منتديات اقرأ معنـا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له}
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , المنتدى تابع لشركة احلى منتدى والخدمة والصيانة مدى الحياة , وأعضاؤنا قدموا 33879 مساهمة في هذا المنتدى وهذا المنتدى يتوفر على 8838 عُضو , للإستفسار يرجى التواصل معي عن طريق إرسال رسالة شخصية .. ولكم فائق تحياتي وتقديري , المدير العام : علي أسامة (لشهب أسامة)
Cool Yellow
Outer Glow Pointer

 

  يُخوف الله بهما عباده

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
algforever
المدير العام
المدير العام
algforever


 يُخوف الله بهما عباده 41627710
الجنـسية : gzaery
البلد : algerie
الجنـــس : ذكر
عدد المساهمات : 1781
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 08/03/2010
العمر : 33
الموقع : http://www.psp.org.lb/Default.aspx?tabid=206
المزاج : bien
توقيع المنتدى + دعاء : توقيع المنتدى + دعاء

 يُخوف الله بهما عباده Empty
مُساهمةموضوع: يُخوف الله بهما عباده    يُخوف الله بهما عباده I_icon_minitimeالإثنين 30 يناير - 11:43


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يُخوف الله بهما عباده


إِنَّ
الإِيمَانَ لَيسَ مُجَرَّدَ دَعَاوَى تُظهِرُهَا أَلسِنَةٌ خَادِعَةٌ،
وَلا تُصَدِّقُهَا أَفعَالٌ صَالِحَةٌ وَلا قُلُوبٌ خَاشِعَةٌ، كَلاَّ،
فَلَيسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي وَلا بِالتَّحَلِّي، وَلَكِنَّهُ مَا
وَقَرَ في القُلُوبِ وَاستَقَرَّ في أَعمَاقِ النُّفُوسِ، وَصَدَّقتَهُ
الأَلسِنَةُ الطَّاهِرَةُ وَأَيَّدَتهُ الأَعمَالُ الظَّاهِرَةُ، فَمَن
آمَنَ عَمِلَ صَالِحًا وَاتَّقَى، وَمَن سَاءَ قَولُهُ أَو عَمَلُهُ كَانَ
ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى فَسَادِ قَلبِهِ.

قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: "أَلا
وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ،
وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلبُ".

وَإِنَّهُ
حِينَ يَأتي في كِتَابِ اللهِ أَو عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ حُكمٌ أَو
خَبَرٌ أَو تَعلِيلٌ، فَيُخَالِفُهُ مُخَالِفٌ، زَاعِمًا أَنَّ لَدَيهِ
غَيرَ ذَلِكَ عِلمًا، أَو أَنَّهُ أُوتيَ أَحسَنَ مِنهُ فَهمًا،
فَإِنَّمَا ذَلِكَ ضَلالٌ وَغُرُورٌ أَوحَاهُ إِلَيهِ شَيطَانُهُ
الرَّجِيمُ، وَبَاطِلٌ تَلَقَّتهُ نَفسُهُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ،
وَزَيغُ قَلبٍ فَاسِدٍ يُظهِرُهُ لِسَانٌ فَاسِقٌ .


أَخرَجَ مُسلِمٌ في صَحِيحِهِ مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- أَنَّ
الشَّمسَ انكَسَفَت عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ
وَسَلَّمَ-، فَقَامَ قِيَامًا شَدِيدًا... ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الشَّمسَ
وَالقَمَرَ لا يَكسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ،
وَلَكِنَّهُمَا مِن آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُ اللهُ بهمَا عِبَادَهُ،
فَإِذَا رَأَيتُم كُسُوفًا فَاذكُرُوا اللهَ حَتَّى يَنجَلِيَا".
وَأَخرَجَ أَيضًا مِن حَدِيثِ أَبي مَسعُودٍ الأَنصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ
عَنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-:
"إِنَّ الشَّمسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُ اللهُ
بهمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لا يَنكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ مِن
النَّاسِ؛ فَإِذَا رَأَيتُم مِنهَا شَيئًا فَصَلُّوا وَادعُوا اللهَ
حَتَّى يُكشَفَ مَا بِكُم" .


