النشر الإلكتروني .. ماذا نريد ؟

عبد الرحمن بن عبد العزيز الهزاع * نقلاً عن "عكاظ" السعودية


أن
تفكر لوحدك في أمر يخصك والآخرين، ثم تقرر وتنفذ دون الرجوع إليهم يعد
نوعا من السيطرة، وفرض الأمر كواقع لا نقاش فيه. السبيل الآخر الذي يمكنك
سلوكه هو فتح الباب للحوار الهادئ المتزن، وسماع وجهات نظر الآخرين فيما
يخصهم، ثم الخروج برؤية تحقق المنشود للطرفين، وتساعد على القبول والتمشي
بما تم الاتفاق عليه.

هذا هو الحال عندما فكرت وزارة الثقافة
والإعلام في إقرار نظام يختص بالنشر الإلكتروني، ويتعامل مع جميع معطياته
بأسلوب حضاري يسهل تعامل المستخدمين، ويساعد الصحف الإلكترونية،
والمدونين، وأصحاب المنتديات على فتح قنوات للتواصل، ودعم علاقاتهم مع
القطاعات الأخرى، إضافة إلى تقديم خدمات مساندة مثل التدريب، والتصاريح
الخاصة، والدعوة للمشاركة في المناسبات، وورش العمل داخل المملكة أو
خارجها.

منذ البداية تم الالتقاء بعدد ممن يديرون، أو يعملون في
الصحافة الإلكترونية والاستماع إلى وجهات نظرهم.. ماذا يريدون، وكيف يمكن
للوزارة أن تكون داعما لهم وليس رقيبا عليهم؟ أخذت جميع الآراء والمقترحات
بعين الاعتبار، وتمت الاستفادة منها في صياغة الرؤية الأولية للتعامل مع
نشاط النشر الإلكتروني. عندما صدرت الموافقة، في أواخر شهر رمضان المبارك،
على إضافة (النشر الإلكتروني) إلى النشاطات الأخرى التي يشملها نظام
المطبوعات والنشر لم يكن الهدف ــ كما فهمه البعض ــ إيجاد مرجعية تتيح
ممارسة صلاحيات تكميم الأفواه، وحمل عصا الرقيب، والحد من الحريات. كان
الهدف هو مساعدة الوزارة في فتح آفاق أوسع للتعاون والتواصل مع العاملين
في هذا القطاع بما يحقق أهدافهم، ويضفي السمة النظامية على نشاطهم، مع
إعطاء المشروعية، وبالتكامل مع الأنظمة الأخرى، للنظر في أي شكوى قد تقدم
لمن تعرض للانتقاص خارج إطار النقد المنهجي.

الإعلان عن صدور
الموافقة على إضافة نشاط النشر الإلكتروني صاحبته موجة من التعليقات في
المنتديات والمدونات والصحف الإلكترونية، وهذه ظاهرة طبيعية تجاه كل جديد،
وسيتم الاستفادة من كثير من الرؤى التي طرحت وذلك عند وضع بنود اللائحة
التنفيذية. الغريب أن البعض رأى أن إضافة هذا النشاط يعني فرض إجراءات
رقابية جديدة من وزارة الثقافة والإعلام على الأوساط الأدبية والإعلامية
في الإنترنت، في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى إعطاء مزيد من الحريات في
الفكر والتعبير عن وجهات النظر. في الحقيقة ليس الأمر كما يعتقدون،
فاللائحة التنفيذية، أو التفسيرية للنظام لا تزال تحت الإعداد وستكون
شاملة لكل الإجراءات، والآليات التي ستتبع، وسينسق فيها مع جميع القطاعات
المعنية، وبما يحقق مصلحة الجميع وبما يوفر المناخ الملائم للحرية
الملتزمة. لن تكون هناك اشتراطات تعجيزية، والوزارة تدرك تماما وبوضوح
الفروق بين الصحافة الإلكترونية، والمدونات، والمنتديات من حيث المسؤولية،
وماذا يكتب في كل منها، وإن ما يشترط في أحده ليس بالضرورة سيشترط في
الآخر.

خلاصة القول: نريد نشرا إلكترونيا يواكب حجم الآمال
والطموحات التي تنشدها قيادتنا وبلادنا. الحوار، والنقد الهادف حق متاح
للجميع ويساعد على دعم مسيرة التنمية متى ما كان بأسلوب حضاري، بعيدا عن
المساس بخصوصيات الآخرين والتعرض لحياتهم الشخصية، وهذا ما وجهنا به داعم
مسيرتنا التنموية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله