منتديات اقرأ معنـا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له}
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , المنتدى تابع لشركة احلى منتدى والخدمة والصيانة مدى الحياة , وأعضاؤنا قدموا 33879 مساهمة في هذا المنتدى وهذا المنتدى يتوفر على 8838 عُضو , للإستفسار يرجى التواصل معي عن طريق إرسال رسالة شخصية .. ولكم فائق تحياتي وتقديري , المدير العام : علي أسامة (لشهب أسامة)
Cool Yellow
Outer Glow Pointer

 

  الدنيا مزرعة الآخرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
algforever
المدير العام
المدير العام
algforever


 الدنيا مزرعة الآخرة 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : algerie
الجنـــس : ذكر
عدد المساهمات : 1781
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 08/03/2010
العمر : 33
الموقع : http://www.psp.org.lb/Default.aspx?tabid=206
المزاج : bien
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 الدنيا مزرعة الآخرة Empty
مُساهمةموضوع: الدنيا مزرعة الآخرة    الدنيا مزرعة الآخرة I_icon_minitimeالإثنين 30 يناير - 19:29

[center]بسم الله الرحمن الرحيم

الدنيا مزرعة الآخرة

الشيخ الطبيب محمد غسان جزائري



الحمد لله ، الحمد لله حمداً كثيراً ،
وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً ، وصلى الله على نبينا محمد المبعوث
بشيراً ونذيراً ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.


أيها المؤمنون : اتقوا الله رب العالمين،
واعلموا أن الله معكم أينما كنتم، ناظر إليكم ، مطّلع عليكم ، وغداً تقبلون
على الله ، فيجازيكم بالإحسان إحساناً وبالإساءة سوءاً. فتوبوا إلى الله
قبل أن تموتوا ، ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ
وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا
تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ
لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا
فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56))
سورة الزمر..


يقول الله تعالى: ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا
مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ
رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)) طه.


وقال أيضاً : ( وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا
وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي
الشَّاكِرِينَ (145)) آل عمران.


أفتتح خطبة اليوم بقصة ، يحكى أن شاباً
باراً بوالديه كان يبحث عن فتاة ليتزوجها ، دخل يوماً سعيداً مبتهجاً فرحاً
مسروراً وهو يقول : وجدتها ، وجدتها ، وجدت فتاة رائعة تأخذ بلب وعقل من
يراها. تفضل يا والدي لتخطبها لي، قام أبوه معه، ولما رآها أبوه وجدها -كما
وصفها ابنه- رائعة فاتنة، وكم كانت دهشة الشاب كبيرة عندما سمع أباه يقول
له: إن هذه الفتاة لا تصلح لك يا بني ، إنما تصلح لرجل مثلي. جُنَّ جنون
الشاب ، وما رفع صوته على أبيه في حياته كلها إلا في ذاك اليوم ، وتأزم
الموقف مما اضطر الناس لاستدعاء الشرطة، ولما علم ضابط الشرطة بالمشكلة قال
لهما : أحضروا الفتاة لنخيِّرها بين الأب وابنه، فلما حضرت الفتاة ، نظر
إليها ضابط الشرطة بإعجاب، وصعَّد بصره فيها وصوَّب ، ثم قال للأب وابنه ،
إن هذه الفتاة لا تصلح لكم أنتما الاثنان ، إنما تصلح لرجل ذي مكانة مثلي.
دهش الاثنان ، أيعقل ذلك ورفعا الأمر إلى القاضي ، وعندما استدعى القاضي
الفتاة ليسمع أقوالها سحر بجمالها ، وفتن بدلالها، وقال للثلاثة : إن هذه
الفتاة لا تليق إلا بأمثالي من أكابر الناس ، صعق الثلاثة ، أهذا هو العدل
؟! أهذا هو الإنصاف؟! وانتشرت القصة في البلد ، ورفع الأمر إلى رئيس الدولة
، ولما حضروا جميعاً بين يديه ، وأحضرت الفتاة ، ورفع رئيس الدولة بصره
إليها فتن بها ، وهام بسحرها ، وقال للأربعة : إن هذه لا تصلح لأحد منكم
إنما تصلح لي وحدي. طار صواب الجميع ووقعوا في حيص بيص ، واستعصت تلك
المشكلة على الحل ، فقالت لهم الفتاة : إن لديَّ حلاً . قالوا : هاتيه
.قالت : أرى أن أجري وأن تجروا ورائي ، فمن أمسكني فأنا له وهو لي. وافق
الجميع واستعدوا للجري ، وانطلقت الفتاة بسرعة ، وانطلقوا ورائها، الشاب
والأب وضابط الشرطة والقاضي ورئيس الدولة، وبينما هم يجرون حدث ما لم يكن
في الحسبان ......... سأخبركم بما حدث بعد الصلاة..


