للقرآن الكريم ثلاثة أسماء مشهورة: القرآن، والكتاب،
والفرقان، وأشهرها الاسمان الأولان. وقد أوصل بعض أهل العلم عدد أسماء
القرآن إلى أكثر من تسعين اسماً. ونحن في هذا المقام نقصر الحديث على هذه
الأسماء الثلاثة التي اشتهر بها القرآن الكريم.
أولاً: القرآن
ورد
هذا الاسم في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعاً، منها قوله تعالى: وَإِنَّكَ
لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (النمل:6) وقوله: إن
هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (الإسراء:9) وقوله: إن الذي فرض عليك القرآن
لرادُّك إلى معاد (القصص:85).
ولفظ "القرآن" يلفظ بهمز وبغير همز. وهو
بالهمز مأخوذ من الفعل "قرأ" تقول: قرأ يقرأ قراءة وقرآناً. فهذا الفعل
يفيد معنى القراءة، ومنه قوله تعالى: إن علينا جمعه وقرآنه*فإذا قرأناه
فاتبع قرآنه (القيامة: 17-18) أي: إن علينا جمعه لك، وقراءته عليك.
وقد
استعمل لفظ "القرآن" بالهمز اسماً للكتاب الكريم نفسه. وهذا هو الاستعمال
الغالب، ومنه قوله تعالى: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (الإسراء: 9).
أما لفظ "القران" بغير همز، فهو إما أن يكون تسهيلاً للفظ الهمزة، على لغة قريش. أو
أنه مأخوذ من الفعل "قَرَنَ" لاقتران السور والآيات والحروف فيه.
ثانياً: الكتاب
ورد
هذا الاسم للقرآن في ثلاثمائة وتسعة عشر موضعاً في سياقات مختلفة، منها
قوله تعالى: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب (الكهف:1) وقوله تعالى:
وهذا كتاب أنزلناه مبارك (الأنعام: 92) وقوله: ذلك الكتاب لا ريب فيه
(البقرة:2).
ولفظ "الكتاب" مشتق من الفعل "كتب" تقول: كتب يكتب كتاباً
وكتابة. وهذا الفعل "كتب" في أصل معناه اللغوي يدل على "الجمع" تقول:
كَتَبَ الكتيبة، أي جَمَعَها. وسُمي القرآن "كتاباً" لأنه جمع السور
والآيات بين دُفتيه، وجمع كل خير في أحكامه ومعانيه.
وقد ذكر الشيخ عبد
الله دراز - رحمه الله - أن في تسمية القرآن بهذين الاسمين حكمة إلهية
فقال: "روعي في تسميته ( قرآناً ) كونه متلواً بالألسن، كما روعي في
تسميته (كتاباً) كونه مدوناً بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية الشيء
بالمعنى الواقع عليه، وفي ذلك إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في
موضعين، الصدور والسطور، فلا ثقة بحفظ حافظ حتى يوافق حفظه الرسم المجمع
عليه، ولا ثقة بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو ثابت عند حفاظ الأسانيد".
وبهذه
العناية المزدوجة - الصدر والسطر - بقي القرآن الكريم محفوظاً في حرز
حريز، وركن مكين، تحقيقاً لقوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
لحافظون (الحجر: 9).
ثالثاً: الفرقان
هو ثالث اسم من الأسماء الثلاثة المشهورة للقرآن، وهو مصدر أطلق على القرآن فأضحى علماً له.
وقد
ورد هذا الاسم في ستة مواضع من القرآن، جاء في موضعين منها اسم عَلَمٍ
للقرآن، هما قوله تعالى: نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه
وأنزل التوراة والإنجيل*من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان (آل عمران:4)
وقوله: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ
لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان:1) وقد سميت سورة من سور القرآن بهذا
الاسم. وورد هذا الاسم في المواضع الأربعة الباقية باستعمالات مختلفة.
وهذا
الاسم مشتق من الفعل "فَرَقَ" الذي يدل على معنى الفصل والتفريق بين
الأمور، ومن هنا يظهر وجه تسمية القرآن "فرقان" كونه فرَّق بين الحق
والباطل، وبيَّن طريق الهدى والرشاد وطريق الكفر والضلال.
وحاصل
القول هنا، أن هذه الأسماء الثلاثة هي الأسماء التي اشتهر بها القرآن
الكريم، فأما الاسمان الأولان - وهما الأشهر - فيفيدان معنى الجمع
والقراءة، وأما الاسم الثالث - وهو الفرقان - فيدل على معنى التفريق
والفصل. وهذه الأسماء الثلاثة أفادت ثلاثة معان: القراءة، الجمع، التفريق.
والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل. والحمد لله رب العالمين.
المختار الاسلامي