إِنَّ
هَذَينِ الحَدِيثَينِ الصَّحِيحَينِ اللَّذَينِ نَطَقَ بهمَا أَعلَمُ
النَّاسِ بِرَبِّهِ، وأحرَاهُم بِفَهمِ مَا يُجرِيهِ الخَالِقُ في
الكَونِ، إِنَّ فِيهِمَا لَبَيَانًا شَافِيًا، وَعِلمًا كَافِيًا، لِمَا
يُهِمُّ المُسلِمَ مِن أَمرِ ذَلِكَ الكُسُوفِ أَوِ الخُسُوفِ؛ إِذ
يَدُلاَّنِ دَلالَةً ظَاهِرَةً صَرِيحَةً عَلَى أَنَّ الحِكمَةَ مِن
كُسُوفِ الشَّمسِ وَخُسُوفِ القَمَرِ إِنَّمَا هِيَ تَخوِيفُ العِبَادِ
وَتَذكِيرُهُم بِرَبِّهِم، وَلَفتُ أَنظَارِهِم إِلى نِعَمٍ هُم عَنهَا
غَافِلُونَ سَادِرُونَ

قَالَ سُبحَانَهُ:
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم
مُظلِمُونَ * وَالشَّمسُ تَجرِي لِمُستَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقدِيرُ
العَزِيزِ العَلِيمِ * وَالقَمَرَ قَدَّرنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ
كَالعُرجُونِ القَدِيمِ * لا الشَّمسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدرِكَ
القَمَرَ وَلا اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحُونَ)
[يس: 37-40].

إِنَّهَا
لَنِعَمٌ عَظِيمَةٌ، لَيلٌ وَنَهَارٌ يَتَوَالى جَريُهُمَا
وَيَختَلِفَانِ، في حَرَكَةٍ لِلكَونِ مُحكَمَةٍ بَدِيعَةٍ، وَتَوَالٍ
لِلأَجرَامِ السَّمَاوِيَّةِ مُنتَظِمٍ، وَنِظَامٍ لا يَختَلِفُ عَن
مَسَارِهِ وَلا يَخرُجُ عَنهُ قَدرَ ذَرَّةٍ، وَلَوِ اختَلَفَ شَيئًا
يَسِيرًا وَتَغَيَّرَ قَلِيلاً لَحَدَثَ هَذَا الخُسُوفُ أَو ذَاكَ
الكُسُوفُ، فَكَيفَ لَو حَدَثَ تَغَيَّرٌ كَبِيرٌ يُذهِبُ ضَوءَ الشَّمسِ
أَوِ القَمَرِ؟! مَاذَا سَيَحدُثُ لِهَذَا العَالَمِ وَكَيفَ سَيَعِيشُ
النَّاسُ في الكَونِ؟!


ـ(قُل
أَرَأَيتُم إِن جَعَلَ اللهُ عَلَيكُمُ اللَّيلَ سَرمَدًا إِلى يَومِ
القِيَامَةِ مَن إِلَهٌ غَيرُ اللهِ يَأتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلا
تَسمَعُونَ * قُل أَرَأَيتُم إِن جَعَلَ اللهُ عَلَيكُمُ النَّهَارَ
سَرمَدًا إِلى يَومِ القِيَامَةِ مَن إِلَهٌ غَيرُ اللهِ يَأتِيكُم
بِلَيلٍ تَسكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبصِرُونَ * وَمِن رَحمَتِهِ جَعَلَ
لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَلِتَبتَغُوا مِن
فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ) [القصص: 71-73]ـ


