علي أسامة (لشهب أسامة) المدير العام
الجنـسية : البلد : الجزائر الجنـــس : المتصفح : الهواية : عدد المساهمات : 26932 التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 24/10/2008 العمر : 31 الموقع : https://readwithus.yoo7.com/ المزاج : nice توقيع المنتدى + دعاء :
| موضوع: دور المطالعة في تنمية التفكير السبت 11 فبراير - 23:59 | |
| محمد عبد الرحيم عدس لعلّ القراءة من أهم وسائل المعرفة، وأكثرها فاعلية في تناول الأفكار وتواصلها، وكذلك في انتشار المعرفة وتفعيل الأفكار، وفي تنمية القدرة على التفكير، وفي القدرة على التبصر والإستبصار. وفي إستخدام المنطق والمحاكمة العقلية للوصول إلى قرار صائب واتخاذه اساساً للحكم على الأمور. وأكثر ما يدلّ على أهمية القراءة إذا ما تمّت بالطريق السليم واستوفت شروط صحتها، أن أول آية نزلت في القرآن الكريم تحث الرسول (ص) والمؤمنون على أن يقرأوا، وبتمعّن وتبصّر فقال تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم). وكذلك قوله تعالى وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا، الأعراف آية (204) آية، وفي هذا كله ما يرشدنا إلى أن القراءة والمطالعة لا تستوفي شروطها، ولا تحقق الهدف من وجودها وممارستها لمجرد الإستماع إليها، أو النطق بكلماتها، وإنما يتمّ ذلك فوق هذا بالتفرغ لما نقرأ، والتبصر بما فيه من أفكار بشكل موضوعي بعيد عن التطرّف والتعصب وهو أمرٌ يتطلب منا حضور الذهن، والتبصّر فيما نقرأ من أفكار ومعان بكل روية دون أن نشتت انتباهنا، ونصرفه عن قصده. وبشكل نصرف فيه احساسنا وعقلنا إلى ما نقرؤه، وبكل يقظة وانتباه, وإلا أصبحت قراءتنا كما تنطق الببغاء بكل ما تسمع ولمجرد تقليد لما تسمعه دون أن يكون لما تقرؤه أثر في نفسها أو في ما تحسّه وتشعر به ولذلك كان علينا أن نسمع وأن نقرأ وأن نعي ما نسمعه وما نقرؤه. وبذلك نكون قد عملنا على تنمية عقولنا، وقدرتنا على التفكير والموازنة، وعلى تنمية شعورنا وأحاسيسنا وعلى تعميق هذا الشعور، وهذه الأحاسيس، وعلى تواصلنا مع المعرفة والعمل على تطويرها وتفعليها والسير بها قدماً إلى الإمام ليكون لنا فيها ثقافتنا وهويتنا الخاصة، وتكون لنا وسيلة لتنمية القدرة على قراءة الأفكار واستنباطها من بين السطور وما توحي به كلماتها من معانٍ وصور وأفكار وما تنبض به من مشاعر وأحاسيس. ولعلّ ما يدل على أهمية المطالعة وأثرها في بناء حضارات الشعوب أنها تصبح موضع فخر واعتزاز بأنها شعوب قارئة، تصبح القراءة طبعاً أصيلاً في نفوس أفرادها، ينتهز كل منهم الفرصة ليقرأ ويستطلع، ويثقف نفسه، ويزيد من معرفته وقدرته على التذوق وقراءة الأفكار والأحاسيس من خلال ما يقرأ، ولا يدخر وسعاً ليملأ وقت فراغه بالقراءة من مختلف أصناف المعرفة والتزود بها, لتكون له ثروة يمتع بها عقله، وينمي ذوقه، ويرهف بها شعوره واحساسه، وتصبح له متعة وقت الراحة والإسترخاء والبعد عن كدّ الذهن، ومن هنا كانت المهمة الأولى للمدرسة الإبتدائية أن تغرس في نفوس طلبتها حبّ القراءة والمطالعة بحيث تصبح له ضرورة ولها عنده