أطماع عبر التاريخنظرا
لموقع المضيق الاستراتيجي، فإنه لم يستطع الإفلات عبر التاريخ من الأطماع
وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يلعب
دوراً دوليا وإقليميا هاما ًأسهم في التجارة الدولية. وقد خضع للاحتلال
البرتغالي ثم سائر الدول الأوروبية خصوصاً بريطانيا لتنتشر الشركات
الغربية المتنافسة، ويتراجع الأمن مع غزوات القراصنة.
اعتبرت
بريطانيا مضيق هرمز مفترق طرق إستراتيجية، وطريقاً رئيسيّاً إلى الهند،
فتدخلت بأساليب مباشرة وغير مباشرة في شؤون الدول الواقعة على شواطئه
لتأمين مواصلاتها الضرورية، فارضة الاحتلال ومتصارعة مع
الفرنسيين والهولنديين لسنوات طويلة، إضافة إلى صدامها مع
البرتغاليين ابتداء من العام
1588 بعد معركة
الأرمادا وإثر إنشاء
شركة الهند الشرقية، وبذلك ضمنت بريطانيا السيطرة البحرية على هذه المنطقة.
[لم
تكن الملاحة يوماً عبر هذا المضيق موضوع معاهدة إقليمية أو دولية، وكانت
تخضع الملاحة في مضيق هرمز لنظام الترانزيت الذي لا يفرض شروطاً على السفن
طالما أن مرورها يكون سريعاً، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه،
على أن تخضع السفن للأنظمة المقررة من «المنظمة البحرية الاستشارية
الحكومية المشتركةأهميته بعد النفط
مع اكتشاف
النفطإزدادت أهمية مضيق هرمز الإستراتيجية نظراً للاحتياطي النفطي الكبير في
المنطقة، وقد دفعت الأزمات السياسية السابقة دول المنطقة إلى التخفيف من
اعتمادها على هذا المضيق، في فترات سابقة، والاستعانة بمد خطوط أنابيب
نفط، إلا أن هذه المحاولات بقيت محدودة الأثر خصوصاً بالنسبة إلى استيراد
الخدمات والتكنولوجيا والأسلحة. بقي المضيق موضوع رهان إستراتيجي بين
الدول الكبرى.
فالاتحاد السوفياتي السابق كان يتوق إلى الوصول إلى المضيق لتحقيق تفوقه المنشود والتمكن من نفط المنطقة، بينما سعت
الولايات المتحدة إلى أطلاق أساطيلها في مياه
المحيط الهندي والخليج العربيومتنّت الروابط السياسية والتجارية والعسكرية مع دول المنطقة ضماناً
لوصولها إلى منابع النفط والاشراف على طرق امداده انطلاقاً من مضيق هرمز
الذي تعتبره جزءا من أمنها الوطني باعتبار أن تأمين حرية الملاحة فيه
مسألة دولية بالغة الأهمية لا سيما وأنه الطريق الأهم لإمدادات النفط
العالمية.
تكمن
أهمية مضيق هرمز في أنّه واحد من أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها
حركة للسفن، كما أنه ممر إستراتيجي يتحكم في نقل حوالي 40% من نفط العالم
عبر البحر بشكل يومي
يعتبر
مضيق هرمزواحدا من أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، ولازال دوره تحيط به
الأهمية حتى وقتنا الحاضر، ولعب دورا كبيرا ومؤثرا في تاريخ الحضارات
الإنسانية، عندما استخدم في الانتقال من الساحل العربي للخليج العربي إلى
الساحل الفارسي وبالعكس، وكذلك عندما استغل في الحركة التجارية بين
الحضارات التي نشأت وازدهرت في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية، مثل
حضارات مجان ودلمون وحضارات بلاد مابين النهرين، ومابين ساحل البحر الأبيض
المتوسط وأوروبا.
ويعتبر
مضيق هرمزالمنفذ البحري الوحيد لمعظم دول الخليج العربي إلى العالم الخارجي، مثل
الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت، التي لايمكن أن تتم حركة
الاستيراد والتصدير فيها إلا عن طريق هذا الممر، بحكم انه ليس لها منافذ
بحرية أخرى، ويستثنى من ذلك السلطنة والمملكة العربية السعودية التي لها
منافذ بحرية على بحر العرب والبحر الأحمر، ولكن ذلك لا يلغي أبدا
اهمية مضيق هرمز بالنسبة لها.
وقد سمي
مضيق هرمز بهذا الاسم نسبة إلى جزيرة
هرمز التي تقع على ساحل مكران على ضفاف نهر ميناب التابع للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الوقت الحاضر، وكذلك لتوسطه مملكة
هرمز القديمة.
