[center]إعلم أن الأفراد لا ترقى، والأمم لا تنهض إلا عن طريق الاسترشاد بتعاليم
القرآن التي عليها مدار السعادة، والعمل بهذه التعاليم لا يتأتى إلا عن طريق دراسة
تفسيره، والوقوف على معانيه؛ إذا بدون التفسير لا يمكن الوصول إلى نفائس
القرآن، ودقائق معانيه التي تصل بالإنسان إلى سعادة الدارين.
وأنك إذا أدرت معرفة السر في نجاح سلفنا الصالح ـ مع قلة عددهم،
وضيق ذات أيديهم ـ وجدت أنهم كانوا متوفرين على دراسته واستخراج كنوزه مع
ما آتاهم الله من مواهب فطرية، وملكات سليمة.
وليس حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تفسير كلام الله تعالى
لأصحابه إلا تنفيذاً لقوله :
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}
وإلا ترجمة عملية لكونه رحمه للعالمين، يوصلهم إلى الكمال
ويقودهم إلى رضوان الله تعالى، ونحن محتاجون إلى ما كان يحتاج إليه
الصحابة رضوان الله عليهم من التفسير، وزيادة على ذلك مما لم يحتاجون إليه
من الأحكام؛ لقصورنا عن مدارك
أحكام اللغة بغير تعلم، فنحن في أشد الحاجة إلى التفسير.
ومن المعلوم: أن كل كمال ديني أو دنيوي، عاجل أو آجل، لا يتم إلا عن
طريق العلوم الشرعية، والمعارف الدينية، وهذه العلوم والمعارف، إنما تلتمس عن
طريق مأمون لا يتسرب إليه الخطأ
وعن طريق الكتاب المنزل على هذا المأمون، وهذا الكتاب هو القرآن
وهذا المأمون هو محمد صلى الله عليم وسلم ، وكان
تفسير هذا الكتاب الكريم عن طريق هذا النبي صلى الله عليم وسلم طريقاً إلى
السلامة والسعادة في الدنيا والآخرة.