الأولوية، يقوم بها عن طواعية واختيار وليس عن طريق الإكراه والإجبار، بل وتفخر المدرسة بما يتناوله طلبتها من كتب يقرأونها كماً ونوعاً. إن القراءة ليس مجرد ترداد للكلمات والنطق بها في نفس القارئ أو على مسامع الآخرين، وإنما هي أعمق من ذلك بكثير، وإنما هي فن من الفنون. لا يتقنها ويفيد منها إلا من يقف على خواصها، ويعرف حقيقتها وحقيقة ما تهدف اليه. إنها عملية تنبض بما يشعر به القارىء وما يقرأه من مشاعر وأحاسيس تتفق وما يشعر به الكاتب من مشاعر وتتجاوب مع ما يتناوله من أفكار يتناولها بعين الناقد المبصر بشكل موضوعي بعيد عن التطرف والتزمت، فلا يعتبر كل ما ورد فيها من حقائق ومسلمات عليه أن يؤمن بها وإنما عليه قبل ذلك أن يتفحصها، ويمحصها ليقف على الحقيقة والصواب فيما نقرأ ونتعلم مما نقرأ، فليست القراءة مجرد اتقان لآلياتها المجردة والنطق بها فحسب، وإنما نحن نقرأ لنفهم، ونستوعب ما نقرأ، ونفهم لنعمل وليست مجرد النطق بها والتفوّه بحروفها وكلماتها عن ظهر قلب، وإنما علينا وتحن نقرأ وبخاصة على مسمع من الآخرين أن نلفظ الكلمات والجمل بصوت ونبرة تنمّ عما تتضمنه من معنى وما توحي به من أفكار وما تعبر به عن مشاعر وأحاسيس بحيث يكون هناك توافق بين ما توحي به هذه الكلمات من معان وأفكار وأحاسيس وبين اللهجة التي نقرأ بها وما تدل عليه أصوات هذه الكلمات ونغماتها، فتنقل إليه شعور الكاتب ليتمثله في نفسه ويوحي به الآخرين، من حزن أو فرح أو سرور أو تقدير وإعجاب أو فخر واعتزاز وغير ذلك مما نحسّه في حياتنا وما نشعر به فيكون هناك إيحاء بين ما نقرأ وبين ما تحمله القراءة من مشاعر وأحاسيس عن طريق التأثر والتأثير. نتأثر بما نقرأ- ونؤثر على غيرنا بما تنقله إليه عن طريق نبرة صوتنا وأحاسيسنا وما أحسسنا به وشعرناه، فيثير تفكيره، وما تنبض له هذه الكلمات من مشاعر وأحاسيس ليقوى هذه التفاعل بين الطرفين ويكون في ذلك منطلق لنا لنتعرف على الكاتب من خلال ما نقرؤه له، وما يتميز به اسلوبه في الكتابة من خصائص ونبرات، وما عنده من أفكار، وما يشعر به من أحاسيس وما إذا كان قريبا من مجتمعه بإعتباره أحد أفراد هذا المجتمع أو بعيداً عنه يشاطر مجتمعه همومه وأفكاره وأحزانه، وألامه وآماله. ولن تكون هناك قراءة هادفة ما لم يكن لدينا القدرة على الإصغاء والتفرغ لما نقرأ، والإنتباه إليه بعيداً عن التشتت حتى لا نقع في متاهة بعيدة كمن ضلّ طريقه في الصحراء، ولم يعرف أين هو؟ ولا إلى أين يتجه ولا يدري ماذا يعمل، وهو أمر ضروري حتى يحسن اختيار الكلمات، وأسلوب الصياغة في التعبير عن أفكاره بشكل موحٍ في النفس ويثير فيها المتعة والإحساس والقدرة على التذوق، بحيث يستطيع الوقوف على ما تحمله هذه الكلمات من معان وما تنبض به من أحاسيس وما إذا كان الكاتب قد أحسن اختيار الكلمات المعبّرة والأسلوب المناسب في الكتابة بما يوحي بالمعنى ويدل عليه بحيث نصبح قادرين على أن نقرأ ويظهر في نبرات صوتنا ما يدل على ما يدور في خلجات نفوسنا وما نتناوله من أفكار تجذبنا إلى المعنى المقصود وبفعل الإيحاء وتبادل الشعور | |
|