وعرف عن هذا ال
مضيقشهرته الواسعة باسم باب الشرق السحري، ويعتبر أحد أهم عشر مضايق من بين
120 حول العالم، والتي تأتي أكثرها أهمية مضايق فلوريدا ودوفر وساجدات
وموزمبيق وباب المندب وجبل طارق وملقة ولومبوك ولوزون والبوسفور والدردنيل.
ونظرا لأهمية
مضيق هرمزالاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، فقد كان محل أطماع الكثير من الدول
الاستعمارية والقوى الأجنبية التي حاولت فرض هيمنتها على المنطقة،
واستخدام
مضيق هرمز كأداة ووسيلة فعالة نحو تحقيق ذلك.
ففي القديم كانت الأهمية التاريخية لهذا ال
مضيق تنطلي بالصبغة التجارية، وكان سببا في تطور الكثير من أقاليم الخليج وممالكه، ولعل أبرزها مملكة
هرمز وكجسر للهجرات المتبادلة بين مناطق الخليج.
وفي فترة التواجد البرتغالي في منطقة الخليج العربي في القرن السادس عشر الميلادي، عمد البرتغاليون إلى اغلاق ال
مضيقامام حركة التجارة العالمية، مما أفقده أهميته التجارية، والتي استمرت حتى
عام 1622م، عندما انهزم البرتغاليون أمام التحالف الأنجلو فارسي، وكانت
بداية انحسار النفوذ البرتغالي في منطقة الخليج، وتم فتح ال
مضيق مرة أخرى أمام السفن الملاحية والتجارية فعادت له أهميته من جديد.
كما اعتبرت بريطانيا منطقة الخليج بشكل عام و
هرمز بشكل خاص، مهمة جدا في طريق حماية مستعمراتها في الهند، فلذلك عمدت إلى اتلدخل الدائم في شؤون المناطق والدول المحيطة به.
ومع اكتشاف النفط وما أحدثه من ثورة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، برزت الأهمية الكبرى لهذا ال
مضيق،
نظرا للعدد الكبير من ناقلات وصادرات النفط التي تعبره بشكل يومي، والتي
يعتمد عليها اقتصاد معظم دول العالم، حيث تشكل امدادات النفط عبر ال
مضيق نحو 40 % من إجمالي المعروض النفطي المتدوال في العالم، وتمر به ناقلة نفط بمعدل كل ست دقائق.
وبالنسبة لأكثر الدول اعتمادا على صادرات النفط التي تتم عن طريق
مضيق هرمز،
يأتي في مقدمتها اليابان التي تستورد 90 % من حاجاتها النفطية من منطقة
الخليج، وكوريا الحنوبية والولايات المتحدة الأميركية والهند ومصر والصين
وسنغافورة وتايوان وتايلند.
ولعل الحروب التي مرت بها منطقة الخليج في العقود الأخيرة أكسبت هذا ال
مضيقأهمية اخرى، ودائما مايقفز في الواجهة عند أي توتر سياسي او عسكري في
المنطقة، والتهديدات المرتبطة به، خاصة من الجانب الإيراني، مثلما حدث في
الحرب العراقية الإيرانية خلال الفترة 1980 ـ 1988، والتهديدات الإيرانية
بإغلاق
مضيق هرمز،
وبالتالي كسر الاقتصاد الخليجي البترولي، او حتى في المناوشات الأخيرة
التي تجمع دائما ايران بكل من اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بسبب
برنامج ايران النووي وتهديدها المستمر باغلاق ال
مضيق وعرقلة الحركة التجارية العالمية المرتبطة به، مما قد يؤثر على الإقتصاد العالمي ككل، كون أي تدخل عسكري يرتبط باا
مضيق سيقفز بأسعار النفط والمواد الأخرى إلى أرقام خيالية.
ومن الناحية الجغرافية فإن
مضيق هرمزتشرف عليه كل من السلطنة وايران، ويبلغ عرضه 60 كم وعمقه لايتجاوز 60
مترا، وتحيط به مجموعة من الجزر أبرزها جزر مسندم وسلامة وبناتها زأم
الغنم في الجانب العماني ن وجزر قشم وهنجام ولاك في الجانب الإيراني.
ويعتبر الجزء الصالح للملاحة في ال
مضيق هو الجزء الذي يقع في نطاق المياه الإقليمية العمانية، مما يضاعف من الدور الكبير للسلطنة في مسؤولياتها تجاه ال
مضيق.