إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا أيهاالذين
آمنوناتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
يا أيها الناس
اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا
كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم
رقيبا .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم .
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .
أما بعد :
تحديد
الصلاة الوسطى الواردة في قوله تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ
وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238 ، من
المسائل الخلافية المشهورة بين العلماء ، والتي تنوعت فيها الأقوال إلى
نحو عشرين قولا – كما عدها الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري "
(8/197) - ، وألف فيها الحافظ عبد المؤمن الدمياطي رحمه الله كتابا
بعنوان " كشف المُغَطَّى في تبيين الصلاة الوسطى " وأقوى هذه الأقوال
قولان :
القول الأول : أنها صلاة الصبح .
"وهو
قول أبي أمامة ، وأنس ، وجابر ، وأبي العالية ، وعبيد بن عمير ، وعطاء ،
وعكرمة ، ومجاهد ، وغيرهم ، وهو أحد قولي ابن عمر وابن عباس .
وهو قول مالك والشافعي فيما نص عليه في "الأم" " انتهى من " فتح الباري " (8/196) باختصار.
القول الثاني : أنها صلاة العصر .
وهذا قول أكثر أهل العلم ، وهو القول الصحيح المعتمد ، لدلالة السنة الصحيحة عليه .
"وهو قول علي بن أبي طالب ، فقد روى الترمذي والنسائي من طريق زر بن حبيش قال :
قلنا
لعبيدة : سل عليا عن الصلاة الوسطى . فسأله فقال : كنا نرى أنها الصبح ،
حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب : (شَغَلُونَا
عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى ، صَلَاةِ الْعَصْرِ)مسلم 628.
وهذه
الرواية نص في أن كونها العصر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن
شبهة من قال إنها الصبح قوية ، لكن كونها العصر هو المعتمد .
وبه قال ابن مسعود وأبو هريرة ، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة ، وقول أحمد ، والذي صار إليه معظم الشافعية لصحة الحديث فيه .
قال الترمذي : هو قول أكثر علماء الصحابة .
وقال الماوردي : هو قول جمهور التابعين .
وقال ابن عبد البر : هو قول أكثر أهل الأثر .
وبه قال من المالكية ابن حبيب وابن العربي وابن عطية" انتهى من " فتح الباري " (8/196) .
وقال النووي رحمه الله :
"الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة أنها العصر ، وهو المختار" انتهى.
" المجموع " (3/61).
وقد ذكر الحافظ الدمياطي بعض الخصائص والفضائل التي اختصت بها صلاة العصر :
"فمنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلظ المصيبة في فوتها بذهاب الأهل والمال في قوله صلى الله عليه وسلم : (من فاتته صلاة العصر ، فكأنما وتر أهله وماله ) النسائى 477 .
ومنها : حبوط عمل تاركها .
ومنها : أنها كانت أحب إليهم من أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وأهليهم وأموالهم .
ومنها : أنها أول صلاة شرعت فيها صلاة الخوف .
ومنها : أنها أول صلاة توجه فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة .
ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : (ورجل بايع رجلا سلعة بعد العصر فحلف بالله .. الحديث)ابن ماجه 1806 . وقد عظم الله الأيمان التي يحلف بها العباد بعد صلاة العصر .
ومنها : أن سليمان عليه الصلاة والسلام أتلف مالاً عظيماً من الخيل لما شغله عرضها عن صلاة العصر إلى أن غابت الشمس .
ومنها : ما جاء في قوله تعالى : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) .
ومنها : أنها وسطى في الوجوب ، لأن أول الصلوات وجوبا كانت الفجر ، وآخرها العشاء ، فكانت العصر هي الوسطى في الوجوب" انتهى .
المصدر إلى هنا نكون قد أنهينا موضوعنا
أملين من الله عز وجل
أن تعم الفائدة