نظـرية القـراءة وخطاب الحـداثة

نظـرية القـراءة وخطاب الحـداثة


يمثل الصدام
الحضاري بين الاجيال حركة التطور الطبيعية التي تظهر درجة توترها في عالم
الأفكار والمفاهيم ,أكثر مما تظهر في عالم المادة والأشياء.
هل معنى
ذلك ان على نظرية القراءة ان تأخذ في حسبانها هذا الوضع الثقافي المتميز,
وتؤمن بوجود تراتيبية اجتماعية جديدة يمكن ان تشكل مجموعة اجتماعية خاصة,
تقوم بوظيفة الجماعات الضاغظة في الهيمنة على التوجيه الثقافي والفكري
والأدبي, وفرض أنماط استهلاكية في حقل الإنتاج الثقافي والإبداعي؟
بذلك
نكون قد تخطينا مرحلة (لماذا لاتقول مايفهم؟) ,فالخطاب لاينبغي له ان ينزل
الى هذا المستوى من القراء في زمن أصبح منفتحا على مافوق الحداثة ,ويتوق
الى المغامرة الفكرية المستمرة لينتج أساطيره الحديثة.
وهل معنى ذلك ان
البناء الثقافي والادبي يعيش (رأسمالية احتكارية) و(إمبريالية) بحكم
الهيمنة شبه المطلقة على وسائل الإنتاج الثقافي والإعلامي والتقدم التقني
في مجال المعلوماتية والذكاء الاصطناعي والمخابر, التي ما فتئت تأتي
بالابتكارات تلو الاخرى.
ان مايقلق النخبة المثقفة أنها لاتستطيع فكاكا
عن ماضيها الثقافي, ولاتحلم بتحقيق القطيعة على النحو الذي نجده في
المجالات العلمية, فمازلنا نردد في كل نظرية أدبية وجمالية مفاهيم أفلاطون
وأرسطو وهيجل وغيرهم, ومازلنا – ايضا – عندما نتحدث عن صياغة نقدية عربية
نعود مرة اخرى الى الجاحظ والجرجاني وغيرهم.
كل ذلك بخلاف النظريات الرياضية المعاصرة التي لاتحتكم الى اي رياضي قديم, الا ماتعلق بتاريخ الرياضيات.
فمن
الوهم ان نطبق مفهوم القطيعة الابستيمولوجية تطبيقاً آلياً على الخطاب
الثقافي الفكري, لهذا ينبغي الأخذ بالاحتياطات المنهجية عندما نتحدث عن
مفهوم (النظرية) في القراءة, وعن (نخبة القراء) ,وهي كلها معضلات في طريق
بناء تصور نظري محكم المفاهيم للقراءة