الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....أما بعد
فبعض الناس يكثر من المديح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فيراه البعض بأنه كإطراءالنصارى لنبيهم عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، فهؤلاء القوم قد حرموا حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمدح به، وكيف لا يمتدح عليه الصلاة والسلام وقد سبقناإلى ذلك الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، إما بشعر أو بنثر .
[center]ومنهم رضي الله عنهم من أشتهر بالمديح له وهو حسان بن ثابت رضي الله عنه حيث أن له قصائدكثيرة تدل على ذلك، كما مدحه عبدالله بن رواحة رضي الله عنه كذلك والعباس بنعبدالمطلب وعبدالله بن الزبعري وقيس بن بحر الأشجعي و العباس بن مرداس السلمي والسيدة أم المؤمنين عائشة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أجمعين .
أكل هؤلاءيطرونه كما أطرت النصارى نبيهم؟!!
سبحانك هذا بهتانٌ عظيم .
لقد ثبت فيصحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت النبي
يقول: (( لا تطروني كما أطرت النصارى ابنمريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبدالله ورسوله))
قال العيني في عمدة القاري (16/37) ما نصه:
" هو من الإطراء وهو المديح بالباطل، تقول: أطريت فلانًا مدحته فأطريت في مدحه، وقيل: الإطراء مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه "
يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه:
" قال ابن الجوزي: لا يلزم من النهي عن شيء وقوعه لأنَّا لا نعلم أحدا ادَّعى في نبينا ما ادعته النصارى في عيسى، إنما سبب النهي فيما يظهر ما وقع في حديث معاذ بن جبل لما استأذن في السجود له فامتنع ونهاه،فكأنه خشي أن يبالغ غيره بما هو فوق ذلك فبادر إلى النهي تأكيدا للأمر .
معنى قوله ( لاتطروني) لا تمدحوني كمدح النصارى حتى غلا بعضهم في عيسى فجعله إلها مع الله، وبعضهم ادعى أنه هو الله، وبعضهم أدعى أنه ابنا لله ثم أردف النهي بقوله ( أنا عبدالله)".
فتح الباري (12/18)
هذانص الحديث وهذا شرحه الصحيح الذي يحاول البعض تحريف معناه إلى النهي في مدح الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث يأولونه إلى غير وجهه الصحيح وأن كل من مدح النبي وغالى في مدحه بخصائص تفوق خصائص البشر يكون قد انحرف وخالف سنة سيد الأولين والآخرين ... وهذا كله فهم خاطيء .
فعليكم عباد الله ألا تصغوا إلى كلام المغرضين وعليكم بكتب العلماء الأجلاء ولا تلتفتوا إلى من خرج من السفهاء هذه الأيام ممن يتزينون بزي العلماء ويفتي عن جهل فيحرم ويحلل بلا علم فقد ضل وأضل الناس، أوكلما حفظ رجل حديثين أو سورتين أصبح محدث أو فقيه أو مفتي؟!!
عليكم بما قال علماؤنا وأسلافنا من السلف والخلف وممن ورثوا علمهم المتقنين بفنونها فماأكثرهم فتمسكوا بهم واحذروا المنخدين بهؤلاء المتعالمين وليسوا بعلماء كثيري التفسق لغيرهم وكثيري التكفير لمن خالفهم نسأل الله العفو والعافية .
فقد تبين الحديث ومعناه الحقيقي بما لا يدع مجالا للشك في معناه وما كان يعنيه صلى الله عليه وآله وسلم من حديثه هذا .
واختم كلامي هذا بشعر سيدنا حسان بن ثابت رضي اللهعنه حيث قال وهو يمدح خير الأنام محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
وأحسن منك لم تر قط عيني ... وأجمل منك لم تلد النساءُ
( ماذا يعلمنا رسول الله
قبل موته؟ )
دخل رسول الله
المسجد وهو معصوب الرأس ، حتى جلس على المنبر وخطب الناس وهم مجتمعون حوله قال :" لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
وفي رواية أنه قال : " قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، ألا لا تتخذوا قبري وثنا يعبد " .
وهذا دليل على حرص النبي
على تأسيس العقيدة ، من أول الدعوة إلى آخرها .
إن العبادة
لا تتمثل فقط في السجود لغير الله تعالى ، العبادة حياة : الذبح ، النذر ،
الطواف ، السعي ، الدعاء ، الاستغاثة ، الإخبات ، الخوف ، الرجاء ، التقوى
، التوكل ، فالعبادة الحياة كلها .
فلذلك يجب على المسلم أن يصرف كل العبادة لله سبحانه وتعالى ، قال تعالى آمرا رسوله : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ) .الانعام 162
والآن لا أقول مع قبر النبي
بل مع غيره ممن هم دونه بكثير ، ماذا يفعل بقبورهم ؟ يطاف حولها ، ويذبح
لهذه القبور ، وتدفع الأموال لأصحابها ، وتدعى من دون الله تبارك وتعالى ،
ويتوسل بها ، ويخاف من أهلها ، فأي دين هذا ..؟
إن العبادة التي علمنا إياها رسول الله
لا تجوز إلا لله تبارك وتعالى ، قال الله تعالى (
له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه
إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) .الرعد:14
فالعقيدة قبل كل شيء أخوتي في الله ، العقيدة قبل كل شيء