بسم الله الرحمن الرحيم
ما لا تعرفه عن كلمة التوحيد
[center](( لا إله إلا الله محمد رسول الله ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة التوحيد هي
كلمة الإخلاص , وشهادة الحق , ودعوة الرسل , وبراءة من الشرك , ونجاة
العبد , ورأس هذا الأمر , ولأجلها خُلق الخلق كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }[ الذاريات / 56 ] ولأجلها أرسلت الرسل , وأُنزلت الكتب كما قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون
}[ الأنبياء / 25 ] ومن أجلها أفترق الناس إلى فريقين , فريق في الجنة
وفريق في السعير , ومن أجلها حقت الحاقة , ووقعة الواقعة , ومن أجلها سُلت
سيوف الجهاد , وفارق الابن أباه , والزوج زوجته فلا يدخل الإنسان في
الإسلام إلا بعد أن يشهد هذه الشهادة , شهادة ( لا إله إلا الله محمد رسول
الله ) فإن أبى فلا يكون من أهل الإسلام والتوحيد , بل هو من أهل الكفر
والشرك , ولذا هي الركن الأول من أركان الإسلام , وهي مفتاح الجنة .
وفي الصحيحين عن ابن المسيب عن أبيه , قال : ( لما
حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعنده عبد الله
بن أبي أمية وأبو جهل , فقال له : (( يا عم قل : لا إله إلا الله . كلمة
أحاج لك بها عند الله )) فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟! فأعاد
عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا , فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد
المطلب . وأبى أن يقول لا إله إلا الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لأ ستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك )) فأنزل الله عزوجل : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }[ التوبة / 113 ] وانزل في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء }[ القصص / 56 ] ) .
وهذا يدل على عِظم هذه الكلمة الجليلة , فأبى طالب مات على ملة الشرك , ملة أبيه عبد المطلب بسبب عدم نطقه لهذه الكلمة العظيمة .
* ومعنى هذه الكلمة أي
: لا معبود بحق إلا الله . فهي جامعة للنفي والإثبات , فـ( لا إله ) نفي
لجميع ما يعبد من دون الله - كالأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء
والأولياء والجن الذين عُبدوا من دون الله - و ( إلا الله ) إثبات العبادة
لله وحدة لا شريك له في العبادة دون غيره من المعبودات [1].
وأما
( محمد رسول الله ) فمعناها : طاعته فيما أمر , وتصديقه فيما أخبر ,
واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .[2] وهذا
التعريف لمعنى شهادة محمد رسول الله شامل لها , لأن العبادة لابد أن تكون
موافقة لما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا يُعبد الله بالبدع ,
والخرافات , وما يستحسنه الناس من عند أنفسهم .
* وأما خصائص كلمة التوحيد فمنها : أنها لا تشتمل على حرف منقوط .
قال ابن عبد
الهادي الحنبلي : ( ومن خواصها أن حروفها كُلها مهملة ليس فيها حروف معجمة
تنبيهاً على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى )[3] وقال محمد بن أبي
الفتح البعلي : ( ومن خواصها أن جميع حُروفها جوفية , ليس فيها شيء من
الشفوية , إشارة إلى أنها تخرج من القلب )[4] .
* وأما شروطها فثمانية وقد نظمها بعضهم في قوله :
عـلم يقين وإخلاص وصدقك مع * * * محبةٍ وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما * * * سوى الإله من الأشياء قد أُلها
فالأولى : العلم بمعناها المنافي للجهل . وقد ذكرنا أنفاً معناها أي لا معبود بحق إلا الله .
الثانية : اليقين المنافي للشك , فلابد في حق قائلها أن يكون على يقين بأن الله سبحانه هو المعبود بحق .
الثالثة :
الإخلاص وذلك بأن يخلص العبد لربه سبحانه في جميع العبادات , فلا يصرف شيء
من العبادات لغيره - كالأصنام , أو الملائكة , أو الأنبياء , أو الأولياء
, أو الجن - أو غير ذلك .
الرابعة : الصدق ومعناه
: أن يقولها وهو صادق بحيث يطابق قلبه لسانه , ولسانه قلبه , فإن قالها
باللسان فقط بدون إيمان القلب , فهو من المنافقين الذين يظهرون الإسلام
ويبطنون الكفر .
الخامسة : المحبة ومعناها : أن يحب الله عزوجل , فإن قالها بدون محبة الله , فهو أيضاً منافق قال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حباً لله }[ البقرة / 165 ] .
السادسة :
الانقياد لما دلت عليه من معنى , بحيث يعبد الله وحده وينقاد لشريعته ,
فلا يكون مستكبراً عن العبادة كما استكبر إبليس عن طاعة الله .
السابعة : القبول لما دلت عليه من إخلاص العبادة لله , وترك عبادة ما سواه راضياً بذلك .
الثامنة : الكفر بما يعبد من دون الله . أي : يتبرأ من عبادة غير الله , ويعتقد أنها عُبدت بالباطل , كما قال تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميعٌ عليم }[5][ البقرة / 256 ] .
* وأما الفوائد التي تحصل لذاكرها ومرددها فكثيرة جداً .
نقل
ابن حجي الحنبلي في رسالةٍ له سماها " الكلام المُنقى مما يتعلق بكلمة
التقوى " عن صاحب كتاب " فاكهة القلوب والأفواه " أنه قال : (
فمنها الزهد , ونعني به خلو الباطن من الميل إلى فان .
ومنها التوكل , وهو ثقة القلب بالوكيل الحق سبحانه وتعالى .
ومنها الحياء , بتعظيم الله عز وجل بدوام ذكره , والتزام امتثال أمره ونهيه .
ومنها الشكر , وهو إفراد القلب بالثناء على الله تعالى , ورؤية النعم في طي النقم )
ثم قال ابن حجي مستدركاً عليه : ( قلت : ومنها أنها تعصم الدم والمال لمن قالها إلا بحقها )[6] .
* وأما
فضائلها فقد عقد الحافظ زين الدين ابن رجب , فصلاً يبلغ (13) صفحة في
كتابه " التوحيد أو تحقيق كلمة الإخلاص " وسوف أذكر بعضها باختصار :
1/ هي نجاة من النار .
2/ توجب المغفرة .
3/ أحسن الحسنات .
4/ تمحو الذنوب والخطايا .
5/ تجدد ما درس من الإيمان في القلب .
6/ لا يعدلها شيء في الوزن .
7/ تخرق الحُجب كلها حتى تصل إلى الله عزوجل إذا قالها القائل .
8/ ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه إذا كان قالها مخلصاً .
9/ أفضل ما قاله النبيون .
10/ أفضل الذكر .
11/ أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفاً في الأجر وتعدل عتق رقبة وتكون حرزاً من الشيطان .
12/ أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر .
13/ شعار المؤمنين إذا قاموا من القبور .
14/ أن قائلها لا يخلد في النار[7].
* وأما نواقضها فكثيرة جداً حتى قيل أنها تبلغ (400) ناقض[8] لكن أهمها وأخطرها عشرة نواقض , وهي :
1/ الشرك بالله , كالذبح للجن وللأولياء - مثل ما كان يُعمل في الجاهلية للأصنام - .
2/ من جعل بينه وبين الله وسائط , يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم .
3/ من لم يُكفر المشركين , أو شك في كفرهم , أو صحح مذهبهم .
4/
من
أعتقد أن هدي غير الرسول صلى الله عليه وسلم , أكمل من هديه , أو أن حكم
غيره أحسن من حكمه - كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكم الشرع - .
5/من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به - كمن يبغض القرآن أو السنة - .
6 / من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم , أو ثوابه - كنعيم الجنة - أو عقابه - كالآخرة وما فيها من أنواع العذاب - .
7/ السحر , والصرف , والعطف .
8/ مناصرة المشركين والكفار على المسلمين .
9/ من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة الرسول - كما فعل الخضر مع موسى - .
10/ الإعراض عن تعلم دين الله فلا يتعلمه ولا يعمل به[9].
-------------------------------