المال رمزالدنيا
إن المال هو أهم رمز للدنيا، وعندما نرى من شخصٍ ما تلهُّفًا على المال، وحرصًا عليه، وخوفًا على فواته، وضِيقًا من نقصانه.. فإن هذا يُعطي دلالةً قويةً على أن الدنيا في قلبه تحتلُّ مساحة كبيرةً، وأن إيمانه وإن كان موجودًا إلا أنه إيمان مُخدَّر نائم.
فإن قلت: ولكن هناك بعض الناس ينفقون في سبيل الله كثيرًا، ومع ذلك فهم مقصِّرون في الطاعات، ويتجرَّؤون على فعل بعض المعاصي!!.
أجل.. هذا موجود بالفعل عند البعض، ولعل إنفاقهم في سبيلالله، في هذه الحالة، مردّه إلى تربيتهم الأولى التي عوَّدتهم على السخاء والجود،ولكن لكي يكون هذا البذل معبِّرًا عن "يقظةِ الإيمان" في قلوبهم؛ لا بد أن يواكبه ظهور علامات أخرى؛ أجملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذاالحديث: فعن عبد الله بن مسعود قال: قلنا: يا رسول الله، قوله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْرَبِّهِ (الزمر: من الآية 22)، كيف انشرح الصدر؟ قال:"إذا دخل النورُ القلبَ انشرح وانفتح"، قلنا: يارسول الله، وما علامة ذلك؟ قال: "الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دارالغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله" (أخرجه الحاكم والبيهقي
فالعلامة الأولى كما في الحديث هي: الإنابة إلى دار الخلود، ومن مظاهرها: المسارعة إلى فعل الخير بأنواعه، والورع والحساسية الشديدة تجاه الحرام وكل ما فيه شبهة، وتقديم مصالح الدين على جميع مصالح الدنيا عند تعارضهما.
أما مظاهر العلامة الثانية ليقظة القلب "التجافي عن دارالغرور"؛ فهي عدم التلهُّف على تحصيل الدنيا، وعدم الحزن على فواتها أو نقصانها، وقلة التفكير فيها، وعدم حسد الآخرين عليها، أو التطلُّع إلى ما عند أهل الثراء فيها؛ إلا رغبةً في الإنفاق في سبيل الله.
ومن مظاهر الاستعداد للموت قبل نزوله: المسارعة إلى التوبة الصادقة، ودوام الإنابة إلى الله، والتحلُّل من المظالم، وردُّ الحقوق والأمانات إلى أهلها