إِنَّ
النَّاسَ لَيَشتَاقُونَ إِلى الصُّبحِ وَضَوءِ الشَّمسِ حِينَ يَطُولُ
بِهِمُ اللَّيلُ قَلِيلاً في أَيَّامِ الشِّتَاءِ، وَإِذْ يَطُولُ
عَلَيهِمُ النَّهَارُ في الصَّيفِ شَيئًا ويَلفَحُهُم حَرُّ الهَجِيرِ،
فَإِنَّهُم يَنتَظِرُونَ اللَّيلَ وَيَحُنُّونَ إِلى ظُلمَتِهِ
لِيَرتَاحُوا فِيهِ وَيَسكُنُوا، فَكَيفَ بِهِم لَو فَقَدُوا الضِّيَاءَ
عَلَى الدَّوَامِ؟! كَيفَ بِهِم لَو دَامَ عَلَيهِمُ اللَّيلُ إِلى يَومِ
القِيَامَةِ وَحَلَّ بهمُ الظَّلامُ مَدَى حَيَاتِهِم؟! أَم كَيفَ بِهِم
لَو حُرِمَوا ظُلمَةَ اللَّيلِ وَهُدُوءَهُ وَسَكَنَهُ، فَغَدَوا في
ضِيَاءٍ دَائِمٍ؟! أَلا إِنَّهَا رَحمَةُ اللهِ بِخَلقِهِ، جَعَلَ بها
اللَّيلَ سَكِينَةً وَقَرَارًا، وَالنَّهَارَ عَمَلاً وَنَشَاطًا،
لَعَلَّهُم يَشكُرُونَهُ عَلَى مَا يَسَّرَهُ لَهُم مِن نِعمَةٍ
وَرَحمَةٍ، وَمَا دَبَّرَهُ لَهُم وَاختَارَهُ مِن تَوَالي اللَّيلِ
وَالنَّهَارِ، وَمِن سِيرِ كُلِّ سُنَنِ الحَيَاةِ عَلَى نِظَامٍ دَقِيقٍ
اختَارَهُ تَعَالى لَهُم بِوَاسِعِ رَحمَتِهِ وَلَطِيفِ عِلمِهِ وَبَالِغِ
حِكمَتِهِ، وَحِينَ يَغفُلُونَ عَن كُلِّ هَذَا لِطُولِ الإِلفِ
وَالتَّكرَارِ، فَإِنَّهُ تَعَالى يُقَدِّرُ هَذَا التَّغَيُّرَ
الطَّفِيفَ في حَرَكَةِ الشَّمسِ وَالقَمَرِ وَالأَرضِ؛ لِيَقَعَ
الخُسُوفُ أَوِ الكُسُوفُ لِتَخوِيفِهِم وَإِنذَارِهِم، وَلَفتِ
أَنظَارِهِم لِنِعمَتِهِ تَعَالى عَلَيهِم لَعَلَّهُم يَشكُرُونَ وَلا
يَكفُرُونَ .


أَمَّا
عِبَادُ اللهِ المُتَّقُونَ الخَائِفُونَ الرَّاجُونَ، فَإِنَّهُم إِلى
الصَّلاةِ يَفزَعُونَ، وَبِالذِّكرِ يَلهَجُونَ، وَبِالاستِغفَارِ
يَشتَغِلُونَ، يَدعُونَ رَبَّهُم وَإِلَيهِ يَرغَبُونَ، وَيَخَافُونَ
مِنهُ وَيَرهَبُونَ، مُقتَدِينَ بِمُعلِّمِهِم وَإِمَامِهِم -عَلَيهِ
الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- حَيثُ كَانَ يَفزَعُ إِلى الصَّلاةِ في مِثلِ
هَذِهِ الأَحدَاثِ العَظِيمَةِ؛

