بسم الله الرحمن الرحيـم
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاتـه
أيها الأحباب الكـرام /
البعض
يقول أنتم تحملون المسؤولية كلها للزوجة، وأنها لا بد ان تحترم زوجها،
وعندما تحدث مشكلة يشار البنان إلى الزوجـة دون النظر إلى الطرف الآخـر.
لهذا أخواني وأخواتي.. أحبتت طرح هذا الموضوع وهو يخص
المتزوجيـن وكيف يعاملون زوجاتـهم، وافتتح الموضوع بهذه القصة التي ذكرها
احدى الأخـوة:
أنا لست متزوج لكن أذكر قصة لجارتنا من دولة عربية
منذ زمن عندما كنت صغيراً، المهم زوجها كان طبيب ومشكلته عصبي بشكل ما
تتصور لدرجة أنني لا أذكر يوم أبتسم بوجهي طول وقته مكشر.
وإذا
أبتسم مجاملة فقط وزوجته المسكينة الطيبة كانت الضحية طبعاً، أنا صغير السن
كنت في الصف الثاني الإبتدائي يعني عادي أدخل عليها.
الزوج كان
دائماً يضربها ويصارخ عليها ونسمع الصراخ من بيتنا والله العظيم وصل به في
يوم من الأيام أن يطرد المسكينة إلى خارج البيت.
بالله عليكم إلى
أين ستذهب في غربتها ؟ حيث أنهم في الرياض وهي من دولة عربية لا تعرف أحد،
جلست أما البيت تبكي إلى أن تدخل الجيران وأصلحوا بينها وبين زوجها.
هي
لم تخطئ بشيء ولكن عصبيته الزائدة جعلته لا يحتمل أي شيء منها، الله
يذكرها بالخير بس والله ما أنسى فضلها وطيبتها.
لكن زوجها انفصل من
العمل وطبعاً نظام المستوصفات الحكومية يجب ألا يعمل بنفس المدينة لأنه
معه مرضى يعرفونه وسيأتون إليه بمستوصف آخر لذا نقل إلى مدينة أخرى.
وأستمرت
المراسلات بين أمي والمرأة الكريمة عدة شهور ومن ثم انقطعت نهائياً ولا
نعلم عنها شيء ونحن الآن نقلنا من البيت الأول، هذه قصة واقعية عاشرتها وإن
شاء الله تفيد فهناك الكثير غير هذه المرأة يعانون كما عانت. اهـ
انتهت
قصة الأخ، ففي مثل هذه الحالات أكثر الخطأ يكون من الزوج حيث العصبية
الزائد وعدم تحمل أي شيء، وربما عنده مشاكل في العمل فيخرج جم غضبه على
زوجتـه المسكـينة في مكان غربة لا احد عندها.
فــلا إله إلا الله..
يا
أخوان..إن كان الزواج سوف يكون هكذا، فأي فتاة تريد حياة بهذه الصـوره،
حياة ضيق وهموم ومشاكل وغضب وربـما وصل أكثر من ذلك من ضرب للزوجة. كثر
الطلاق، ومشاكل الزوجات تزداد، والأزواج لا يبالوا إلا ما رحم ربـك، فربما
طلق وتزوج من أخرى وكأن ما حصل شيء، والمسكينة تكون مطلقة فلا أحد يتقدم
لـها.
فكما أن الزوجة تخطئ فكذلك أخواني وأخواتي الزوج يخطئ، وبعض
الزوجات صبرن صبر عجيب ولا يعرف بحالهن إلا الله تعالـى.
لماذا
نتزوج اخواني واخواتي / قال الباحث جمال فيصل ( الزواج عفـاف للنفس، وغض
للبصر وحفظ الفـرج، وحصول للذرية الطيبة، وتحـقيق للمودة والرحمة بين
الزوجيـن )
فيا أيها الزوج لماذا تتزوج؟؟ هل لكي يقول الناس انك
متزوج؟ أو لكي تثبت قوتك على امرأة ضعيفـة؟ أو فقط لقضاء الشهـوة دون تأمل
حقيقة الـزواج.
قال الله تعالى ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل
منها زوجها ليسكن إليها... ) جاء في التفسير الميسر تحت هذه الأيـة/ هو
الذي خلقكم - أيها الناس - من نفس واحدة, وهي آدم عليه السلام وخلق منها
زوجها, وهي حواء; ليأنس بها ويطمئن. اهــ
تأمل أخي الكريـم الآيـة (
ليسكــن إليـها ) أي ليأنس بها ويطمئـن، فأين هذه المعاني أخي الكريـم
عنها.
وقال الله تعالى ( ومن آياتـه أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمـة إن في ذلك لآيـات لقوم يتفكرون )جاء
في التفسير الميسر تحت هذه الآيـة: ومن آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته
أن خلق لأجلكم من جنسكم - أيها الرجال - أزواجًا; لتطمئن نفوسكم إليها
وتسكن.
وجعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة, إن في خلق الله ذلك
لآيات دالة على قدرة الله ووحدانيته لقوم يتفكرون, ويتدبرون. اهــ
هذا
كلام ربـكم أخواني وأخواتي، أين من يعمل بهذه الأيـات؟؟ أين من يتأمل هذه
الأيـات التي تحتاج إلى وقفات طويلـة، هذا هو الزواج ايها الأحبـة حتى يكون
هناك حب وشفقـة ويكملوا بعضهم لبعض.
