إقتضت حكمة الله تعالى أن لا يرسل
رسولاً إلا و راعى غنم و لعلها أولى مراتب مدرسة النبوة , فالحق سبحانه و
تعالى يدرب رُسله على رعاية الرعية برعى الغنم
أولاً , لأن الغنم مجتمع و أمة فيهم القوى و فيهم الضعيف و الشقى و الوديع و الصحيح , فإذا ما رعى الراعى ووفق بين هذة الأنواع فى
الأغنام
, فإنة لا يستطيع أن يوافق بين الرعية من بنى الإنسان على إختلاف صنوفهم و
عقولهم و أفكارهم و التعامل مع كل نوع بما يناسبه , و قد رعى رسول الله
الغنم مثل من سبقوه من الأنبياء , و عندما صار شاباً يافعاً , سافر مع عمه
أبى طالب فى رحلات تجارية إلى الشام و نظراً لأمانتة و صدقه قام بعده
رحلات تجارية إلى الشام ثم قام بعدها
برحلات خاصه لحساب السيدة خديجة بنت خويلد , و هى أرملة ثرية , و سيأتى تفصيل ذلك بإذن الله تعالى . و قد تعلم
الفروسية و فنون القتال فى شبابة كعادة شباب العرب بعيداً عن مجالس الخمر و لعب الميسر و كان
يكره الأصنام الموجودة حول الكعبة , و من شمائله
يوم
الحجر الأسود حينما تصارعت القبائل و تنازعوا فى وضع الحجر أثناء تجديد
الكعبة , كل قبيلة تريد أن تظفر بوضع الحجر الأسود ( و هو حجر من الجنة )
و كادت تقع فتنة
كبيرة و يشتعل القتال فأجتمعوا أمرهم أن يحتكموا لأول داخل عليهم فكان هو محمد
وبفطانه النبوه و رجاحه عقل الأذكياء , يقرر أن يضع الحجر الأسعد فى
عباءته و تأخذ كل قبيلة بطرف منها , و بذلك تكون كل قبيلة قد ساهمت فى
وضع الحجر , و أخمد نار الفتنة .