بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
إِنَ
الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله
مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا
مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله
وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ
وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه
أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم
تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
سباق نحو الجنان
كيف تجعل قلبك أسرع القلوب ؟
وماذا بعد الكلام ؟!
والآن
وقد بلغتك كلماتنا ومست شغاف قلبك .. لم يبق سوي التشمير عن ساعد الجد ..
والعمل ثم العمل حتي تطرد الفراغ من القلب .. فلا يعود الشيطان يجد له
موضع قدم فيبقي علي الأعتاب .. بعد أن رأي راية نصبتها نُقش عليها:
(ممنوع الإقتراب)
من يرد ملك الجنان فليدع عنه التواني
وليقم في جوف ليل مسرجاً نور القرآن
وليصل صوماً بصوم إن هذا العيش فانى
إن عزمت فبادر .. وإن هممت فثابر .. واعلم أنه لا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر .. العلم لا يحصل إلا بالنصب .. والمال لا يُجمع إلا بالتعب .. واسم الجود لا يناله بخيل .. ولا يحوز لقب شجاع إلا بعد جهد طويل .
أين نفقات البناء ؟
قال الحسن : الملائكة يعملون لبني آدم في الجنان، يغرسون ويبنون، فربما أمسكوا فيقال لهم: قد أمسكتم،
فيقولون: حتى تأتينا النفقات، فقال الحسن: فابعثوهم – بأبي أنتم وأمي- على العمل.
فإن عرضت لك رفقة فارغة لم تعرف باشتراكك في سباقنا، ودعوك إلى قتل وقتك فرد عليهم بما رد به عبد العزيز من قبلك على أشباههم:
قد جــــاء شغــل شامل وعدلت عن طرق السلامة
ذهب الفــراغ فلا فراغ لنـــــا إلي يـــــوم القيـــامة
فلا تعود تبقى خزانة وِحدة فارغة .. بل خزائن ممتلئة عن آخرها تفيد وتشهد لصاحبها الذي أحق ما يوصف به عمله (كل يوم في مزيد)
وهكذا كان الإمام أحمد قال إبراهيم الحربي : صحبت أحمد بن حنبل عشرين عاماً صيفاً وشتاءً، حراً وبرداً، ليلاً ونهاراً،فما لقيته في يوم هو زائد عليه بالأمس...
عمل سبقوا به من سواهم من سلف أو خلف، قال هشيم تلميذ منصور بن زادان: كان لو قيل له: إن ملك الموت على بابك ما كان عنده زيادة من العمل.
همة عالية وعزيمة ماضية بلغوا منها ما لو قيل لأحدهم: يوم القيامة غداً ما وجد مزيداً ليفعله كما كان الحال مع صفوان بن سليم، يقول رفيقه أنس بن عياض : رأيت صفوان لو قيل له : غداً يوم القيامة ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة
يريد منصور وصفوان بذلك غلق الباب في وجه من أرد مسابقتهما بمزيد عمل يكثر عما أتيا به..
قلب يحدوه التطلع
المتسابق
الذي حقق هذه الصفة في نفسه جسده في الدنيا .. لكن قلبه يحلق في آفاق
الآخرة يهيم في عشق الحور العين .. يحلم بأنهار من لبن وعسل وخمر لذة
للشاربين .. هذه هي حياته .. فإذا جاءه الموت كانت بوابته التي يعبر بها
إلي ما كان يحلم به ويتمناه .. وكان الفوز وأي فوز .. فينشد معلناً: فزت ورب الكعبة.
صدح بها حرام بن ملحان فما فهمها المشركون .. ذلك أنهم ما ذاقوا .. وذاق ، وما عرفوا وعرف.
الخُطاب
كثيرون والمهر غال .. من صفات الخاطب أن يستغفر في السحر .. وكثير من
الخطاب ينام عن صلاة الفجر .. ومن صفاته أن يقدم روحه هدية لمخطوبته
وبعضهم يبخل بدرهمه.
ذرني أنل ما لا ينال من العلا فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل
تــريد إدراك المعـــــالي رخيصة ولا بـــــــد دون الشهـــد من إبر النحل
قال النبي صلي الله عليه وسلم لربيعة بن كعب الأسلمي: سلني ؟ فما وجد أنفس من هذا الكنز يشتريه: أسألك مرافقتك في الجنة .. فطلب النبي صلي الله عليه وسلم الثمن وقال: (فأعني علي نفسك بكثرة السجود) رواه مسلم والنسائي وأبو داود وأحمد عن ربيعة بن كعب كما في صحيح الترغيب والترهيب رقم(384)
تطلع نتعلمه من نابغة هو أنس بن النضر الذي
لم يشهد بدراً فقــال: لئن كان لرسول الله قتال مع قريش ليرين الله ما
أصنع .. رآه سعد بن معاذ يوم أحد فقــال: إلي أين ؟ فأجاب: (يا سعد بن معاذ الجنة ورب الكعبة .. إني لأجد ريحها من دون أحد) رواه الشيخان وغيرهما عن أنس بن مالك. ولقي ربه شهيداً .. ولم تعرفه أخته إلا ببنانه .. وجد به بضع وثمانون ضربة بسيف .. أو طعنة برمح .. أو رمية بسهم.
أيهـــا المتسابق المتطلع:
لا يخدعنك عز فان ..ولا يغرنك ملك زائل .. واعلم أن الجنة هي الوطن ..
وإنما تقضي الأوتار في الأوطان ..أما الدنيا فدار غربة منذ أهبط إليها
الأبوان.
كم منزل في الأرض يألفه الفتي وحنينــه أبــــداً لأول منزل
فــحي علي جنــان عدن فإنهــا منازلنا الأولي وفيها المخيم
ولكننــــــا سبي العـــــدو فهل نعــــود إلي أوطاننــا ونسلم
د / خالد أحمد أبو شادى
الخميس 8 مارس - 23:57