لقاؤنا اليوم مع الدنيا ، ما مكانة الدنيا
في قلبك أيها المؤمن ؟ وما منزلة الدنيا في قلبك أيها الشاب؟


ما الذي يجيش في نفسك عندما ترى بيتاً
فخماً ، ومزرعة واسعة، وأثاثاً وفيراً؟


ما الذي يدور في أعماقك عندما يفوتك طعام
لذيذ ، أو نزهة ممتعة، أو لذة من لذَّات الدنيا؟


ما الذي تخفيه بين ثناياك وأنت ترى أناساً
يولدون وفي أفواههم ملعقة من ذهب؟


ما الذي يثور في فؤادك عندما تسمع أن أحد
الناس يملك من المال ما لا تأكله النيران؟


ما الذي يعتلج في
صدرك وأنت ترى أناساً يصبحون وهم في سعة من الدنيا ،
ويمسون وهم في سعة أكثر وبحبوحة أكثر؟


ما الذي تنطوي عليه جوانحك عندما تنظر إلى
امرأة أجمل من زوجتك؟ وتدخل بيتاً أجمل من بيتك؟
وتمر في حيِّ أرقى من حيِّك؟ وتشاهد سيارة أحدث من سيارتك؟


ما الذي يتأجج في عقلك الباطن وأنت أمام
محطات التلفزيون ترى أجمل الفاتنات ، وأفخم المنازل ، وأحدث السيارات، و
حياة البذَخ والترف والمتع والشهوات ؟


أتبقى راضياً بما قسمه الله لك ؟ أم تمتلئ
نفسك غُصَّة وألماً ؟


لعلَّ بعض الناس تتقطع قلوبهم حسرات لما
فاتهم من نعيم الدنيا ولذاتها ، شأنهم شأنُ أصحاب قارون : ( قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
(79) ) القصص.




حقيقة الدنيا:


أيها المؤمن : هل تعلم أن معرفة حقيقة
الدنيا جزء من عقيدة المسلم؟


لو أنك أبحرت في كتاب الله تعالى لوجدت
الآيات تلو الآيات، يحدثنا الله فيها عن الدنيا .


1-ما الدنيا؟ قال تعالى : (
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ
الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32))
الأنعام. قال تعالى : ( وَمَا هَذِهِ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ
الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64))
العنكبوت.


آيات كثيرة في كتاب
الله يبين الله - لك- فيها أن الدنيا إلى زوال ، وأن نعيمها إلى فناء ،
وأن الآخرة هي دار البقاء.


ما الزوجة ، وما الأولاد ،
وما المال ، وما الدار الواسعة، وما السيارة الحديثة، وما المنزلة
الرفيعة، وما المكانة العالية ، وما الجاه العريض،وما المتع والملذات
والشهوات إلا فيلم سينمائي قصير يُوشَك أن يُعلَن عن نهايته.


تاجر من تجار الحديد ، محله في زقاق الجن ،
جدَّ واجتهد ، وتاجر وربح أموالاً طائلة ، واشترى بيتاً في حي المالكي بما
يقارب خمسين مليون ليرة ، وما سكنه إلا قليلاً – عاماً وبعض العام - فإذا
الموت يأتيه على غير موعد.


تسألني عن الدنيا؟
قال تعالى : ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا
أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)) يونس. وقال
أيضاً : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ
اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)) الكهف. وقَالَ الله
عز وجل:( اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَياةُ
الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ
في الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الْكُفّارَ
نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً
وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله ورِضْوَانٌ وَمَا
الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ (20)) الحديد .


