسكت بتلك الفريسة بمفردها. تقتات الأسود على الطرائد
الأصغر حجما في موقع قتلها، وبالتالي فإن الصيادات هي من يتشاركها فقط؛
أما إذا كانت الطريدة كبيرة فإنها تقوم بجرّها إلى حوز الزمرة. تتشارك
الأسود مع بعضها بشكل أكبر عند إمساكها بفريسة كبيرة، على الرغم من أن
أفراد الزمرة عندئذ يتصرفون بعدائية تجاه بعضهم البعض لأن كل منهم يحاول
الحصول على أكبر قدر ممكن من الطعام.
تدافع كل من الذكور
والإناث عن الزمرة ضد أي أسود دخيلة أخرى. تقود بعض الأسود نفسها الهجوم
ضد الدخلاء باستمرار، بينما يتلكأ البعض في الخلف دوما. تميل الأسود لأن
تمتلك أدوارا محددة في الزمرة، فتلك المتلكأة قد تؤمن خدمات مفيدة أخرى
للمجموعة مثل حماية الأشبال أو صدّ الهجوم من الوراء. ومن الافتراضات
المقابلة أن هناك ما يعود بالنفع على الأسد الذي يقود الهجوم على الدخلاء،
وما يبرز ذلك هو رتبة اللبوات بداخل الزمرة، فاللبوة القائدة هي الأعلى
مرتبةً. وكذلك الأمر بالنسبة للذكور المسيطرة على الزمرة، إذ عليهم الدفاع
عنها ضد الذكور الغريبة كي يتسنّى لهم بالمقابل التزاوج مع
الإناث والحفاظ على نسلهم. لا تتحمل الإناث المنتمية لوحدة اجتماعية
مستقرة بداخل زمرة أي أنثى غريبة عنها؛ فلا يتغير عدد المنتسبين للمجموعة
من اللبؤات إلا بولادة أوموت لبوات
جديدات، على الرغم من أن بعض الإناث قد تغادر عائلتها وتصبح مرتحلة. أما
الذكور المراهقة من الناحية الأخرى، فتغادر الزمرة عندما تنضج جنسيّا، أي
بين سن 2 و 3 سنوات