هل سنفهم بدايات "الانفجار الكبير" واسرار "الطاقة الداكنة".

أعلن رولف ديتر هوير
مدير المنظمة الاوروبية للأبحاث النووية "سيرن" انه واثق من ان العلماء
العاملين في صادم هادرون الكبير سيتمكنون بحلول نهاية العام الحالي من حسم
الجدل حول وجود الجسيم المسؤول عن منح الكون كتلته ، أو بوزون هيغز كما
يعرف. ويُطلق على الجسيم النظري أيضا لقب "جسيم الرب" بسبب دوره المركزي
في تفسير الفيزياء الحديثة. ولكن الجسيم لم يُكتشف حتى الآن والعلماء
يعملون منذ عقود لاثبات وجوده.

يأمل العلماء بأن تصادم
جسيمات منطلقة بسرعة فائقة وطاقة عالية في نفق صادم هادرون الكبير البالغ
طوله نحو 27 كلم في مختبر "سيرن" ستتيح لهم أخيرا إيجاد ظروف في المختبر
تمكنهم من اصطياد بوزون هيغ الذي ألفت منهم طيلة هذه السنوات.

وقال الدكتور هوير ان
صادم هادرون الكبير سيُغلق في نهاية هذا العام لمدة سنة الى سنتين لاجراء
تحديثات عليه ستزيد قدراته وتسمح له بالاستمرار في اجراء مزيد من التجارب.
وسيُفتح صادم هادرون الكبير لأول مرة للجمهور الذين سيكون بمقدورهم التجول
في النفق الممتد تحت الأرض بين الحدود الفرنسية ـ السويسرية.

وعندما
يتوثق العلماء من وجود جسيم هيغز سيواصلون العمل لاثبات خواصه وفهم نشوء
الكون ، كما اشار هوير. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الدكتور هوير انه
"إذا استمر صادم هادرون الكبير في العمل سأعلم ان لدينا صدامات كافية
لانتاج ما يكفي من الاشارات التي تتيح التعرف على بوزون هيغز". واضاف هوير
"سنعرف بحلول نهاية العام إن كان موجودا أو غير موجود وسيكون اكتشافا ضخما
أن نتمكن بعد 50 عاما من وصف الكون المرئي".

وتابع هوير
"ان خطوة كبيرة ستُتخذ الى الامام بشأن معرفتنا للعالم المادي وانها سوف
تساعدنا على فهم نشوء الكون". ويعتبر البحث عن بوزون هيغز من أكبر الألغاز
العلمية. وشُبه البحث عنه بـ"البحث عن ابرة في كومة من القش.... كومة قش
مليئة بالابر".

وتقول النظرية المعتمدة
بين علماء الفيزياء انه الجسيم المسؤول عن نشوء الكون كما نعرفه. وإذا
تمكنوا من ان يثبتوا وجوده فان هذا سيعني ان الانسان توصل الى فهم كامل
للكون المرئي ويستطيع ان ينظر أبعد لفهم بدايات "الانفجار الكبير" الذي
اسفر عن نشوء الكون واسرار "الطاقة الداكنة" التي ما زالت مجهولة.

ولكن معايير "سيرن" تشترط تقديم دليل قوي ولن تعلن وجود بوزون هيغز إلا عندما تكون احتمالات الخطأ 1 الى 3 ملايين.

وقال الدكتور هوير ان
اكتشاف جسيم الرب من شأنه يساعد الابحاث التي تدرس الكون الأوسع لافتا الى
ان الكون المرئي لا يشكل إلا 5 في المئة من "الطاقة الداكنة" و"المادة
الداكنة".

واعترف الدكتور هوير
بأن من المتعذر في هذه المرحلة ان نتخيل كيف يمكن توظيف معرفة الجسيم في
تطبيقات عملية ولكنه اشار الى اكتشافات سابقة أسفرت عن تطورات وانجازات في
الطب والانترنت. وقال هوير انه "ايا يكن ما يحله العلم الأساسي فهو سيكون
مفيدا للمجتمع في مرحلة من المراحل. والمشكلة اننا لا نعرف متى أو أين".

وكان البحث عن جسيم
الرب موضع جدل وسجال. واعرب منتقدون عن مخاوف من ان يخلق صادم هادرون
الكبير ثقبا اسود عملاقا "يبتلع الأرض". كما شككت منظمات دينية في جدوى
البحث عن جسيم يفسر نشوء الكون.

واعترف الدكتور هوير
بأن "ثقوبا سوداء مجهرية" قد تنشأ في صادم هادرون الكبير ولكنه أكد انها
لن تكون خطيرة لأنها ستتحلل على الفور تقريبا وقد يكون ذلك حتى مفيدا
للعلم لأنه يبين ان الثقوب السوداء المجهرية تحدث طول الوقت.

وعقد مدير المنظمة
الاوروبية للأبحاث النووية لقاءات مع البابا مشيرا الى ان نقطة الالتقاء
التي ينتهي فيها العلم ويبدأ الدين أو الفلسفة تتغير باستمرار.