2- ما قيمة
الدنيا عند الله تعالى ؟ أخرج الترمذي عن سهلِ بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - ،
قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ
بَعُوضَةٍ ، مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ) .


فإن كانت هذه قيمة الدنيا عند الله فما
قيمة الدنيا في قلبك أنت؟


3-ما مكانة
الدنيا عند الله عز وجل ؟ أخرج الإمام أحمد عن المستورد
بن شداد - رضي الله عنه - : قال : كنتُ مع الرّكْب الذين وقفوا مع رسولِ
الله - صلى الله عليه وسلم- على السَّخْلَة الميتة ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أَتَرَونَ هذه هَانَتْ على أهلِها حين
أَلْقَوْهَا ؟) قالوا : مِنْ هَوانِها أَلقَوْهَا يا رسولَ الله ، قال : ( فالدنيا أهْوَنُ على الله من هذه على أهلها)


أفي قلبك اعتبار لما هان على الله عزَّ
وجل؟ أفي قلبك اغترار بما لم يأبه به الله تعالى؟


4- ما حجم
الدنيا بالنسبة للآخرة؟ أخرج
الأمام مسلم عن المسْتَوْرِد بن شَدَّاد - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:(
مَا الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ
أُصْبُعَهُ في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ !).


فما حجم الدنيا في نفسك أنت ؟


5-ما هو أخطر
شيء في الدنيا؟
أن يغتر بها الإنسان ، وأن تشغله عن دار المعاد. قال تعالى : (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا
مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)) آل عمران. المتاع : كل ما تستفيد منه
وتنتفع به ولا يدوم لك. المتاع : نفع آنيّ سريع
الزوال.


الاغترار بالدنيا أن تراها أكبر من حجمها
الحقيقي، أن تركن إليها وتغفل عن رحيلك عنها، أما إن عرفت حجمها ، ولم تغفل
عن زوالها ، وعلمت أنها دار ممر لا دار مقر ، ودار عمل لا دار جزاء،
واتخذتها مزرعة للآخرة، وطريقاً إلى الجنة فهنيئاً
ثم هنيئاً لك. ولذا قال تعالى محذراً الخلق أجمعين: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا
تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ
الْغَرُورُ (5)) فاطر.


لا بد للمسلم أن يكون موضوعياً، نزيهاً في
أحكامه ، عادلاً في تقييمه، هل الدنيا شر مطلق ؟ وهل لا خير فيها لأحد ؟


الدنيا شيء محايد ، سلاح ذو حدين إما أن
ينفعك ويرفعك، وإما أن يضرك ويضعك، وما عليك إلا أن تحسن استخدامه ، وتجيد
استعماله، وكل ما مر من الآيات الكريمة بيان لحال أولئك الذين لم ينتفعوا
بدنياهم .


أخرج الإمام الترمذي عن أَبي هريرة - رضي
الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : ( أَلاَ إنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ،
مَلْعُونٌ مَا فِيهَا ، إِلاَّ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى ، وَمَا وَالاهُ ،
وَعالِماً وَمُتَعَلِّماً ).


يحلو لي أن أعرب
كلمة "ملعون" من قوله صلى الله عليه وسلم( أَلاَ إنَّ الدُّنْيَا
مَلْعُونَةٌ ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا ) عطف إضراب ، كأن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أضرب عن لعن الدنيا ، وجعل اللعن مقصوراً على ما في الدنيا
واستثنى منه ذكر الله تعالى،وما والاه ، وعالماً ، ومتعلماً.


ولقد ورد في بعض الآثار : " لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن ،
عليها يَبلُغ الخير، و بها ينجو من الشر" . " إذا قال العبد قبح الله الدنيا، قالت الدنيا : قبح
الله أعصانا لله ، أنا الذي أعصي الله أم أنت؟!". وقيل أيضاً : " نعمت الدار الدنيا لمن تزود منها
لآخرته ما يرضي به ربه، وبئست الدار الدنيا لمن صرفته عن آخرته وقصرت به عن
رضا ربه".


فالذم المطلق للدنيا غير مقبول ، لأن
الدنيا مزرعة للآخرة ولو لم تكن الدنيا موجودة فكيف نكتسب الدار الآخرة؟!


