اللغة العربية القوية، والأمة العربية الضعيفة !!

اللغة العربية القوية، والأمة العربية الضعيفة !!
بقلم : إبراهيم محمد طلحة


لبثت العربية أحقابا وهي لغة ثلاثة أرباع العالم، ولم تذر بيت مدر ولاوبر إلاَّ دخلته بعزعزيز أو بذل ذليل!!.
في
تلك الأحقاب ، شعر الداخلون في دين الله أفواجا من غير العرب بضرورة تعلم
لغة العرب ، وهي آنذاك لغة القرآن الكريم ولغة الدين الحنيف الذي أحسّوا
في ظلة بالأمن والأمان والإيمان.
ومن عجب أن كثيرين ممن تعلموا العربية
ودخلوا في الإسلام أيَّا مئذ، كانوا موفدين من مشارق الأرض ومغاربها
ليكونوا جواسيس يجوسون خلال الديار، وبعضهم يأتي للتجارة ، وبعضهم الآخر
للسياحة وآخرون لطلب العلوم والمعارف،، ثم وبقدرة قادر يشهرون إسلامهم
ويخدمونه أكثر من العرب ، ويتعمقون في العربية نحواً وصوفاً وشعراً
ونثراً؛ ولو أردنا أن نحصي أسماء العلماء المسلمين والشعراء المسلمين
والحكماء المسلمين والنجباء المسلمين من غير العرب لاحتجنا إلى مجلدات !!.
هذا
كله حصل يوم أن كان عرب الأمس مخلصين للغتهم التي نزل بها كتاب الله وجاء
بها. اليوم، الأعراب أغراب عن لغة القرآن وبعيدون عن دين محمد !!.
إن
قيام النهضات ونشوء الحضارات وتقدم الأمم وازدهار الشعوب ، كل أولئك لايتم
من غير منظومة لغوية قوية متينة .. الأقة التي لا لغة لها تنقرض كانقراض
الدينا صورات، والشعوب التي لا تتمسك بهويتها اللغوية لايمكن أن تتمسك بحق
ولامرق !! المعادلة اليوم تشير إلى لغة عربية قوية وأمة عربية ضعيفة،
فالعربية - وعلى الرغم من تختلف أهلها عن خدمتها - هي اللغة الرابعة علي
المستوى العالمي من حيث انتشارها على وفق الإحصائيات الرسمية، ولو أتيح
لها - إذن - ربع ما يسخر للإنجليزية مثلاً لكان لها شأن آخر وشأو ،
ولكن..!!.
اللغة العربية أقوى بكثير من حدثان الأمة العربية ، والقوى
النفسية التي نالت من العرب لم تتمكن أبداً من النيل من العربية.. القصة
هنا قصة قدرة فائقة على التحدي والاستجابة، ومن سابع المستحيلات أن تعرف
الدنى لغة هي أشرف وأرقى وأجمل وأبقى من اللغة العربية.
الاعتزاز
باللغات الأخرى إنما يأتي من جهة الاحتياجات المادية والتجارية ، أما
الاعتزاز باللغة العربية فيأتي من جهة الاحتياجات الدينية والروحية ، وبين
هذا وذاك فرق وبون واسعان شاسعان!!.
اللغة العربية - ياعرب - لغة علم
وأدب، وفكر ومعرفة، ودينا ودين .. حرى بنا أن نقرأ تاريخها القديم ونصنع
تاريخها الحديث ، ونتصرف إزاءها بمسؤولية ، ونبذل في سبيل تعليمها وتعلمها
الجهد والوقت والمال.. فقط علينا أن نتذكر تلك المقولة الرائعة : «العناية
الإلهية هي دائماً في جانب الكتائب الأقوى».