الباء في (بسم الله) للمصاحبة بمعنى مع، ولا تخرج المصاحبة عن المعنى الأصلي للباء
وهو الإلصاق، وإنما ذهبت إلى أنها بمعنى (مع) لما ورد في الأثر (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في
السماء وهو السميع العليم) فقد ذكر في البداية (بسم الله) ثم قيل: (مع اسمه)، فهذا دليل قوي على أن الباء للمصاحبة أي: أبدأ
تلاوتي للقرآن مصاحبا ذكر اسمه سبحانه وتعالى، وبصحبة اسمه العظيم يكون الحفظ والصون والفوز والنجاة، وبصحبته تحصل البركة ويعم الخير.
ويحصل كذلك العون من الله على تدبر الآيات التي ستتلى والعمل بها والاستشعار بأنها موجهة إليه ، فهو مسؤول عما سيتلو ، ولكي يمده الله بما يجعل التلاوة حجة له لا حجة عليه.
وقال قوم الباء للاستعانة، أي: أتلو مستعينا باسم الله..
قلت: هذا ضعيف، لأن الاستعانة تكون بالذات الإلهية لا باسمه سبحانه، وكذلك الاستعاذة تكون بالله لا باسم الله، فنقول: استعنت
بالله ، ولا نقول : استعنت باسم الله، ونقول: أعوذ بالله ، ولا نقول: أعوذ باسم الله.
والجار والمجرور (بسم الله) متعلقان بفعل محذوف تقديره: أبدأ، أو : أتلو،أي: أتلو مع ذكر اسم الله. وهذا أولى من تعليق الجار
والمجرور بخبر لمبتدأ محذوف تقديره : ابتدائي. أي : ابتدائي حاصل مع ذكر اسم الله.
وإنما قلت: تقدير فعل محذوف أولى لتكون البسملة متوافقة مع الاستعاذة من جهة تعلق الجار والمجرور، فالجار والمجرور في
الاستعاذة (اعوذ بالله ) متعلقان بفعل هو أعوذ، فليكن الجار والمجرور (بسم الله) متعلقين بفعل أيضا، تقديره: أبدأ أو أتلو.
ثم إن تقدير محذوف واحد هو الفعل أهون من تقدير محذوفين: المبتدأ والخبر.
والله أعلم.
نقلته لكم لنستفيد جميعا