الدنيا مزرعة الآخرة ، وليس بخيركم مَن ترك
دنياه لآخرته ، ولا من ترك آخرته لدنياه ، إلا أن يأخذ منهما معاً ، فإنّ
الأولى مطية للثانية ، أما أن نلتفت إلى الدنيا وحدها ، وأن ننسى الآخرة ،
وأن نجعلها كبيرة جداً ، تطغى على كل أهدافنا ، وننسى ربنا من أجلها عندئذ
وقعنا في الاغترار ، والاغترار أن ترى الدنيا بحجم أكبر من حجمها الحقيقي ،
أو ألاّ تعرف حقيقتها ، ولا سرَّ وجودك فيها ، ولا طبيعتَها المتقلبة.




قالوا في
الدنيا:


جاء في إحياء علوم الدين أنه من هوان
الدنيا على الله أنها مكان لقضاء الحاجة ، لما أكل آدم -عليه وعلى نبينا
الصلاة والسلام- من الشجرة تحركت معدته لخروج الثقل، ولم يكن ذلك مجعولاً
في شيء من أطعمة الجنة إلا في هذه الشجرة، فلذلك
نهيا عن أكلها. قال : فجعل يدور في الجنة ، فأمر الله تعالى ملكا يخاطبه ،
فقال له: قل له أي شيء تريد؟ قال آدم: أريد أن أضع ما في بطني من الأذى.
فقيل للملك : قل له اهبط إلى الدنيا.


مر سليمان عليه السلام - وقد حملته الريح -
على رجل من بني إسرائيل يحرث حقله، فلما رآه قال : " سبحان الله، لقد أوتي
آل داود ملكاً " فحملتها الريح فوضعتها في أذنه
فقال : ائتوني بالرجل قال : ماذا قلت؟ فأخبره .فقال سليمان : إني خشيت عليك
الفتنة، و الله لثوابُ "سبحان الله" عند الله يوم القيامة أعظم مما أوتي
آل داود.


قال عيسى بن مريم : " لا يستقيم حب الدنيا والآخرة في قلب مؤمن".


بني الدنيا
أقلوا الهم فيها فما فيها يؤول إلى
الفوات


بناء للخراب
وجمع مال ليفنى والتوالد للممات


قال لقمان : " إن الدنيا بحر عميق ، وقد غرق فيه ناس كثير ، فلتكن سفينتك
فيها تقوى الله عز وجل، وحشوها الإيمان بالله تعالى، وشراعها التوكل على
الله ، لعلك تنجو وما أظنك ناجياً".


هب الدنيا تساق
إليك عفواً أليس مصير ذاك إلى
زوال؟!


و ما دنياك إلا مثل فيء أظلك ثم آذن بالزوال


قال علي بن أبي طالب : ارتحلت الدنيا مدبرة ، وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل
واحدة بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن
اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل.


وصف علي بن أبي طالب الدنيا فقال : " حلالها
حساب ، وحرامها عقاب".


قال أبو الدرداء : " من هوان الدنيا على الله أن
لا يعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها".


قال عبد الله بن الشخير : " لا تنظر إلى خفض عيش الملوك ولين
رياشهم ولكن انظر إلى سوء ظَعْنِهم وسوء منقلبهم ".


قال الحسن: " من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في
نحره".


قال الفضيل : " طالت فكرتي في قوله تعالى :
( إِنَّا جَعَلْنَا مَا
عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
(7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8))
الكهف.


نماذج العقلاء
في التعامل مع الدنيا .


كيف تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع
الدنيا ؟ وكيف كانت مواقف صحبه الكرام من الدنيا ؟ أين سكن رسول الله ؟
وكم كانت سعة بيته؟ وكم لوناً من الطعام كان على سفرته؟ وماذا كان حشو فراش
رسول الله ؟ أمن ريش النعام أم من صوف الغنم؟


أ‌-سعة بيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم.


أخرج الإمامان الجليلان البخاري ومسلم من
حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلاَيَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ
غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ. أكذلك سعة بيوتكم ؟ أيهما أوسع
بيتك أم بيت رسول الله؟ أيهما أوسع غرفتك أم غرفة رسول الله ؟ من أكرم على
الله أنت أم رسول الله؟


ب‌-طعام رسول
الله صلى الله عليه وسلم .


أخرج الإمامان
الجليلان البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : مَا شَبعَ آلُ مُحَمّد - صلى الله عليه
وسلم - مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ .
متفقٌ عَلَيْهِ .أكذلك أنت اليوم لا تشبع ؟ أم أن بعض الناس يموتون من
التخمة؟


أخرج الشيخان من حديث عَائِشَةَ، أَنَّهَا
قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي
إِنْ كُنَّا لَنَنْظرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ
الْهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي
أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَار. قَالَ عُرْوَةُ
فَقُلْتُ: يَا خَالةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ:
التَّمْرُ وَالْمَاءُ.


أيمر على الناس اليوم أسبوع لا يوقدون فيه
على طعام؟ من أكرم على الله نحن أم رسول الله ؟ رسول الله أكرم على الله
ومع ذلك لم يبسط عليه الدنيا ، ولم يوسع عليه في الطعام ، وتركه أياماً
وأياماً يعاني من الجوع حتى ربط حجراً على بطنه من شدة الجوع.


ج- فراش رسول
الله صلى الله عليه وسلم .


أخرج الترمذي عن
عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ، قَالَ : نَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حَصيرٍ ، فَقَامَ
وَقَدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْ
اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ : ( مَا لِي وَلِلدُّنْيَا ؟ مَا أَنَا
في الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ
وَتَرَكَهَا).


أخرج الشيخان من حديث عُقْبَةَ بْنِ
عَامِرٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى
أُحُدٍ، بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ
وَالأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:( إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا
عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَإِنِّي لأَنْظُرُ
إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هذَا، وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشى عَلَيْكُمْ أَنْ
تُشْرِكُوا، وَلكِنِّي أَخْشى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، أَنْ تَنَافَسُوهَا).


أخرج ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت – رضي
الله عنه- قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم يقول : ( من كانت الدنيا همه ، فرق الله عليه
أمره ، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له . ومن كانت
الآخرة نيته ، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي
راغمة).


د- لما قدم عمر
الشام تلقَّاه الناس وعظماء أهل الأرض، فقال عمر: أين أخي؟ قالوا: مَنْ؟
قال: أبو عبيدة، قالوا: الآن يأتيك. فلما أتاه نزل فاعتنقه ثم دخل عليه
بيته فلم يرَ في بيته إلا سيفه وترسه ورَحْله فقال له عمر: ألا اتَّخذت ما
اتخذ أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين هذا يبلَّغني المَقيل.


هـ - اشتكى سلمان فعاده في مرضه سعدُ بن
أبي وقاص، فوجده يبكي، فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي ؟ أليس قد توفي رسول
الله صلى الله عليه و سلم وهو عنك راض؟ وتَرِد عليه الحوض؟ فقال سلمان: "
أما إني ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله صلى
الله عليه و سلم عهد إلينا ، فقال: ( لتكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب)
وحولي هذه الأساود . فلما مات نظروا في بيته فلم يروا في بيته إلا إكافاً و وطاء ، ومتاعاً قوم نحواً من عشرين درهماً.


و- أخرج الإمام أحمد عَن مُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ : ( إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا
بِالْمُتَنَعِّمِينَ).


ز- أخرج الإمام مسلم عن أنس بن مالك ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يُؤْتَى بِأنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيَا
مِنْ أهْلِ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً
، ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأيْتَ خَيْراً قَطُّ ؟ هَلْ
مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ وَاللهِ يَا رَبِّ ، وَيُؤْتَى
بِأشَدِّ النَّاسِ بُؤسَاً في الدُّنْيَا مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ ،
فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ،
هَلْ رَأيْتَ بُؤساً قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فيَقُولُ :
لاَ وَاللهِ ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ ، وَلاَ رَأيْتُ شِدَّةً قَطُّ).
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدنيا مزرعة الآخرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الهجرة من الدنيا الى الآخرة
»  ۞ مزرعة على شكل أوباما ! ۞
»  رمضان.. طريق الآخرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اقرأ معنـا :: ˆ~¤®§][©][ منتدى الإسلام و الســـنة ][©][§®¤~ˆ :: قســم الدعوة والإرشاد-
انتقل الى: