لقد ازدادت أهمية الاعلان في الصحف الحديثة لأن " الصحيفة كالآلة تحتاج للوقود"
ووقود الصحيفة الذي يٌشغّلها ويسير بها هو المال ، والمال يأتي عن
طريق الاعلان وهو ما جعله أهم وظيفة من وظائف الصحافة الحديثة لانها " تقوم بوظيفة
الإعلان عن السلع الجديدة التي تهم المواطنين، كما تقوم بدور مهم في حقول العمل والتجارة
عندما تتولى الإعلان عن وجود وظائف شاغرة أو وجود موظفين مستعدين للعمل، أو عندما
تتولى الإعلان عن إجراء مناقصة أو وضع التزام موضع التنفيذ..الخ .
كما أن الوظائف المعروفة للصحافة هي " تزويد القارئ بالاخبار وتفسير هذه الاخبار للقارئ
متى كانت هناك حاجة الى هذا التفسيروالتسلية وامتاع القارئ بكل الطرق الممكنة والتوجيه
والارشاد وتثقيف القراءوالتسويق والاعلان عن الحاجيات التي يحتاج اليها الجمهور او
المرافق التي ينتفع بها " .
وينتفع البائع والمشتري في آن واحد وتنشط الحركة التجارية ، ويكون من وراء هذا النشاط أو
الرواج فائدة للصحيفة ذاتها، كما أنه من المعروف أن الاعلانات تؤلف نحو60% من دخل
الصحف وقد تزيد على هذه النسبة ، ومن هنا تتفاوت الصحف قوة وضعفا وتحررا وقيدا وذلك
كله بتفاوت الدخل الآتي من الاعلانات .
ومن خلال الاعلانات استطاعت وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وتلفزيون وإذاعة وسينما،
أمام تعقيد الحياة وتعدد ما فيها من اختراعات وصناعات واكتشافات أن تقوم بمهمة التعريف
بما هو جديد وتقديمه إلى الجمهور وعرض فوائده وأسعاره وحسناته بشكل عام .
إن انتشار الاعلانات وصرف المبالغ الكبيرة عليها هو انعكاس للتطور الاقتصادي في المجتمعات
الأوربية فزيادة الانتاج زيادة كبيرة تحتاج الى الاعلان للمساعدة في تصريف هذا الانتاج
وكلما زادت ايرادات الصحف من الاعلان كان لها الاثر المهم في تخفيض سعر بيع الصحف ،
وهو الأمر الذي أحدث بعد ذلك انقلابا في الصحافة اذ أدى الى ظهور ما يسمى بالصحافة
الشعبية أي صحافة التوزيع الكبير.
إن تقدم تلك المجتمعات وبعد مرور عقود من تراكم الثروة والمعارف ادّى الى بروز ما يسمى
بمجتمع الرفاهية أو مجتمع الوفرة حيث يرتفع الحد الادنى لدخل الفرد العادي إلى مستويات
عالية وهو الامر الذي يتيح له ولغالبية المواطنين التمتع بانجازات التقدم الحضاري الحديث .
وقد نتج عن ذلك ان سيطرت على المجتمعات الحديثة رغبة جارفة للاستمتاع بنتائج هذا التقدم وقد
استجابت الصحافة الحديثة في المجتمعات المتقدمة لرغبات مواطنيها واستحدثت وظيفة جديدة
للصحافة تسمى تقديم الخدمات التي يحتاجها القارئء في حياته اليومية وهي خدمات
تستهدف تيسير سبل الحياة امام القارئ ومعاونته في الاستمتاع بانجازات التقدم الحضاري التي
يتيحها له انتماؤه الى مجتمع متقدم .
وتعتمد الصحف الآن اعتمادا كبيرا على الاعلان الذي ليس مجرد ترويج لسلعه أو خدمة ما
بل إنه يحمل في طياته ثقافة ويعبر عنها من عدة أوجه إنه يحمل معه ثقافة مُصدّر السلعة
ويحمل معه ثقافة المعلن ويحمل ثقافة مصنع الاعلان وينظر كثير من الناس الى الاعلان على
انه رسالة مغرية لشراء السلعة .
*منقول*