عَن
أَبي بَكرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: كُنَّا عِندَ رَسُولِ اللهِ
-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَانكَسَفَتِ الشَّمسُ، فَخَرَجَ
رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى
انتَهَى إِلى المَسجِدِ، وَثَابَ إِلَيهِ النَّاسُ، فَصَلَّى بِنَا
رَكعَتَينِ، فَلَمَّا انكَشَفَتِ الشَّمسُ قَالَ: "إِنَّ الشَّمسَ
وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-
بهمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لا يَخسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ وَلا
لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيتُم ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى يُكشَفَ مَا
بِكُم". الحَدِيثَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَفي
لَفظٍ: "فَقَامَ إِلى المَسجِدِ يَجُرُّ رِدَاءَهُ مِنَ العَجَلَةِ".
وَرَوَى أَيضًا عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- قَالَت: خَسَفَتِ
الشَّمسُ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-
فَقَامَ فَصَلَّى فَأَطَالَ القِيَامَ جِدًّا، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ
الرُّكُوعَ جِدًّا، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ القِيَامَ جِدًّا وَهُوَ دُونَ
القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ
الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَأَطَالَ
القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ
الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ
القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ
الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَفَرَغَ مِن
صَلاتِهِ وَقَد جُلِّيَ عَنِ الشَّمسِ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ
وَأَثنى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لا
يَنكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيتُم ذَلِكَ
فَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا وَاذكُرُوا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-". وَقَالَ:
"يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ: إِنَّهُ لَيسَ أَحَدٌ أَغيَرَ مِنَ اللهِ -عَزَّ
وَجَلَّ- أَن يَزنيَ عَبدُهُ أَو أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ: لَو
تَعلَمُونَ مَا أَعلَمُ لَضَحِكتُم قَلِيلاً وَلَبَكَيتُم كَثِيرًا"ـ




هَكَذَا
عَلِمَ النَّبيُّ الكَرِيمُ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- الحِكمَةَ
مِنَ الكُسُوفِ بما عَلَّمَهُ رَبُّهُ وَفَهَّمَهُ، وَهَكَذَا تَصَرَّفَ
بهذِهِ السُّرعَةِ وَهُرِعَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ خَوفًا مِن رَبِّهِ
-تَبَارَكَ وَتَعَالى-، وَهَكَذَا صَلَّى تِلكَ الصَّلاةَ الطَّوِيلَةَ،
العَجِيبَةَ الغَرِيبَةَ في هَيئَتِهَا وَطُولِهَا، وَهَكَذَا خَطَبَ
وَدَعَا إِلى الصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ وَذِكرِ اللهِ، وَهَكَذَا بَيَّنَ
غَيرَةَ اللهِ وَغَضَبَهُ سُبحَانَهُ مِنِ اقتِرَافِ عِبَادِهِ
المُوبِقَاتِ وَالمُنكَرَاتِ، وَأَلمَحَ إِلى أَنَّهَا سَبَبٌ مِن
أَسبَابِ فَسَادِ الكَونِ وَتَغَيُّرِ السُّنَنِ، فَكَيفَ تَرَونَ
النَّاسَ اليَومَ يَفعَلُونَ؟! وَبِمَ يَتَصَرَّفُونَ حِيَالَ هَذَا
الأَمرِ العَظِيمِ وَالخَطبِ الجَلِيلِ وَالحَدَثِ الكَونِيِّ المُهِمِّ؟!
إِنَّهَا لأَعَاجِيبُ تَبعَثُ في النُّفُوسِ الأَسَى وَتُثِيرُ في
جَنَبَاتِهَا الأَحزَانَ، إِذ كَيفَ يَتَغَيَّرُ التَّعَامُلُ مَعَ هَذَا
الحَدَثِ تَغَيُّرًا كَامِلاً وَيَنقَلِبُ لَدَى بَعضِ مَن خَلَت
قُلُوبُهُم مِن صَرِيحِ الإِيمَانِ وَفَقَدَت صَادِقَ الاتِّبَاعِ،
وَبُلُوا بِتَقلِيدِ الغَربِ الكَافِرِ في كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ،
وَتَابَعُوهُ في كُلِّ جِدٍّ وَهَزلٍ، وَسَارُوا خَلفَهُ غَيرَ
مُتَنَبِّهِينَ لِضَرَرٍ أَو خَطَرٍ، وَقَد نَقَلَت بَعضُ الصُّحُفِ
تَهَافُتَ النَّاسِ إِلى بَعضِ الأَمَاكِنِ كِبَارًا وَصِغَارًا،
وَخُرُوجَهُم رِجَالاً وَنِسَاءً؛ وَتَجَمهُرَهُم وَقَد لَبِسُوا
نَظَّارَاتٍ خَاصَّةً لِمُشَاهَدَةِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ العَجِيبَةِ،
وَنَقَلَت عَن بَعضِ مُدِيرِي المَدَارِسِ اعتِبَارَ مُشَاهَدَةِ
الطُّلابِ لِلخُسُوفِ ضِمنَ حِصَصِ النَّشَاطِ المُقَرَّرَةِ لِلطُّلابِ،
وَكَيفَ أَبدَى الطُّلاَّبُ في تِلكَ المَدَارِسِ سَعَادَتَهُم
بِمُشَاهَدَةِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ، فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ!! وَجَلَّ
سُبحَانَهُ وَتَقَدَّسَ!! ـ




