هل يمكن تزويد البشر بقدرات خارقة ؟
يزخر أدب الخيال العلمي بأفكار وقصص عن تطوير قدرات الجسم البشري من خلال إضافة بعض الأجزاء الاصطناعية.
وفي
سبعينيات القرن الماضي عرض المسلسل التلفزيوني الأمريكي الشهير( رجل بستة
ملايين دولار) "The Six Million Dollar Man" وحقق نجاحا كبيرا في الولايات
المتحدة وعدة دول في انحاء العالم.جسد الممثل لي ماجورز في
المسلسل قصة رجل الفضاء ستيف أوستن الذي أصيب إصابات خطيرة خلال رحلة
طيران تجريبية كادت تودي بحياته إلا أن العلماء تمكنوا من انقاذه ليتحول
إلى "رجل خارق" يتمتع بقدرات يمكن توظيفها في خدمة القانون.
عمل العلماء في المسلسل على زرع أجزاء اصطناعية في جسد أوستن لإنقاذ حياته ، ثم العمل على جعله أقوى وأسرع من ذي قبل.
ومن بين الأشياء التي تم زرعها
في جسد أوستن عين يمكنها التكبير والتصغير وتستطيع الرؤية باستخدام الأشعة
تحت الحمراء، كما أنه أصبح قادرا على العدو بسرعة يسابق بها السيارات
ويتمتع بقوة خارقة تضاهي "البلدوزر".
ومع التقدم العلمي والتكنولوجي
حاليا، بدأت جراحات زرع الأعضاء تقدم نموذجا شبيها بسلسلة الجراحات التي
أنقذت أوستن وبلغت كلفتها ستة ملايين دولار.
فالآن تستطيع القلوب الاصطناعية مساعدة المرضى على البقاء أحياء حتى يتاح زرع قلب.
وتساعد عمليات ذراعة الأذن
الداخلية على استعادة القدرة على السمع لمن كانوا يعانون من الصمم. وتساعد
عدد من الأيدي والأذرع والأقدام الاصطناعية على استعادة الحركة لمن
يتعرضون لعمليات بتر.
وكان التركيز ينصب على المحافظة على بقاء الناس أحياء أو استعادة وظيفة مفقودة.
ولكن ماذا عن إمكانية تعزيز قدرات الجسم البشري؟ هل يمكن الوصول إلى قدرات رجل الستة ملايين دولار يوما ما؟
تعزيز
يقول ريتشارد يونك المحلل في
مجال استشراف المستقبل بمؤسسة "Intelligent Future" في سياتل: "بداية،
سيتكلف الأمر أكثر من ستة ملايين دولار، ولكن هناك الكثير من التقنيات
التي ستقترب من تحقيق ذلك."
وتوقع يونك نجاح التجارب في
الوصول إلى نفس مستوى القوة التي أظهرها المسلسل لدى اوستن، وأضاف "استطيع
القول أنها ربما تكافئ الذراع الاصطناعية التي كانت لديه."
ولكن ماذا عن الجري بسرعة 60 ميلا في الساعة (أي ما يعادل 100 كيلومتر في الساعة)؟
يقول يونك: "من الناحية الفيزيائية يمكن تحقيق ذلك، ولكن من الناحية العملية، تساورني شكوك بسبب بعض الصعوبات."
الأطراف الاصطناعية قد تمثل بديلا لفكرة الإنسان الخارق
وأضاف ان "الكائنات التي تتحرك على قدمين لا تستطيع الجري بهذه السرعة ، وتوجد وسائل أكثر فعالية للتحرك بسرعة 60 ميلا في الساعة".
وأعرب عن اعتقاده بأن قدرات البشر المتطورة ستكون متاحة للأفراد العاديين وبالتأكيد بالنسبة للعسكريين.
ومن بين التحديات المتعلقة بتعزيز قدرات البشر أن الجسم البشري لا يزال ضعيفا نوعا ما.
وربما يمكن وضع ذراع اصطناعية قادرة على رفع سيارة، ولكن القيام بذلك قد يؤدي إلى إصابة باقي الجسم بنوع من الشلل.
التوقيت
قال أندرز ساندبرغ، من معهد
مستقبل البشر بجامعة أوكسفورد، لـ"بي بي سي": "أعتقد أنه من الممكن إعادة
بناء الجسم بسهولة والوصول إلى قدرات رجل الستة ملايين دولار".
ويعتقد أنه خلال الأعوام
العشرة المقبلة ستتوافر "اطراف اصطناعية جميلة ولطيفة"، ولكنها بعد ذلك
ستصبح "أفضل بدرجة كبيرة" من الأطراف الحقيقية.
وأضاف: "أعتقد أن ذلك سيحدث
بحلول منتصف القرن الحال، وإلا سأكون مندهشا إذا لم يكن هناك الكثير من
عمليات زرع الأعضاء وتعزيز القدرات."
وربما تتضمن الخيارات المتاحة "تعزيز الحواس مثل الرؤية باستخدام الآشعة تحت الحمراء أو الآشعة فوق البنفسجية وتعزيز قدرة السمع".
ويعتقد أنه يوما ما سيتم تركيب
شبكية عين للمكفوفين تمكنهم من الرؤية، وتكون مثل هاتف ذكي بأن تظهر
تطبيقات تسمح بالتسجيل والتكبير والتصغير.
ويقول: "ستصل في النهاية إلى مرحلة يمكن عندها رؤية أشياء لا يستطيع الأفراد العاديين رؤيتها."
اهتمام
تقول إميلي سارجنت، القائمة
على تجهيز معرض يحمل اسم "الانسان السوبر" بمتحف "Wellcome Collection":
"ربما فيما نشعر بنوع من القلق خشية أن يبدو المنتج النهائي قادما من
الخيال العلمي، إلا أننا سنقبل بعض نماذج ذلك."
وتسوق على سبيل المثال فكرة أطفال الأنابيب، التي بعثت نوع من القلق لدى الناس قبل أن يعتادوا عليها.
ولا يعتقد نويل شاركي الأستاذ بجامعة شيفلد، أن تعزيز قدرات الجسم سيبقى مستمرا للأبد.
السترة الآلية امل جديد للمصابين بالشلل
ويقول: "لديك أقدام وأذرع جيدة...ولكن أعتقد أن النزعة البشرية ستميل إلى المعارضة."
ولكنه يتوقع تعزيز القدرات من خلال استخدام "هيكل خارجي" وبالأساس سترة آلية.
وقد قامت شركة "Cyberdyne"
اليابانية بالفعل بتطوير سترة أطلقت عليها "Hal" تساعد فاقدي القدرة على
الحركة على استعادة بعض قدراتهم من خلال التقاط إشارات إليكترونية من
الأعصاب وتحويلها إلى تعليمات للسترة الآلية.
ويتمثل الخيار الثاني بالنسبة للأستاذ شاركي في أدوات يمكن التحكم فيها ، ولكنها ليست جزءا من الجسد البشري.
ويقول: "إذا كنت أرغب في الحصول على ذراع قوية، فسيكون من الأفضل جعلها بجواري لأحركها كما أشاء."
وعل سبيل المثال يتخيل شاركي في المستقبل عمال بناء يرتدون سترات ومعهم أدوات تقوم بما يرغبون دون الحاجة للضغط على أزرار.
وعليه فإنه لا يتوقع ظهور أمثال ستيف أوستن، ولكنه يعتقد أن من الممكن تعزيز قدرات الجسم البشري بهذه الطريقة.