ليس عنف وشدة وبغضاء وكـره
وخيانـه ومشاكل، وليس فقط معاشرة جنسية وإنجاب أطفال، فلا بد أن نتأمل هذه
الأيـات أخواني وأخواتي لمن أراد الحياة السعيدة في الزواج.
ولقد
وصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بأن يعاملوا النساء معاملة لطيـفة
نابعـه من رحمه وموده ورأفـة بهذا الجنس اللطيف الضعيف.
قال صلى
الله عليه وسلم ( استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج
شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا
بالنساء خيرا ) صحيح الجامع.
وكسره اخواني هو الطـلاق، فلنحذر
ولنعمل بهذه الوصايا، فاستوصوا استوصوا بالنساء خيرررررا، وكرر في النهاية
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( فاستوصوا بالنساء خيرررا )
وقال
عليه الصـلاة والسلام في حديث طويل ( واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان
عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن
فاهجروهن في المضاجع.
واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا
عليهن سبيلا ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على
نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وإن
حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن و طعامهن ) صحيح الجامـع.
وتأملوا
كلام النبي صلى الله عليه وسلم في بدايـة الحديث ( فإنهما هن عوان عندكم )
والعاني هو الأسير، يعني هن مثل الأسيرات، فتأملوا كيف دقة الوصف لنبينا
لمحمد صلى الله عليه وسلم.
قال أحد أهل العـلـم/ جاء الإسلام بما
يكفل سعادة الزوجين وإحسان معاشرة كل منهما للآخر، واستمتاعه به على أكمل
وجه وأحسن صورة.
فقد جاءت الآيات الكثيرة التي تأمر الرجال بإحسان
معاشرة النساء، وإمساك المرأة التي يرى الرجل فيها ما يكرهه رجاء أن يبارك
الله له فيها كقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا
شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً )
وحث النبي على حسن معاشرة
النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صلى الله عليه وسلم ( خيركم خيركم لأهله،
وأنا خيركم لأهلي )وفي حديث آخر ( لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً
رضي منها آخر ) رواه أحمد ومسلم، والفرك هو الكراهية. وقد كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم خير مثال على حسن المعاشرة وطيب الخلق. اهــ
فأين
نحن من قراءة القرآن والعمل بالقرآن؟؟ وأين نحن من قراءة سيرة نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم والعمـل بـها؟؟
فعلى كل زوج أن يتق الله تعالى،
ويعلم أنه كما تدين تدان، فكما هو يعامل زوجتـه بقسوة فإن الله تعالى سوف
يسلط عليه من يعاملـه بقسوة، سوى كانوا أولاده أو المسؤولين في العمل أو في
الطريـق يتعرضون لـه.
فلا يستعرض الزوج عضلاتـه أمام زوجتـه وعلى
كل شيء يغضب، وإنما يكون هين ليـن، يسمع كلام زوجتـه، يستشيرها في أمور
البيت وفي أمور أخرى.
لا يعاتبها على كل شيء خطأ، بعض الأزواج على
كل شيء خطأ يتكلم ولا يسكت، فإذا الطعام ليس جيد يقول: أنت لا تعرفي تطبخي،
وإذا مثلا تأخرت عند صديقها يقول لها: انت امرأة غير صالحـة.
وإذا
مثلا تأخرت في الخروج معه: يقول أنت ليست للخروج وإنما أنت مكانك في البيت،
أي يعني يجرحها على كل شي غلـط. وهذا خطأ يا أخوان.. عمر بن الخطاب رضي
الله عنه جاءه رجل يريد يشتكي زوجتـه. وعندما أراد هذا الرجل طرق الباب،
سمع زوجة عمر بن الخطاب تصرخ في عمر رضي الله عنه.
فعندما أراد
الرجوع هذا الرجل، سمع عمر شيء في الخارج، وعندما فتح الباب رأى هذا الرجل،
فقال له: هل لك من حاجـة؟؟ فقال الرجل: لا يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لم
تأتي إلا لحاجة، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، أتيت اشتكي زوجتي فسمعت
زوجة عمر تصرخ في عمر، فقلت: لي قدوة في أمير المؤمنين.
فقال عمر
رضي الله عنـه ( يا رجل: ألا ترضى أنهن يطبخن في بيوتنا، ويغسلن ملابسنا،
ويربن أبنائنا ) تأملوا كلام عمر بن الخطاب أخواني وأخواتي، وكيف كان السلف
الصالح يعاملوا زوجاتـهم، وهذا لا يعني أن المرأة تصرخ في زوجها من خلال
القصـة.
ولكن يبين كيف كان الرجال مع الزوجات، وكيف بنوا الحياة
السيعدة من خلال الحب والرأفة والتعاون والنظرررررر إلى الحسنات للزوجـة.
هكذا
تبنى الحياة السعيدة أيها الزوج، فتخير الصالحة، ولا بد أن تكون هناك
مطبات في الحياة الزوجيـة، فحاول أن تعالجها بعيد عن الغضب، وإنما بحكمـة
وعدم التسرع، وعامل زوجتـه بحب ورأفة وحنان وسوف تعاملك أكثر من ذلـك.
أكتفي
بهذا القدر أخواني وأخواتـي، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي
والشيطان، والله الموفــق ولا حول ولا قوة إلا بالله.