وَصَدَقَ تَعَالى إِذ يَقُولُ: (مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 74].

وَصَدَقَ رَسُولُهُ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- حَيثُ قَالَ في خُطبَتِهِ عَقِبَ الكُسُوفِ :


ـ "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ: لَو تَعلَمُونَ مَا أَعلَمُ لَضَحِكتُم قَلِيلاً وَلَبَكَيتُم كَثِيرًا".

إِنَّهَا
لانتِكَاسَةٌ عَظِيمَةٌ أَن تَبلُغَ الغَفلَةُ بِالنَّاسِ عَن هَذِهِ
الآيَةِ العَظِيمَةِ، لِدَرَجَةِ أَن يَترُكُوا مَا سُنَّ لهم حَيَالَهَا
مِنَ الصَّلاةِ وَالذِّكرِ وَالاستِغفَارِ وَالصَّدَقَةِ ثُمَّ يُبدُوا
سَعَادَتَهُم بِمُشَاهَدَتِهَا وَقَد جَعَلَهَا الحَكِيمُ سُبحَانَهُ
تَخوِيفًا لَهُم وَتَذكِيرًا وَإِنذَارًا، ثم يُصبِحَ هَمُّهُم تَجهِيزَ
مَنَاظِيرِهِم وَاختِيَارَ أَفضَلِ الأَمَاكِنِ لِمُشَاهَدَةِ الكُسُوفِ
أَوِ الخُسُوفِ، ثم لا يَخَافُوا إِلاَّ ممَّا قَد يُصِيبُ أَعيُنَهُم مِن
جَرَّاءِ النَّظَرِ إِلى الشَّمسِ في كُسُوفِهَا، وَيَكُونَ جُلُّ
تَحذِيرِهِم مِمَّا قَد يُسَبِّبُهُ النَّظَرُ مِن أَمرَاضٍ، وَكَأَنَّهُ
يَجُوزُ لَهُم في غَيرِ هَذِهِ الحَالَةِ النَّظَرُ وَالاستِمتَاعُ!! ـ


وَايمُ
اللهِ إِنَّ هَذَا لَمِن تَغيِيرِ أَحكَامِ الشَّرعِ، وَالغَفلَةِ عَنِ
السَّبَبِ الَّذِي أَوجَدَ اللهُ لَهُ هَذِهِ الآيَاتِ وَهُوَ تَخوِيفُ
عِبَادِهِ، وَإِنَّ هَذَا لَيَدُلُّ عَلَى مِقدَارِ الجَهلِ الَّذِي
تَنطَوِي عَلَيهِ بَعضُ القُلُوبِ، وَالَّذِي يُحَاوِلُ بَعضُ
المُتَعَالِمِينَ تَقرِيرَهُ وَتَسوِيغَهُ، إِذ يُفرِّغُونَ هَذَا
الحَدَثَ العَظِيمَ مِن كُلِّ مَعَانِيهِ الَّتي جَعَلَهَا اللهُ فِيهِ،
وَيَدَّعُونَ أَنَّهُ مُجَرَّدُ ظَاهِرَةٍ كَونِيَّةٍ عَادِيَّةٍ،
وَأَنَّهُم يَعلَمُونَ مَتَى تَبدَأُ وَمَتَى تَنتَهِي، أَو أَنَّهُ
سَيَكُونُ في هَذَا العَامِ كُسُوفٌ أَو اثنَانِ، أَو أَنَّهُم يَعلَمُونَ
قَدرَهُ عَلَى هَذِهِ البُقَعِةِ وَنِسبَتَهُ في تِلكَ، وَايمُ اللهِ
إِنَّ هَذَا لَمِن أَعجَبِ العَجَبِ بَل مِنَ أَسوَأِ الجَهلِ، وَإِلاَّ
فَإِنَّنَا قَد نَعلَمُ جَمِيِعًا بِالسَّاعَةِ وَالدَّقِيقَةِ مَتَى
تُشرِقُ الشَّمسُ وَمَتَى تَغِيبُ؟! وَمَتَى يَمضِي مِنَ اللَّيلِ
ثُلُثُهُ وَمَتَى يَنتَصِفُ، فَهَل يُغَيِّرُ ذَلِكَ مِن أَحكَامِ
الشَّرعِ شَيئًا؟! لا وَاللهِ وَتَاللهِ!! فَأَحكَامُ الشَّرعِ لا
تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ، وَهَبْ أَنَّ أَحَدًا عَلِمَ بما عَلَّمَهُ
اللهُ مَتَى يَحدُثُ الكُسُوفُ وَأَينَ يَحِلُّ وَمَتَى يَرتَحِلُ؟! فَهَل
هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُغَيِّرَ في الكَونِ شَيئًا؟!

أَلا
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاحرِصُوا عَلَى مَا سَنَّهُ لَكُم
رَسُولُ اللهِ في مِثلِ هَذِهِ الأَحوَالِ، وَاحذَرُوا الأَمنَ مِن
مَكرِهِ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ لا يَتَّعِظُونَ بِالآيَاتِ وَلا
يَخَافُونَ النُّذُرَ البَيِّنَاتِ


أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (وَمَا
أَرسَلنَا في قَريَةٍ مِن نَبيٍّ إِلاَّ أَخَذنَا أَهلَهَا بِالبَأسَاءِ
وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلنَا مَكَانَ
السَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَد مَسَّ آبَاءَنَا
الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذنَاهُم بَغتَةً وَهُم لا يَشعُرُونَ *
وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم
بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بما
كَانُوا يَكسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنَا
بَيَاتًا وَهُم نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم
بَأسُنَا ضُحًى وَهُم يَلعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكرَ اللهِ فَلا يَأمَنُ
مَكرَ اللهِ إِلاَّ القَومُ الخَاسِرُونَ * أَوَلَم يَهدِ لِلَّذِينَ
يَرِثُونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِهَا أَن لَو نَشَاءُ أَصَبنَاهُم
بِذُنُوبِهِم وَنَطبَعُ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لا يَسمَعُونَ * تِلكَ
القُرَى نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنبَائِهَا وَلَقَد جَاءَتهُم رُسُلُهُم
بِالبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤمِنُوا بما كَذَّبُوا مِن قَبلُ
كَذَلِكَ يَطبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الكَافِرِينَ * وَمَا وَجَدنَا
لأَكثَرِهِم مِن عَهدٍ وَإِن وَجَدنَا أَكثَرَهُم لَفَاسِقِينَ) [الأعراف: 94-102]ـ


قَالَ سُبحَانَهُ: (ثُمَّ استَوَى إِلى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرضِ ائتِيَا طَوعًا أَو كَرهًا قَالَتَا أَتَينَا طَائِعِينَ)
[فصلت: 11]، بَل إِنَّ هَذَا الكَونَ لَيُحِبُّ مَن وَافَقَهُ في
استِسلامِهِ لِرَبِّهِ، وَيَكرَهُ مَن خَالَفَ خَالِقَهُ وَعَصَاهُ،
حَتَّى لَيَكَادُ يَتَصَدَّعُ مِن مَقَالاتِ الكَافِرِينَ وَضَلالاتِ
المُلحِدِينَ



قَالَ تَعَالى: (وَقَالُوا
اتَّخَذَ الرَّحمَنُ وَلَدًا * لَقَد جِئتُم شَيئًا إِدًّا * تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الأَرضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ
هَدًّا * أَن دَعَوا لِلرَّحمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحمَنِ
أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ إِلاَّ
آتي الرَّحمَنِ عَبدًا) [مريم: 88-93]ـ وَقَالَ سُبحَانَهُ عَن فِرعَونَ وَجُنُودِهِ: ـ(فَمَا بَكَت عَلَيهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) [الدخان: 29]ـ



وَعَن
أَبي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مُرَّ عَلَيهِ
بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: "مُستَرِيحٌ وَمُستَرَاحٌ
مِنهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: مَا المُستَرِيحُ وَالمُستَرَاحُ
مِنهُ؟! قَالَ: "العَبدُ المُؤمِنُ يَستَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنيَا
وَأَذَاهَا إِلى رَحمَةِ اللهِ، وَالعَبدُ الفَاجِرُ يَستَرِيحُ مِنهُ
العِبَادُ وَالبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ". أَخرَجَهُ الشَّيخَانِ.

إِنَّ
الكَونَ لَيَغَارُ أَن يَقَعَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لأَمرِ خَالِقِهِ،
وَإِنَّهُ لِيَتَحَمَّلُ مِنَ العَاصِينَ عِبئًا وَثِقَلاً، وَمِن ثَمَّ
فَهُوَ يُعَبِّرُ عَن هَذَا بِقُدرَةِ اللهِ بِالتَّغَيُّرِ، فَتَبكِي
السَّمَاءُ وَالأَرضُ عَلَى المُؤمِنِينَ وَالصَّالحِينَ، وَلا تَبكِي
عَلَى غَيرِهِم مِنَ الكُفَّارِ وَالعُصَاةِ وَالمُنَافِقِينَ، وَقَد
تُعَبِّرُ بِإِذنِ اللهِ بِهَذَا الكُسُوفِ وَالخُسُوفِ، أَو بِتِلكَ
الفَيَضَانَاتِ وَالأَعَاصِيرِ، أَو بِالزَّلازِلِ وَالبَرَاكِينِ، أَلا
فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم، وَتُوبُوا إِلَيهِ مِن ذُنُوبِكُم،
وَقَدِّمُوا مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ مَا تُرضَونَهُ تَعَالى بِهِ
وَتَستَعتِبُونَهُ، فَإِنَّهُ لا حَيَاةَ طَيِّبَةً وَلا أَمنَ وَلا
اطمِئنَانَ إِلاَّ بِتَمَامِ الخُضُوعِ لِلخَالِقِ سُبحَانَهُ:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ
مَنَازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ
ذَلِكَ إِلاَّ بِالحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ * إِنَّ
في اختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ في السَّمَاوَاتِ
وَالأَرضِ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَّقُونَ * إِنَّ الَّذِينَ لا يَرجُونَ
لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَاطمَأَنُّوا بها وَالَّذِينَ
هُم عَن آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأوَاهُمُ النَّارُ بما
كَانُوا يَكسِبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
يَهدِيهِم رَبُّهُم بِإِيمَانِهِم تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ في
جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعوَاهُم فِيهَا سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَتَحِيَّتُهُم فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعوَاهُم أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ
العَالمِينَ) [يونس: 5-10].



دمتم برعاية الرحمن وحفظه

موقع عالمي الذي به أحيا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يُخوف الله بهما عباده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  معنى العبادة وأنواعها وشمولها ( عباده الله بالحب والخوف والرجاء )
»  كلنا مطالبون بالبكاء، والتوبة والرجوع إلى الله، وذكر الله، قبل أن يهلكنا الله بذنوبنا
» بسم الله الرحمن الرحيم لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشــام ، من خلال أحاديث صحيحة ومسندة صححها أهل العلم والحديث قال صلى الله عليه وسلم: ((إن فسطاط المسلمين ، يوم الملحمة ، بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها : دمشق ، من خير مدائن الشام الراوي : أبو ا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اقرأ معنـا :: ˆ~¤®§][©][ منتدى الإسلام و الســـنة ][©][§®¤~ˆ :: السيرة النبوية والحديث-
انتقل الى: